مِرساةُ الكون


حنان بن عريبية
الحوار المتمدن - العدد: 4456 - 2014 / 5 / 18 - 02:37
المحور: الادب والفن     

وكل نفس لا تبحر في نفسهاَ
أصابني منها المللْ و التّعَبُ
و كل ذي بشرٍ لا يقرأ سطور الكونِ
في بعده يكون العقلُ معتمرُ

و كل من شاع صوته كذباً
طرب له النحاس لا الذَّهبُ
في الحياة أربابُ معرفةٍ
لا هوامش ماضٍ منصرِمُ

و ذرني إن لمتَ هجري لمعرفتِكَ
متى في هجر الجاهل لَوْمُ
سجيّتي في البعدِ أحقُّ
و بقائي مع فيهِ الباطلِ علَّةٌ و كلَلُ

أيا دنيايا رأيتُ فيك رجسا
ما كدَّر حالي و حولها عطبُ
لأياَّمي كانوا صيادينَ
و كنت صائبة فيما خطه القلمُ

دعْ عنكم الأحاديث و المواعظَ
و نفوسكم خرساءَ عند الحقِّ تضطربُ
علِمتُ منكم زهاءَ سنةٍ
ما تفرِّ من بعده الروح و الجسدُ

فهلاَّ أنصفتم ما حقَّ إنصافه
و أصلحتم من أصبتموه عبثُ
بلغتم الظلم حدًّا لا يطاقْ
و كنتم في ميزان العدل خلل

حتى الثكلى طالتها شروركم
و همستم أنها متعة و نصب
و لا ضيْر في مضاجعتها
حتى و إن كانت تنتحبُ

أراكم كالضّواري لا فيكم خير و لا أملُ
أفسدتم نورَ غسقِ الفجرِ
فلا يُرجى منكم بعدهُ
لا الصّفح و لا المحبّةُُ

ليلِي و إن طالت حلكتُهُ أهون من قربكم
فقربكم فيه العجز و المرض
بعدي عنكم نعمةٌ
و قربكم مقتٌ و كربُ

زيّنتُمْ وجوهكم بالشهامة و المروة
و كنتم لناري حطبُ
أياَ نفسي فيك مرساةُ الكونِ
فكيف أعاشر قلوباً للحب تفتقِرُ

و كيف أُرحب بهم من جديدٍ
وهم جعلوا توهجي يفنى و يحترقُ
فكم من سفيه جحد بلؤمه
نكر الاحسان و الكرم

وكم من مقتدر على الأذية
لا يخشى العالي القادر
لن يحزنني فراق الناس
فمعاشرة بعضهم افك و ندم

ولن تترنح عزيمتي
فالكون مرساتي و الصبر
حروفي و ان نضبت مياهها
فلا القلب يبكي و لا العين تدمع

و قلمي و إن جف حبره
فلا اليأس يطالني و الفزع
و إن كان لغوهم فيه مصلحة
فعالم بخساستهم القادر المقتدر

و إن كان قربهم غنيمة
فالوحدة أشهى الي و أطيب
و إذا حجبوا نور الشمس عنى
ففي ثنايا نفسي القمر بدر مكتمل