خمسة وستون عاماً من النضال واللجوء .. أما آن أوان المراجعة


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 4122 - 2013 / 6 / 13 - 14:44
المحور: ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها     

( 1 )
منذ ما قبل النكبة 1948 والى يومنا هذا، لم ينقطع أو يتوقف نضال شعبنا العربي الفلسطيني عموماً وجماهيرنا من الفلاحين والكادحين الفقراء خصوصاً، من أجل حريته واسترداد أرضه المغتصبة، وطوال ما يزيد عن ثمانين عاماً مضت، قدم شعبنا في كل عام من هذه الأعوام، قوافلاً من الشهداء الذين تجاوزوا مئة ألف شهيد أو يزيد، وفي هذه المسيرة المتجددة من النضال والصمود والآلام والمعاناة، تطل علينا ذكرى النكبة الأولى عام 48 في الخامس عشر من أيار في كل عام، حيث يتجدد الجرح الفلسطيني، وتتجدد معه وحدة هذا الشعب، وتبدأ الذكريات تنبعث من جديد من داخل شوارع المخيم ومن بين الأزقة، ومن قلب المعاناة والفقر والحرمان، حيث يتوحد أبناء شعبنا الفلسطيني في الشتات والوطن أمام الذكرى رغم التباعد في المكان، ذلك أنهم يتنسمون رائحة القرية، البلد، المدينة، من عطر الشهداء وجراح المناضلين ومعاناة الأسرى والمعتقلين في المسيرة المتصلة، حيث تتجدد الآمال التي لطالما حملها الأجداد والآباء لكي تبقى الذكرى ويبقى الأمل حافزاً للصمود والمقاومة، فبالرغم من مرور خمسة وستون عاماً على النكبة ظلت –وستظل- الذاكرة الفلسطينية الشعبية حافظة للوعي الوطني لكل محطات النضال منذ ما قبل النكبة إلى يومنا هذا، وهي أيضاً ذاكرة التشرد والغربة والمعاناة التي تعرَّض لها أبناء شعبنا في الشتات، وعززت لديهم روح المقاومة والتمسك بالحقوق والثوابت، لذلك لم يكن غريباً أن تنصهر فينا، نحن الفلسطينيون، الذاكرتين معاً، ذاكرة الوطن المحتل، وذاكرة الغربة والشتات واللجوء، فلكل منها آلامها وآمالها الكبيرة.

( 2 )
الحديث عن الذاكرة ومسار النضال والمعاناة في الذكرى 65 للنكبة، يستدعي منا إعادة التأكيد على طروحات عدد من المفكرين في هذا الجانب ، وخاصة المفكر الراحل د. قسطنطين زريق الذي نظر للمعاني الكامنة في النكبة، عبر البحث عن الجانب الايجابي الكامن لاستنهاض العقل والإرادة العربية الحرة، وتحويل النكبة إلى معنى ايجابي، وكانت وصيته للشباب العربي – ومنهم جورج حبش- أن يتحملوا مسئوليتهم في تشكيل الوعي العربي، والاستقلال الذاتي والتاريخي ، وتحويل الوعي القومي إلى مشروع سياسي مؤهل للرد على النكبة وتجاوزها الفعلي.
وفي هذا الإطار دعا لاحقاً إلى قيام ما اسماه علم النكبة الذي يتناول هذه القضية كما يتناول أية قضية أخرى بالدراسة المنتظمة، والتتبع المستمر، والبحث الدقيق، والنظرة الشاملة.
ويتساءل زريق: من العجيب أن نوفر لشبابنا الوسائل العلمية للتخصص في الطب والعمارة، ولا نشعر بضرورة هذا الاختصاص في قضية تمس جوهر وجودنا ومصيرنا. وبعد حرب 1967، اصدر زريق كتيبا آخر تحت عنوان معنى النكبة مجددا ، وركز في الكتاب الجديد على موضوعة التخلف العلمي العربي، واختزل أسباب النكبة بهذا التخلف، وبيّن الفرق الشاسع بين العلم والتقدم في إسرائيل والبلاد العربية. وأصبح العلم في نظره أهم أدوات التغيير الاجتماعي والسياسي، وتحويل الوطن العربي الغارق بالميثولوجيا والتخلف والعواطف إلى مجتمع العلم والعقلانية.
أما المفكر العربي الراحل ياسين الحافظ ، ففي كتابه: الهزيمة والإيديولوجيا المهزومة، الصادر في عام 1979، طالب فيه المثقف العربي بهجر " الوعي الامتثالي " والانتقال إلى " الوعي النقدي "، معتبراً أن الثورية الحقة هي تلك التي " ترفض تغطية عورات الواقع العربي، في جميع حيزاته ومستوياته. ترفض أن ترش على العفن العربي عطراً، وعلى الموت العربي سكراً. تسمي الأشياء بأسمائها، ترفض التهوين من حجم بلايانا العربية، ترفض تبسيط وتسطيح مشكلاتنا "، وهي مطالب أو مفاهيم موضوعية وثورية حتى اللحظة، وهذا ما يتوجب على كوادرنا وكل رفاقنا في الجبهة الشعبية وكافة احزاب اليسار العربي تعميق الوعي بهذه المفاهيم .
وخلافاً لمن رأى بأن معركة فلسطين قد حسمت خلال أيام في ربيع عام 1948، أكد ياسين الحافظ أن فلسطين " لم تسقط في أيام، كما لم تسقط في شهور، بل إنها كانت تسقط كل يوم كسرة بعد كسرة وحجراً بعد حجر، منذ صدور وعد بلفور وحتى إعلان دولة إسرائيل " وحتى اللحظة الراهنة .

( 3 )
على الرغم من مرور 65 عاماً على النكبة ، ورغم تراجع المشروع الوطني الفلسطيني عن هدف تحرير كل فلسطين ليصبح هدفا ممسوخا انحصر فيما يسمى سلطة الحكم الذاتي المحدود وصولا الى االصراع الدموي على السلطة وتقاسمها فئويا بين حركتي فتح وحماس وحكومتيهما غير الشرعيتين ، ظلت –وستظل- الذاكرة الفلسطينية الشعبية حافظة للوعي الوطني ، ووفية للشهداء الذين رووا بدمائهم ارض فلسطين من اجل حريتها وعروبتها ... وستظل الذاكرة الشعبية وفية لكل محطات النضال منذ ما قبل النكبة إلى يومنا هذا، دون ان ننسى انها ذاكرة التشرد والغربة والمعاناة التي تعرَّض لها أبناء شعبنا في الشتات، وعززت لديهم روح الآمال الكبيرة في المستقبل الذي ستتحقق فيه أهدافنا الكبرى في انهاء وازالة الكيان الصهيوني عبر الممارسة الثورية للنضال بكل وسائله الكفاحية والسياسية والجماهيرية الديمقراطية في إطار النضال التحرري الثوري والديمقراطي القومي ، لذلك لم يكن غريباً أن تنصهر فينا، نحن الفلسطينيون، الذاكرتين معاً، ذاكرة الوطن المحتل، وذاكرة الغربة والشتات واللجوء، فلكل منها آلامها وآمالها الكبيرة .


( 4 )
الانتفاضات العربية وتراجع القضية الفلسطينية في الذهنية الشعبية العربية

في مشهد الانتفاضات العربية ، نلاحظ طغيان الشعارات الوطنية ، المحلية / القطرية، ذات الطابع المطلبي المعيشي، والديمقراطي، كشعارات رئيسية ، في مقابل خفوت أو غياب الشعارات السياسية الوطنية والقومية المناهضة للامبريالية والصهيونية، إلى جانب تراجع الشعارات المؤيدة للقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني ، الأمر الذي يدفعني إلى القول بأن المتغيرات العربية الراهنة ، في ظل الانتفاضة ، أسهمت في تراجع القضية الفلسطينية في الذهنية الشعبية العربية ، والسبب في ذلك لا يعود أبداً إلى رغبة الجماهير الشعبية العفوية الثائرة ، بقدر ما يعود إلى طبيعة سياسات الأنظمة المخلوعة ، وطبيعتها الطبقية الكومبرادورية البيروقراطية الطفيلية ، واستبدادها وقهرها لجماهير العمال والفلاحين الفقراء ، إلى جانب خضوعها وتكيفها مع السياسات الامبريالية والصهيونية، وتكيفها مع شروط الصندوق والبنك الدوليين التي أدت إلى المزيد من إفقار وإملاق ومعاناة الجماهير الشعبية الفقيرة بصورة غير مسبوقة ، إلى جانب تراجع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ومعظم فصائل وحركات المقاومة الفلسطينية عن ثوابتها وأهدافها ورؤاها الوطنية الثورية، لحساب القبول باتفاق أسلو وبقرارات ما يسمى بالشرعية الدولية، خاصة قراري 242 و 338 وصولاً إلى التراجع عن التمسك بحق العودة كما جرى في لقاء ياسر عبد ربه - بيلين- في جينيف، وصولاً إلى الصراع الدموي بين حركتي فتح وحماس على المصالح الفئوية وعلى اقتسام السلطة، ومن ثم تكريس الانقسام وانفصال حركة حماس وتمترسها في قطاع غزة بتاريخ 14/حزيران /2007، وكل هذه العوامل أسهمت بالتأكيد في تراجع وهج القضية الفلسطينية ووهج النضال القومي في أذهان الجماهير العربية .

( 5 )
مشهد الاسلام السياسي وآثاره على القضية الفلسطينية

في ضوء معطيات مشهد الاسلام السياسي الراهن ونتائجه وآثاره ، فإنني لا أُعوِّل أبداً على متغيرات ايجابية على القضية الفلسطينية، بل على العكس، ستتراكم العوامل السلبية باتجاه المزيد من تكييف حركة حماس لكي تتوافق وتستجيب لسياسات الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس ، إلى جانب استجابتها لحكومات قطر والسعودية والخليج والأردن ... الخ ، في إطار ارتباط النظام العربي الراهن و"جامعته العربية" بالسياسات الأمريكية ، وهي أنظمة باتت اليوم تَعتَبِر القضية الفلسطينية عبئاً ثقيلاً على كاهلها ، ترغب وتسعى للخلاص منه بأي ثمن.
وفي هذا السياق يبدو أن هناك توافقاً على مزيد من التطبيع والاعتراف بالدولة الصهيونية وإنهاء قضية اللاجئين في هذه المرحلة ، عبر ما يسمى بـ"المبادرة العربية/السعودية"، المطروحة منذ عام 2002 ، ولكن ضمن الرؤية والشروط الأمريكية الإسرائيلية ، وبموافقة الإخوان المسلمين والنهضة، في ظل استعداد وقبول اليمين الليبرالي الرث في حركة فتح واليمين الديني في حركة حماس، بعد ان باتت مصالحهما الطبقية والفئوية المحدد الرئيسي على حساب القضية الوطنية ومستقبلها.
أخيراً ، لا بد لي من التأكيد على أن حديثي عن قتامة وسوداوية المشهد العربي الراهن في إطار سيرورات الانتفاضات العربية ، لا يعني تشاؤماً في الإرادة بالنسبة لمستقبل حركة الجماهير وانتصارها، بقدر ما هو نوعاً من تشاؤم العقل الذي يحفز على المجابهة ومواصلة النضال بكل أشكاله في خضم الصراع الطبقي والسياسي ضد أنظمة التبعية والعمالة والاستبداد والتخلف ، وضد الوجود الإمبريالي الصهيوني في بلادنا، وبالتالي فإنني على قناعة -بالمعنى الموضوعي- بأن المشهد العربي الراهن على قتامته ، سيعزز من جديد ، ويراكم كل عوامل السيرورة الثورية الوطنية والديمقراطية داخل كل قطر عربي ، والتي لن تنفصل عن السيرورة الثورية للنضال القومي النهضوي التقدمي الوحدوي والديمقراطي، إذ ليس أمام الجماهير الشعبية الفقيرة وقياداتها الثورية -في فلسطين وبلدان الوطن العربي- أي خيار سوى الاستمرار بالثورة حتى تحقيق الأهداف التي انطلقت الجماهير وضحت من أجلها .

( 6 )
الوضع الفلسطيني بعد 65 عاما على النكبة

شعبنا الفلسطيني اليوم في مواجهة خارطة سياسية جديدة، محكومة في مساحة كبيرة منها، بالمصالح الفئوية ، إلى جانب الصراع و المنافسة غير المبدئية بين القطبين –حتى لو تم توقيع المصالحة بينهما- وهي كلها عوامل ستسهم في المدى المنظور في زيادة الفجوة على الصعيد الاجتماعي بين المصالح الطبقية للشرائح العليا – في الحكومتين- ، وبين الشرائح الشعبية الفقيرة من العمال والفلاحين والبورجوازية الصغيرة، مع استمرار بقاء الحصار والعدوان ، دون أي أفق لما يسمى بالحل المرحلي أو "حل الدولتين" إلى جانب تفتيت الضفة الغربية عبر الجدار والمستوطنات والحواجز والاعتقالات ، واستمرار التفاوض العبثي ومضامينه السياسية الهابطة .
هذا الوضع يفرض على فصائل وأحزاب اليسار مراجعة تجربتها وخطابها وإعادة صياغة رؤيتها وبرامجها ودورها المستقبلي ، بما يمكنها الانتقال من حالة الركود الراهنة إلى حالة التفاعل الذي يحقق قدرتها على الاستجابة والتحدي للمأزق السياسي والمجتمعي الراهن، وأن تتعاطى مع ما يجري من على أرضية المصالح والأهداف الوطنية والديمقراطية المطلبيه ، ارتباطاً وثيقاً بالرؤية القومية للصراع مع العدو الصهيوني باعتباره صراع عربي إسرائيلي ، جنباً إلى جنب مع تفعيل دورها في المقاومة المسلحة والشعبية ، بما يوفر لها امكانيات كسر الاستقطاب الثنائي لحركتي فتح وحماس ، والانطلاق إلى رحاب الجماهير الشعبية والتوسع في صفوفها لكي يستعيد شعبنا من جديد، أفكاره وقيمه الوطنية والديمقراطية والاجتماعية التوحيدية، ويطرد قيم الانتهازية والتخاذل والواقعية المستسلمة.

( 7 )
الترابط بين البعدين الوطني والقومي بمنهجية ثورية ديمقراطية وانسانية أممية

أصبح الوضع العربي الرسمي –في معظمه- في حالة ينظر فيها إلى القضية الفلسطينية باعتبارها عبئاً ثقيلاً على كاهله يسعى إلى الخلاص منه طالما كان في ذلك ضمانة لمصالح النظام الحاكم وشرائحه الطبقية الطفيليةوالرأسمالية الرثة التابعة (البيروقراطية والكومبرادورية والعقارية والمالية).
إن هذه الصورة لا تعكس في ذهني تشاؤماً في الإرادة بقدر ما تفرض نوعاً من تشاؤم العقل واستخدام أدواته النقدية في تحليل هذا الواقع الذي تعيشه مجتمعاتنا في اللحظة الراهنة، حيث تُولِّد الهزيمة مزيداً من تراكم الأزمات، وتختلط عوامل التغيير مع عوامل اليأس او الاستسلام، واذا كان الامر كذلك، فان من واجبنا ان نطرح مجدداً السؤال التقليدي: ما العمل؟ والاجابة الاولية السريعة والسهلة للعمل المطلوب، هي الدعوة الى توفير الارادة الوطنية والقومية، لكن الاجابة الحقيقية هي التي تشير الى الضرورات الرئيسية للنهوض الوطني والقومي:
الضرورة الأولى: أن تنتزع جماهيرنا الشعبية الفقيرة نفسها من فكرة الهزيمة وهو هدف يتحمل المسؤولية الكبرى فيه، المثقف التقدمي العربي عبر التزامه العضوي الصريح بهذه الفكرة واشتراطاتها وتضحياتها، الضرورة الثانية: إن الحركات الثورية اليسارية قادرة عبر بلورة الرؤية القومية الديمقراطية التوحيدية الواضحة أن تحدد وتصنع مستقبل شعوبنا، الضرورة الثالثة: أن نحرص –بكل الوسائل- على ان لا تنطفيء شعلة العمل الوطني الثوري التحرري والديمقراطي من منطلق الصراع الطبقي داخل كل قطر عربي ارتباطا بالبعد القومي التقدمي بافقه الاشتراكي الصريح ،كأساس وحيد للمستقبل، ذلك ان الصراع مع العدو الصهيوني، رغم أهمية وحجم النضال الفلسطيني وتضحياته، الا انه صراع عربي –اسرائيلي- بالاساس، أما الضرورة الرابعة: فهي تتجلى في ان خضوع الوطن العربي للهيمنة الامريكية في هذه المرحلة، يجعل من امبريالية العولمة والنظام الراسمالي هم الخصم الاستراتيجي لامتنا العربية ولابد من مجابهته وقهره وازالة اثار عدوانه.

( 8 )
حل الدولتين وفق الشروط الامريكية الاسرائيلية نوع من الوهم ...في مناسبة 65 عاما على النكبة

في ضوء أوضاعنا الفلسطينية والعربيةالراهنة، الطافحة بالكثير من عوامل التأزم والاحباط
والتفكك والانقسام والصراع على المصالح، يبدو ان الخيار الذي قام على أساس أنه يمكن أن يحصل الفلسطينيون على دولة مستقلة، كان وهماً قاد إلى النهاية التي نعيشها، أي انقسام وتفكك الفكرة الوطنية التوحيدية الناظمة للنضال التحرري والديمقراطي لشعبنا، وتفكك النظام السياسي والمشروع الوطني وتوسع السيطرة الصهيونية على الأرض، وأيضاً انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية في اطار الصراع بين هويتين: هوية الاسلام السياسي والهوية الوطنية الديمقراطية في اطارها القومي والانساني.
لقد توضح خلال العقود الماضية، الى جانب تطورات الوضع العربي الرسمي الراهن المنحط والخاضع المستسلم للشروط الامبريالية، علاوة على استمرار الصراع على المصالح والانقسام وتجدد الحديث عن تبادل الاراضي ، والمفاوضات العبثية البائسة، بأن الدولة الصهيونية معنية بالسيطرة على كل فلسطين، وأنها جزء من المشروع الامبريالي للسيطرة على الوطن العربي...لذلك يجب ان تتأسس الرؤية لدى كافة قوى اليسار الثوري في فلسطين والبلدان العربية ، انطلاقاً من ذلك وليس من خارجه، فالدولة الصهيونية هي مركز ثقل الوجود الامبريالي في الوطن العربي، وضمان استمرار التجزئة والتخلف العربيين... لهذا بات ضروريا أن يعاد طرح الرؤية الوطنية التحررية من قلب الرؤية التقدمية القومية الديمقراطية الأشمل، التي تنطلق من فهم عميق للمشروع الامبريالي الصهيوني وأدواته البيروقراطية والكومبرادورية والرجعية، من أجل ان يعاد تأسيس نضالنا الوطني والديمقراطي على ضوء هذه الرؤية ، ولا شك في ان هذه المهمة هي مهمة القوى والفصائل اليسارية الثورية في فلسطين والوطن العربي .

( 9 )
خمسة وستون عاما مضت على ارتكاب النظام الإمبريالي الرأسمالي وصنيعته الحركة الصهيونية، لجريمة، كانت وما زالت، من أبشع جرائم العصر الحديث، جريمة اقتلاع معظم أبناء شعبنا العربي الفلسطيني من أرض وطنه ودياره، وإحلال المغتصبين الصهاينة مكانه بقوة السلاح والإرهاب وتزوير حقائق التاريخ، هكذا تم قيام دولة العدو الإسرائيلي كدولة وظيفية تستهدف استمرار حالة التجزئة والتفكيك بين بلدان وشعوب وطننا العربي من ناحية وحماية المصالح الرأسمالية الامبريالية التي تقوم على الاستيلاء والتحكم بمواردنا وثرواتنا من ناحية ثانية، وبهذا المعنى لابد من مراجعة المسيرة الماضية وأوهام الحل المرحلي، لكي يخرج الصراع مع العدو الصهيوني من أحادية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ليتخذ مجراه الموضوعي كصراع عربي - صهيوني بين كل من الحركة التحررية العربية التقدمية وفي طليعتها الشعب الفلسطيني ، وبين التحالف الامبريالي – الصهيوني ، خاصة في هذه المرحلة التي تتفجر فيها العديد من الانتفاضات الشعبية ضد أنظمة الاستبداد والتبعية والتخلف والفساد في معظم الأنظمة العربية ، بحيث بات من الممكن الحديث عن تفعيل البعد القومي في الصراع ضد دولة العدو الصهيوني بآفاقه التحررية والديمقراطية والوحدوية في مجابهة مشاريع ومخططات القوى الرجعية وحركات الاسلام السياسي المتوافقة مع السياسات الأمريكية، وفي هذا الإطار فإن من الطبيعي والحتمي أيضاً أن يكون لشعبنا الفلسطيني وحركته الوطنية الديمقراطية دوراً طليعياً فيه من أجل تحقيق أهدافه في تقرير المصير والعودة في دولة فلسطين الديمقراطية العلمانية لكل سكانها، على أنقاض الدولة الصهيونية، وكجزء لا يتجزأ من الدولة العربية الديمقراطية والمجتمع الاشتراكي العربي الموحد.
( 10 )
معطيات وأرقام حول الشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين في الوطن والشتات كما في 1/1/2013
1- يقدر عدد أبناء الشعب الفلسطيني من المقيمين في فلسطين وفي الشتات (استناداً إلى تقديرات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني)، كما في 1/1/2013 بحوالي (11524178) نسمة يتوزعون كما يلي:- (4356900) نسمة في الضفة والقطاع بنسبة 37.4% ، (1443051) نسمة داخل الخط الأخضر -الأراضي المحتلة 1948بنسبة 12.4% ، (وبنسبة .18% من إجمالي عدد سكان اليهود في دولة العدو الإسرائيلي الذين يبلغ عددهم في بداية 2013 ، 6037758 نسمة )، (5724227) نسمة في الشتات خارج الوطن بنسبة 50.2% .
2- بلغ مجموع الفلسطينيين في الشتات في 1/1/2013، (5724227 نسمة) بنسبة 50% من مجموع الشعب الفلسطيني، في حين بلغ مجموع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأرض المحتلة 48، (5799951 نسمة) بنسبة 50% من مجموع الشعب الفلسطيني.
3- يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين بالاستناد إلى تقديرات الأونروا كما في 1/1/ 2013 ، نحو (5271893) نسمة، أي بنسبة 45.7% من إجمالي الشعب الفلسطيني.
4- الفلسطينيون غير المسجلين في سجلات اللاجئين لدى وكالة الأمم المتحدة من فلسطيني الشتات يبلغ تعدادهم (2611349) نسمة أي بنسبة 22.6% من مجموع أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات موزعين كما يلي : (الاردن 1364019 ) (باقي الدول العربية 588130) (الدول الأجنبية 659200) .
5- تصل نسبة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن إلى 40% من مجموع اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث مقابل 23.9% في قطاع غزة، و17% في الضفة الغربية، 8.5% في لبنان، و10% في سوريا.
6- يقدر عدد اللاجئين (في 1/1/2013) في قطاع غزة نحو (1263312 لاجئ)، أي بنسبة 75.7%من مجموع سكان القطاع، كما ويقدر عدد اللاجئين في الضفة الغربية (895703 لاجئ) أي بنسبة 33.3% من مجموع سكان الضفة، أما نسبة اللاجئين في الضفة والقطاع إلى مجموع السكان فيهما فتبلغ 49.5% .
7- عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في الشتات بلغ في 1/1/2013 (3112878 لاجئ) بنسبة تصل إلى 59% من مجموع اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة (الاونروا) البالغ عددهم في 1/1/2013 (5271893 لاجئ) ، أما اللاجئين المقيمين في الضفة والقطاع فتبلغ نسبتهم 41% من مجموع اللاجئين المسجلين .
8- فيما يتعلق بعدد الفلسطينيين المقيمين حاليا في فلسطين التاريخية (ما بين النهر والبحر) فإن البيانات تشير إلى أن عددهم قد بلغ في نهاية عام 2012 حوالي 5.8 مليون نسمة، بنسبة 49% من مجموع السكان اليهود العرب في فلسطين ، علماً بأن عدد السكان اليهود 6037758نسمة.
9- بناء على تقديرات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، فإن من المتوقع أن يتساوى عدد السكان الفلسطينيين واليهود في فلسطين التاريخية مع نهاية عام 2015 ، في حين ستصبح نسبة السكان اليهود حوالي %48.7 من السكان بحلول نهاية عام 2020 حيث سيصل عددهم إلى 6.8 مليون مقابل 7.2 مليون فلسطيني.