معركة السيسي المقبلة!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4476 - 2014 / 6 / 8 - 15:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

جواد البشيتي
السيسي رئيساً (لمصر) لن يكون أقوى مِمَّا كان عليه مِنْ قَبْل، أيْ قَبْل أنْ يصبح رئيساً؛ وإذا لم يَقُمْ بـ "انقلابٍ ثانٍ"، سياسي لا عسكري، هذه المرَّة، فسوف يبدأ السَّيْر، وعمَّا قريب، في مسار السقوط؛ فهو يَحْكُم بـ "دستورٍ (دستور يناير 2014)" لا يعطيه من صلاحيات وسلطات الحُكْم (الرئاسي) إلاَّ ما يُعْجِزه عن الإتيان بأيِّ شيء يُعْتَدُّ به، ويُكْسبه، من ثمَّ، وَزْناً شعبياً (وسياسياً) يُعْتَدُّ به أيضاً؛ وهو، في الوقت نفسه، أسير التزامات "اليوم (الانتخابي) الثالث"، والذي فيه جاءت له قوى معادية لثورة 25 يناير بـ "كتلة تصويتية هائلة"، فارتفعت "نِسْبَة المشارَكة" إلى نحو 47%، وحَفِظَت له، من ثمَّ، ماء وجهه.
بميزان القوَّة السياسية، يظلُّ السيسي (ولو شغل منصب رئيس الجمهورية) فَرْداً؛ وليس لديه، حتى الآن، من السلطات والصلاحيات الرئاسية ما يسمح له بالتأسيس لـ "حُكْم الفَرْد"؛ ولسوف تأتيه الانتخابات النيابية (البرلمانية) المقبلة بمجلس نيابي (مجلس الشعب) جُلُّه من "أفراد"؛ فـ "النسبة القانونية" لتمثيل الأحزاب في "البرلمان" ستكون من الضآلة بمكان؛ ومع ذلك، سيأتي قسم كبير من هؤلاء "الأفراد" من "أحزاب مُنْحَلَّة (حزب مبارك، وحزب الرئيس مرسي). إنَّ "النِّظام الفردي" للانتخابات النيابية، وفي مصر الآن، لا يسمح إلاَّ لهذين الحزبين المُنْحَلَّيْن بالاستحواذ على قسم كبير من المقاعد النيابية؛ و"ائتلاف الفساد"، والذي هو، في المقام الأوَّل، مزيج من أعضاء من حزب مبارك المُنْحَل ورجال أعمال وثيقي الصِّلة بعهد مبارك، ما زال في وسعه الزَّج بملايين الناخبين في معركته البرلمانية المقبلة للسيطرة على قسم كبير من المقاعد النيابية.
الحكومة المقبلة، أيْ التي ستتألَّف بعد انتخاب "مجلس الشعب"، هي بـ "معيار دستوري صَرْف" ليست حكومة "الرئيس"؛ بَلْ حكومة البرلمان؛ فالبرلمان لديه، دستورياً، من الصلاحيات والسلطات المُخْتَصَّة بـ "الحكومة" ما يَجْعَل للحكومة مصلحة في تغليب انحيازها إلى البرلمان على انحيازها إلى "الرئيس"، الذي لديه من الصلاحيات والسلطات ما يجعله "قوياً"، وأقوى من البرلمان والحكومة، في سعيه إلى الحفاظ على مصالح وامتيازات "المؤسَّسة العسكرية". إنَّ لدى الوزراء (أو الحكومة) والنُّواب من "المصالح المتبادَلَة" ما يَحْملهم على أنْ يؤسِّسوا لـ "ائتلاف قوي" يَحْكُم مصر، ويتحكَّم فيها، وفي شؤونها الداخلية (المستثنى منها شأن "المؤسَّسة العسكرية") على وجه الخصوص؛ فإمَّا أنْ يخضع "الرئيس (السيسي)"، ويستخذي، لهذه "القسمة (غير العادلة من وجهة نظره)"، وإمَّا أنْ يُعِد العدَّة لـ "انقلاب ثانٍ (سياسي لا عسكري)"، يعطيه من السلطات والصلاحيات الدستورية ما يسمح له بالتأسيس لـ "حُكْم الفَرْد"، الذي، على ما يتوهَّم، يُمكِّنه من إحراز النَّجاح الذي يريد، والذي بفضله يَكْتَسِب ما يطمح إليه من وَزْنٍ شعبي.