ثقل البرتوكول المخزني من معيقات الوصول إلى الديمقراطية


نبيلة منيب
الحوار المتمدن - العدد: 4179 - 2013 / 8 / 9 - 19:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

-- كيف ترون البرتوكول الملكي في العهد الحالي؟

سبق للحزب الإشتراكي الموحد أن أكد أن البرتوكول جزء من الاختلالات التي تحول دون تطور النسق السياسي في بلادنا والتقدم نحو الدولة الديمقراطية والدولة الحداثية التي تتحقق فيها المواطنة الكاملة وتحترم فيها الحقوق بالنسبة لكل المواطنات والمواطنين وتسمح بإطلاق كل الطاقات الكامنة والتي تحتاج إليها البلاد في مسيرة البناء الديمقراطي وتحقيق المواطنة الكاملة.
نعرف أن المؤسسة الملكية تعتمد ركيزتين أساسيتين، وهما الشرعيتان التاريخية والدينية. ولكن لا يمكن أن تبقى المؤسسة الملكية بهذا البرتوكول العتيق والثقيل والذي نعتبر جوانب منه أصبحت غير مقبولة في هذا العصر وأعني بذلك طقوس البيعة كما تمارس، فلا شيء تغير، في حين أن العالم يعرف أشكالا جديدة ما بين مؤسسات الدولة، ولابد أن نعترف بسمو الدستور وأن نتجاوز هذه الأخيرة على منطوق الدستور.
كل الطقوس التي يمكن أن تكون لها قراءات مهينة والتي يمكن أن يشعر المواطن أنها موجودة وتضعه في موقع الرعية وتحول دون وصوله إلى المواطنة الكاملة... كل هذه الأمور وجب إلغاؤها إذا كانت هناك رغبة في الانتقال إلى دولة الحق والقانون ودولة التقدم والحضارة... وقد سبق لنا أن صنفنا البرتوكول إلى جانب سلطة تقليدية فوق دستورية من بين معيقات الإنتقال إلى الدولة الديمقراطية، دولة الحق والقانون، فضلا عن الضبط الإنتخابي بما فيه صنع الأحزاب والتحكم في الخارطة السياسية، وكذا التركيبة الحكومية التي تجمع أحزابا سياسية من أطياف مختلفة لا يجمعها لا برنامج ولا مرجعية، إضافة إلى وزراء تيقنوقراطين. ويظهر من الصعب الحديث عن حكومة في ظل هذا الإئتلاف أولا وفي ظل دستور يحقق الفصل الحقيقي ما بين السلط وشكل التداول على السلطة حتى نصل إلى سيادة شعبية.

-- تقولين أن هناك معيقات دولة ديمقراطية، ما الذي يمنع الإنتقال إلى هذه الدولة في ظل هذا الإرث التاريخي المسمى برتوكولا؟

الأمر متعلق بالشكل والمضمون. في ما يخص الشكل، يجب الحديث تحديث المؤسسة الملكية بما يتلاءم مع متطلبات بناء المواطنة الكاملة، فلا يمكن أن نمضي في طقوس أكل عليها الدهر وشرب... وكل هذا يجب أن ينتهي حتى نقول إن هناك جديدا ممكنا إن بناء الديمقراطية ممكن في بلادنا.
وفيما يخص المضمون، لا يكفي التنصيص في الدستور على أن المغرب ملكية برلمانية لنقول إن المغرب ملكية برلمانية. والجميع يعلم مضمون الملكية البرلمانية التي يجب أن تعترف بسمو الدستور، وأنه يجب الإعتراف بسمو الإرادة الشعبية.
مازلنا بعيدين ومازالت الملكية البرلمانية مجرد شعار بدون تنزيل.
اليوم المغرب بحاجة إلى إعادة ثقة المواطنين في جدوى المشاركة في الشأن العام والبناء الديمقراطي، وأن هناك شيئا يتجدد وأن هناك محاولة للقطع مع تاريخ مضى لصنع الخارطة السياسية مركزة كل السلط في يد الملكية. والمدخل هنا هو إصلاحات دستورية حقيقية، لكنه كذلك نقل المغرب من البرتوكول إلى دولة حديثة شكلا ومضمونا، وهذا البرتوكول يظل معيقا كبيرا وله دلالات سياسية ومعنوية تبين للمغربي أنه مازال واحدا من الرعية.

-- تتحدثين عن ثقل البرتوكول، لكن العهد الحالي خفف منه وكسر بعض عادته، ولعا إظهار زوجة الملك واحدة منها...

هناك مداخل أساسية لربط المغرب مع الحداثة ودولة ديمقراطية حديثة. قلت إن المدخل هو سمو الدستور فوق كل الأعراف.
أنا لا ألمس هذا التغيير في البرتوكول، فقبل ذلك كان في عهد محمد الخامس ظهرت بناته وهن ليبسن لباسا عصريا "الرومي" وكانت إشارة لم تتبع وتيرة تصاعدية... من تحرير للنساء ومساواة كاملة وفتح مراكز القرار للنساء ومحاربة الأوجه العتيقة للنظام ولا توزيع الأدوار حسب النوع، كل هذه المعارك مازلنا نخوضها نحن النساء. التقدم الكبير الذي يمكن أن يحصل هو المتعلق بالمؤسسة الملكية وليس الحواشي... يعني طقوس البيعة وتقبيل اليد وحشد المواطنين في الطرقات، وإذا تغيرت هذه الأمور سيظهر المؤسسة الملكية تحترم المواطن وتساهم في أن يصل المغربي والمغربية إلى المواطنة الكاملة، أما غير ذلك فهو صور لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تؤثر التأثير الكافي باتجاه انتقال النسق السياسي للبلاد وإلى تحديث المؤسسة الملكية بالشكل الكافي. لأننا اليوم في عصر السرعة، فلا يمكن أن ننتظر 50 سنة لنغير واحدا من الجوانب التي لا تؤثر في المضمون، خصوصا أننا نعيش زمن انتفاضات الشعوب في العالم العربي، التي تطالب بالمواطنة الكاملة.
كل هذه الإشارات وجب استيعابها لفهم أن الإستقرار المستقبلي لبدنا هو في بناء الديمقراطية الحقيقية واعتماد دساتير ديمقراطية والفصل الحقيقي للسلط واستقلال القضاء تحقيق شروط بناء المواطنة الكاملة...

-- في حديثك عن ثقل البرتوكول تحدثت عن تقبيل اليد، ألا يمكن القول أن هناك سعيا لتغيير هذه العادة والملك يسحب يده في التحية والسلام ؟

يجب الإعتماد في دولة الحق والقانون على القوانين، وحدث في بلد عربي آخر أن منع تقبيل اليد بقوة القانون أو بإعلان وانتهى الأمر. هناك من يريد أن تستمر هذه الطقوس حتى تبقي للمغرب خصوصية ترفض أن ينتقل المغاربة من رعايا إلى مواطنين كاملي المواطنة. كل هذه الأمور تنقص من قيمة الإنسان، خصوصا أننا نعيش في عالم منفتح مكن من الإطلاع على كل تجارب الكل فيها متساو مع جميع المواطنين أمام القانون.
لذلك وجب صيانة كرامة الإنسان وإبقاء رأسه مرفوعا محترما.

-- قبيل حفل الولاء السنة الماضية ارتفعت مطالب بإلغاء الطقوس المصاحبة له، في اعتقادك لماذا علت هذه المطالب مع اقتراب موعد الحفل؟

هذا مطلب لم يظهر السنة السابقة، فقد سبقت المطالبة بذلك، قلت إننا نعيش بداية نهضة الإنسان العربي المسلم في المنطقة المغاربية والعربية... ليست المسألة مسألة دساتير وقوانين فقط، بل مسألة تحرر الإنسان من الطقوس المهينة التي لا علاقة لها بالإحترام الواجب.
سابقا ارتفعت مطالب بإلغاء تقبيل اليد وإلغاء حفل الولاء بشكله الحالي، وأن تكون الأمور بشكل أخر يؤطره الدستور الذي يجب أن يكون وبين ورقة التعاقد الأساسي بين المؤسسة الملكية والمؤسسات الدستورية والشعب.


حوار: مصطفى منصور