لماذا أقاطع ...2-2


محمد دوير
الحوار المتمدن - العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 01:48
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

كلما ذهبنا الي صندوق التصويت انتقص من الروح الثورية بقدر ما أفرز الصندوق من نتائج.فصندوق التعديلات الدستورية نقلت الفعل الثوري الي مسار ديمقراطي لم يحن وقته بعد ، وياليتها كانت نقلة خاطئة وفقط بل وقف الصندوق وقتها بين الجنة والنار.وعندما ذهبنا الي صندوق انتخابات البرلمان انتقص من الحالة الثورية بأن تم تكفير من كان في الميدان ويقف تحت قصف وقنص رصاص الداخلية واعتبارهم خوارج المجتمع، وعندما ذهبنا الي صندوق الرئاسة الأولي كشفت بوضوح عن قوة نظام مبارك متمثلة في أصوات شفيق.. وقوة نظام الاخوان متمثلة في أصوات مرسي وترنح قوي المعارضة الاخري بين هذا وذاك بعد خروج رموز وطنية من الاعادة ، وعندما ذهبنا الي صندوق التصويت علي دستور الاخوان انتج لنا بيتا من عنكبوت التطرف والتخلي عن جغرافية وتاريخ الوطن من خلال بعض المواد المفخخة لصالح الصراع الدولي في المنطقة.. ثم عندما ذهبنا الي التصويت علي دستور 2014 انتج لنا حالة اقصاء تامة لحقوق اجتماعية واقتصادية اهمها الغاء نسبة العمال والفلاحين وحق الدولة في تأجير موارد البلد في حدود زمنية معينة.ثم نتأهب اليوم لصندوق انتخابي جديد سيفرز لنا شرعية شعبية تستند علي 30 يونيو فقط بعدما تم وأد 25 يناير بحجة تمويل قادتها ورموزها والعمل لصالح قوي أجنبية، متجاهلين أن 25 يناير و 30 يونيو لا يمكن النظر لكل منهما بصورة مستقلة عن الأخري..هكذا ينقلنا كل صندوق الي درجة أدني في سلم الفعل الثوري.. وتدريجيا.. تم تكفير القوي المدنية ، ثم تخوين القوي الثورية .. ثم تدجين القوي السياسية .. ثم تحييد القوي السلفية .. ثم .... ثم.... ما تبقي من روح ثورية سيتم القضاء عليها بعد انتخابات الرئاسة الحالية..كيف؟؟ انزوي الجميع تحت راية رمزية السيسي مرشح الضرورة كما يقولون.. وبقي صباحي وحيدا الا من بعض القوي الثورية والسياسية تحاول أن تحي من خلاله منطق الثورة عبر صندوق زجاجي يقف عليه قاض ويحرسه ضابط، ويملك كافة مراحله منذ بدء عملية الاعداد الي الفرز لجنة من رجال الدولة..دولة من ..؟هنا سوف يحدث الآتي.. يمر السيسي عبر الجماهير صاحبة كافة حقوق البث الثوري أو السياسي.. فيمتلك بعد اعلان النتيجة شرعيتين .. 30 يونيو .. وانتخابات 26 مايو..وهما كافيتان تماما لبدء مسيرة جديدة مشروعة تماما لاعادة ترتيب الصف الوطني وفقا لذات الاجندة المباركية مع بعض التحسينات التي يعتقدون أنها تؤجل كل انفجار قادم..وقد يستمر الوضع علي هذا المنوال عدة سنوات.. لا سيما اذا حصلت بعض الاحزاب علي مقاعد في البرلمان القادم وأظن أن الدولة ستحرص علي ذلك.. هنا ما هو موقف حمدين .. سيناضل طبعا من اجل التمسك بشرعية 25 يناير و 30 يونيو.. وو السؤال هل بامكانه أن يقود مظاهرة تحتج علي ارتفاع الاسعار مثلا..؟؟ اذا حدث وفعلها .. سيكون أمام تناقض واضح وهو أن الفعل الثوري لا يستقيم مع ارادة الصندوق..واذا لم يفعلها ستنظر له القوي الثورية نظرة المتخاذل..ثم أن القوي الثورية نفسها ستصاب بقدر من الاحباط الذي يطل برأسه الآن بين صفوف الشباب.. وسوف تزداد تلك الحالة بعد اعلان النتائج..وربما سيذهب تطرف البعض منهم الي العودة من جديد الي التحالف مع الشيطان – فلول الاخوان – من أجل كسر شوكة النظام..ان خوض حمدين انتخابات الرئاسة قرار لا معني له ولا قيمة له ، لان التسليم بسرعة اجراء انتخابات رئاسية بعد كل موجة ثورية هو تبريد واضح لاستمرار تلك الموجة، واطفاء لكرة اللهب برجال اطفاء من جميع الاطراف..هذا عن موقفي من مرشحي الرئاسة ..ولكن ما هو الموقف من الحركة الاشتراكية المصرية ودورها في كل انتخابات وكل استفتاء ..أقول اننا إزاء لحظة فارقة لم ننتبه اليها حتي الأن..لحظة كانت قادرة علي احداث نقلة نوعية تجعل منا طرفا مؤثرا في الواقع السياسي والثوري لسنوات قادمة.. انشغلنا عن متطلبات تلك اللحظة باللهث وراء مبارك ..ثم شفيق / السيسي و مرسي / حمدين( والتقابل هنا يحكمه سير الانتخابات ليس أكثر ) وارتضي اليسار المصري لنفسه متابعة الحدث الثوري كمراقب أو معلق علي التفاصيل اليومية – وهي علي أيه حال عادة يجيدها أهل اليسار ولا استثني نفسي – الحل في تقديري أن استمار الفعل الثوري رهن قوة اليسار، وقوته رهن وحدته ، وتلك الوحدة تحتاج الي مناقشات وحوارات وفاعلية والتخلص من ملوك الطوائف ونوازعهم الذاتية القاتلة.. نحن في حاجة الي ثورة داخل اليسار المصري.. قبل أن نفكر في انضاج الفعل الثوري الراهن.. وتلك في تقديري أهم قيمة يجب أن نحرص عليها .. أهم من انتخابات سينتهي مفعةلها بعد اربع سنوات.. ومن برلمان سيتحول لساحة لرجال الاعمال..
خلاصة القول..سانهي مقالي بعدة ملاحظات :
1- قرار حمدين بخوض الانتخابات اتخذه داخل التيار الشعبي، ثم ساندته بعض القوي السياسية.. وقرار السيسي بخوض الانتخابات اتخذه داخل المجلس العسكري ثم ساندته بعض القوي السياسية والشعبية.
2- كوادر السيسي هي نفسها – تقريبا – كوادر الحزب الوطني .. وكوادر صباحي جزء كبير منها من شباب الثورة الذين لا يملكون مفردات ادارة الاقتصاد الوطني..
3- الشارع المصري غير منشغل جيدا بالانتخابات ، وغير متفاعل معها.. والاخطر أن كوادر الاخوان ينخرون في جسد الامة ببطء شديد.. وكأنهم ينتظرون فرصة فشل أي من المرشحين.. ليبرروا مواقفهم المتخاذلة.
4- ما هو مستقبل الحركة السلفية في ظل حكم السيسي أو حمدين .. وما علاقة الدين بالسياسة .. وما هو مصير كامب ديفيد .. وهل الحرب علي الارهاب بالسلاح فقط؟؟ ليس لدي أي منهما اجابة واقعية أو علمية..
5- موقفي من المقاطعة لا يعني أنني أقف علي ذات المسافة بين المرشحين، بل حقيقة الأمر أنني أميل بقدر ما الي صباحي بحكم المشترك الفكري.. ولكن في الوقت نفسه أري أنه أضر بالحركة الثورية المصرية حينما قرر خوض انتخابات حسمت نتائجها يوم 26 يوليو..وهذا لا يعني انني متخاذل في المقاومة ولكن يعني أننا نخطيء اختيار موقع الوقوف.. فانتخابات الرئاسة ليست هي ميدان المعركة الحالي ، بل وحدة القوي الاشتراكية أولا و بناء كادر جماهيري ثانيا.. والتضامن الحي مع القوي المنتجة في هذا الوطن ثالثا.. هي – من وجهة نظري - روشتة انقاذ الثورة والوطن واليسار المصري .. في وقت واحد ..