التغيير هو الثابت الوحيد في تاريخ الشعوب، العرب دون التغيير الشامل خارج جديد التاريخ


نايف حواتمة
الحوار المتمدن - العدد: 4259 - 2013 / 10 / 29 - 16:33
المحور: مقابلات و حوارات     

الانقسامات الفلسطينية والعربية وراء العربدة الاسرائيلية التوسعية
حواتمة في حوار مع فضائية "التغيير" العراقية، برنامج "واجه التغيير"

حاوره: اسماعيل الجنابي
عمان - بغداد
مشاهدينا الكرام أهلاً بكم في برنامج "واجه التغيير"
هل القضية الفلسطينية من بين القضايا التي لم يتمكن المجتمع الدولي من إيجاد حل لها.. ولم يعد سراً تراجع مكانتها على الأجندة العربية والدولية منذ انطلاقة "الربيع العربي"، وهو ما استغلته إسرائيل معتمدة على مزيد من إجراءات تهويد القدس والأقصى، هل نحن الآن أمام "فوضى هدامة" خطط لها الغرب لإعادة تقسيم المنطقة من جديد وإحكام السيطرة عليها، وجعل "إسرائيل" المستفيد الوحيد من هذه الفوضى، بعد أن فقدت سايكس- بيكو صلاحيتها وأصبحت من الماضي.. هل استطاع الغرب أن يمتطي هذه الثورات ويحرفها عن مسارها الطبيعي، ويفجر صراعات طائفية ومذهبية عنيفة بين أبناء الشعب الواحد؟ هل غابت فلسطين والقدس عن الميادين والشوارع العربية منذ انطلاقة "الربيع العربي"؟
أسئلة أطرحها على ضيفي المناضل العربي الكبير الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الأستاذ نايف حواتمة، أهلاً بكم في برنامج "واجه التغيير" ؟
حواتمة: أهلاً بكم وشكراً على إتاحة الفرصة للقاء الرأي العام في العراق والأردن وفلسطين، وفي البلدان العربية، وكل من يستمع إلى منبركم وأوجه التحية إلى هؤلاء جميعاً وأقول لهم نعم الصعوبات قائمة ويجب أن نبحث عن الحلول.
س1: القضية الفلسطينية مرت خلال 6 عقود بمراحل عصيبة، كنت أحد محركات القضية الفلسطينية، وهناك من يرى أنك فيلسوف القضية الفلسطينية, كيف تجد مستقبل القضية الفلسطينية في ظل هذا الصراع وخاصةً مع وجود ما عرف بالثورات العربية؟
ج1: بجميع الحالات وكيفما تقلبت الأمور؛ أقول لشعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية، وللشعوب المحبة للحرية والسلام في منطقة الشرق الأوسط؛ كذلك أقول للرأي العام العالمي الآن, بعد هذه العقود الستة ومشكلاتها ومعضلاتها، تم اشتقاق طريق جديد للشعب والثورة الفلسطينية منذ مطلع السبعينيات وخاصةً بعد هزيمة حزيران67؛ قدمنا برنامجاً وطنياً جديداً يقوم على ضرورة الحل الوطني المرحلي للقضية الفلسطينية، بادرتُ إلى تقديمه، تحت راية الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والثورة الفلسطينية ونضالات حركة التحرر والتقدم العربية أيضاً قبل حرب تشرين 1973، وانتصر في المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية بالإجماع، برنامج بديل يعلن: نحن نناضل في هذه المرحلة من أجل حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير.
حالنا حال كل شعب من شعوب العالم واجه الكولونياله، وهو يتعرض للهيمنة الاستعمارية والاستيطانية؛ وحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة عاصمتها القدس المحتلة عام 67، وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم في إطار تسوية سياسية متوازنة في هذه المرحلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والقرار 194, هذا الموقف الذي قدمناه أَجمع عليه الشعب الفلسطيني، لذلك أقول لن ولا يمكن تجاوز الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، والآن انتزعنا في 29/نوفمبر/2012 قراراً دولياً بهذه الحقوق بإجماع كل دول العالم، ما عدا طبعاً الدولة الأعظم الولايات المتحدة بجانب "إسرائيل". وعلينا أن نبني عليها لذا لا يمكن تجاوز الشعب الفلسطيني بعد سلسلة من الانجازات الاستراتيجية بإعادة بناء الشخصة والهوية والكيانية الوطنية لفلسطين وشعبها بعد طمس وغياب منذ نكبة الوطنية والقومية الكبرى 1948، الآن لا يمكن تجاوز حقوقه مهما تطورت الأوضاع في المحيط بنا عربياً، شرق أوسطياً وعالمياً..
س2: يعني طيلة 6 عقود تحقق لفلسطين هذا المكسب... ولكن في الاتجاه الآخر من الانقسامات الموجودة داخل المجتمع العربي عمدت "إسرائيل" إلى تهويد الأقصى والقدس.. قياساً إلى هذه الحقبة الزمنية الكبيرة نجد أن القضية الفلسطينية فقط تراوح مكانها و"الإسرائيليون" هم من يتقدمون خطوات؟
ج2: نحن والشعوب العربية نحصد في الأوضاع العربية الثمار المرّة للتطورات التي حدثت بعد أن خذلت السياسة الذراع العسكري للجيوش العربية وبالمقدمة منها الجيش المصري والجيش السوري والجيش الأردني والجيش العراقي والثورة الفلسطينية الذين أدوا جميعاً اداءاً عسكرياً مبدعاً، بعدها خذلوا على يد القيادات السياسية التي كانت دائماً موقع انتقادنا بارتداد السادات، نحو حل ثنائي بعيداً عن الحل العربي الشامل لقضايا الصراع العربي- الإسرائيلي والفلسطيني- الإسرائيلي، وبعدها أيضاً بالحروب الخليجية الثلاثة العبثية التي أدارها نظام صدام حسين؛ مما أدى إلى شطب الطاقة العربية التي تمثل العمق الاستراتيجي للجيوش التي تقف على خطوط التماس؛ أي المصري والسوري والأردني والفلسطيني وأيضاً أدى إلى شطب دور منطقة الخليج.. وعليه هذا كله أدى إلى سلسلة من عمليات التدهور الانقسامات والصراعات العربية – العربية، حصدت إسرائيل المكاسب من ورائنا..
س3: لنتوقف عند مفردة قلتها وهي أن حروب الخليج التي قادها صدام حسين هي التي أضعفت القضية العربية ولكن كان العراق أمام خيارٍ أما أن تجتاح العراق والمنطقة الخليجية من قبل إيران أو أن يقف العراق شوكة أمام هذا التحدي واستطاع العراق ضمن حرب 8 سنوات يقع فيها المزيد من الدمار والدماء والأموال ولكن توقف الإيرانيون عن السيطرة على العراق والمنطقة الخليجية, تعود إلى ما آلت إليه الأمور بعد عام 1990 ربما كان هناك خطأ قيادي أو ثوري, وهذا ما ستكشفه الأيام لكن حتى العدوان الخارجي جاء من قبل بلدان عربية دخلت العراق؟
ج3: في حرب الخليج الأولى لم يكن لإيران الخمينية أن تجتاز حدودها عسكريا،ً وان تجتاز إلى العراق وفي داخل منطقة الخليج العربي، لم يكن ممكناً لأن الجيش الذي ورثته الخمينية كان في سبيله إلى التفكك والانهيار الكامل ودخلت إيران في عمليات تصفية كاملة واعدامات لجنرالات الجيش الموروث عن الإمبراطور، ولذا كان من الممكن الوصول إلى حلول بوسائل أخرى تحمي العراق والمنطقة بوسائل سياسية، واصلاحات اقتصادية واجتماعية وتحولات ديمقراطية وحريات تعددية في العراق وبلدان الخليج، وقع الذي وقع، ووصل إلى نتيجة بالعودة إلى اتفاق شط العرب الشهير بين العراق وإيران, وبعد هذا كان من الممكن أن تأخذ الأمور مجرى آخر خاصةً أن العراق ودول الخليج والأوساط الدولية الواسعة وقفت إلى جانب بغداد من أجل أن لا تتمكن الخمينية من أن تتوسع خارج حدودها إلى الأمام.
هنا أقول بلغة واضحة كان ممكناً في إطار الذين شاركوا بحرب الخليج الأولى أن يتفاهموا على الإشكالات التي تداعت بعدها ، هنا أقول مرة أخرى أن القيادة العراقية كان عليها أن تفعل الكثير من أجل تصحيح حكم وسياسات فردية دكتاتورية وبغياب أي دور لشعب العراق وشعوب الخليج، لا أقول هذا الكلام الآن، قلته علناً في مجرى الأحداث يومياً في تلك المنطقة من بلادنا العربية، منطقة الشرق الأوسط، وقلته مباشرة لصدام حسين في أكثر من لقاء بيننا؛ وحتى الآن يوجد طارق عزيز كان معي بأحد اللقاءات الكبرى بعد دخول القوات العراقية إلى الكويت، وكنت قد التقيته قبل ذلك أيضاً وجرى نقاش طويل بيننا، هنا أود أن أقول بدأت سلسلة من الأخطار السياسية تتراكم..، مما أدى مؤخراً مثلاً يطلق عزت الدوري في بيانه لمناسبة عيد الجيش العراقي قبل أسابيع أن "القيادة العراقية تورطت"، ويقول أيضاً أنه "لولا السعودية والخليج لما انتصر العراق بمعركة القادسية الثانية"، دون ان يكشف كيف تورطت ومن الذي ورطها...؟!!.
قصدت القول هناك أخطاء سياسية يجب البحث عنها بدقة وكشفها للشعب العراقي ولكن مع الأسف الذين جاؤوا فيما بعد طمسوا هذا كله، بدلاً أن تفتح كل هذه الملفات أمام المثقفين والوطنيين والديمقراطيين والناس، الذين يتطلعون إلى عراق موحد تقدمي وديمقراطي، لم يقوموا بأي مراجعات للسياسات العراقية قبل الغزو الامريكي وبعده حتى يومنا سيل الدماء لا يتوقف، بما يؤدي إلى توحيد الصفوف على قواعد جديدة تحت عنوان عريض: يا رواد يا أبناء شعب العراق.. على مختلف طوائفهم ومذاهبهم .. كل مَنْ هو مع الدولة العراقية المدنية والديمقراطية يجب أن يأتلف للخلاص من سيف الطائفية والمذهبية نحو عراق جديد ديمقراطي/ بديلاً من دمار ودماء دولة المحاصصات الطائفية والمذهبية والاثنية (العرقية)، وضياع دور العراق الوطني والعربي والاقليمي.
س4: طالما خرجنا من سياق القضية الفلسطينية للحديث عن الوضع العراقي وأنت اليوم تشرفنا من قناة عراقية الهوى، يعني ما موقع العراق عندك أستاذ نايف وكيف تنظر إلى مستقبل الوضع السياسي في العراق والمنطقة بشكل عام؟
ج4: الكثيرون من أبناء العراق؛ والمناضلون من أبناءه في داخل العراق وفي المهجر يعلمون رأيي في العراق ودور العراق، أنا نحن نعلن ونمارس نداء العقل القومي( في الشام أهلي وبغداد الهوى)، وعليه أمضيت 5 سنوات كاملة من عمري فيه، في ظروف النضال السري للحركة القومية؛ التي تشمل كل الاتجاهات القومية النضالية؛ عرفت العراق شعباً (عرباً وكرد)، تاريخاً وسياسة وثقافة جيداً، دخلت سجون العراق، صدر عليّ في آخر حكم عبد الكريم قاسم حكماً بالإعدام، وأيضاً فيما بعد مع رفاق النضال الذين التقيت بهم بالسجون، لذلك وفي ميادين النضال، موجوع للعراق وسأبقى موجوع لشعب العراق، وعليه أرى العراق الواجهة الأساسية في الجبهة الشرقية للصراع العربي ضد الاحتلال الإسرائيلي من أجل حل قضايا الصراع العربي والفلسطيني- "الإسرائيلي"، فهو ليس صراعاً فلسطينياً- إسرائيلياً فقط، والدليل على ذلك ضرب المفاعل النووي العراقي، وأيضاً حرب 67 واحتلال سيناء والجولان بالإضافة إلى الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 67؛ لذا أقول للعراق دور عظيم (مفقود) يجب أن يتطلع إليه، الآن المشروع النهضوي الجديد الديمقراطي العراقي غير موجود في بغداد، وحتى ينوجد "على جميع التيارات والطبقات الوطنية الديمقراطية المتقدمة والحداثية أن تأتلف فيما بينها للخلاص من حكم المحاصصات الطائفي والمذهبي، وبناء العراق الديمقراطي الجديد لكل أبناء العراق على أساس المواطنة وليس على أساس العرق- أي الإِثنية- أو على المحاصصات أساس الدين والطائفية والمذهبية..
أي نحو عراق جديد يستدعي العقل النقدي لاستخلاص الدروس والعبر من كل الأخطاء التي وقعت من أجل أن يأخذ ويمارس العراق دوره ببناء عراق الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، المساواة في المواطنة، وبين المرأة والرجل، الدولة المدنية، ودوره العربي والاقليمي والدولي؛ وما زال موقع العراق فارغاً لم يملأه أحد حتى الآن، يمثل دوره في النضالات الشرق أوسطية وخصوصاً الخليجية والفلسطينية، هذا ممكن جداً لكن شرطه الخلاص من نظام محاصصة ذي طابع طائفي ومذهبي وأثني.. ونحو عراق جديد ديمقراطي وطني ومتقدم ويتطلع إلى الأمام وليس إلى الوراء.
س5: بالعودة مرة أخرى إلى القضية الفلسطينية هناك من يقول أليس من الممكن أن يختم هذا الزمن، هذه الحقبة وأن يتحقق لفلسطين ما كانت تحلم به الذي يبدو أنه تشتت، أما كان ممكن أن يختزل كل هذا الزمن حتى يتحقق للقضية الفلسطينية وضع أحسن مما هي عليه الآن؟
ج5: كان من الممكن ذلك غير مرة والدليل عليه حرب تشرين 1973 الأداء العسكري العربي كان مبدعاً، اجتاحت القوات المصرية قناة السويس وحطمت خط بارليف وتقدمت إلى الأمام 10-15 كم، ونشب الصراع باليوم التالي بين القيادة العسكرية والسادات، القيادة العسكرية اقترحت بضرورة التقدم فوراً وبسرعة نحو الممرات (المتلا والجدي)، ينهار الجيش الإسرائيلي ونصل إلى كامل سيناء وقطاع غزة، كما كانت عليه الأمور قبل 4/ حزيران67/ لكن السادات خاض الحرب بعمق 10- 15 كم، مما أدى إلى انهيارات لاحقة وخاصةً عندما توقف تقدم الجيش المصري..؛ وإسرائيل دعت الاحتياط 600 ألف خلال 48 ساعة من بدء الحرب + 200 ألف عدد الجيش أي 800 ألف أصبحوا على الجبهات، كان من الممكن أن انجاز "تصفية آثار عدوان 1967 بحرب 1973"، وكان ممكناً بناء جبهة شرقية عربية جديدة بعد وفور ارتداد السادات نحو حل جزئي ثنائي، بتشكيل جبهة شرقية تتشكل من سوريا والأردن والعراق والثورة الفلسطينية، وخاصةً العراق لما يمثله من خبرات وطاقات وتجارب أيضاً في الحياة العسكرية، ولكن هذا أيضاً لم يتم، وبقيت الأمور مفككة ولذا تدهورت الأمور أكثر فأكثر، ذهب السادات إلى حل ثنائي وعليه بدأ الضغط على جميع الدول العربية وعلينا فلسطينياً: "إنكم انتم العرب خسرتم الحرب" بينما العرب قاتلوا قتالاً ممتازاً واجتمع في الميدان سلاح السلاح وسلاح النفط لأول مرة في تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي، لكن النتيجة كانت خذلان سياسي.

س6: هل كان الخذلان السياسي من جهة معينة أم من أطراف عدة؟
ج6: الخذلان السياسي الأساسي هو الخذلان من السادات مما أضعف الحالة العربية، وعقدت القمة العربية عام 79 في بغداد التي سميت قمة "التضامن العربي" ورصدت لها الأموال من أجل النهوض بطاقات العراق والجيش السوري والجيش الأردني والثورة الفلسطينية، بعد أن خسرنا جهود الشعب والجيش المصري هذه الضغوط دفعت فيها "إسرائيل" وأمريكا وعلى يد عدد من الدول العربية مما أدى إلى الذهاب لمؤتمر مدريد باشتراطات "إسرائيلية" وإسناد بنسبة أو أخرى من الأمريكان لهذه الاشتراطات؛ ولذا بدأت الأمور تتدهور ودفع بعرفات إلى كسر اجماع المجلس الوطني على البنود الستة للمشاركة "بمؤتمر السلام" في مدريد ومع ذلك واشنطن بقيادة الوفد الفلسطيني الأخ حيدر عبد الشافي أبلى بلاءً حسناً، لكن أبو عمار استدار على مفاوضات واشنطن وعقد مفاوضات سرية أنتجت اتفاق أوسلو وتداعياتها حتى الآن.
كما تعلمون الجبهة الديمقراطية قادت النضال من موقع التصدي لاتفاق أوسلو ودعونا إلى مفاوضات من نوع جديد تقوم على أساس قرارات الأمم المتحدة والشرعية والدولية وليس على خطوات جزئية. [اقترح لمعرفة الوقائع أين وبالأسماء العودة إلى كتاب حواتمة" أوسلو والسلام الآخر المتوازن" وكتاب "ابعد من أوسلو.. فلسطين إلى أين؟].
س7: عدم توفر الإرادة السياسية التي دائماً نسمعها من الساسة العرب هي سبب مشكلة العرب هذا ما اضعف قضيتنا الكبرى القضية الفلسطينية.. لماذا لا تتوفر الإرادة السياسية إذا كنا نحن كعرب نؤمن بقضية واحدة؟
ج7: بالضبط الإرادة السياسية غابت بأشكال متعددة كما اشرنا وأعطيت مثالاً ملموساً حرب تشرين التي احتفلنا اليوم بذكراها الأربعين.
الإرادة السياسية غائبة لأن طبيعة الأنظمة العربية يجب فحصها، هذه أنظمة بأغلبيتها الساحقة أنظمة ذات طبائع محافظة يمينيه وقائمة على تحالف اجتماعي سياسي طبقي يتشكل من القوى الارستقراطية، قوى الإقطاع السياسي في البلاد العربية ورأس المال؛ أي تحالف السلطة ورأس المال وبالتالي هذه جميعها كانت تحت الأجندة الأمريكية في إطار الحرب العالمية الباردة، والحرب ضد قوى التقدم والديمقراطية والحداثة داخل كل بلد من البلدان العربية، ولذلك خُذلنا من هذه الأنظمة العربية التي تسميها أنت بأنها أنظمة لا إرادة سياسية لها وهذا صحيح أيضاً، لأنها لم تبني تضامن عربي حقيقي لحث كل الطاقات في الإطارات الصحيحة داخل كل بلد عربي وفي الاتجاه القومي بمشروع موحّد.
س8: عدم توفر الإرادة السياسية لدى الساسة العرب انعكس حتى على مستوى البيت الفلسطيني، اليوم القضية الفلسطينية في دوامة كبيرة هناك انقسامات وعدم رؤية واضحة الكل يريد أن يجير الأمور لصالحه مما انعكس على البيت الفلسطيني اليوم أصبحت قضيتنا في محيط واحد داخل البيت الفلسطيني ما سبب هذا الخلاف؟
ج8: هذا الانقسام القائم وقع تحت ادعاءات معينة، الادعاءات التي تقول أننا في خلافات سياسية كبيرة وان هناك مشروعين مشروع سياسي يقوم على المفاوضات ومشروع آخر يقوم على المقاومة.
مع المقاومة والسياسة لأن كل الثورات في العالم قاتلت وفاوضت، والجمع بين القتال والسياسة، لأن القتال له هدف سياسي، ولكن لسنا مع مفاوضات بدون سياسة عليها إجماع وطني، الإجماع الوطني. تقرير مصير، دولة مستقلة على حدود /4 حزيران67/ عاصمتها القدس العربية المحتلة وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم. هذا الإطار السياسي والقانوني الذي اجمعنا عليه وأجمعت عليه كل الأقطار العربية والعالم ودخلنا به إلى الأمم المتحدة ووقعت الاعترافات فينا، لكن هذا المشروع جرى كسره بسياسة أوسلو وتداعياتها والخطوات الجزئية، الانقسام الواقع الآن لسببين:
1- نمت مصالح لقيادات داخل فتح؛ مصالح شخصية ومادية مالية ومعنوية زعاماتية، ونمت مصالح أيضاً داخل حماس وهذا يعرقل ويعطل برنامج الوحدة الوطنية المشترك، برنامج 4 أيار 2011 وتفاهمات الاجماع الوطني شباط 2013 في القاهرة.
2- يوجد محاور عربية وشرق أوسطية- كما تعلمون- وعالمية مقسمة، قسم منها يسند السلطة الفلسطينية التي تديرها فتح كذلك الدول المانحة والأجنبية، وقسم منها يسند حماس مثلاً إيران سوريا، والغرض من هذا زرع الانقسام لدينا لأن كل بلد من هذه البلدان يرى مصالحه الخاصة وليس المصالح القومية المشتركة المصالح العربية المشتركة التي تجمعنا ممثلةً بقرارات القمة العربية، لا يوجد دولة عربية أخلصت إخلاصاً عميقاً لقرارات القمة العربية ولا للمشروع الوطني الفلسطيني الذي ائتلفنا كلنا حوله بالإجماع الفلسطيني؛ وتقرر من قمة الرباط عام 1974، وتقرر بالأمم المتحدة منذ عام 74 ولذلك مرة أخرى يجب أن نبحث أوضاعنا الفلسطينية أولاً والأوضاع العربية ثانياً؛ نحن الفلسطينيين كما على العراقيين أن يبحثوا الأوضاع العراقية أولاً وثانياً الأوضاع العربية، والأوضاع القومية حتى يستطيع كل فريق أن يجمع قوى تؤثر على هذه الأوضاع بايجابية.
س9: وهذا ما استفادت منه إسرائيل عدوى الانقسامات في المحيط العربي انتقل إلى البيت الفلسطيني، اليوم البيت الفلسطيني يشكو من هذه الانقسامات في حين أن الإسرائيليين موحدين في عدوانيتهم على الفلسطينيين وعلينا كعرب؟
ج9: نعم هذا صحيح، "إسرائيل" رغم أنها تتكون من أكثر من 100 جذر اثني، من بولندا – ألمانيا – روسيا – أوكرانيا - الولايات المتحدة-الخ... ولكن يجمعهم مشروع موحد هو بناء دولة إسرائيلية إقليمية كبرى ومشروع توسعي صهيوني استعماري يقوم على تهويد الأرض الفلسطينية وضم كل ما يستطيعون ضمه من الأرض الفلسطينية أكثر فأكثر، فضلاً عن محاولات ضم أجزاء من الجولان، وكان لها أطماع في سيناء، وبالتالي الإسرائيليين لديهم مشروعهم، بينما الانقسام الفلسطيني الذي وقع هو وليد مصالح أنانية فئوية وزعاماتية فردية داخل فتح وحماس، والانقسامات العربية - العربية والانقسامات في الشرق الأوسط، والانقسامات العالمية لذلك الرابح الأكبر "إسرائيل" والخاسر الأكبر الحقوق القومية، والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
نحن القوى الديمقراطية أجبرنا كل من فتح وحماس أن يأتوا للحوار الشامل أربع مرات، بالحوار الشامل بنينا برنامج جديد 2005، ثم 2006 ثم 2009 ثم 2011 آخرها بالقاهرة- بعد الانتفاضة الشعبية بالقاهرة- ثم عدلنا وطورنا بشباط 2013، لماذا تتعطل كلها، تتعطل لسببين ذكرتهما، السبب الأول المصالح الخاصة لقيادات داخل فتح وحماس والسبب الثاني الانقسامات العربية والشرق أوسطية التي تتمحور أما حول هذا المنقسم أو ذاك.
س10: اليوم مرَّ عقد من الزمن منذ سماع عبارة خارطة الطريق لكن للأسف الشديد لم نجد طريقاً يوصلنا إلى فلسطين ولا خارطة تدلنا عليها؟
تشير إلى خارطة الطريق التي قدمت عام 2003 في ذلك الوقت انعقدت قمة في العقبة حضرها بوش الابن والملك عبد الله الثاني وأبو مازن وشارون على أساس الوصول إلى حل بسقف حزيران عام 2005، أيضاً تقدمت الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي روسيا والأمم المتحدة) لخريطة طريق تقول أيضاً أن الرباعية الدولية تتعهد بالوصول على تسوية سياسية شاملة بسقف حزيران 2005، الآن نحن 2013 وبالتالي مرة أخرى أقول الوعود من الرباعية الدولية الوعود من أمريكا كلها تحيزت لماذا؟ لأن الحالة الفلسطينية غير موحدة أولاً والحالة العربية تدهورت كثيراً جداً وكل ذلك مكاسب لإسرائيل وبالتالي حتى نجد أنفسنا أمام خارطة طريق جدية خطونا خطوة واحدة في الأمم المتحدة في 29/11/2012 وأخذنا قراراً بأغلبية 179 دولة بينها 3 دول دائمة العضوية لمجلس الأمن فرنسا- روسيا- الصين وبينها دولة رابعة بريطانيا امتنعت، وهو أيضاً لصالحنا وكل الاتحاد الأوروبي ما عدا تشيكيا ومن المحزن الآن أن تشيكا تريد أن تنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس قبل الوصول إلى تسوية سياسية.
ولذلك أقول من جديد حتى يصبح ممكناً الوصول إلى نتيجة انتزعنا هذا القرار الذي اعترف لأول مرة بعد 65 سنة من قرار التقسيم عام 47، اعترف لنا بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس؛ حق عودة اللاجئين بموجب القرار 194، وأن منظمة التحرير الفلسطينية تمثل كل الفلسطينيين لأن الدولة تمثل فقط الضفة الفلسطينية وقطاع غزة والقدس الشرقية، هنا مرة أخرى تدخلت الإدارة الأميركية من أجل استئناف المفاوضات دون الرجوع إلى القرار الدولي التاريخي بعد 65 سنة، الذي شكل انجاز وإطار سياسي وقانوني لمفاوضات مثمرة، من أجل العودة إلى المفاوضات القديمة العبثية (مفاوضات الذئب والحمل) التي دامت لعشرين عام بالدوران بحلقات مفرغة، والآن عام جديد حتى أيار القادم /2014/ والبارحة ليفني التي تدير فريق المفاوضات تعلن أن 9 أشهر غير كافية أي تمهيد لـ 9 أشهر أخرى بالتالي، هذا يعني مرة أخرى علينا أن نكمل السياسة الجديدة بالانضمام الفوري مؤسسات الأمم المتحدة لتدويل الحقوق الوطنية الفلسطينية، هذا سيؤدي إلى تداعيات كبرى إيجابية بالرأي العام داخل الولايات المتحدة وأوروبا والعالم كله وداخل "إسرائيل" من أجل مفاوضات من نوع جديد، مفاوضات تقوم على قرارات الشرعية الدولية ورعاية الدول الخمسة الدائمة العضوية بمجلس الأمن بدلاً عن الانفراد الأميركي 21 سنة وقد تمتد لسنوات أخرى.
س11: الغريب في الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحدث اليوم بالعلن أن "إسرائيل" حليفتها الإستراتيجية بالمنطقة، بنفس الوقت الذي ترعى فيه مفاوضات السلام، السؤال أي سلام تقصده أميركا هل هو سلام لإسرائيل أم سلام لأميركا نفسها؟
ج11: أمريكا تريد سلاماً إسرائيلياً والإدارة الأمريكية لكل من تشكيلاتها الجمهورية والديمقراطية بالنظر إلى الحزبين منحازة إلى "إسرائيل"؛ ليس سراً بل علناً وبلغة واضحة، وتقدم سنوياً لإسرائيل مساعدة بـ 3 مليار دولار منها 2.5 مليار أسلحة حتى تبقى "إسرائيل" متفوقة على جيرانها العرب، كسر العرب عندما اتحدوا في حرب تشرين 1973 هذا الإدعاء الإسرائيلي بالتفوق النوعي على كل العرب مجتمعين، لكن خذلتهم السياسية العربية كما ذكرت، ولذا أقول أن المفاوضات الجارية لن تنتج شيئاً وإذا أنتجت شيئاً فسيكون في صالح "إسرائيل" والمصالح العليا الأمريكية، وليس في صالح فلسطين ولا صالح الشعوب العربية.
س12: بحسب اعتقادك مَنْ يُعثّر مفاوضات السلام، هل هي إسرائيل أم الولايات المتحدة أم عدم رؤية مشتركة للعرب؟
ج12: في المقدمة غياب المشروع الموحد المشترك للفلسطينيين والعرب ومن الأمثلة التاريخية كما ذكرت عندما ائتلف العرب فيما بينهم؛ والفلسطينيون توحدوا على برنامج مشترك مرحلي موحد؛ كانت النتيجة انجازات حرب تشرين، وكانت النتيجة بالأمم المتحدة 29/11/2012، 179 دولة معنا وفقط إسرائيل وأمريكا وتشيكيا وكندا مع إسرائيل، وبالتالي كان علينا أن نكمل هذا المشوار قبل الذهاب إلى مفاوضات قديمة، أي ننضم إلى مؤسسات الأمم المتحدة، محكمة الجنايات الدولية، محكمة العدل الدولية، اتفاقيات جنيف الرابعة لا يحق للدولة المحتلة أن تغير بالجغرافيا والديمغرافيا وهي غيرت وتغير وستبقى تغير طالما أن الفلسطينيين لم يتحدوا بعد وينفذوا البرامج التي اتفقوا عليها جميعاً: نايف حواتمة ومحمود عباس وخالد مشعل وشلّح والآخرين، وأيضاً طالما أن التضامن العربي غائب، والصراع بين المحاور العربية قائم؛ وطالما أن للعراق دوره تجاه فلسطين ودوره القومي معطل نتيجة للتداعيات المدمرة بحروب الخليج، والغزو الامريكي منذ عام 2003 حتى يومنا.
لذا إذا لم نصلح أوضاعنا بمشروع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة في المواطنة، اسقاط الانقسامات، ونصحح أوضاعنا فلسطينياً وعربياً فإن التدهور سيتواصل.. إسرائيل ستتوسع أكثر، المنطقة ستصبح بحيرة نفط أمريكية بدون مقابل بينما بالمقابل إبان الحرب العالمية البادرة عندما انتصرت فيتنام عام 75 الأمريكان جاؤوا لدول جنوب شرق آسيا وقالوا ستخسروا بلدانكم إن لم تقفوا معنا بشكل كامل بالحرب الباردة ضد السوفييت والصين وفيتنام، وفي بلدانكم ضد القوى الديمقراطية والتقدمية قالوا للاميركان نمشي معكم كاملاً تحت الأجندة الأميركية لكن مقابل المعرفة الصناعية والتصنيع في بلادنا، الآن نمور اقتصادية، لكن في بلداننا العربية التي مشيت تحت الأجندة الأميركية دون مقابل.
س13: تحدثت عن المشروع القومي لكن هناك من يقول أن العرب خسروا قضيتهم المركزية خسروا فلسطين وخسروا أنفسهم بسبب انحطاط المشروع القومي، أريد إجابة واقعية بدون تعصب؟
ج13: بلغة واضحة جداً إن المشروع القومي العربي لا زال هو مشروع الخلاص للعرب كل العرب من المحيط إلى الخليج؛ والمشروع القومي ضُرب بالعمق لأسباب ذكرتها في هذا الحوار بتحييد الجبهة المصرية على يد السادات وتدمير العراق على يد الحروب الإقليمية.. والعدوانية من الخارج؛ وأبرزها طبعاً الحروب الأميركية وبالمقدمة الغزو الأخير للعراق، المشروع القومي يحتاج إلى قوى أساسية، مصر وسوريا والعراق والثورة الفلسطينية، السعودية ودول الخليج، المغرب العربي.
بالتأكيد عليهم واجب المشروع القومي لأنهم نهضوا بهذا المشروع في فترة زمنية معينة، ثم تراجعوا عن هذا المشروع لعوامل ذكرتها، وفي مقدمتها طبيعة الأنظمة وعدم قدرتها من أن تلتقي بالمشروع القومي العربي، وبما تريده الشعوب العربية من التنمية المستدامة والديمقراطية والحريات والعدالة الاجتماعية، ولذلك نرى اليوم الانتفاضات والثورات التي بدأت بالملايين بدون قيادة ائتلافية منظمة في كل بلد عربي إلى حد بعيد جداً، نادت "بالخبز والكرامة، الحرية، العدالة الاجتماعية، الديمقراطية، المواطنة، وليس التركيبة الاثنية والمذهبية والطائفية.
س14: إذاً أنت تريد أن تقول أن المشروع العربي هو ضحية نظم عربية وان المشروع هذا جرى تدميره لوجود أنظمة بوليسية حولت هذا المشروع من مشروع متكامل يطفو على سطح الأرض، ويحقق مكاسبهم، ولكنه يكون قد أبتلع، حتى مفهوم الأمة والوطن، وفقد المشروع حتى إنسانيته وحضارته، السؤال مَنْ فَقَدَ مَنْ؟ انتم كقوميين فقدتم قضيتكم العربية أم الأنظمة العربية هي من افتقدت هذا المشروع القومي؟
ج14: المشروع القومي تتحمل مسؤوليته القوى الرئيسية، الدنيا دنيا توازن، قوى الدنيا ليست دنيا غياب فقط وأمان، أنا ابن المشروع القومي، أنت كذلك.
ناضلنا وقدمنا ما قدمناه، احمل على أكتافي 3 إعدامات عربية ومع ذلك النضال خيارنا الوحيد، جامعاً بين المصالح الوطنية الفلسطينية والمصالح القومية العربية، لكن الدنيا دنيا أوزان، دنيا موازين قوى كبرى متطاحنة، هناك قوى في منطقة الشرق الأوسط تشكل القوى الراجحة في الميزان، وهذه القوى إما معطلة أو مدمرة أو لا تقوم بشيء انكفأت على نفسها 40 سنة منذ زمن السادات حتى 2011، مصر منكفئة على نفسها مستقيلة من أدوارها النهضوية الداخلية المصرية والعربية والفلسطينية، كذلك الحال العديد من الدول العربية لا استثني أحداً من هذا، كل مستقيل من مهامه، هناك دول وازنة في المنطقة العربية، هناك مصر، سوريا، السعودية، العراق، الجزائر، المغرب، المغرب الأقصى، هذه دول وازنة مرجحة وراجحة؛ وهناك دول تتحمل المسؤوليات الكبرى عن التضامن مع فلسطين وقضيتنا هي الدول المجاورة للأرض والثورة الفلسطينية، الأردن، سوريا ولبنان ومصر، العراق، السعودية، بعمقها الاستراتيجي العربي، مع الأسف هذا كله معطل، لأن المشروع الوطني العراقي، الوطني الفلسطيني، الوطني المصري النهضوي أي التنمية والعدالة الاجتماعية والتقدم نحو الحداثة إلى الأمام أي الدخول إلى عصر الثورة الصناعية هذا كله معطل حتى الآن، الدول العربية الـ 22 ولا دولة منها دخلت عصر الثورة الصناعية، الدول العربية والمسلمة 57 دولة فقط ماليزيا دخلت في إطار النمور الاقتصادية.
س15: إذاً ما يجري لصالح "إسرائيل"، جعل "إسرائيل" أكبر قوة عسكرية في المنطقة إضافة إلى ما عرف اليوم بثورات "الربيع العربي" هل تحقق لإسرائيل حلها؟
ج15: إسرائيل لديها حلم مثيولوجي استعماري صهيوني توسعي لم يتحقق كاملاً إلى الآن لكنها حققت مساحة كبيرة من هذا الحلم، "إسرائيل" التي نشأت عام 48، قامت على 77% من الأرض الفلسطينية بينما القرار الأممي رقم 181 عام 47 يعطيها 55% من الأرض التي تحت الانتداب البريطاني و45% للشعب الفلسطيني، وللعرب عليها 70% من مجموع الأراضي الزراعية ومعظم الأراضي الـ55% لإسرائيل كانت صحراء النقب لاستيعاب الهجرة اللاحقة، تجاوزت 55% أخذت 77% بعد سنة لاحقة أي عام 48، لأن الجيوش العربية من حينها حاربت بأقل من قرار تقسيم 47، هذه وقائع تاريخية أصبحت معلومة ومكتوبة بكل الوثائق العربية والبريطانية والأميركية.
هذا من جانب، من جانب آخر عام 48 كان يمكن للضفة وغزة والقدس أن تقوم عليها دولة فلسطين، وبسبب تواطؤ بين الأنظمة العربية "وإسرائيل" الناشئة والكولوينالية البريطانية ثم الأميركية باقتسام الأرض والشعب لذلك بقيت القيادة الإسرائيلية تقول إلى عام 91 أن فلسطين كانت بالماضي أما الآن فهي إسرائيل والبلدان العربية، والفلسطينيون كانوا بالماضي أما الآن فهم عرب إسرائيل وعرب البلدان العربية.
نحن الثورة الفلسطينية أعدنا بناء الكيانية الوطنية الفلسطينية، بناء الشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية، بناء الحقوق الوطنية الفلسطينية، القرار الأممي التاريخي في 29 نوفمبر/ تشرين ثاني 2012 الذي شكل الأساس السياسي والقانوني لدولة فلسطين والحقوق الوطنية بتقرير المصير والعودة؛ ولذلك حلم "إسرائيل" لا يزال ناقصاً.. وسيبقى ناقصاً لأن شعبنا عام 48 وما قبل، والآن لدينا التجربة والخبرة والشعب أيضاً أكثر وعياً بكثير، لكن الأوضاع التي بميزان القوى في المنطقة ما زالت مختلة لصالح إسرائيل والسياسة الأمريكية لصالح إسرائيل، واسباب التخلف والانقسامات العربية والفلسطينية.
س16: الأنظمة تفكر عكس ما يفكر به الشعوب حقيقة.. من هذه الدماء للشباب الحر الذي يؤمن بالقضايا العربية كلها في بوتقة واحدة، ولكن الساسة العرب يقسمون حسب مصالحهم الشخصية، أعود إلى سؤال مهم هو ما يحصل اليوم في سوريا من مشهد خطير أنت أحد أبرز القادة الفلسطينيين لهم صلة بسوريا ونظامها كيف تنظر للمشهد السوري؟
ج16: كنت بشكل متصل على صلة، وكذلك الحال لدينا في سوريا 700 ألف فلسطيني في المخيمات، علينا أن نؤمن لهم ما يمكّنهم أن يبقوا أحياء، ولا ينتهوا ضحايا إلى حروب مدمرة طالت أكثر من 32 شهراً .. وعليه دائماً، ناضلت.. منذ اللحظة الأولى أن الحلول العسكرية والعنفية لن تؤدي إلى حل، الحل السياسي بسوريا والجلوس السوري السوري لحوار شامل بين جميع القوى دون احتكار ولا إقصاء، أن يصلوا إلى حل يتفقوا عليه، من أجل إعادة بناء سوريا حرة، مستقلة، واحدة موحّدة، وطنية وديمقراطية، وإعادة هيكلة الأوضاع بكل المؤسسة السورية لأن سوريا لديها أراضي محتلة من "إسرائيل" وهي جار للأراضي الفلسطينية المحتلة، العرب جميعاً بحاجتها والفلسطينيين جميعاً بحاجتها، وفي المقدمة الشعب السوري بحاجة بلدهم، لذا دعوت من البداية إلى وقف كل الحلول الأمنية والعسكرية والعنفية والجلوس على مائدة المفاوضات السورية السورية، الآن تداخلت عوامل إقليمية وعوامل دولية وعوامل عربية وغير عربية، تداخلت وأدت إلى تعميق الأزمة أكثر فأكثر، ولذلك أدعو إلى وقف الحل الأمني والعسكري والعنفي فوراً وعقد مؤتمر جنيف(2)، على أساس النقاط الـ 6 التي تبلورت في جنيف(1) أي لا شروط مسبقة لوقف إطلاق النار، لا شروط مسبقة للحوار، يأتي الجميع بدون شروط مسبقة وهناك نقاط 6 تقررت بالإجماع، والآن عليها إجماع من روسيا والولايات المتحدة والدول الخمس دائمة العضوية، وصولاً إلى حكومة ائتلافية شاملة لقوى النظام السوري والمعارضات السورية بعيداً عن التدخل الاجنبي، والوصول إلى برنامج ائتلافي لصياغة دستور ديمقراطي جديد، وقانون انتخابات ديمقراطي جديد، قانون احزاب ونقابات تعددي ديمقراطي جديد.. وكل هذا للنهوض بسوريا الشراكة الوطنية والدولة المدنية الديمقراطية، دولة ومجتمع المساواة في المواطنة، وبين المرأة والرجل.
بكلمة واحدة اقول: "التغيير الثابت الوحيد في تاريخ البشر، العرب بدون التغيير الشامل خارج جديد التاريخ".