مطالعات في نتائج الاستفتاء علي دستور 2014


إلهامي الميرغني
الحوار المتمدن - العدد: 4340 - 2014 / 1 / 20 - 11:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان     


المعلومات أساس من أسس قياس تطور المجتمعات ولكن في عالمنا المتخلف ومصر في القلب منها تحجب المعلومات رغم تأكيدات المادة 68 من دستور 2014 بأنها ملك للشعب ، ولكنها في المادة 31 تعتبرها جزء من منظومة الأمن القومي .
يناضل الباحثين والمحللين السياسيين في مصر بحثاً عن معلومات غائبة أو أن صدق التعبير مخفية عن الأوضاع في مصر بينما يعيش العالم عصر المعلومات . ورغم توقيع مصر علي اتفاقيات الشفافية وتداول المعلومات ورغم الثورة في 25 يناير . لم يصدر قانون حرية تداول المعلومات ولا تزال المعلومات محجوبة بحجة الأمن القومي والتي تعد استمرار لفزاعات عهود الاستبداد السياسي.
رغم ذلك نعتمد علي المعلومات المتاحة في محاولة لقراءة المشهد السياسي خلال التصويت علي مشروع دستور 2014. وعلي موقع اللجنة العليا للانتخابات :
https://www.elections.eg/
توجد معلومات المتاحة عن الاستفتاءات والانتخابات البرلمانية والرئاسية التي يمكن استخلاص الكثير منها . وان كانت التحليلات التفصيلية للاستفتاء علي دستور 2014 لم تنشر بعد وعندما تنشر تشمل عدد من لهم حق التصويت وعدد المشاركين وعدد الأصوات الصحيحة والباطلة وعدد ونسبة من قالوا نعم ومن قالوا لا علي مستوي المراكز والأقسام وبما يعطي فرصة لتحليلات أكثر دقة. ولكن تصنيف المشاركين من حيث الجنس والفئات العمرية وحالة العمل والريف والحضر لا تتم وهي التي تعطي فرصة أكبر للمهتمين للتحليل والتعرف علي نتائج الاستفتاء واتجاهات المواطنين الحقيقية.
وفقا للنتائج التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات فإن إجمالي المقيدين الذين لهم حق التصويت بلغ 53.4 مليون ناخب وأن عدد من أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء علي دستور 2014 بلغ 20.6 مليون ناخب بنسبة 38.9% من المقيدين . وقد سمح قبل الاستفتاء للمواطنين بالتصويت خارج محافظاتهم وقد بلغ عددهم 424.3 ألف ناخب وهم يمثلون أقل من 1%ممن لهم حق التصويت و 2.1% من إجمالي الناخبين الذين صوتوا علي الدستور.
نتائج التصويت علي دستور 2014
- بلغ عدد الأصوات الباطلة 246.4 ألف صوت ولذلك فإن بعض القوي السياسية قد دعت إلي النزول والتصويت بإبطال الصوت أو نتيجة خطأ خلال عملية الإدلاء بالصوت ورغم ذلك لم تتجاوز نسبتهم 1.2% ممن أدلو بأصواتهم.
- أيد 19.9 مليون ناخب الدستور بنسبة 98.1% من الناخبين بينما لم تتجاوز نسبة من قالوا لا 1.9% بعدد 279.2 ألف ناخب .
- رغم أن المشاركة في التصويت علي الدستور فاقت المشاركة في الاستفتاءات السابقة بعد الثورة فعلينا ألا نغفل أن 32.5 مليون مصري لازالوا غير مشاركين سياسياً وهم يمثلون 61.6% من الناخبين . وهم يشكلون غالبية من لهم حق التصويت ولكن توجد صعوبات للتمييز بين عدد المقاطعين للاستفتاء كموقف سياسي مثل جماعة الأخوان المسلمين وبعض القوي السياسية ، وبين غالبية المصريين الذين لا يزالون رغم الثورة بعيدين عن المشاركة الايجابية في العملية السياسية ويتأملونها من الخارج.
- غالبية محافظات الدلتا والقاهرة وبورسعيد كان التصويت بنعم فيها بأكثر من 98% يضاف إليهم محافظة الأقصر من صعيد مصر . أما محافظات جنوب سيناء وأسيوط ومرسي مطروح والوادي الجديد والمنيا وبني سويف والفيوم فهي الأقل من حيث الترتيب رغم أن نسبة من صوتوا بنعم تفوق 96%.
- أما من حيث عدد الناخبين الذين قالوا لا فنسبتهم في القاهرة 1.5% وعددهم 43.2 ألف بينما نسبتهم في جنوب سيناء 3.9% وعددهم 2.5 ألف .
- قد يفيد تحليل الذين لم يدلوا بأصواتهم والذي يشمل المقاطعين بموقف سياسي والغير مهتمين وهم الكتلة الأكبر وكذلك الذين صوتوا بلا علي التعرف علي حجم نفوذ القوي السياسية التي دعت للتصويت بلا أو المقاطعة بين الملايين التي خرجت تدافع عن مكتسبات 30 يونيه وتريد تحرير شهادة وفاة لحكم جماعة الأخوان .
- محافظات الدلتا علي سبيل المثال نجد من قالوا لا 24.2 ألف في الدقهلية و 26.8 ألف في البحيرة و 27.5 ألف في الشرقية معقل أنصار الرئيس مرسي .
- بينما في محافظات الصعيد نجد أسيوط 21.3 ألف قالوا لا و المنيا 25.1 ألف وبني سويف 16.7 ألف .

لذلك رغم الحملة التي سبقت التصويت والتي عادت فيها كل أفاعي الحزب الوطني للدعوة بالتصويت بنعم للدستور وما أثاره من استياء لدي البعض ، بل أن الرئيس المخلوع نفسه دعي المواطنين للتصويت بنعم للدستور . ولكن الحقيقة أن المصوتين بنعم للدستور خرجوا خوفاً من حرب أهلية وتفكيك الدولة من ناحية وخوفاً من عودة دولة الأخوان من ناحية أخري وللتأكيد علي رفضهم لمشروع الإسلام السياسي. كما أنه تدشين لشرعية 30 يونيه والتي كانت محل تساءل حتى عشية الاستفتاء.

تطور نسب المشاركة السياسية
شارك 38.9% ممن لهم حق التصويت في الاستفتاء علي دستور 2014 وهي أعلي من نسبة المشاركة في التصويت علي دستور الأخوان 2012 والتي كانت 32.9% . ورغم تهليل البعض بهذه النتيجة إلا إننا نود أن نربطها بنسب المشاركة في الانتخابات الرئاسية والتي كانت 47% في المرحلة الأولي وارتفعت إلي 51.8% في المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية وجولة الإعادة بين الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق.

تعكس هذه النسب للمشاركة أن انتخابات الإعادة الرئاسية دفعت أكثر من نصف من لهم حق الانتخاب للنزول والمشاركة علي أمل تحقيق أهداف ثورة 25 يناير ، وتراجع النسبة في 2012 ثم في 2014 يعكس ذلك أن 12.9% من الناخبين المصريين أصابهم الإحباط من التطورات السياسية الجارية وعادوا لعدم المشاركة ويبلغ عددهم 6.8 مليون ناخب خسرتهم قوي الثورة وأحبطتهم التطورات السياسية الجارية.

- بلغت نسبة المشاركة في الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية في بورسعيد 60.1% وكانت أعلي نسبة مشاركة بين محافظات مصر وكانت 38% علي دستور الأخوان وعادت لتصل إلي 51% في دستور 2014 وبما يعكس توجه البورسعيدية الرافض لمشروع الأخوان السياسي .
- محافظات الدلتا دمياط والدقهلية والشرقية والغربية والقليوبية وكفر الشيخ كانت مشاركتها في المرة السابقة 37.2%، 31.5%، 32%، 33.9% ،32.9%، 29.6% . بينما في دستور 2014 كانت المشاركة لنفس المحافظات 45.8% ، 49.5%،45.3% ، 52.1% ،44.3% ، 42.2% . وبذلك تكون محافظتي الغربية والدقهلية اكبر المحافظات مشاركة في التصويت علي دستور 2014.
- أما محافظات الصعيد فالتصويت علي دستور 2014 كانت المشاركة 38.5% في بني سويف و35.2% في الفيوم و 34.5% في المنيا و28% في أسيوط و 25.4% في سوهاج ، 22.8% في قنا و 26% في الأقصر و 22.7% في أسوان. وهو ما يعكس أن كل تنظيمات الإسلام السياسي لم تستطيع أن تحشد سوي هذه النسب للمشاركة. أما في التصويت علي دستور 2014 فقد جاءت نتائج المشاركة 32.6% في بني سويف و 23.7% في الفيوم و26.2 % في المنيا و 26.2% في أسيوط و23.8% في سوهاج و 23.9% في قنا و30.6% في الأقصر و 28.2% في أسوان. يعكس ذلك النفوذ الإسلامي في معظم محافظات الصعيد التي انخفضت نسب المشاركة فيها رغم عودة الكثير من رموز الحزب الوطني للدعوة بالتصويت بنعم علي الدستور وباستثناء محافظتي الأقصر وأسوان التي ارتفعت المشاركة بها عن المشاركة في 2012.
- نفس وضع محافظات الصعيد ينطبق علي المصريين العاملين بالخارج حيث كانت نسبة مشاركتهم في التصويت علي دستور الأخوان 42% وتراجعت إلي 15.7% في التصويت علي دستور 2014 وبما يعكس نفوذ وتأثير جماعات الإسلام السياسي علي المصريين في الخارج من ناحية وعدم رضاء قطاعات منهم عن شرعية 30 يونيه رغم عدم انتمائهم للإسلام السياسي ولكن علي أساس تأثرهم بالتجارب الديمقراطية في البلدان التي يعيشون بها خاصة الدول الأوربية .
مقارنة للتصويت بنعم ولا في استحقاقات انتخابية متتالية
عقب الثورة مباشرة وفي مارس 2011 حشدت القوي الإسلامية للتصويت بنعم علي التعديلات الدستورية بينما كانت قوي الثورة والقوي المدنية تقاطع وتدعوا للتصويت بلا . وجاءت النتيجة أن 77.3% صوتوا نعم و 22.7% صوتوا لا . فقد نجحت تنظيمات الإسلام السياسي في حشد القواعد الشعبية حتى من خارج صفوفها للتصويت للتعديلات الدستورية كطريق للاستقرار وليس فقط كطريق إلي الجنة حسب دعايات تلك الفترة.


نتيجة تحالف كل القوي الإسلامية من إخوان وسلفيين وجماعات جهادية كان التصويت في 2011 ولذلك نجد نسبة نعم 92.4% في مرسي مطروح أحد أهم معاقل السلفيين و 90.9% في الوادي الجديد و90.2% في الفيوم بينما كانت النسبة 60.5% في القاهرة و 68.2% في الجيزة و 67.1% في الإسكندرية .
أما انتخابات الإعادة بين مرسي وشفيق فقد كانت النتيجة العامة 51.7% لمرسي و 48.3% لشفيق. وتفوق مرسي في محافظات مرسي مطروح والسويس والمنيا والوادي الجديد وبني سويف وأسيوط وشمال سيناء . بينما تفوق شفيق في المنوفية والغربية والدقهلية.
كذلك لو قارنا نسب نعم في 2012 و 2014 سنجد تحولات لصالح تحالف 30 يونيه الذي ضم جبهة الإنقاذ وحركة تمرد وكل بقايا الحزب الوطني . ويظل موقف السلفيين غامض من المشاركة رغم أن نسبة من صوت نعم في مرسي مطروح بلغ 96.2% .
تصويت العاملين بالخارج فيه اختلاف كبير لأن 65.8% صوتوا نعم لدستور الأخوان و 34.2% صوتوا بلا وربما يكون ذلك منطقي نتيجة ارتفاع نسبة المشاركين من المصريين العاملين في دول الخليج . بينما نجد في دستور 2014 أن 27% من المصريين في الخارج الذين صوتوا في 2012 لم يشاركوا في 2014. كما أن إجمالي المقيدين في الخارج لا يتجاوز 680 ألف ناخب من ملايين العاملين بالخارج .
كانت هذه مطالعة سريعة في نتائج الاستفتاء علي دستور 2014 ، واتمني أن تنشر اللجنة العليا للانتخابات النتائج التفصيلية قريباً حتى نستطيع التعرف علي تفاصيل أكثر عن التصويت واتجاهات الناخبين في مختلف المحافظات والمدن والفروق بين الريف والحضر. كما نتطلع لتوفير تصنيفات أكثر للناخبين بما يتيح للباحثين والقوي السياسية رسم خرائط المستقبل والتخطيط للاستحقاقات القادمة.
إلهامي الميرغني 20/1/2014