-النسبية العامَّة- في -رحلة إلى الشمس-!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 16:23
المحور: الطب , والعلوم     


تَبْعُد الشمس عن كوكب الأرض نحو 150 مليون كم؛ وهي مسافة يَقْطَعها الضوء (الذي سرعته 300 ألف كم/ث تقريباً) في 8 دقائق (أرضية) تقريباً. لو انطلق ضوء من الأرض إلى الشمس، فإنَّ رحلته، ذهاباً وإياباً، تستغرق نحو 16 دقيقة، يَقْطَع فيها مسافة 300 مليون كم.
لِنَفْتَرِضْ الآن أنَّ صاروخاً كونياً أرضياً، لا الضوء، هو الذي قام بهذه الرحلة، وأنَّ هذا الصاروخ قد ظلَّت سرعته تزداد، كل ثانية، حتى قاربَت سرعة الضوء؛ وكان على متنه إنسان. وتبسيطاً للأمر، دَعُونا نقول إنَّ سرعته كانت 290 ألف كم/ث.
نظرياً، يجب أنْ تستغرق رحلة الصاروخ (ذهاباً وإياباً) نحو 1034 ثانية، أيْ نحو 17 دقيقة، يَقْطَع فيها مسافة 300 مليون كم.
عملياً وواقعياً، هذا "القول النَّظري" خاطئ؛ إنَّه ليس "حقيقة (فيزيائية) موضوعية"؛ فما هي "الحقيقة" في هذا الأمر؟
في هذا الأمر، "الحقيقة" ليست واحدة؛ إنَّها اثنتان؛ وكلتاهما "حقيقة"؛ لأنَّ الحقيقة "نسبية".
"المراقِب الأرضي"، أيْ الإنسان الذي يراقب هذه الرحلة من كوكب الأرض، سيرى أنَّ سرعة الصاروخ تَقِلُّ عن 290 ألف كم/ث؛ سيراها (مثلاً) 100 ألف كم/ث؛ فالزمن في هذا الصاروخ يتباطأ.
ولَمَّا عاد الصاروخ إلى كوكب الأرض، نَطَقَ "المراقب الأرضي بـ "الحقيقة (الفيزيائية) الموضوعية"، قائلاً: الرحلة (ذهاباً وإياباً) استغرقت نحو 3000 ثانية، أيْ نحو 50 دقيقة، قَطَعَ فيها الصاروخ مسافة 300 مليون كم.
أمَّا "المراقب الآخر"، وهو الإنسان المسافِر على متن هذا الصاروخ، فنَطَقَ (لدى عودته إلى الأرض) بـ "الحقيقة (الفيزيائية) الموضوعية الأخرى"، قائلاً: سرعة صاروخي ظلَّت دُون سرعة الضوء، وكانت 290 ألف كم؛ لكنَّ المسافة التي قَطَعْتُها (ذهاباً وإياباً) قد "اخْتُصِرَت (انكمشت، وتقلَّصت)"؛ وكانت مليون كم؛ ولقد استغرقت رحلتي، ذهاباً وإياباً، وبحسب ساعتي أنا، 3.4 ثانية، زاد عُمْري فيها 3.4 ثانية فقط؛ وكلا المراقِبَيْن كان على صواب!