ساد ستوكهولم القسم السابع عشر ساد ستوكهولم (1) نسخة مزيدة ومنقحة


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 4420 - 2014 / 4 / 10 - 11:38
المحور: الادب والفن     

الثدي وما أدراك ما الثدي؟ صغيرًا كان أم كبيرًا، طويلاً كان أم عريضًا، أبيض كان أم أسمر أم أسود أم أصفر أم جهنم؟ الثدي الطفل، الثدي البكر، الثدي البالغ، الثدي البالع، الثدي الخالع العِذار؟ الثدي الذابح الشفاه؟ الثدي النابح، الثدي النائح، الثدي السائح بين مدن الجسد وبلاد الرمان؟ الثدي الغامز بحلمته كل أحلام الرجال، الثدي الراكل بقدمه كل أوهام النساء، الثدي اللاكم بيده في مضاجع العض والخلب كل أجرام السماء؟ الثدي اللاهث فوق البطن، تحت البطن، شاقًا عصا الطاعة والامتثال؟ الثدي القاتل، الثدي الغادر، الثدي الذي بالنعمة كافر؟ الثدي العادل لما يغدو الظلم عدلاً في دنيا النرجس والأغلال؟ الثدي الذي يتنزه على عنقك، يحترق على صدرك، يغرق بين فخذيك؟ الثدي الحروب الخاسرة، الثدي القلوب السادرة، الثدي العقول العاقرة؟ الثدي التحدي، العدو المرئي، الموت الأبدي؟ الثدي الأَبابة إلى الوطن، المسلخ في كل مدينة، القدس أبشع مدينة؟ الثدي الذي ينطق عندما تأخذه بيدك، الذي يغني عندما تعلقه على كتفك، الذي يثمل عندما تسقيه منه؟ الثدي الذي يدفعك إلى الإيمان بالله وبالشيطان، بفريز الريفييرا وتفاح الشام، بقرطٍ لحلمة وقرطٍ لسُرَّة، إلى الإيمان بالذهب وبالنار؟ الثدي الذي يعدو في الشوارع فتعدو الشوارع، الذي يصرخ في الآفاق فتمتد الآفاق، الذي يشخ في شفاه النحل فيكون العسل؟ الثديُ عقابُ الإجّاصِ للإجّاص، والسلامِ للسلام، والحربِ للحرب؟ الثديُ لعنةُ الهوى، وجهنمُ السهاد، وجنةُ بيغال؟ الثدي الذي تأكله وأنت شبعان، الذي تشربه وأنت رويان، الذي تحبسه ويبقى حرًا!
على حلبة الرقص، كان الرقص المجنون على موسيقى مجنونة، من حول منصة تنطنط عليها فتاة عارية تمامًا، فنرى تفاصيل ثديها، وتفاصيل فرجها، وتفاصيل رِدفها، نعطيها كما نعطي للشيطان أرواحنا لنصل بالمتعة إلى أقصاها. وبين فترة وأخرى، كانت تجلس على خازوق، تُدخله فيها، وتُخرجه منها. ومن حول طاولة في علبتهم الليلية، جلس أعضاء هيئة تحكيم جائزة نوبل للآداب الخمسة، وهم يحتسون الجعة. رفضوا الكلام عما جربوه مع جوستين، فالوقت لم يكن للخوض في مسألة كالخوض في الوحل، لكنهم تبادلوا بعض ردود الفعل.
- بفضل ألبير رامو، قال هوراس ألفريدسون، محرض الأفكار والصور هذا، أينما ذهبنا بفكرنا، ستكون محور هذا الفكر ثدي جوستين، وأينما ابتعدنا بخيالنا، سيكون في قلب هذا الخيال ثدي جوستين، سيظل ثدي جوستين يطاردنا.
- يطاردنا أم نطارده؟ سألت كاتارينا فريدن.
- يطاردنا ونطارده، أجاب رالف لندغرن.
- يهددنا، قالت كريستينا سفينسون.
- يهددنا ونهدده، قهقه بيتر أكرفيلدت.
- إنه مشروع من خاب سعيه.
- الخوف المرضي.
- خَوَرُ العزيمة.
- مدار السرطان.
- الخيانة العظمى.
- لهذا كان ثدي جوستين الكلمات الخائنة.
- الكاذبة.
- الملوثة بالمني والبصاق.
- الخادشة للحياء.
- المعتدية على الذات.
- جيشًا من أسماء الحال.
- طائفةً من الكُنى.
- نظامًا من أفعال الأمر المطلق.
- وغير المطلق.
- حكومةً من أسماء النصب.
- انظروا من هناك، أخطر هوراس ألفريدسون.
التفتوا إلى ناحية فيها رئيس الوزراء السابق.
- ما رأيكم لو ندعوه إلى الالتحاق بنا؟ اقترح هوراس ألفريدسون.
- أرفض رفضًا قاطعًا، استشاطت كريستينا سفينسون.
- هذا ما لا يبدو لي مناسبًا، أيدتها كاتارينا فريدن.
- سندعو صولجانه، ألقى بيتر أكرفيلدت، وأراد القهقهة كعادته.
- لن تقهقه وإلا قتلتك! نبرت كريستينا سفينسون.
- كيف تمكنت من رؤية عصا كهذه في عَتَمَةِ ساد ستوكهولم؟ أطرى رالف لندغرن.
- أبصرُ من العُقاب، أكرفيلدت! أطرت كاتارينا فريدن بدورها.
نهض بيتر أكرفيلدت، وهوراس ألفريدسون يقول من ورائه:
- لا حماقات!
وفي الوقت ذاته، رأوا عددًا من الشخصيات الهامة تدخل محيطةً برئيس الوزراء السابق، وتأخذ مكانًا من حول طاولته.
- أنت مصمم دومًا على دعوته إلى الالتحاق بنا؟ قالت كريستينا سفينسون ساخرة.
- هارالد إنجموند، يا دين الرب! مغمغ هوراس ألفريدسون.
- ولِمَ لا؟ للمافيا الحق في بعض من رئيس وزراء سابق، قال رالف لندغرن.
- لكن لا مافيا لدينا! أبدت كاتارينا فريدن استغرابها.
- أنت تثبتين أنك تعيشين على هامش فرجك تمامًا! أنبتها كريستينا سفينسون.
- انظروا من تقول!
- أنا لا فرج لي، كما لو كان غير موجود.
- الآخر، سأل هوراس ألفريدسون، أليسه رئيس البلدية؟
- هو بعينه، أكد رالف لندغرن، كنوت فريدولف، الذي لم يعد رئيسًا للبلدية.
- سيصير رئيسًا للبلدية في الانتخابات القادمة.
- طبعًا، كل شيء يُتلاعب به في ساد ستوكهولم.
- ولِمَ لا أنا؟ قالت كاتارينا فريدن.
- هذه البلهاء، قاطعت كريستينا سفينسون، أراها جيدًا كرئيسة بلدية ستوكهولم.
- لِمَ لا أنتِ؟ لأنهم يعملون علي بابا والأربعين حرامي باسم الحرية، وأنتِ امرأة حرة بالفعل.
- ها هو! قال بيتر أكرفيلدت، وهو يضع صولجان رئيس الوزراء السابق على الطاولة.
- حذار أن يراه! قال هوراس ألفريدسون، وهو ينقله بين أصابعة، ويرمي بنظرة حذرة نحو صاحبه المنشغل بقرع قنينته بقناني من هم بصحبه. أولاد الشر! ها هم يلسعون السويديين بسياطهم الخفية.
- ما رأيك؟ سأل رالف لندغرن، وهو يشير إلى الصولجان برأسه.
- إنه أعظم قضيب ألمسه بأصابعي! هلل هوراس ألفريدسون.
- دعني أرى، قالت كاتارينا فريدن، وهي تلتقطه بأصابعها. كما تقول، كل السلطة!
- دعيني أرى، قال رالف لندغرن، كل الحكم دون نتائج!
- دعني أرى، قالت كريستينا سفينسون، كل الإصلاحات الفاشلة!
- أؤيدك، قالت كاتارينا فريدن، كيلا أثبت أني أعيش على هامش فرجي!
- ولكنك تثبتين أنك تعيشين على هامش فرجك تمامًا للمرة الثانية!
- آه! يا إلهي. كيف أرضيكِ؟
- أن تحمليه، وأن تُدخليه، رمى بيتر أكرفيلدت، وقهقه على الرغم من صيحات كريستينا سفينسون القامعة.
- هكذا! هكذا! ردد بيتر أكرفيلدت، وهو يختطف الصولجان، ويقفز من حول طاولتهم.
- اجلس! أمرت كريستينا سفينسون، سيراك!
- حتى العنق!
- هذا الرأس الحديدي لن يدخل!
- كل الحكومة ستدخل، وهو حتمًا لن يدخل!
- كل الحزب!
- كل السويد!
- كل أحداث الشرق الأوسط!
- كل البنوك التي أفلست في العالم!
- كل التلفونات المحمولة التي تحت التنصت في كل مكان على وجه المعمورة.
- هل تسمح لي أن أسمع ما تقول؟
- أسمح، بشرط ألا أسمع.
- هل تسمح لي أن أقبض ما تدفع؟
- أسمح، بشرط ألا أقبض.
- هل تسمح لي أن أفجر ما تريد؟
- أسمح، بشرط ألا أفجر.
- في السوبر ماركت لا تنسي شراء مانع العفونة!
- لا تُغرِ العَداوة بين الناس!
- لا تُغرِ الكلاب على المارة بالأحرى!
- سنمر كلنا.
- هم أيضًا؟
- الأوائل.
- وسنفتح صفحة جديدة.
سمعوا كاتارينا فريدن تطلق التأوهات، وهي تغمض عينيها، وتضغط بيدها على فرجها، وكل جسدها يهتز. بعد عدة ثوان، تراخت، وأخرجت المُهْتَزَّ من بين فخذيها.
- هل تريدينه؟ خاطبت كريستينا سفينسون.
- لن ينفع معي، نفت، وهي تأخذه، وتدسه.
- خذي هذا أنفع لك، يا سيدتي الصغيرة، اقترح رجل بصوت مسالم تبدو عليه سمات الإجرام، وهو يقبض على عضوه.
- نحن هنا، يا ماخور الخراء! طن هوراس ألفريدسون بنبرة عسكرية.
- لا تغضب، يا سيدي، سارع الرجل إلى القول، أردت فقط أن أقدم خدمة للسيدة الصغيرة.
- قلت لك نحن هنا!
ونهض هوراس ألفريدسون دافعًا إياه.
- اتركه وشأنه، يا ألفريدسون! أمرت كريستينا سفينسون، وهي تلقي بالمهتز على الطاولة. وبسرعة البرق، اختطفه رالف لندغرن. فتح بنطاله، ووضعه.
- هو لنا أيضًا، قال.
- أنا جائعة، قالت كاتارينا فريدن.
- للجنس دومًا، قال رالف لندغرن.
- لطبق.
- تعرفين جيدًا أن الأكل تحت، في الحجرات والشقق.
- فلننزل.
- ليس بعد.
حاذاهم ثلاثة فرسان ملكيين، وهم يتصارعون بالكاب والسيف مع ثلاثة من أعوان الكاردينال ريشليو. كانوا يسببون الألم المبرح لبعضهم البعض، فيتصايحون ويتسابون.
- كل هذا من أجلي، أنا آن النمسا، تباهت كريستينا سفينسون.
- أنت آن النمسا! أعادت كاتارينا فريدن ساخرة.
- اتركيها، يا دين الرب! صاح هوراس ألفريدسون بكاتارينا فريدن، وما لبث أن قال، نعم! وهو يتلفت من حوله. ناداني أحدهم!
- ليس أنت، أنا، قال رالف لندغرن.
- ظننت أنه أنا.
- أنا، قلت لك أنا.
- جاء الصوت من النار.
- هل أعد لكم شيئًا تأكلونه؟ سألت كاتارينا فريدن.
- لك، أليسك جائعة؟
- أنا لست جائعة، أنتم.
- على كل حال، هنا ليس مطبخك. انظروا إلى أكرفيلدت، لمن يرفع يده؟
- لرئيس الوزراء السابق.
- رئيس الوزراء السابق يجلس في الناحية المعاكسة.
- ماذا، يا أكرفيلدت؟
- تلك المرأة تحييني.
- ولكن لا امرأة هناك.
- انظروا كم كنت جميلة في "والله... خلق المرأة" أشارت كريستينا سفينسون إلى لقطات لبريجيت باردو على الشاشة العملاقة. أذكر كيف كان فاديم يخريني تمامًا بملاحظاته السادية، وكان يأمرني أن أفعل، فأفعل، وكأني قضيبه.
- أنزل يدك، يا أكرفيلدت!
- إذن أنتم لستم جوعى!
- نعم، نعم، ونعم!
- قلت لك أنا، أنا، وأنا!
- هل تشمون رائحة الدخان؟
- وعندما كان فاديم يشتهيني، كان يوقف التصوير، ونذهب إلى ناحية منعزلة على الشاطئ.
- أنزل يدك، يا دين الرب!
- كنت آمره افعل، فيفعل، يقبلني من كل جسدي، ولا أتركه إلا بعد أن أنهكه.
- كما تريدون، إن لم تكونوا جوعى.
- يا دين الرب! يا دين الرب!
- عندك الحق، أشم رائحة دخان.
- ألم اقل لكم؟
- المارجوانا.
- لا.
- ماذا إذن؟ الحشيش.
- لا.
- قفا بريجيت باردو.
- قليل من الاحترام.
- عندما تجوعون قولوا لي.
- عندما نجوع ننزل تحت.
- كما تريدون.
- لا الحشيش ولا المارجوانا إذن ماذا؟
- هومر سمبسون.
- أنا لا أدخن لا المارجوانا ولا الحشيش.
- إنديانا جونز.
- دخنت النارجيلة في القاهرة.
- باربكيو، يا دين الرب!
- زملائي آيات الله يعشقون هذا، كل يوم لو أمكن.
- آية الله أنت؟
- هل تريد أن أعطيك الإثبات؟
رفعت كريستينا سفينسون تنورتها.
- هل هناك أكثر من هذا إثبات؟
- أنا جائعة.
- كاتارينا فريدن، يا دين الرب!
- هذا لا يثبت شيئًا.
- ربما كنتِ ليمَ غيرك كقذافي مثلاً أو سليمان أو بن لادن.
- هؤلاء، ما زالوا أحياء؟
- ما زالوا.
- إذا لم تكونوا جوعى...
- أخيرًا، يا أكرفيلدت!
- المرأة، كانت تحييني، ثم لم تعد تحييني.
- لستَ أنتَ.
- ألم يلقوا جثته في البحر؟
- القذافي، قتلوا ليمه، ثم قتلوا من قتله، الأمر واضح.
- إذا لم تكونوا جوعى...
- ليم جوستين، المحترق في المدفأة، الأمر واضح.
- إذا لم تكونوا جوعى...
بدأت مسابقة كل مساء: الأوتاد القوية.
على موسيقى رومانسية، راح ثلاثة رجال وثلاث نساء يخلعون ثيابهم الجلدية، وهم يتلوون في أحضان بعضهم، الأيادي ناعمة على الأجساد، وأكثر ما كانت الأيادي تنعم بين الأفخاذ. خلع الرجال آخر قطعة على ذكور منتصبة بقوة الحديد، فبدأت النساء تعلق عليها السلاسل واحدة تلو واحدة والهتاف الحماسي يتصاعد من كل جانب. ضَعُفَ الأول فالثاني والسلاسل تتساقط، الضحكات تصاحبها والتعليقات الساخرة، وفاز الثالث مع التصفيق الصاخب للحضور وقبلات النساء الثلاث مكافأةً.
عادت الموسيقى المجنونة، وعاد الراقصون المجانين، فذهب رئيس الوزراء السابق ليرقص، وكل من كانوا معه، سمعوه يمازح هذه وتلك، ويعانق هذه وتلك، يمازح هذا وذاك، ويعانق هذا وذاك.
- لطيف رئيس وزرائنا السابق! علقت كاتارينا فريدن.
- ألفريدسون! زعقت كريستينا سفينسون، قُرْصُكَ!
- مهدئ الأعصاب؟
- وهل هناك غيره؟
- ها هو.
- هاتِ!
- ليس مع الكحول.
- اتركني!
- يتسلى! علق هوراس ألفريدسون.
- ألفريدسون!
- قُرص ثان؟
- بسرعة!
- كل تلك العذراوات اللاتي يحطن به!
- ألفريدسون، ما أنت سوى خراء!
- قُرص ثالث؟
- كل هذا رهيب! همهم رالف لندغرن.
- المهتز؟ قهقه بيتر أكرفيلدت.
- تراجيدي! أضاف رالف لندغرن، وهو يخرج المهتز، ويعيده إلى كاتارينا فريدن.
- هيه! إلى أين؟ صاحت كاتارينا فريدن باتجاه بيتر أكرفيلدت.
- سأعيده إلى صاحبه.
- الصولجان؟
- لا، قضيبي!
- كوميدي!
- تراجيدي قلتُ.
- كوميدي أقولُ.
انقض بيتر أكرفيلدت على رئيس الوزراء السابق، وراح به ضربًا، ولا أحد استطاع إيقافه. بدا لأول مرة في حياته غير ما هو عليه، على حقيقته، حقيقة تُظهر أخرى: توقي أصول الدولة. بعد عظيم جهد، استطاع حراس المافياويين تخليصه الصولجان. قلبوه على بطنه، وأشبعوه ضربًا.
- ماذا فعلت، أيها المجنون؟ قال له صديقاه، وهما يعودان به إلى الطاولة.
- أردت أن أمارس الابتزاز الجنسي على طريقتي، أجاب بيتر أكرفيلدت، وأراد الانفجار مقهقهًا، فلم يستطع من شدة الوجع. وعلى العكس، قهقهت كريستينا سفينسون.
- لماذا تقهقهين؟ سألت كاتارينا فريدن.
- لأنه يكذب، بررت الصديقة.
- ولكن بماذا أقسم لكِ؟
- بقفا أختك.
- لا مزاح.
- أنا لا أمزح.
- ماذا كنت سأقول؟ وأردت أن أرفض الطبقة السياسية، أضاف بيتر أكرفيلدت، وأراد الانفجار مقهقهًا، فلم يستطع من شدة الوجع. وعلى العكس، قهقهت كريستينا سفينسون.
- لماذا تقهقهين؟ عادت كاتارينا فريدن تسأل.
- لأنه يكذب، بررت الصديقة من جديد.
- ولكن بماذا أقسم لكِ؟
- بقفا أختك.
- لا مزاح.
- أنا لا أمزح.
- وأردت أن أعبر عن تضامني مع الناس.
- لماذا تقهقهين؟
- لأنه يكذب.
- ولكن بماذا أقسم لكِ.
- بقفا أختك.
- يكذب، تدخل هوراس ألفريدسون، ولكنه يكذب بصدق.
ابتسم بيتر أكرفيلدت، وتخيل الثلج يندف في ساد ستوكهولم، طلع القمر في العلبة الليلية، وأضاء الميناء. كانت حفلة المراكب، حرية القضاة، المحاكم، العدالة. قبلات مشتهي المماثل. من اللسان. من الحلمة. من الفرج. العبادة. عبادة الأصنام، الآلهة، المال.
أحضر النادل قنينة بيرة لكل واحد.
- هذا على حساب رئيس البنك المركزي، قال النادل، دورته لكل رواد ساد ستوكهولم.
- رئيس البنك المركزي هنا؟ أبدى هوراس ألفريدسون دهشته.
- إنه هناك، أشار النادل بإصبعه إلى صف من الزبائن.
- هناك أين؟
- هناك.
قاموا ليروا، إذا بالمصطفين يكشفون عن مؤخراتهم واحدًا واحدًا ليسوطها رجل يبدو عليه أنه الحاكم الفعلي للسويد، ومقابل ذلك، كان يدفع مائة كورون.
- من أجل مائة كورون أنا مستعدة لكل شيء، قالت كريستينا سفينسون، وذهبت لتقف في الصف.
- أنا أيضًا، قالت كاتارينا فريدن، هذا يسد بعض الجوع، وذهبت لتقف في الصف.
- أنا... تردد بيتر ، بعد كل الضرب الذي نلته...
- فكر في المائة كورون، يا أكرفيلدت.
- طيب. على كل حال توجعت إلى الحد الأقصى، وهذا لن يزيدني وجعًا.
- رِدْفَة طيبة، قال هوراس ألفريدسون ورالف لندغرن، وهما يعودان إلى طاولتهما.
بعد لسعها بالسوط، قاءت إحدى جميلات ساد ستوكهولم: الأقراط في كل مكان من وجهها، شفتاها، منخراها، حاجباها، أذناها. جذبها رئيس البنك المركزي بعنف، وأمرها ببلع قاذوراتها عقابًا لها. لم يقف العقاب عند هذا الحد، ذهب بها ثلاثة من أعوانه إلى ناحية شبه معتمة، وعلى طاولة ألقوها، أمسك بها اثنان من ذراعيها، والثالث حشاها بقضيب فجّر غائطها. غرف منه سعة ملعقة كبيرة، وشمه، فاستطاب رائحته. تقدم من الفتاة، وجعلها تشم غائطها، وكلها قرف واشمئزاز. فتح فمها رغمًا عنها، وأطعمها إياه، وهي تصرخ وتقاوم بلا جدوى.
- نعم، نغير الوقائع العنيدة في ساد ستوكهولم، نكسر لها رأسها، همهم هوراس ألفريدسون.
اخترقت امرأة أنيقة جدًا ساد ستوكهولم.
- ولا أعند هناك من هذا الواقع، رمى رالف لندغرن بإشارة من رأسه إلى المرأة.
- الواقع عندما يغدو واقعة! اندهش هوراس ألفريدسون.
- إذا أردت أن تربح مليار كورون في الشهر اتبع الفرس!
- زوجة صناعي السيارات ألبن فيلهلم هنا؟
- عندما تتذوق سوط ساد ستوكهولم.
- ليس بلسانك.
- بقفاك.
- مليون كورون في الشهر!
- مليار كورون في الشهر.
- وأنا لا شيء لدي على التقريب في حسابي!
- حاول جَلدها، ربما كان حظك الأوحد.
نهض رالف لندغرن إلى صندوق الكبابيد، وضع فيه قطعة نقدية، وجاء لهوراس ألفريدسون بواحد.
- على المرء أن يكون حذرًا مع هذه الطبقة.
تقدم منهما أحد الظالعين، ووقف كالتمثال بينهما، وانتظر.
- ماذا يريد، هذا المغفل؟ تهكم هوراس ألفريدسون.
أخرج رالف لندغرن من محفظته ورقة نقدية أعطاها للرجل، وبدوره، أخرج الرجل من جيبه حبتي اكستازي أعطاهما لرالف لندغرن. أودع هذا كف صديقه حبة، ووضع حبة في فمه ابتلعها مع جرعة بيرة.
- خذها لتربح المليار! أغرى رالف لندغرن.
- ستحملني إلى السماء السابعة، تردد هوراس ألفريدسون قبل أن يبتلعها مع جرعة بيرة.
- هذا ما يجب فعله.
- وذاك الذي ينظر إلينا؟
- إنه لا ينظر إلينا.
- بلى.
- إنه أعمى.
أخذ الأعمى يغمز دون توقف.
- ليس أعمى.
- هذه عَرّة.
إذا بشقراء جميلة كإلهة تذهب إلى الأعمى، وتهمس في إذنه ما جعله يرسم ابتسامة واسعة على شفتيه. حمل عصاته، ونزل بصحبة الفتاة إلى حجرة تحت أرضية.
- وتلكم اللواتي يجلسن هناك؟
- مقاومات عراقيات.
- ألم يسقطن في ساحة الشرف؟
- تلك التي على اليمين الأكثر جنسية الأكثر همجية تقدمت للانتخابات النيابية، كانت ترتدي الحجاب التام، على إعلاناتها الدعائية صورة لها لا يُرى فيها وجهها، وإلى جانبها صورة زوجها، وهو يرفع إصبعه مشيرًا إليها، وعبارة تقول إنها امرأة فلان، يعني هو، فانتخِبُوها. تم انتخابها، ونالت مسئولية إحدى اللجان الهامة، الاقتصاد أو الأمن، وهي دومًا ترتدي الحجاب التام دون أن يرى أحد وجهها. اتخذت لجنتها قرارات خطيرة ليست في صالح هذه المافيا السياسية أو تلك، فقُتل زوجها اقتصاصًا منها. بعد هذا الحادث، حصلت على حق اللجوء السياسي عندنا.
- ها هن يَقُمْنَ.
- ستكون المفاجأة عندما يستدرن.
- يا إلهي! ما أجمل أردافهن!
- في العراق يغطين وجوههن، وفي السويد يكشفن أردافهن.
- يضعنها في هالة قمرية.
- قدسية.
- لكل رِدف عالم، عالمٌ كلُّ رِدف، كرة أرضية، لهذا كراتٌ أرضيةٌ ما بيننا، طرية، أبية، تتمنى الدخول فيها، وإغلاق الباب عليك إلى الأبد. لكل رِدف سلطة، سلطةٌ كلُّ رِدف، مقر الملك، لهذا مقراتٌ ملكيةٌ ما بيننا، وطيدية، عنجهية. ولكل رِدف طريقة، طريقةٌ كلُّ رِدف، مذبحة قضيبية، لهذا مذابحٌ قضيبيةٌ ما بيننا، حَرِيَّة، سحرية. وأنت لما تتهاوى على ردف كما تتهاوى الجبال، وتريد بلسانك أن تخترق الجبال، يمد الرِّدف لسانه، ويخترقك، تُدخل رأسك، ويُدخل رأسه، تُدخل يدك حتى كوعك، ويُدخل يده حتى كوعه، تُدخل جسدك، ويُدخل جسده، تتعاركان كجيشين، وضحاياكما الأنهار والبحار والشلالات، فالمتعة شلالات وبحار وأنهار تهدر بالأكوان والأجساد. تعرف المرأة أن الأكوان والأجساد تنظر إلى عجيزتها، وهي تسير، فتميل، لهذا كانت تغنج، وتعرف أن للعظام والأنذال عيونًا لينظروا إلى عجيزتها، وهي تخطر، فتغيب، لهذا كانت تخجل. وفي لحظة من لحظات يأسك الجسدي والروحي تتساءل عن الجمال وما هو، وكل هذا الجمال، وفي خيالك أجمل العجيزات، وهي تتفجر بالخراء، فتحتار، ولا تلبث حيرتك أن تزول مع استعدادك لتفتح فمك، وتجعل من فمك حوضًا، ومن كلك سوطًا، ومن وجودك أفقًا للوجود، ورائحة الخراء الكريهة رائحة العقول والورود.
- وذاك الذي يخفي كل وجهه من وراء قناع؟
- شاعر فلسطيني من الدرجة العاشرة يقوم مع الدين ويقعد ولا يقعد مع الشعر ويقوم.
- شاعر ومتدين؟
- شاعر ومتدين وفي ساد ستوكهولم! أخلاقي من قفاه! يخدش حياءه أقل كلام عن زُب الرجل وكُس المرأة!
- بلا حياء!
- انظر إليه، ها هو يقوم.
- يا إلهي! ما أبشع رِدفيه!
- يضعهما في هالة قمرية هو الآخر.
- قِمامية.
- حَبَّتُكَ بدأ مفعولها.
- أنا ليس بعد.
- أرى العالم قصيدة مشوهة كتبها كلب، لم يقلد فيها أحدًا لا من الشرق ولا من الغرب، كلما عوى شنف الآذان، حتى آذان الشعراء الذين في قبورهم، بودلير ورامبو والسياب، فنهضوا ليعيدوا كتابة قصائدهم.
- وتقول حبتي بدأ مفعولها!
- أنا دخيل على المواد المهيجة للشهوة.
- للعقل. للورد.
- أرأيت؟
- سأقول لك متى حبتي يبدأ مفعولها. لما ترى فرج المرأة منجمَ الإنسانية: تزحف الإنسانية على بطنها لتسحق اشتياقها فتسحق نفسها، وتزلق على فخذها لتخنق هيامها فتخنق غيرها، وليس غيرها سواها. تتيه في غابات الأمازون فتجد نفسها في الربع الخالي، تغرق في بحر ميامي فتجد نفسها في خليج سان تروبيز، تحلق في سماء باريس فتجد نفسها في مطار ريو دي جانيرو. تأكله ولا تشبع، تشربه ولا ترتوي، تَدْخُلُهُ ولا تخرج. قالوا الله لأنهم لم يجدوا إلا الله الأسمى، وقالوا الماخور لأنهم لم يجدوا إلا الماخور الأدنى. فرج المرأة هو وسادة الوجود التي يضع عليها رأسه لما يقتل الفلاسفة أدمغتهم عند التفكير فيه، وهو لشفتيكَ شفتان، وللسانكَ كهفان، ولعجزكَ قوتان. رائحته لم يستطع أساطين العطور تقليدها، مزيج من بول الياسمين وغائط النحل.



يتبع القسم الثامن عشر