كاريكاتور من الثورة المخملية! نقد على بيان ونشرة الإسقاط، من قبل المنشقين*


حميد تقوائي
الحوار المتمدن - العدد: 1180 - 2005 / 4 / 27 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

كاريكاتور من الثورة المخملية!

نقد على بيان ونشرة الإسقاط، من قبل المنشقين*

الجزء الأول



حميد تقوائي**



إن ذلك المستند الذي تم نشره مؤخرا"، تحت أسم بيان ونشرة الأسقاط ، في جريدة كومونيست (الشيوعي) العدد 26، 18 شباط 2005 ، من قبل بعض الأصدقاء الذين انشقوا من الحزب ليس لها صلة تذكر بالانهيار. وإن هذا الطرح هو في الأساس لمرحلة ما بعد انهيار الجمهورية الإسلامية. إن جوهر هذه المستندات وعلى عكس ما يدعون به وعكس عنوانه الذي وضعوها في ذهن القراء لا تتضمن ماذا ينبغي فعله لإسقاط الجمهورية الإسلامية في إيران بل، يتضمن الحديث حول سياسة هؤلاء الأصدقاء وما ينبغي فعله! بعد السقوط. ولكن، السكوت عن سياسة اليوم حول الإسقاط، والطرح الذي قدمته تلك الدراسة حول ما بعد السقوط يعبران للجميع بشكل واضح وصريح عن واقع معين ألا وهو: أن حزبا" يسمي نفسه ب"الحكمتية" قد طرح جانبا قضيتي الثورة والاشتراكية. كما وإن نشر مثل تلك المستندات هو بحد ذاته تأكيد آخر على واقع كون ذلك الحزب في استراتيجيته السياسية، وبرنامجه السياسي العملي بالارتباط مع الدولة والسلطة السياسية، هو يميني و"مضاد للحكمتية ". وعليه فإن الثورة والقيادة وتنظيم الثورة والاشتراكية والجمهورية الاشتراكية قد وضع جانبا" في استراتيجية هؤلاء الأصدقاء وقد حلوا محلها الإسقاط والدولة المؤقتة والاستفتاء ومجلس المؤسسين.

لقد أخضعنا ذلك الواقع في حينه للنقد من خلال أبحاثنا الداخلية، والتي تم نشرها اليوم بوصفها أبحاثا" عمومية للمستندات، وأوضحناه بشكل مستفيض أمام المنشقين .

فأرعب هؤلاء الأصدقاء ونفوها، وقالوا لا تفتشوا العقائد ثم ذهبوا. واليوم فإن نفس تلك النظرة التي تمت انتقادها ورفضها قد ظهرت بشكل أكثف من خلال اللعب بالألفاظ وعبارات اليسار وجعلوها سياسة رسمية لحزبهم. ومن هذا الجانب وبشكل دقيق بعد أن أصبحت حاليا" تلك النظرات القديمة لأصدقائنا المنشقين سياسة رسمية لحزبهم، فنرى من جديد بأنه من واجبنا أن نوجه نقدنا مرة اخرى إليهم.



المنظور المنتقد والمرفوض في صورة صياغتها الجديدة



كل من يلقي نظرة خاطفة على نشرة الإسقاط سيظهر له بأن جوهر هذا المستند هو في الواقع نفس الأبحاث التي طرحها كورش مدرسي في الاجتماع الموسع السادس عشر للحزب. والتي تم انتقاد في ذلك الاجتماع الموسع بعد أن دونه على شكل قرار، وواجه، اعتراضا" واسعا" من المشاركين في الاجتماع الموسع والمكتب السياسي. وكذلك واجهها الكثير من نفس هؤلاء الأصدقاء الذين تركوا صفوف الحزب والذين وقعوا على تلك النشرة بعد بضعة أشهر من انتهاء الاجتماع الموسع هذا و تم كتابة مختلف الأبحاث ضد هذه النظرة وانتقدت بشكل واسع ثم أبعدت. ( راجعوا صفحة انترناسيونال، قسم الوثائق والأبحاث الداخلية للحزب الشيوعي العمالي الإيراني، بحث سقوط الجمهورية الإسلامية وشريط اجتماعات المكتب السياسي حول الأبحاث المتعلقة بالحزب وعملية الإسقاط ). وفي ذلك الحين كانت الصيغة التي طرحها كورش مدرسي تتكون من: الدولة المؤقتة + مجلس المؤسسين + الاستفتاء. وكان أساس بحثه يتمثل بأن الجمهورية الإسلامية ستسقط فماذا ستكون الخطة العملية بالاشتراك مع قوى المعارضة، ومنها القوى التي أزيحت من السلطة، وحينئذ أشار إلى أتباع الثاني من خرداد" الحزيرانيين. م " والحجاريين وآخرون كأمثلة ليتم برفقتهم تشكيل الحكومة المؤقتة وبعدها تشكيل مجلس المؤسسين ليقوم بكتابة الدستور الدائم ومن ثم إجراء الاستفتاء عليها. إن نشرة الإسقاط التي تمت نشرها حاليا" هي بصورة كلية نفس الطرح. أنها لم تؤشر بشكل مباشر إلى مجلس المؤسسين والاستفتاء ولكنها أظهرت نفس المحتوى. لقد قالت: يجب أن يتم إعداد الدستور الدائم ولذلك العمل يجب أن يقوم مجلس ممثلي الجماهير بإعداده. في حينه كان يقول مجلس المؤسسين أما الآن فيقولون المجلس المباشر لممثلي الجماهير. ( سطحيا" إن راديكالية هذا التعبير تكمن في التمثيل المباشر، وهذا يعني بأن الانتخابات لا تجري أسوة" ببقية المجالس التمثيلية على مرحلتين!) وفي آخر الطرح يقول إن هذا المجلس المباشر للممثلين يجب أن يكتب الدستور الدائم، أي بمعنى أن ممثلي برلمان اعتيادي من الذين يتم انتخابهم سيتجمعون حول بعضهم وسينجزون عمل مجلس المؤسسين! وبذلك فهي نفس الملحمة القديمة لمجلس المؤسسين والاستفتاء ولكنها وضعت أمامنا بصياغة جديدة! إن هذا هو نفس البيان الخجول لصيغة الدولة المؤقتة + مجلس المؤسسين + الاستفتاء والذي تمت نشره هذه المرة باسم نشرة الإسقاط. فهي نفس الطاسة ونفس الحمام، ولكنها اطعمت ببهارت الاشتراكية. سنرد على هذا البيان ولكن في البداية يجب أن نراجع منشور " الإسقاط " بدقة أكثر.



الجمهورية الاشتراكية في ما بعد: التراجع عن برنامج " عالم أفضل "



لقد حسمت نشرة الإسقاط بصورة جذرية وأساسية حساب الحزب الجديد مع الشيوعية العمالية. لأن هذا المستند هو بكل صراحة و وضوح تراجع عن برنامج " عالم أفضل ". إن ما يميز، محتوى وجوهر برنامج " عالم أفضل، وكل مشخصاته بوصفه استراتيجية سياسية، بالارتباط مع مسألة الدولة والسلطة السياسية الذي يفصل حساب الشيوعية العمالية عن مختلف الشيوعيين الرسميين لليسار الإيراني واليسار اللاعمالي في العقود الأخيرة، هو فقط إعلان هذا الأصل الذي ينص: بأن الحزب الشيوعي العمالي سيتمكن من خلال إقامة الحكومة العمالية ( أثناء إقرار البرنامج لم يكن اسم الجمهورية الاشتراكية قد ذكر بعد فلم يتم إقرارها ) تحقيق برنامجه الاشتراكي. وعليه فإن الاشتراكية فورا" يشكل روح وجوهر برنامج عالم أفضل.

إن كل اليسار اللاعمالي، من التروتسكيين والشعبويين والماويين والفدائيين هم ذلك اليسار، الذين يحلفون بالاشتراكية، ولكنه على الرغم من ذلك فأنهم لم يضعوا الاشتراكية لا بهيئة نظام سياسي وحكومي ولا بهيئة نظام اقتصادي في برنامج عملهم بل أجلوها إلى مرحلة أخرى. لأن الثورة بالنسبة لليسار الغير عمالي ليس في أي وقت من الأوقات اشتراكية كما وإن الأوضاع بالنسبة إليهم غير مهيئة في أي وقت كان للاشتراكية. ومن منظور هؤلاء إن المجتمع يجب أن يمر دوما" في " المرحلة الأولى " تهيئة الأرضية " والشروط المسبقة " للثورة الاشتراكية في حين أن أوان الثورة الاشتراكية لا يأتي أبدا".

إن ذلك كانت بكل وضوح نظرة وموقف كورش مدرسي والأصدقاء المنشقين من الأبحاث الداخلية لحزبنا والذي ظهر حاليا" في بيان ونشرة الإسقاط لحزبهم ويمثلونها فعليا". إن إعلان الدولة المؤقتة في نشرة الإسقاط على صورة برنامج عمل للمنشقين بعد سقوط الجمهورية الإسلامية يعني تأجيل الحكومة العمالية والجمهورية الاشتراكية إلى فترة أخرى.

وعندما اقترحت هذه النظرة في إطار قرار للمرة الأولى بطرح من كورش مدرسي في اجتماع المكتب السياسي ( راجعوا وثائق الأبحاث الداخلية ) تعرضت لنقدنا. وقد واجهنا هذا القرار وقلنا بأنه مضاد ومناقض لبرنامج الحزب وإن المؤتمر فقط له صلاحية التحليل والتعقيب عليه. وعلى أثرها وفي حينه فإن كورش مدرسي ومؤيديه أكدوا على طرح فقرة الدولة المؤقتة جانبا" وكذلك قالوا بأن ( مجلس المؤسسين والاستفتاء ) لا يحتاجان إلى طرحها في المؤتمر. وليس هذا فقط بل واضطروا حتى على قبول قرارات المؤتمر الرابع والتي كانت بأكملها مناقضا" لتلك الطروحات. وحاليا" يظهرون أنفسهم وكأنهم لم يضطروا للتوافق والتراجع. و" الاشتراكية بعد ذلك " سيقيمها حزبهم وسيتحدثون فيها ما يحلو لهم. بطبيعة الحال إن هؤلاء الأصدقاء أحرار ليقولوا ويكتبوا ما يشاءون ولكننا لا نسمح ببلورة هذا التحول نحو اليمين والعودة إلى التقليد اليساري اللاعمالي والغير اشتراكي تحت أسم " عالم أفضل " والحكمتية. إن مسألة هؤلاء الأصدقاء ليست حول صحة نظرات من عدمها. وأيا" كان موقفنا حول هذه النظرات فلا يتغير أي شيء لأنها تنفي بشكل مباشر وصريح برنامج " عالم أفضل ". إن استراتيجية الدولة المؤقتة لا تتوافق بأي تفسير وتحليل وتحريف مع برنامج عالم أفضل. بامكان هؤلاء الأصدقاء أن يختاروا برنامجهم والشيوعية التي هي على شاكلتهم. فلدينا الكثير من الشيوعيين الذين هم من طراز " الاشتراكية في ما بعد ". أما برنامج " عالم أفضل " فقد كتب أصلا" على أساس الانتقاد الموجه لمثل هؤلاء الشيوعيين. إن الأصدقاء المنشقين إذا أرادوا أن تكون استراتيجية الدولة المؤقتة أكثر تماسكا" وانسجاما" فمن الأفضل لهم التخلي عن برنامج " عالم أفضل ". ومن الأفضل أن يكفوا عن " التلاعب بالثورة " والتلاعب بالبرنامج " وأن يسندوها إلينا وأن ينهمكوا دون ضجر وبفعالية لتحقيق استراتيجية دولتهم المؤقتة. فذلك أفضل بالنسبة لنا جميعا".



الدولة المؤقتة: استراتيجية تسليم السلطة بيد اليمين



إن ذلك الشيء عموما" الذي يفصل، وبشكل خاص اليمين واليسار في ظل الأوضاع الثورية داخل المجتمع عن بعضه البعض، وبشكل أولي يفصل ذلك اليمين في القالب اليساري الذي يسمى في الأدبيات السياسية لليساريين بالانتهازية عن الخط الشيوعي وخط الثورة الاشتراكية، هو مسألة الدولة حيث أنها تشكل مفرقا" سياسيا" مهما". فمن الناحية النظرية إن الذين يسمون أنفسهم بالاشتراكيين ليسوا قليلين حيث أن كل اليسار الغير عمالي يعرفون أنفسهم كاشتراكيين فإذا تكلمنا اليوم مع قادة حزب توده فإنهم لا يقصرون في ادعاءاتهم بالاشتراكية. ولكن في السياسة والبراكتيك فإن كل هذه الادعاءات بفعل بعض العوامل يترك جانبا" ويفتح الباب بمصراعيه أمام سياسة الطبقات الأخرى. وإن " نشرة الإسقاط " تحقق بوضوح نفس العمل. وعليه فإن هذا ليس طرحا" للإسقاط بل، طرحا" لتشكيل الدولة المؤقتة. وفي هذه النشرة تم تعريف الدولة المؤقتة بمعنى انتصار حركة الإسقاط. ولكن ضرورة تطوير هذه الحركة إلى مستوى حركة ثورية، وتأمين الوعي اليساري على هذه الثورة والتوجه نحو قيادتها وتنظيم الثورة فلم يتم التطرق إليها لا في النشرة ولا في بيان الإسقاط. وقد قيل ذلك بالقدر الكافي. إن منظمة" تعرف نفسها باليسارية والثورية لا ترى من الضروري أن تشير حتى ولو لمرة واحدة، من أجل إسقاط الجمهورية الإسلامية، إلى الانتفاضة والثورة. وبدلا" عنها أعلنوا بأن الدولة المؤقتة ستحل محل الجمهورية الإسلامية وستعلن فورا" المطالب المدرجة في نشرتهم تحت عنوان انتصار حركة الإسقاط، أما هذه القائمة القليلة المطالب فهي في الحقيقة جزء قليل من المطالب في ذلك القسم الذي يتضمن المطالب في برنامج " عالم أفضل "، في حين أن تلك الفقرات التي تتعلق بهيكلة الدولة، وإزاحة البيروقراطية المسلطة فوق رؤوس الجماهير وهيكلة حكومة المجالس، فقد تم طرحها جانبا" بشكل تام. وبمعنى آخر فإن تشكيل الدولة المؤقتة لا هيكلتها تتوافق مع برنامج " عالم أفضل " ولا بامكانها أن تحقق جوهر قسم من مطالب برنامج " عالم أفضل "، بمعنى تعريف لانتصار حركة الإسقاط. إن هذا ليس انتصارا" وليس حتى انتصارا" وقتيا"، إن هذا هو إيقاف حركة الإسقاط في منتصف الطريق وفي النهاية هو سقوط لها، وهذا هو تسليم السلطة بيد اليمين. وحتى نفس المستوى من مطالب برنامج " عالم أفضل " التي جاءت في نشرتهم يعتقدون امكانية تحقيقها من دون قيام الثورة ( والذي يرغب الأصدقاء تسميتها بقلب متردد وباسم أيام الطفولة حركة الإسقاط ) في ظل وعي اليسار وبقيادتهم.إن هذه الثور لا تستطيع، ولا يجوز إن تتوقف عن تحقيق تلك المطالب. إن إعلان الوصول إلى الانتصار بسرعة ليس لها أية معنى غير سقوط الثورة وإن منشور " النشرة " تفعل ذلك بكل دقة. إن تحقيق جزء من الحريات السياسية، والتي قسم منها هي اطلاق سراح السجناء السياسيين و الغاء المؤسسات القمعية ، هي حصيلة لعفوية الحركة الثورية، وانتصار الحركة ستعلن وتبسط بساط الجبهة الدبلوماسية والدستورالدائم و مجلس المؤسسين. إن هذا ليس ظهورا" لانتصار حركة الإسقاط، بل مانعا" أمام طريقهم. وهو طرح لسوق الجماهير إلى بيوتهم وتسليم الميدان السياسي للقوى اليمينية والأشخاص المتخصصين لتشكيل الدولة المؤقتة والسلم الوطني وتوحيد مجلس المؤسسين والدستور الدائم. إن القوى اليمينية يعملون من الآن في هذا التخصص. الاستفتاء بعد السقوط، تحقيق لائحة حقوق الإنسان، مجلس المؤسسين، كتابة الدستور الدائم في إطار حقوق الإنسان..إلخ هذه النوع من الإغراء يشهرون بها ليتمكنوا بأقل تغييرات للحكومة يسوقون الناس إلى بيوتهم ومن ثم ليقولا انتهى " لقد انتصرنا " والآن قد آن أوان الانتخابات والدستور الدائم. يطرحون مثل هذه الطروحات حتى لا توصل حركة الإسقاط، الثورة إلى آخر المطاف وحتى لا تطيل في قلب واستدارة النظام السياسي الرأسمالي في إيران. واليوم فإن أصدقاءنا المنشقين بمعزل عن أية نية لديهم يسيرون نفس تلك السياسة. وإن بيان الإسقاط تنتقد تلك اللعبة اليمينية التي ظهرت بعنوان التحرك لسوق الناس إلى بيوتهم ولكن طرحهم لا يختلف كثيرا" عن مثل تلك الطروحات. " إن نشرة الإسقاط هي تصميم اليسار" للاستفتاء بعد إسقاط الجمهورية الإسلامية ".



للبحث بقية



**************************************************************************************************

* يقصد المنشقون عن الحزب الشيوعي العمالي الايراني من جناح كورش مدرسي

** حميد تقوائي ليدر الحزب الشيوعي العمالي الايراني



ترجمة جليل شهبار