خطيئة على سريري


حنان بن عريبية
الحوار المتمدن - العدد: 4253 - 2013 / 10 / 22 - 18:49
المحور: الادب والفن     

خطيئة على سريري
بقلم حنان بن عريبية

الكلمات هي التي تختارني فكيف لا أجعل من ورقتي فراشا لها... و اسكب عليها من شفاه حبر العطاء ترحابا... و اسمح لها باختراق كل ركن بأعمق أعماقي... اختار السبات بعد فجيعة طبعتها أجساد لا تحمل معها سوى سجن الأجساد.... زارعة وتدا بجبين الحياة .... !!!

كيف لا أستقبل الكلمات متجردة من كل قماش بشري... لا ترى غير المتراص في مخيطه يسد كل مخاض ضوء على أنغام صرخات البقاء ...ضاجعيني... أيتها الكلمات ضاجعيني.... عارية و سأعلن لك احــتلالي و أرفع مستسلمة راية لذة مداعبة أبجدية وحدها تحتل الهائم من روحي راجية التوحد مع الأنفاس .....
سأعلن أنك عشقي و سأراقص حروفك ففيها جميع مواطن الإغراء و الإغواء ...ضاجعيني كل غسق و جددي عهدك لملاقاتي لنرتمي و نحترق شوقا على ورقتي ....

في تلك اللحظة و أنا سكرى من نبيذ البوح... همست لي الكلمات شيدي بيتا وحيدا يحتوي مدفأة تمرست فصل الشتاء... اجعلي دخانها يحمل عطر مزيج الفصول...و تجلدي أمام الاختناق من القول بسهام لا تعرف غير الرماية المحبطة... توهجي مهما نثروا أتربة و طينا بأسفل قدميك اللتين لا تقدس المكوث بمحطة الوجع...

قد توصفين بالشذوذ لأنك عشقتني و تنعتين بشراسة بقذائف التعيس من الهجاء لأنك جعلت روحك محرابا أتعبد فيه بخشوع....و لم تسمع الكلمات مني سوى ضاجعيني... ضاجعيني حد التعب...و دعينا نغتسل بقطرات الندى بين أحضان الفجر فعتمة الظلمات تدعونا لنعبد شموسها الحارقة و تفرض علينا هجيرا نسكن إليه...لا أطيق تلك الألسن الجافة ...و لا أتحمل صنيع أفواه بشفاه منمقة.... لاهثة تكيد من أجل تمزيق انتعاش تفاؤلي...

ضاجعيني... فلا أبالي بكل النعوت و الأوصاف العقيمة و كل عفن عصا آلهة الكلمات...الصلاة في قوافيك استشراف عمر حكيم.... و لن أخون التعبد إليك بوضوء بحمل الدنس من الأفكار محصلة أعداء الأفكار.... دعيهم يؤلفون عنا حكاية كفر........ و خطيئة لعنت الاحتكار... فاني بمقامك أنثى اختارت الرحيل مع الكلمــات المتمردة... و عبادة الحروف و استقامت بمحراب ملك العطاء الفياض تعده باستمرارية اجتراف كل ما علق من رواسب الألم سأكون رداء الكلمات ...

دعيهم يخطون اليائس و ينثرون غبارهم فليس لهم غير حمل الأذى.... دعيهم... يخططون فأنا خطيئة بإبحاري في ربوعك ... و خطيئة أكبر إذا انصعت لأهوائهم ....لم أعد طيعة لتتلاقفني النظرات المخضوبة تعجبا... بتمتماتهم المبهمة... و لم أعد ثمرة كل من تأكد من حلاوة مذاقها... بادر لاقتطافها لتنزف غصنها الأخضر الرطب....

لم أشعر متى و كيف احتويتني و كنت بلسما على الجريح اليانع داخلي...لم تجذبني كل السفن التي تود أن ترسو بقلاعها فقط.... لتسرق مهجة توهج نضارة خلجاتي... و لست من عشاق الأسر الذي يجهض دقات قلب كلماتي ....كوني زائرتي أمام كل حلكة ...أمام كل انسدال ليل يتربص بشحرور الصباح كوني لي شاطئا... أرقب منه هدوء الرياح.... كوني لي عشيقة.... فأنت عشيقة تشربين فقط من منابع الصمود... و تتزينين برداء ثائرة.... لا تعرف الارتياح...امكثي بورقتي قدر ما تشائين.... و لا تنغلقي بصدري .. أتوسم فيك ثقة.... لا تنغلقي بصدري.....تمردي على ورقتي و احملي السكون و الرياح ...

في تلك الآونة طبعت الكلمات قبلة بحنجرتي و همست تعالي سنمارس خطيئة أخرى... ما رأيك بسفور أبدي لا تعرف سطوره توقفا... و سأدس في شرايينك حجابا اسمه بيني و بينكم الكلمات....قد يجتمعون قضاة على دروب عطشك لمضاجعة الكلمات ...و لا يدركون أنك تبتسمين لأنهم لم يستوعبوا بعد معاني الكلمات....اضحكي ملهمتي ...اضحكي...فمن العهر أن نقسو على صدق الكلمات....