الاتحاد الاوروبي نحو الاستعمار من جديد


ابراهيم حجازين
الحوار المتمدن - العدد: 4421 - 2014 / 4 / 11 - 22:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الإتحاد الأوروبي يتحول إلى نمط جديد من القوة الاستعمارية اكثر استقلالا من ذي قبل عن امريكا ولكن متعاونا معها في الاستراتيجية ،وكأننا عشية مبدأ ايزنهاور ولكن بالعكس ، أي افول بطيء للإمبراطورية الأمريكية، والآمال الاوروبية في ان تحل اوروبا محلها في خطوة لمنع ظهور منافسين دوليين للغرب كدول بريكس أو تكتلات جديدة مقدر لها ان تظهر في ظل تغير الميزان في العلاقة بين دول مصدرة للمواد المصنعة ودول مصدرة المواد الخام.
ولعل التقرير الجديد "للاندبندنت" بهذا الصدد قد لحظ أن الهوة تتسع اقتصادياً بين دول الاتحاد القديمة والجديدة"، مشيرة إلى أنه "إذا كانت أوكرانيا في طريقها لأن تصبح بوصايته، كما يطمح الاتحاد الاوروبي، فإن الوقت حان للاعتراف بأن الاتحاد الأوروبي يتغير، ولم يعد اتحاداً لكيانات متساوية، بل يتحول إلى نوع جديد من القوة الاستعمارية" تجاه الدول الاوروبية في الجنوب والشرق. فاليونان تغرق في ازمتها وكذلك اسيانيا والبرتغال وايرلندا ودول اوروبا الشرقية التي نالت شرف العضوية في الاتحاد.
فالتورط الأوروبي في أوكرانيا إلى جانب الولايات المتحدة يعد شكلاً من أشكال الاستعمار ذات طابع جديد والدليل ان التفاوت يزداد بين دول الاتحاد هناك مركز قطبه ألمانيا وبريطانيا وفرنسا مقابل محيط أوروبي يئن تحت وطأة ازماته ولم يعد كافيا كاسواق ان يكون مصدرا للنهب الرأسمالي فأصبح مطلوبا التوسع في إطار القارة الاوروبية وخارجها ولعل هذه الاحلام داعبت الرئيس الفرنسي بتوقيعه على صفقات السلاح مع السعودية . واليوم اوروبا ترنو إلى التوسع شرقا على حساب المجال الحيوي الروسي ، ومن المعروف ان ألمانيا القوة الاوروبية الاولى اليوم كانت تطمح في حقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية للتوسع شرقا نحو اوكرانيا وبيلاروسيا وجورجيا ودول البلطيق مما أشعل الجبهة الشرقية في الحرب العالمية الثانية عندما شن هتلر حربه ضد الاتحاد السوفياتي لتحقيق مطامحه تلك.
وفي هذا يمكن ان نتفهم الموقف الروسي من اللعب الغربي وخاصة الاوروبي في ملعبه. فهو يدرك ان التحرك في اوكرانيا بدا بمبادرة امريكية وبتخطيط من اجهزتها في ضوء الخسارة التي منيت بها بعد تراجعها عن القصف المخطط له إثر اتهام القيادة السورية باستخدام غاز السارين في الغوطة لعلها تصل إلى مقايضة ما مع الروس أوكرانيا مقابل سوريا ، ولا بد وان القيادة الروسية قد لاحظت أن الدول الاوروبية الرئيسة تشجعت للخطوات الامريكي ولكن بطريقتها الخاصة في اتخاذ العقوبات ضد روسيا وبادرت للتعامل مع روسيا وكأنها من دول الجنوب وذلك على النقيض من مصالحها التي تفرض رفضا للسياسة والنهج الامريكي الذي قد يؤثر على تدفق الغاز الروسي لها وهنا علينا ان لا نتغاضى عن التهديد الموجه الى روسيا بوقف العمل بمشروع الانبوب الروسي في البحر الاسود والذي يكشف عن النوايا الاوروبية ردا على اجراءات الدفاع عن الذات التي قامت بها روسيا للدفاع عن مصالحها في الدولة الجارة السلافية أوكرانيا.