رحلة خيالية إلى المستقبل!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4472 - 2014 / 6 / 4 - 10:47
المحور: الطب , والعلوم     

أفكار كَوْنِيَّة
رحلة خيالية إلى المستقبل!
جواد البشيتي
الأمر ليس ممكناً؛ فهو فَوْق قُدُراتنا، ولا تجيزه بعض قوانين الفيزياء؛ ومع ذلك، دَعونا نتخيَّل هذا الأمر الصحيح نظرياً وعِلْمياً ممكناً عملياً.
تخيَّلوا أنَّنا الآن نعيش على سطح الأرض قبل عشرات الآلاف من السنين، وأنَّ كائنات فضائية زارتنا، وزوَّدتنا مركبة فضائية، وَضَعْنا فيها رَجُلاً، معه "ساعة"، وَجَعَلْنا هذه المركبة في مدارٍ (قريب) حَوْل كوكب الأرض، فدارت فيه أَسْرَع، فأَسْرَع، حتى قارَبَت سرعة دورانها سرعة الضوء، وظلَّت تدور فيه 5 دقائق فحسب، بحسب ساعة الرَّجُل الموجود في هذه المركبة؛ فكيف يرانا، وكيف نراه؟
أوَّلاً، حال هذا الرَّجُل (مع مركبته) لا يختلف، نظرياً، عن حاله لو كان يسقط سقوطاً حُرَّاً نحو "ثقب أسود"، مُقْتَرِباً من "سطحه".
هذا الرَّجُل يَنْظُر إلى نفسه، وإلى كل ما تشتمل عليه مركبته من أشياء، وما يَقَع فيها من أحداث، فلا يرى إلاَّ ما اعتاد أنْ يراه؛ وكأنْ لا جديد تحت الشمس، أيْ فيه، وفي مركبته. الزمن، أَراقَبَهُ في "ساعته" أم في أيِّ "ساعة طبيعية"، في داخل مركبته، كـ "قلبه النابِض"، يسير ويجري كالمعتاد، على ما يرى هو؛ لكنَّ غيره، وَلْنَقُلْ "المراقِب الأرضي"، يرى الزمن لديه يسير في بطء شديد؛ فالثانية الواحدة عنده تَعْدِل (افتراضاً) سنوات عند هذا "المراقِب الأرضي".
هذا الرَّجُل البدائي، وقَبْل أنْ ينهي رحلته المدارية، التي استغرقت 5 دقائق فحسب، كَبُر فيها، عُمْراً، بما يَعْدِل 5 دقائق فحسب، عائداً إلى سطح الأرض، رأى العجب العجاب؛ فهو رأى التاريخ، بكل أحداثه، يسير بسرعة لا مثيل لها.
لقد رأى، في 5 دقائق فحسب، البشر البدائيين وقد عَرَفوا "النار"، و"الزراعة"، و"الرعي"، و"الحرفة"، و"المقايضة"، و"التجارة"، و"النقود الذهبية"؛ ورأى "الحروب"، و"الدول القديمة"؛ ورأى أنبياء بني إسرائيل، نبياً نبياً، وظهور المسيح؛ ورأى "العبودية"، والإمبراطورية الرومانية، وسائر الإمبراطوريات والممالك القديمة؛ ورأى "الفتوحات العربية (الإسلامية)" جميعاً، وعصور الإقطاع في أوروبا؛ ورأى رحلة كولومبوس، وإعلان استقلال الولايات المتحدة؛ ورأى الحربين العالميتين الأولى والثانية، والحرب الباردة، وهبوط الإنسان على سطح القمر؛ ورأى اختراع الكمبيوتر.. وضَم شبه جزيرة القِرَم إلى روسيا.
في 5 دقائق فحسب، انتقلَ من الحياة التي عرفها البشر قبل عشرات الآلاف من السنين إلى الحياة التي نعيشها نحن أبناء القرن الحادي والعشرين، وفي سنة 2014!