النهضة.. وعلاج الوخز بالإبر


امال قرامي
الحوار المتمدن - العدد: 4280 - 2013 / 11 / 19 - 08:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي     

من الطرق التقليدية لعلاج بعض الأمراض المزمنة الوخز بالإبر، وتقوم هذه الطريقة التى شاع استعمالها لدى قدماء المصريين وفى الصين، على نظرية ضبط الطاقة الحيوية فى جسم الإنسان وتعديلها حتى تخفّف من حدّة الآلام. وتستخدم فى هذا العلاج أنواع مختلفة من الإبر منها المعدنية والفضية والذهبية. ولكن لا يذهبن فى الاعتقاد أنّ الوخز بالإبر كفيل بالقضاء على الخلل فى توزيع الطاقة وعلاج كلّ العلل.

ويبدو أنّ الرءوس المدبّرة داخل حزب النهضة قد خبرت هذه الطريقة العلاجية وانتبهت إلى محاسنها ومساوئها، وهو أمر مفهوم نظرا إلى مختلف التجارب التى مرّ بها القياديون فى السجون، حيث الرطوبة الشديدة أو فى البلدان الأوروبية المعروفة بقساوة بردها. وقد نجم عن هذه التجارب أمراض عديدة مازالت تؤثر فى الأجساد والنفوس.

وما إن عاد القياديون من منفاهم وغادر البعض الآخر السجون حتى أدركوا أنّ تونس قد تحوّلت إلى جسد عليل منهك وسقيم يتطلّب علاجا شاملا ومتكاملا. ولكن أنّى لمن كان عليلا أن يداوى غيره؟ فالجماعة لا تملك معرفة وليس بمقدورها ابتكار خطّة عمل كفيلة بالتخفيف عن مصاب الشعب لاسيما بعد ظهور علل جديدة نجمت عن انتشار الأوبئة وغلاء المعيشة وانتشار الجريمة المنظمة وغيرها من الظواهر.. وحينما يعجز الحكّام عن تشخيص الأمراض ويرفضون معاينة الواقع كما هو دون أقنعة أو حجب أو عمليات تجميل فإنّهم يلجأون إلى تقديم وصفات علاجية تقليدية «تسكينية» علّها تنسى القوم بعض همومهم وتلهيهم عن مصابهم الجلل.

ويتضح بما لا يدع مجالا للشك أن الجماعة لا تنوى علاج تونس صاحبة الجسد المريض، فهذا أمر يفوق طاقتها ومؤهلاتها ولذلك فإنّها تسارع بتنفيذ مشروعها الأوحد: أسلمة البلاد وتطهيرها من أدران «الفكر البورقيبى» متوخية فى ذلك سياسة الوخز بالإبر. فكلّما رام الحكّام تطبيق خطّتهم وخزوا «بنى علمان»: مرّة بالتنصيص على الشريعة، ومرّة باستبدال المساواة بالتكامل، ومرّة بالتعليم الزيتونى الموازى، ومرّة بالأمن الموازى، ومرّة بالزواج العرفى، وآخر وخزة تقديم مشروع لإعادة منظومة الحبس والأوقاف.


الوخز يا سادتى فى لغة العرب «الخطيئة بعد الخطيئة» ومعنى الخطيئة «القليل بين ظهرانى الكثير» أو هو الشىء بعد الشىء فهل نفسّر تعطيل الحوار بأنه ربح للوقت حتى يستكمل عرض بقية المشاريع أو «التصحيحات» التى تنوى حركة النهضة «دسترها» مادامت صاحبة قرار؟