فى عيد الاستقلال.. النهضة تؤيد شرعية مرسى


امال قرامي
الحوار المتمدن - العدد: 4404 - 2014 / 3 / 25 - 08:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي     

حين كانت النهضة فى الحكم لم تكترث باحتفالات عيد الاستقلال، ولم تراع المشاعر الوطنية، ولم تبد اهتماما بمظاهر الزينة فى الشوارع. فهذه ممارسات وأنشطة تذكرنا بمحرر البلاد من الاستعمار، وبانى الدولة الوطنية: الزعيم بورقيبة. ومن ثمة عملت النهضة طيلة فترة حكمها، على طمس المعالم، والتصرف فى الذاكرة الوطنية مقللة من شأن عيد وطنى كان بالإمكان أن يوحد التونسيين.

وفوجئ التونسيون فى يوم 20 مارس الماضى بأنصار النهضة يتهافتون على «شارع الحبيب بورقيبة» برمزيته المعروفة محتلين المكان رافعين شعارات رابعة، وأخرى كتب عليها «نعم للشرعية لا للانقلابية» وصور مرسى، وغيرها فكان المشهد مثيرا للاستغراب والاستهجان. فهذا هو «على العريض» فى أبهى حلة يخطب فى الجموع، وأنى له ألا يفعل والفضاء قد حرر؟، وطهر من «بنى علمان وحثالة الفرانكفونية»، ورموز المعارضة (رجالا ونساء) يقبعون فى البيوت معتكفين بعد أن أعلمتهم وزارة الداخلية بأنهم مستهدفون بعمليات اغتيال، وأن «التهديدات جدية». فكانت احتفالاتهم بذكرى الاستقلال وفق قاعدة «البيتوتة».

يبدو «العريض» فى صورة الخطيب لم لا وهو يقود حملته الانتخابية موشيا خطابه بكلمات طنانة: الحريات، الديمقراطية، الكرامة... مستعرضا «انجازات حكومته الكبرى التى تفوق ما انجز طيلة عقود» متغافلا انجازات أخرى: تفشى الإرهاب، وأحداث «الرش» وأحداث «9 أبريل» و«الاعتداء على السفارة الأمريكية»، و«الجهاد فى سوريا».

وليس مستغربا أن يشمر «العريض» على سواعده، ويعول على رصيده السابق. فالمعركة على الزعامة على أشدها بين «الجبالى» ومنافسه «العريض» كل يقود حملته لتسويق اسمه متكلا على الخبراء الأجانب، خاصة البريطانيين. فتونس من منظور حزب النهضة، تفتقر إلى خبراء فى الدعاية الحزبية، ومتخصصين فى تنظيم الحملات الانتخابية. وبناء على ذلك يستشار أهل الذكر فى عمليات التسويق للمرشحين، والمروجين للإسلام المعتدل، وتنتشر اللوبيات من أساتذة بالجامعات الغربية وصحفيين وغيرهم من المتعاطفين مع الإسلام السياسى، وتغدق عليهم الأموال (وهنا تغييب معايير الشفافية لأسباب يلتقى حولها العرب والغرب).

ولئن ركز «الجبالى» حملته الانتخابية فى الدول الغربية على فكرة التعددية ومبدأ التوافق وقيم الاعتدال والتسامح فإن «العريض» اختار الإشادة بقيم الحرية، والعدالة الاجتماعية والديمقراطية. وإن اختلف الرجلان فى المسار الانتخابى فإنهما يلتقيان فى خدمة الحزب والتفانى من أجل عودته إلى الحكم منتصرا، مكتسحا، غالبا قاهرا الأعداء. فمن النهضة.. فلتتعلم المعارضة.

والواقع أن تحرك حزب النهضة مفهوم لأسباب: أولهما أن شرعية حكم النهضة قد اهتزت، واضطر القادة إلى مغادرة سدة الحكم، وهم الحزب الممثل للأغلبية التى أفرزها الصندوق، ومعنى ذلك أن التنديد بالانقلابيين يجد هوى لدى كل مدعى الشرعية، وثانيهما أن هذا التحرك متوقع إذ سبقته اجتماعات عقدت فى عدة دول آخرها الكويت لنصرة الإخوان وإعداد استراتيجيات تحرك مع الحليف الأمريكى باعث مشروع الشرق الأوسط الجديد. ولا غرابة أن تنطلق المظاهرات المؤيدة والداعمة من تونس طالما أن راشد الغنوشى هو المؤهل لتولى منصب المرشد العام (والعهدة على الراوى). أما السبب الثالث فيكمن فى تصريحات «مهدى جمعة» لصحفى جريدة الرياض إذ اعتبر أن تونس والمملكة السعودية متفقتان على تصنيف قائمة الأحزاب والتنظيمات الإرهابية. ويكمن السبب الرابع فى اندراج هذا التحرك ضمن سلسلة من التحركات التى يقودها حزب النهضة منذ تحوله إلى حزب «معارض» إذ تتهمه عدة أحزاب بأنه يؤلب الجماهير فى الجنوب، ويدعوها إلى الانتفاض بتعلة الوضع الاقتصادى والاجتماعى المتردى واستمرار التهميش. فليس غريبا أن نرى النهضاويين يبادرون باحتلال الشوارع هنا وهناك.


أراد حزب النهضة أن يستحوذ على اهتمام التونسيين فى ذكرى الاحتفال بعيد الاستقلال. أراد منهم «نسيان الماضى» والتسليم بالأمر الواقع فى محاولة لإقناع الجماهير بأن تونس تعيش مرحلة جديدة من تاريخها إنها بلد الهوية والأصالة والعروبة.. سيأوى المهاجرين من الخلان والأنصار. فليشد الإخوان إليها الرحيل مجسدين أخوة «الأنصار والمهاجرين».