انتخابات تَفْتَقِر إلى -الخَجَل-!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4472 - 2014 / 6 / 3 - 14:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

جواد البشيتي
مِنْ مزيجٌ من الوقاحة والمعانَدة والمكابرة والإنكار (للحقائق) والازدراء بشعبه، وبالعالَم، كان حافِز ودَافِع بشار الأسد (وعصبته وحلفائه الإقليميين والدوليين) إلى إجراء انتخابات الرئاسة في المناطق التي يُحْكِم قبضته عليها، وعلى سكَّانها؛ فإنَّ جُمْلَة قصيرة واحدة أراد بشار قولها (بهذه الانتخابات) لكلِّ معارضيه ومناوئيه هي "موتوا بغَيْظِكم"!
لقد تأسَّدَ بشار، وهو ليس بأسدٍ؛ فَمِنْ أين يَسْتَمِد "قوَّتِه"، التي يشقُّ على كل عاقِلٍ تمييزها من "الرُّعونة"؟
مِنْ قَبْل، سَمِعَ بشار أنَّ رئيس القوَّة العظمى في العالَم أَنْذَره وتوعَّده قائلاً: "إلاَّ الأسلحة الكيميائية"؛ فهي "خَطٌّ أحمر"، إنْ تجاوزته، باستعمالكَ لها في الحرب على شعبكَ، فلن نَدَعَكَ تَفْلَت من العقاب؛ وكان أوباما، على ما يبدو، متأكِّداً أنَّ بشار لن يجرؤ على استعمالها؛ فقال ما قال؛ لكنَّ بشار، الذي أصبح رئيساً صورياً لحُكَّام سورية الجُدُد من غير السوريين، تجرَّأ، وفعلها؛ فما كان من أوباما إلاَّ أنْ "انتقم منه شَرَّ انتقام" إذْ انْتَزَعَ من "ترسانته الكيميائية" مخاطرها (ولو الافتراضية) على إسرائيل، مُبْقِياً على مخاطرها التي تَفِي بـ "الغرض"، وهو ترويع واخضاع شعبه. ثمَّ سَمِع أنَّ نَقْل السُّلْطة (أيْ سلطاته وصلاحياته الواسعة) إلى "هيئة حُكْم متَّفَق عليها (بين أطراف النزاع)" هو جوهر وأساس التسوية التي توافَقَت عليها واشنطن وموسكو، في المقام الأوَّل، فما كان منه إلاَّ أنْ شَرَع يُعِد لانتخابات الرئاسة المقبلة، التي من طريقها فحسب تُنْقَل السلطة، وتُنْقَل منه إليه؛ ويمكن، في ولايته الرئاسية الثالثة، أنْ يقود هو بنفسه جهود ومساعي "حَلٍّ"، تُقام بموجبه "هيئة حُكْم انتقالي توافقي" لا تملك من السلطة الفعلية إلاَّ ما لا يتعارض مع بقاء "الرئيس بشار" مَرْكَزاً لهذه السلطة.
"التعدُّدية" أَدْخَلها بشار، هذه المرَّ ة، في انتخابات الرئاسة؛ فكان، وبصفة كونه مرشَّحاً لهذه الانتخابات، الواحد إذْ تعدَّد؛ وهكذا رَاَيْنا "مُرَشَّحَيْن اثنين يتوسَّطهما ثالثهما (وهو بشار)"؛ ويبدو أنَّ بشار "مَلَّ"، هذه المرَّة، انتخابات رئاسية، يتأكَّد فيها دائماً أنَّه "المُتَفَوِّق أبداً على نفسه"!
"النِّسْبَة"، أيْ حجم المشاركة الشعبية في الاقتراع، لم تُقْلِقه مثلما أَقْلَقَت السيسي؛ فالمتَّحدثون باسم "حملته الانتخابية" استمسكوا بـ "الدستور" الذي كان واضِحاً في تأكيده شرعية أنْ تُجْرى الانتخابات "بِمَن حَضَر (من الناخبين الذين معظمهم مِمَّن يُفضِّلون "بَصْمَة الدَّم" على "بَصْمَة الحِبْر")"؛ ولقد جاءت الانتخابات المصرية، وبعدها السورية، لتُبْرِز وتؤكِّد الحاجة إلى الاستعاضة عن الآلة الحاسبة بالميزان؛ فالأصوات يجب وَزْنها، لا عدَّها. السيسي أَضْعَفَ نفسه بنفسه إذْ أَصَرَّ على نِسْبَة مشارَكة شعبية لا تَقِل عن 50%، فَخَضَع واستخذى، بعد غروب شمس اليوم الانتخابي الثاني، لمشيئة القوى المتَحَكِّمة في "النِّسْبَة"؛ أمَّا بشار فلا يستبدُّ بتفكيره إلاَّ الفوز بغالبية أصوات المقترعين، ولو كان عددهم عشرة؛ وأخشى ما أخشاه أنْ يمتدَّ بشار إلى ولاية رئاسية رابعة، من طريق انتخابات يكون هو فيها الناخِب الوحيد؛ فـ "حَجْم المشارَكَة" ليس بذي أهمية؛ و"الواحد" يظلُّ أكبر من ملايين الأصفار؛ وما علينا إلاَّ أنْ نعتاد رؤية "رئيسٍ" يجلس على مؤخَّرَتِه، الجالسة على عَرْشٍ، جالِسٍ على رؤوس وجماجم الشعب؛ لكن، بقي أنْ أَسْأَل: ما حُكْم "الشَّرْع" في زِنَى "الرئيس" بـ "صندوق الاقتراع"؟
لا تُشَكِّكوا، ولا تجادِلوا، في حُبِّ بشار للديمقراطية؛ فما الديمقراطية إلاَّ دماء الشعب السوري تجري في عروق بشار!