مصر والاتحاد الأوروبي


إلهامي الميرغني
الحوار المتمدن - العدد: 4472 - 2014 / 6 / 3 - 08:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان     

مصر والاتحاد الأوروبي
هلل بعض السذج لما فعلته السفيرة ميرفت التلاوي مع وفد الاتحاد الأوروبي الذي كان يراقب الانتخابات الرئاسية ، وارتفعت صيحات الوطنية ورفض التمويل الأجنبي .
جاء ذلك رداً علي تصريحات ماريو ديفيد، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمتابعة الانتخابات الرئاسية في معرض تقديم البيان الأولي للبعثة أن: "الانتخابات الرئاسية قد أديرت وفقًا للقانون في بيئة انتخابية لم تتفق والمبادئ الدستورية".وقد أشار :إلي "أبلغنا متابعونا ال 150 ، الذين تم توزيعهم في 26 محافظة، أن الإجراءات تمت في الغالب بسلام وهدوء. كما أن عمليات الاقتراع والفرز وجدولة النتائج – حتى الآن – قد أديرت عمومًا بشكل جيد". وأضاف أنه: "في حين أن لجنة الانتخابات الرئاسية كانت قد أدارت الانتخابات بمهنية والتزمت بالقانون ككل، فإن قرار تمديد التصويت ليوم ثالث تسبب في عدم يقين لا داعٍ له في العملية الانتخابية".
وتابع قائلاً: "في حين وضع الدستور الجديد مجموعة متنوعة من الحقوق الأساسية، فإن احترام تلك الحقوق لم يكن على نفس القدر المطلوب لتلك المبادئ الدستورية. فحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع وحرية التعبير موضع قلق." كما علق مضيفًا: "على الرغم من أن الإطار القانوني يرسى قاعدة كافية لإقامة هذه الانتخابات، إلا أنه لم يكن على نفس القدر من الامتثال فيما يتعلق بالمعايير العالمية والإقليمية المعمول بها في الانتخابات الديمقراطية في بعض النواحي."
لذلك ثارت السفيرة ميرفت التلاوي علي البعثة وقالت للوفد المشارك: "دور بعثة الاتحاد الأوروبي هو مراقبة الانتخابات التي أمامكم، وتقييمها سواء كانت نزيهة أم لا، وهذا هو الهدف الوحيد لمهمتكم التي فشلتم في القيام بها". وأضافت «تلاوي»:"نحن فخورون بجيشنا، وفخورون بشعبنا، وفخورون بالرئيس الجديد لمصر، وهذا هو الوضع سواء أعجبكم أم لا". والعجيب أن التلاوي دبلوماسية ولكنها قالت لرئيسة الوفد " أنتي مطرودة من الشرق الأوسط ".( المصري اليوم 31 مايو 2014) وكأنها تتحكم بمفاتيح الشرق الأوسط.
هلل البعض لتصريحات التلاوي وأعتبرها استرداد للكرامة والوطنية وتخلص من التبعية للاتحاد الأوروبي،وكنا نتمنى ذلك.لولا أن الحقائق والأرقام الحكومية والوقائع تؤكد قوة علاقة التبعية الاقتصادية والسياسية المصرية للاتحاد الأوروبي .


مصر والاتحاد الأوروبي
إذا أردنا التعامل الموضوعي بعيداً عن المزايدات السياسية. علينا أن نعرف أن الاتحاد الأوروبي يشكل أحد الممولين الرئيسيين للاقتصاد المصري. بالنسبة لتدفقات الاستثمارات الأجنبية الداخلة في عام 2012/2013 والتي بلغت 9.6 مليار دولار منها 3.9 مليار دولار استثمارات أوروبية تمثل 41.4% من الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر ومنها 3.3 مليار دولار استثمارات بريطانيا فقط وهو ما يفوق الاستثمارات الأمريكية التي بلغت 2.2 مليار دولار خلال نفس العام . ( وزارة المالية – التقرير الشهري – مايو 2014 – صفحة 61).

أما الديون الخارجية والتي تجاوزت 43 مليار دولار ( 301 مليار جنيه مصري ) فإن 24.4% منها باليورو أي حوالي 10.5 مليار دولار.أما من حيث الدول الأوربية فتستحوذ ألمانيا علي 9.7% من إجمالي ديون مصر الخارجية يليها فرنسا 8.6 % وبريطانيا 3.6%.( البنك المركزي المصري – التقرير السنوي 2011/2012)

ارتفعت صادرات مصر إلي دول الاتحاد الأوروبي من 8.5 مليار دولار عام 2008/2009 إلي 9.1 مليار دولار عام 2011/2012 ثم انخفضت إلي 7.9 مليار دولار عام 2012/2013 وبما يمثل حوالي 33% من الصادرات المصرية ، وتمثل دول الاتحاد الأوروبي المستقبل الأول للصادرات المصرية. بينما تستورد مصر 33% من الواردات من دول الاتحاد الأوروبي من إجمالي ورادات بلغت 61.1 مليار دولار وتعد دول الاتحاد الأوروبي المورد الأول للواردات المصرية. وتشكل ألمانيا وبريطانيا وايطاليا وهولندا مصدر حوالي 60% من الواردات المصرية.

كما تعتمد السياحة المصرية علي السائح الأوروبي بشكل رئيسي ففي عام 2012 زار مصر 11.5 مليون سائح منهم 8.4 مليون سائح أوروبي يمثلون 73% من السياحة في مصر وقضي الأوربيون 92 مليون ليلة سياحية في مصر عام 2012 تمثل 67% من إجمالي الليالي السياحية في مصر .

مصر والشراكة الأوروبية
بدأت مصر المباحثات مع الاتحاد الأوروبي بشأن إبرام اتفاقية مشاركة في عام 1995، وتم التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاقية في 26 يناير 2001 تمهيداً للتوقيع النهائي على الاتفاقية الذي تم في 25 يونيو من نفس العام، وقد قام مجلس الشعب المصري وبرلمانات الدول الأعضاء بالتصديق على الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ في منتصف عام 2004، ويتم بموجب هذه الاتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة خلال فترة انتقالية مدتها 12 عاماً من تاريخ دخول الاتفاقية حيز النفاذ.

تتيح اتفاقية المشاركة المصرية-الأوروبية تقديم منح لمساعدة الاقتصاد المصري تبلغ 670 مليون يورو ،منها منحة قيمتها 250 مليون يورو لتحديث قطاع الصناعة المصرية ،إضافة إلى تمويل برامج إصلاح قطاعي الصحة 110 مليون يورو ،والتعليم 100 مليون يورو ،والصندوق الاجتماعي من أجل التنمية 155 مليون يورو ،وبرنامج تحديث القطاع الخاص 55 مليون يورو. ولذلك فإن الكثير من معاناة المصريين في التعليم والصحة والتشغيل جاءت نتيجة اتفاقية وقروض مع الاتحاد الأوروبي .

موقع المفوضية الأوروبية في مصر
http://eeas.europa.eu/delegations/egypt/index_ar.htm
المشروعات التي يمولها الاتحاد الأوروبي في مصر
http://eeas.europa.eu/delegations/egypt/projects/list_of_projects/projects_ar.htm
والأكثر من ذلك والأخطر هو وجود بعثات تابعة للاتحاد الأوروبي في العديد من الوزارات والهيئات المصرية تضع يدها في أحشاء الدولة المصرية العميقة، وتسخر قيادات الجهاز الإداري لخدمة التوجهات الأوربية وتستقطب الخبرات الشابة وتمنحهم مرتبات كبيرة ليكونوا عيونها علي أداء الحكومة المصرية.لذلك نسال عن أي استقلال وطني تتحدث ميرفت التلاوي ؟!!!! والطريف في أمر هذه المواجهة. أن المجلس القومي للمرأة هو مجلس حكومي ولكن غالبية مشروعاته ممولة من جهات خارجية بدء من السفارات الأجنبية ومؤسسة فورد وانتهاء بالمفوضية الأوروبية.
- مشروع مكتب شكاوي المجلس القومي للمرأة
http://www.ncwegypt.com/index.php/ar/programmes/social-empowerment-of-women/53-ombara
- الحقوق القانونية للمرأة المصرية في صورة الكترونية
http://www.ncwegypt.com/index.php/ar/programmes/legal-rights-of-women/59-2012-04-01-10-29-10
لذلك فإن الخلاف مع البعثة الأوربية حول الانتخابات الرئاسية هو خلاف الأحباء والأصدقاء وليس خلاف طرف مستقل في مواجهة مستعمر خارجي . لقد أصبحت الدولة المصرية مرتعاً لبعثات المعونة الأمريكية والبنك الدولي والمفوضية الأوروبية ومكاتبها في الوزارات والهيئات الحكومية.وكبار موظفي الدولة المصرية يتلقون المكافآت من هذه الجهات ويستقبلون في رحلات ومؤتمرات لتحديد مستقبل مصر وباقي الدول التابعة.
إذا كان الحديث الآن عن أولوية قضايا الأمن القومي المصري.فهل تجرؤ القيادة الجديدة علي اتخاذ خطوات حقيقية للتخلص من التبعية.لكي لا يتحول ما فعلته السفيرة ميرفت التلاوي لمجرد تمثيلية هابطة للتغطية علي ماحدث في الانتخابات الرئاسية. أم يستمر الاتحاد الأوروبي يمول المجلس القومي للمرأة وغيره من الوزارات والهيئات المصرية وتستمر بعثاته تراقب الأداء وتفرض المزيد من سياسات الإفقار والتبعية.

إلهامي الميرغني
2/6/2014