(بمناسبة 6 كانون ) انطباعات شخصية عن الجيش العراقي ...


عواد احمد صالح
الحوار المتمدن - العدد: 4327 - 2014 / 1 / 6 - 20:01
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

لطالما كرهت الجيش .. فقد كانت تجربتي الشخصية مريرة وقاسية جدا كان الجيش العراقي والخدمة فيه كانت رمزا للمهانة والاذلال والاستلاب والقهر والتعسف فالجندي بموجب التقاليد والانظمة العسكرية ليس انسان بل هو حيوان مروض ومطيع وجاهز كل دقيقة بل كل لحظة لتنفيذ الاوامر التي تخضع لامزجة الضباط والقادة والآمرين . كانت خدمتي في الجيش بحدود عشر سنوات في الالزامية والاحتياط وفي الحرب الايرانية- العراقية 6 سنوات وحتى بعد بلوغي سن الـ 45 خدمت ثلاثون يوميا احتياط لامعنى ولامبرر له عام 1996 لمجرد ارضاء نزوة الدكتاتور الغبي صدام وخدمه من كبار الضباط في المؤسسات العسكرية الهرمية والتجانيد المسلطة كالسيوف على رؤوس اجيال الشباب .
لم اشعر يوما مثلما يطبل البعض ممن يرفعون يافطة ((الوطنية )) المزيفة لم اشعر ان الجيش مؤسسة وطنية ابدا يدافع عن البلد والناس بل هو كان ومايزال اداة طيعة بيد الطبقات الحاكمة لتنفيذ مآربها ونزوتها يزج دائما في حروب عبثية الهدف منها تحقيق مصالح تلك الطبقات او تحقيق الامجاد الشخصية للزعماء كما فعل صدام . في جميع الحروب التي خاضها الجيش العراقي كان اداة قمعية في جميع الامكنة والاتجاهات .
ان الجيوش هي اذرع القوة والبطش بيد الطبقة الحاكمة من اجل قمع الطبقات الاخرى واضطهادها .. كان الجندي العراقي ومن خلال السلوكيات والتقاليد العسكرية داخل الجيش العراقي اكثر اضطهادا من اي بروليتاري في التاريخ فقد كان يتلقى كل اشكال التعسف والظلم ويعامل ادنى من مرتبة الحيوان .
الجيش من الناحية التراتبية الطبقية ينقسم الى ثلات مراتب الجنود والعرفاء ونواب الضباط والضباط الذين هم يمثلون الطبقة البرجوازية الحاكمة ويعبرون عن مصالها ولهم تمنح الشارات والامتيازات والاموال اما العرفاء ونواب الضباط فهم يشبهون البرجوازية الصغيرة في المجتمع وهم الوسطاء والسماسرة ومنفذي الاوامر اما الجنود فهم بروليتاريين بامتياز الاضطهاد وهم المشروع الدائم للنحر والتضحية والعبودية.
لقد تعلمت معنى الحرية الشامل والحقيقي من الفلسفة والفكر الماركسي وتعلمت كره الاضطهاد والاستغلال بكافة اشكاله والوانة وكره امتهان كرامة الانسان وسوقه كالقطيع نحو المجازر والحروب . حتى صرت اعتقد ان تجربة الحروب التي عشناها خلال نصف قرن وأخرها الاحتلال الامبريالي الاميركي البغيض لبلدنا عام 2003 ، ستعلم الناس الابتعاد عن كل اشكال العنف والدمار والعسكرة ويبدو انني كنت واهما فمازال العراقيون وبعد عشر سنوات من الاحتلال يقتلون بعضهم ويدمرون حياتهم ومعيشتهم بشكل عبثي وسادي لم يسبق له مثيل في التاريخ .
ان الجيوش هي اداة احكام السيطرة الطبقية من قبل طبقة ضد طبقة اخرى في المجتمع وهي تسمى ( جيوش وطنية ) وفقا للايديولوجيا البرجوازية لخداع عموم المجتمع من الكادحين والمضطهدين والمحرومين وتعبأتهم لتنفيذ اجندتها الاستغلالية ومصالحها الطبقية . ولن يكون اي جيش مهما اسبغنا عليه من صفات ومدائح سوى اداة بيد الطبقة الحاكمة وقوة مسلحة لاضطهاد الطبقات الاخرى او لتنفيذ النزعات العدوانية والحروب .
وحتى في المجتمع الاشتراكي سيكون اي جيش او مؤسسة عسكرية اي جميع اشكال القوى المسلحة هي اداة بيد الطبقة العاملة وسلطتها لقهر وازاحة الطبقات المستغلة وتحقيق الحرية والمساواة وبالتاكيد ستكون السنن والاعراف العسكرية في الجيش الاشتراكي مختلفة مئة بالمئة عن مثيلاتها في جيوش الانظمة الراسمالية . سيكون الانضباط الطوعي والاخوة الاشتراكية والروح الرفاقية واحترام انسانية الانسان وكره العبودية والاستغلال والحروب اهم سمات الجيش في المجتمع الاشتراكي بشكل اولي وبسيط .
وكما قال لينين عن الدولة باعتبارها نتاج للتناقضات الطبقية المستعصية فان جميع الدول الطبقية تجد اكتمالها في الجيوش المسلحة والمدربة تدريبا عاليا لخدمة مصالح الطبقات الحاكمة .