صباحي إذْ سَقَطَ انتخابياً وقيادياً!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4469 - 2014 / 5 / 31 - 15:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

جواد البشيتي
السيِّد حمدين صباحي لم يَفْشَل في ما سُمِّي "انتخابات" رئاسية فحسب؛ بَلْ فشِلَ في أنْ يُثْبِتَ (ولو قليلاً) أهليته القيادية في عالَم السياسة الواقعي؛ فإنَّ السياسي الجيِّد، بمعيارٍ مكيافلِّيٍّ ما، هو الذي إنْ ذَهَبَت النتائج (العملية الواقعية) بما "تَوَقَّع" يستطيع أنْ يكون مُقْنِعاً لأنصاره (ولو قليلاً) في تبرير عدم تَحَقُّق توقُّعه؛ وهكذا فَشِل صباحي في اختبار مَعْدنه القيادي.
أراد صباحي أنْ يبدو للعالَم شبيهاً بزعماء المعارَضَة في الدول الغربية، والذين ما أنْ يتأكَّد لهم، ويثبت، فشلهم الانتخابي حتى يُسْرِعوا في إعلان اعترافهم بالخسارة، وبتهنئة الفائز؛ لكنَّ تَشَبُّهه جَعَل الناس يهزأون منه، ويسخرون؛ فهو ، أوَّلاً، شكَّك في "نِسْبَة المشاركة" المُعْلَنَة، قائلاً إنَّ هذه النِّسْبَة (نحو 46%) استهزاء بذكاء المصريين، وإنَّها كانت أقل بكثير، واعترض على "التمديد"، أو "اليوم الثالث (الذي هو اليوم الأهم في الانتخابات)"، وتحدَّث عن "التجاوزات" و"الخروقات" و"الانتهاكات"؛ ثمَّ جَعَل كل "نيران" أقواله هذه تَنْزِل برداً وسلاماً على السيسي إذا قال إنَّ كل تلك العيوب والمفاسِد الانتخابية كانت عديمة الأثر في "النتيجة النهائية"، من حيث الجوهر، والتي هي فوز السيسي بما نسبته 94% من أصوات الناخبين، وحلوله هو في المركز الثالث بعد السيسي و"الأصوات الباطلة".
هزيمة صباحي، ولو عَبَّرْنا عنها بالأرقام والنِّسَب، كانت "مُرَكَّبة"؛ فهو أوَّلاً جاء في المركز الثالث، وكان الفَرْق بينه وبين صاحب المركز الأوَّل، وهو السيسي، من الاتِّساع والعِظَم بمكان؛ وهو، ثانياً، خَسِر، في هذه الانتخابات، نحو 75% من "وزنه الانتخابي (والشعبي)"؛ ففي الانتخابات الرئاسية السابقة (سنة 2012) حلَّ في المركز الثالث؛ لكن عدد المصوِّتين له كان 5 ملايين مُصوِّت؛ أمَّا في هذه الانتخابات (والتي شغل فيها المركز الثالث أيضاً) فلم يُصوِّت له إلاَّ نحو 750 ألف مُصَوِّت!
صباحي كان يَعْلَم خسارته حتى قبل التمديد؛ لكنَّه ما أنْ اعترف بخسارته، وقال للفائز السيسي إنَّ كل "التجاوزات" و"الخروقات" و"الانتهاكات" لم يكن لها من أثر في "النتيجة النهائية"، من حيث الجوهر، حتى فَطِن إلى أنَّ التصويت في "اليوم الثالث" قد جَلَب عليه الخزي الأكبر؛ لأنَّه في هذا اليوم "ضُخِّم (كثيراً)" الفارِق بينه وبين السيسي، فتقدَّمت حملته بطعن لدى "اللجنة العليا للانتخابات"، داعيةً إلى إلغاء كل أصوات اليوم الثالث؛ وكانت المتحدِّثة باسم حملته قد ذَكَرَت، من قبل، أنَّ 7 ملايين ناخب قد أدلوا بأصواتهم في اليوم الأوَّل، وأقل من ذلك قد صوَّتوا في اليوم الثاني؛ وهذا قد يعني أنَّ عدد المُصَوِّتين قبل "التمديد كان نحو 10 ملايين مُصَوِّت.
"اليوم الثالث" كان لـ "النِّسْبَة" التي يريدها السيسي، ولم يكن لتمكينه من الفوز؛ ولقد كان يوماً لقوى وجماعات زَجَّت بكتلتها التصويتية في "معركة النِّسْبَة"، وكأنَّها "تُقْرِض السيسي قَرْضاً حسناً"، فيظلُّ مديناً لها بصفة كونه رئيس مصر؛ ولن يكون "مجلس الشعب" المقبل إلاَّ لكُتَلٍ من النوَّاب الذي يُمثِّلون، في المقام الأول، القوى والجماعات التي أوْصَلَت السيسي إلى كرسي الرئاسة، وجعلت فوزه بهذه النِّسْبة (العربية العريقة)!