عن الاستبداد والمصالح لدى حكومتي فتح وحماس غير الشرعيتين .....


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 4307 - 2013 / 12 / 16 - 20:58
المحور: القضية الفلسطينية     


ان منطق الاستبداد والهيمنة في ظل النظام الأبوي, الفردي شبه المطلق في السلطة الفلسطينية منذ قيامها, أدى بدوره إلى تشجيع بروز أشكال مماثلة من التفرد والهيمنة والفساد في مؤسسات وأجهزة السلطة, وذلك بالاستناد إلى مجموعات الولاء الشخصي أو الاستزلام التي تضخمت تراكماتها حتى لحظة انفضاض اغلبية الجماهير الفلسطينية عنها وصولا الى فوز حركة حماس يناير 2006 تحت شعار " التغيير والاصلاح" ( في ظل عجز او ضعف وتراجع تأثير القوى اليسارية ) ،آخذين بعين الاعتبار أن الترجمة الدينية للتناقضات الاجتماعية والسياسية التي تعيشها- بصورة عفوية بسيطة- قطاعات واسعة من الشرائح الاجتماعية الفلسطينية, توافقت مع المنطلقات الدينية لحركة حماس- وهي منطلقات سياسية في جوهرها، حيث عمدت "حماس" إلى استغلال هذا الالتفاف الشعبي – الوطني في جوهره و الديني في مظهره - وتعبئته معنوياً فقط, دون أن تملك _ولن تملك_ القدرة على بلورته كحركة اجتماعية سياسية اقتصادية وفق مشروع أو برنامج محدد.
إن هذا الاحتكار من قبل حركة حماس للتدين الشعبي العفوي, تطور -كما يقول د.علي الكنز - "كرد فعل بالأساس حول نسيج اجتماعي متفكك بسبب الأزمة الاقتصادية والعنف المتعدد الأشكال, وكذلك بسبب نظام فكري يستند إلى تصور ماضي تاريخي مجيد, قد يكون ناضجاً على المستوى المعنوي, ولكنه لا يتمتع بأدنى فعالية أمام المشاكل الراهنة" .
لكن حركة حماس فشلت في تطبيق شعارها عبر تعزيز الانقسام والصراع الفئوي على السلطة ، الأمر الذي ادى الى اعادة انتاج الاستبداد الذي اصبح برأسين وبمسميات مختلفة عبر حكومتي رام الله وغزة غير الشرعيتين دون أي اعتبار أو التزام حقيقي من "الحكومتين" بتفعيل عملية التحرر الوطني ، و بمبادىء الديمقراطية والتعددية وجوهر القوانين والنظام الأساسي, وفي مثل هذه الأوضاع, كان طبيعياً انتشار وسيادة منطق الاستبداد والولاء ألمصلحي أو الديني الشكلي إلى جانب انتشار مظاهر القلق والإحباط والخوف، الأمر الذي مهد لإثارة المزيد من الأزمات الداخلية ذات الطابع الديني ألعدمي المتطرف أو الانتهازي, وبدرجات متفاوتة, وهي أزمات بدأت بالانتقال من الحيز التنظيمي الضيق إلى الحيز الاجتماعي والسياسي العام, وما يمكن أن ينتج عن ذلك من تداعيات خطيرة على مجمل نسيج الحركة الوطنية, ومجمل الوحدة الوطنية والأمن الاجتماعي, خاصة في ظل تراخي او عجز جميع القوى وانتهازية بعضهاعن الإسهام بدورها في انهاء الانقسام وإطفاء الصراع الداخلي ووقف أسباب الأزمة على قاعدة وضوح الرؤية والإستراتيجية الوطنية أو العقد الاجتماعي الناظم للجميع.
إن استعراضنا لهذه المظاهر والتداعيات الاجتماعية يظهر مجموعة من الحقائق و المفاهيم و المؤشرات الدالة على الظروف والعوامل الموضوعية والذاتية ( الداخلية والخارجية) التي أدت إلى انتشار هذه المظاهر, وأبرزها طبيعة الخارطة أو التركيبة الطبقية الفلسطينية ، التي لم تتبلور بصورة نهائية بعد ، و التي ما زالت تملك دوراً و تأثيراً ملموسا في عملية توزيع الدخل و الثروة و السلطة ، و لنا في تجربة الأعوام الماضية أن نستنبط العديد من الأمثلة على هذه العلاقة التي ينجم عنها ما نسميه بإعادة إنتاج العلاقات المتخلفة بما فيها ظاهرة الولاء الشخصي والاستزلام, خصوصاً في أوساط الجماهير الفقيرة, حيث يتم استغلال هذه العلاقة ضمن أبعادها الخاصة أو الحياتية بعيداً عن الرؤى الوطنية والمجتمعية التوحيدية، بحيث يمكن توصيف العلاقات السائدة عندنا اليوم، على أنها تأكيد لمجتمع ما قبل الحداثة أو الرأسمالية ، حيث تمتزج و تنصهر فيها علاقات الإنتاج الاقتصادية من ناحية و علاقات التبعية و الولاءات ذات الطابع الفردي أو الجهوي من ناحية أخرى ، و كما هي الحال عندنا في الضفة و القطاع، فإن هذه العلاقات الاستزلامية –لهذا المسئول أو القيادي أو ذاك- تأخذ شكل العلاقات الشخصية القائمة على المصالح الاقتصادية الآنية والمباشرة، عبر "النخب" السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أفرزها الانقسام الراهن في حكومتي فتح وحماس غير الشرعيتين، والذين تتجلى قوتهم الأساسية – كما هو الحال لدى كل من قيادة م.ت.ف وحركة فتح - لحماية مصالحهم الفئوية بوسائل الاستبداد والقهر عبر الجهاز البيروقراطي المدني والعسكري والأمني من ناحية أخرى، نستنتج من كل ما تقدم على أن الجوهر والمصالح الطبقية لكل من حماس وفتح هي واحدة على الرغم من اختلاف الشكل بينهما ، الأمر الذي يفرض على كافة القوى اليسارية الديمقراطية العربية مزيداً من الوحدة والنضال الديمقراطي لتثبيت أسس وبرامج الثورة الوطنية الديمقراطية ارتباطاً بمنظور الثورة القومية التحررية والديمقراطية.