حملة يسار موحد- مصر- .. ماذا نريد..؟


محمد دوير
الحوار المتمدن - العدد: 4286 - 2013 / 11 / 26 - 17:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان     

في ظل هذا الحراك الشعبي الذي يعيشه الوطن منذ ثلاث سنوات..وما يشهده المجتمع من صراع بين قواه الاجتماعية وسعي الجميع الي توجيه المسار الثوري في الاتجاه الذي يضمن مصالحه ويحافظ عليها. تبقي القوي الاجتماعية الأكثر تضررا وهي عمال وفلاحين وفقراء ومهمشين هذا الوطن بعيدة جدا عن مراكز التأثير ومواطن التوجيه الفعلي.. وربما كان غياب الدور المؤثر لليسار المصري هو أحد أهم اسباب غياب البعد الاجتماعي والاقتصادي في سباق الحقوق المكتسبة كل يوم لفصائل وقوي وتيارات داحل المجتمع.
كان لغياب اليسار المصري اثره السلبي اذن علي تحقيق اكبر قدر من المكاسب لتلك القوي التي من المفترض أنه يدافع عنها ويؤسس تنظيماته السياسية من أجل تلك المهمة .. ولعل غياب الوحدة التنظيمية كانت أيضا هي احد اسباب الضعب ومن ثم الحضور المؤثر اضافة الي اختلاف الرؤي حول تفسير ما يحدث والنتائج النضالية المترتبة علي هذا التحليل النظري.
وقد تأسست " حملة يسار موحد " من أجل بناء تيار اشتراكي مصري "ينطلق من تحليل الواقع الراهن وفقا لمرجعية الاشتراكية العلمية، والنضال من أجل انجاز مهام ومتطلبات تلك الرؤية بما يتوافق مع طموحات الشعب المصري وفي القلب منها قواه الاجتماعية المنتجة أو المتعطلة عن العمل بفعل سياسات السوق الراهنة.
وقد رأينا في حملة يسار موحد أنه لا يمكن لليسار المصري في ظل راهنيته المفتتة والمتشظية هذه أن يتصدي لتلك الهجمة الشرسة علي المجتمع المصري ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا بدون أن تتوحد قواه حول برنامج الحد الأدني من الرؤي والمطالب . واعتقدنا أن " وحدة اليسار " التنظيمية التي تراعي اختلاف بعض وجهات النظر، هي نقطة الانطلاق الأولي لتمكين اليسار المصري من القدرة علي التواصل مع الجماهير والتصدي – قدر المستطاع لانحرافات الفعل الثوري الراهنة وتجاذبه بين قوي المصالح. اعتقادا منا في الأتي:
1- لم ولن يوجد فصيل اشتراكي مصري واحد مهما امتلك من صحيح الرؤي أن يتقدم خطوة تقدمية واحدة الي الامام ـ فالحق دائما ما يحتاج الي قوة تحميه وتنقله من حيز المنطق العقلاني الي التفعيل الشعبي.والقوة بالنسبة لنا في تلك الظروف ليست سوي الوحدة التي تحول المكونات التنظيمية الاشتراكية من بؤرو كيانات ترهق نفسها كثيرا في اثبات وجودها خارج اطار الفعل الجماهيري الحقيقي الي مكون نوعي جديد يتشابك مع الواقع الراهن وفق معطي اشتراكي اكثر قوة وحيوية وانتاجا.
2- أننا نري – وفقا لاستبيان الرأي الذي حررناه في الشهور الماضية – أن الخلافات الذاتية والاختلافات الفرعية بين الكيانات الاشتراكية هي العامل الابرز في تفتت اليسار علي هذه الصورة المخزية. ومن ثم فقد كانت الحملة مدركة منذ اللحظة الأولي لهذه القضية ومتوقعة تماما أن يتجاهلها الكثيرون من قيادات الاحزاب والحركات .. وصلت في بعض الاحيان الي اتهامنا بالعمالة أو وصفنا بالأمنجية .. وهذه عادة يسارية قديمة ..وبناء علي ذلك لا يصح لأي مناضل اشتراكي حقيقي أن يجعل الذاتي يهيمن علي الموضوعي .. رغبات الافراد تتحكم في مصير ومسار الحركة الاشتراكية المصرية.. فالاشتراكية ليست ملكا لاحد .. هي ملك لهذا الوطن وملك لكل مخلص يسعي بايجابية الي التجاوب مع معطيعات الواقع.
3- أن الحركة الاشتراكية المصرية في طور التغير الكبير ما بعد 25 يناير.. فقد شهدت انفتاحا كبيرا وتوافد عليها – مؤمنا ومناضلا – الكثير من الشباب المصري رغبة في اعتناق الفكر الاشتراكي بوصفه يقدم حلا علميا لمشكلات هذا الوطن. هذا التغير هو ما يفرض علينا ضرورة احتواء هذا الجيل الجديد – فيما اعتقد أنه يمثل 50 % من اليسار المصري الآن، وما لا يقل عن 75 % من اليسار المصري الفاعل في الشارع. احتواء هذا الجيل في كيان تنظيمي واحد وموحد لا سيما وأن اشتراكيتهم لم تزل بعد في طور التكوين وهم في حاجة الي خبرات نظرية وتنظيمية .. وبدلا من أن تتجاذبهم الاحزاب والحركات ويدور بينها صراع وهمي حول جذب اكبر عدد من هذا الجيل . نسعي الي توجيه كل طاقتنا نحو الخصم الحقيقي الذي ينهب ثروات الوطن أو يعبث بهوية المجتمع المصري.
4- تنطلق حملة يسار موحد من الاشتراكية العلمية كمرجعية فكرية .. وتستهدف مجتمعا اشتراكيا – لاشك – عبر مسارات ما – ليست مجالنا الأن. واعتقد أننا لو اتفقنا علي تلك الرؤية العامة فمن الممكن أن نحقق توافقا معقولا لوحدة تستمر بقدر استمرار مشكلات الوطن الراهنة.
5- وبناء علي ذلك.. تأسست يسار موحد.. وسوف تواصل عملها بمجهود كل من يؤمن بقضية الوحدة من اسفل..ولن تشغلنا كثيرا محاولات الهدم المتعمدة لاننا ندرك تماما طبيعة وسيكلوجية اليسار المصري وتجاربه السابقة في الوحدة التي كانت تتم غالبا في الغرف المغلقة وتهيمن عليها ثقافة وعقلية العمل السري وتتم بين قيادات حزبية وتلعب فيها موازين القوي بين التنظيمات الدور الاكبر.سنستمر في حملتنا..ولن نتراجع عنها لسبب بسيط جدا .. أنه ثبت لنا بوضوح شديد أنها رغبة حقيقية لدي الكثيرين ..هؤلاء هم اذن وقود تلك الحملة التي ستظل تسعي الي تحقيق حلم الوحدة ولو بعد حين.
6- يبقي أخيرا ,, التأكيد علي أن يسار موحد ليست سوي حملة ضغط علي الجميع احزابا وحركات وافرادا .. حملة ضغط من أجل الوحدة .. هي اذن ليست حركة فلدينا في مصر ما يكفي.. وليست حزبا .. فلدينا في مصر ما يكفي .. وليست تنظيما.. وبالتالي فهي ليست مطالبة بأن تقدم رؤية نظرية أو تصور تنظيمي أو حتي تضع ملامح الوحدة المبتغاة.. فكل هذا هو صلب عمل الراغبين في مد يد الوحدة الي الجميع..فعندما يجلس الجميع علي طاولة واحدة – في كل المحافظات كما في القاهرة .. حينئذ تتراجع يسار موحد الي الخلف وتنزوي في صفحات التاريخ.