الرهان الايديولوجي لحكومة بنكيران على الابناك التشاركية (الاسلامية) في المغرب


عبد السلام أديب
الحوار المتمدن - العدد: 4347 - 2014 / 1 / 27 - 14:50
المحور: الادارة و الاقتصاد     

أجرت السيدة بشرى عطوشي الصحافية بجريدة المنعطف حوارا قصيرا مع عبد السلام أديب حول موضوع الأبناك الاسلامية التي يعتزم المغرب اعتمادها قريبا في ظل حكومة عبد الاله بنكيران، فجاء الجوار كما يلي:

• هل يمكن أن تساهم الأبناك التشاركية في بنككة المغاربة الذين لا يتوفرون على ثقافة بنكية ؟


▀-;---;--▀-;---;-- الأبناك التشاركية أو المسماة أيضا بالأبناك الاسلامية تعتبر مشتقات مصرفية جديدة بقناع اسلامي في اطار الاقتصاد الرأسمالي، وهذه الابناك ان كانت تدعي اعتمادها على مبادئ الشريعة الاسلامية فهي لا تختلف من حيث الأسلوب أو من حيث النتائج عن الممارسات البنكية التقليدية (اعتماد أسلوب ربوي مقنع)، بل أنها قد تحقق على المدى القصير أرباحا قد تتجاوز ما تحققه الأبناك التقليدية نظرا لقدرتها على تعميق اغتراب شرائح واسعة من الطبقة العاملة المتدينة، وبذلك فهي تحقق في نفس الأوان تعميق الهيمنة الايديولوجية والسياسية للاسلام السياسي من جهة ومن جهة ثانية تحقيق تراكم رأسمالي واسع قائم على اساس اغتراب العامل السلعي والنقدي ومن جهة ثالثة تعميق التوجه الاصلاحي للمنظومة الرأسمالية المأزومة.


بالنسبة لمدى جاذبية منتوجات الابناك التشاركية لادخارات المغاربة ومعاملاتهم، فأعتقد أن التأثير الايديولوجي والنفسي الاستقطابي سيحقق مفعوله على المدى القصير، حيث سنشاهد اقبالا في البداية على استهلاك هذه المنتوجات انطلاقا من الاغتراب الديني، لكن الأمر قد لا يستمر طويلا، حينما سينقشع الوهم ويكتشف المتعاملون مع هذه الابناك عدم وجود فوارق جوهرية بين الابناك التشاركية والابناك التقليدية، بل قد تدفع الكثير من المغاربة الى العزوف عن اللجوء الى هذه الابناك نظرا لتعقدها واتساع مجال تعريضهم للخسارة بسببها وهناك العديد من الامثلة ضمن تجربة الابناك الاسلامية بمصر شاهدة على هذا الواقع.


• إلى أي حد يمكن لهذه الأبناك أن تجلب استثمارات أجنبية و بخاصة الاستثمارات الخليجية ؟


▀-;---;--▀-;---;-- فكرة اعتماد الابناك التشاركية من طرف حكومة بنكيران نصف ملتحية في هذه الظرفية المحلية والدولية المتسمة بالأزمة، اسست على هدفين، الأول تعميق الاغتراب الديني المواكب لهيمنة الاسلام السياسي بالمغرب وثانيا جذب الاستثمارات الخليجية، انطلاقا من الاعتقاد بان هناك رؤوس أموال خليجية هائلة مصدرها الريوع النفطية قد يجتذبها تأسيس الابناك التشاركية الاسلامية، فتقبل بنهم على الاستثمار فيها والاستثمار في عدد من المشاريع الانتاجية المحلية الموجهة نحو التصدير، وأيضا خدمة الأهداف التوسعية لإمبريالية رأس مال المالي للإسلام السياسي في العالم في تناغم وتكامل مع الرأسمال المالي العالمي. لكن هذا الاعتقاد الذي له ما يبرره سياسيا ونظريا، الا أن الطبيعة الجبانة للرأس المال المالي وبحثه فقط عن المصلحة والأرباح القصوى قد تجعل من معايير استقطابه تتناقض جذريا مع طموحات الحكومة، وحيث تبقى الاعفاءات الضريبية الواسعة وامكانيات استغلال الطبقة العاملة بدون حدود هي وحدها التي تحقق الارباح القصوى لرأس المال، وليست الطبيعة الدينية للعمليات المصرفية الرأسمالية.


• إلى أي حد يمكن للأبناك التشاركية النهوض بالمقاولات الصغرى و المتوسطة في المغرب ؟


▀-;---;--▀-;---;-- كما اشرت سابقا أن الابناك التشاركية ستعرف على المدى القصير اقبالا واسعا من طرف المدخرين واصحاب الاعمال الصغرى والمتوسطة وأيضا بعض المدخرين من الطبقة العاملة والوسطى المغتربون دينيا، نتيجة الاثر الايديولوجي والنفسي وحتى السياسي للابناك التشاركية، لكن سرعان ما يتبخر هذا التأثير تحت ضغط الواقع والنتائج المادية للمشاريع الصغرى والمتوسطة في بيئة تتسم بالأزمة والكساد والمنافسة الشرسة من قبل الشركات دولية النشاط والانفتاح الواسع على الواردات، وهو الأمر الذي يقلص الى أدنى الحدود منافذ الاستثمارات الصغرى والمتوسطة وحيث يمكن ان تتعدد الخسارات والمتاعب والتي قد تنعكس وبالا على معاملات الابناك التشاركية. وهناك امثلة غزيرة في ممارسات بعض الدول العربية.


• ألن تشكل هذه الأبناك منافسا قويا لمؤسسات القروض الصغرى ؟


جواب: على المستوى التقني المحض لن تختلف الابناك التشاركية عن مؤسسات القروض الصغرى في حالة اعتمادها على السلفات الصغرى وحيث لن تقدم السلفات او المشاركات الا بشروط ثقيلة جدا وبأرباح أضخم من أرباح القروض الكبرى. فانخراط الابناك التشاركية في مجال القروض الصغرى كمنافس سيعرف أيضا فترة قصيرة من الازدهار قبل ان يتراجع لكي يتماثل مع باقي المؤسسات التقليدية العاملة في هذا الاطار.