الدّور المذدنب لسكرتير الأمم المتحدة


محمد نفاع
الحوار المتمدن - العدد: 4087 - 2013 / 5 / 9 - 12:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في السنوات الأخيرة يبرز دور مجلس الأمن وسكرتير هيئة الأمم وهذا الاذدناب الحقير للولايات المتحدة وحلفائها وعملائها.
ولهذا السكرتير سابقتان خطيرتان تتناقضان تناقضًا صارخًا مع وظيفته. هو الوحيد من بين سابقيه الذي يزور البنتاغون الأمريكي، وهي ليست زيارة ومجرد زيارة، فيها رمز وفيها دلالة على إخلاصه الكبير للدور الأمريكي العدواني في العالم وفي الشرق الأوسط، صحيح ان دولا مثل جمهورية الصين الشعبية وجمهورية روسيا الاتحادية تتصديان في أحيان كثيرة لمقترحات أمريكية وأطلسية وتحبطانها باستعمال حق النقض، على هذه السابقة يجب ان يفصل هذا السكرتير.
والسابقة الأخرى هي هذا الاتفاق بينه وبين حلف شمال الأطلسي العدواني، في "التشاور والتنسيق" كما جاء على لسان مندوب الجمهورية العربية السورية.
لكن من يلاحظ ويلاحق تصريحاته في الموضوع السوري والإيراني والفلسطيني والكوري والمقاومة اللبنانية يرى ان لا فرق عمليًا بين موقفه وموقف السيد المهيمن الأمريكي. أحيانا يطلق تصريحات رخوة هلامية ممجوجة فيها ذرة من النّزاهة، ذرة واحدة فقط، ويحرص ان تكون عامة ومتزنة بين المعتدي والمعتدى عليه أو المستهدَف، على السابقة الثانية أيضًا يجب ان تنزع عنه الثقة ويُفصل. نحن نعرف مدى استقلالية هيئة الأمم ومجلس الأمن بشكل خاص، فماذا يرجى من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وهي أكثر القوى عدوانية في الماضي والحاضر وطبعا مع بعض الدول الرأسمالية الاستعمارية الأخرى مثل ألمانيا واليابان وايطاليا والقائمة تطول.
في غزو العراق استثني دور مجلس الأمن كليًا، واليوم يقف هذا السكرتير موقفا متطابقا كتطابق المثلثات مع الولايات المتحدة، أين هو من العدوان الإسرائيلي اليومي على لبنان عن طريق خرق المجال الجوي مثلا!! أين هو من القصف الإسرائيلي لبعض المواقع في سوريا. أحيانًا يعبر عن أسفه بجمل فيها الكثير من الدّلع والقرف. كم استهجن للعديد من القيادات العسكرية والسياسية والمخابراتية عندما تخرج إلى التقاعد أو من الخدمة وتروح تصرّح عن حقائق فظيعة سكتت عليها وهي في الوظيفة أو كانت جزءًا من الكذب والافتراء كما حصل في موضوع سلاح الدمار الشامل في العراق. هذا يذكرنا ببعض أقطاب اليسار الصهيوني عندنا، خلال الحروب العدوانية التي تقوم بها إسرائيل يصمتون جدًا، لا بل يقولون: دعوا جيش الدفاع الآن يقوم بدوره وواجبه!! وأي واجب!! احتلال وغزو وقتل وخطف ودمار وأعمال لصوصية في البحر والبر والجو، في الحقل وفي عقر الدار، وكل ذلك لا يطلقون عليه إرهابا، ولا جرائم المستوطنين، بعدها يأتي هؤلاء ويدلقون اعترافات ومواقف في منتهى الحِطة. وللأسف هناك من يشتري هذا التلوّن.
تمامًا كالبعض العجيب الغريب وطرح معادلة: أولا يجب إسقاط النظام بعدها ننتقد ونستنكر، وأي نظام! النظام المستهدف من قبل الولايات المتحدة والأطلسي وإسرائيل والرجعية العالمية والعربية مثلما تطرح هذه المعادلة الانحدارية تجاه سوريا.
يتحمس هؤلاء في انتقاد النظام في سوريا وإيران وكوريا بالضبط عندما يجري التآمر الخارجي للإطاحة بهذه النظم حتى يسهل على قوى الشر والجريمة الاستيلاء على خيرات البلاد مثل بترول ليبيا والعراق وإيران وسوريا، ولإقامة نُظم عميلة، أو لكسر كل صوت يعارض أمريكا ومصالحها العدوانية في العالم مثل كوريا الشمالية.
لإسرائيل مسموح جدًا التدجج بكل أنواع الأسلحة، واستعمالها مثل العنقودية والفوسفورية، أما لإيران فممنوع منعًا باتًا، وكذلك لكوريا.
قتلُ مستوطن إسرائيلي على الأرض الفلسطينية قمة الإرهاب. قتل فلسطيني على يد محتلين ومستوطنين فيه اعتبار آخر. خطف جندي إسرائيلي يقيم العالم الاستعماري ويقعده، خطف سوريين ولبنانيين وفلسطينيين من قبل إسرائيل، يضع هذا العالم الإجرامي في فمه ماء وغير ماء.
لو لم يكن هنالك احتلال واستيطان عنصري، هل كان هنالك سبب ومسبّب للقتل!! نحن لا نفرح لقتل أي إنسان حتى لو كان مستوطنًا، لكنه ماذا يفعل هناك، في ارض غير أرضه، يدهس ويقتل ويقلع أشجار زيتون ويحرق مزروعات؟!
قرار مجلس أمن مجحف بحق لبنان يجري فحصه باستمرار وفي العلاج المكثف خوفًا من خرق "كخرم الإبرة" تقوم به المقاومة اللبنانية. قرارات مجلس امن في الموضوع الفلسطيني كلها محنطة.
ما يحق لإسرائيل يحق لكل دولة في العالم مثل إيران. ما يحق لأمريكا يحق لكل دولة في العالم ومنها كوريا. مقاومة الاحتلال ومقاومة العدوان قيمة كفاحية وإنسانية وأخلاقية ووطنية من أسمى القيم، نقول ذلك، ونحن على أبواب مناسبة عيد النصر على النازية وسحقها على يد الجيش الأحمر والأنصار، ونأمل لكل مقاومي الاحتلال الإجرامي والمستهدَفين المزيد من القوة في كافة المجالات، ونتمنى لهم النصر المشرّف. أما أولئك الشراشيح واللقاميط والعملاء لأمريكا وأذنابها وحلفائها ومنهم هذا السكرتير للأمم المتحدة، ومنهم نظم الخيانة، ومنهم أصحاب الفتاوى الحقيرون، ومنهم الانتهازيون المتلونون، فليلعقوا جراحهم، وليستمروا في تصريحاتهم المنتنة كفساء الظّربان. مع أننا في أيام سوداء كما تبدو لكن الأرض تدور أيضًا في الليل.
كتبت هذه الكلمات البسيطة جدًا والعادية جدًا جدًا وأنا استمع إلى خطاب السيد حسن نصرالله، هذا الإنسان المقاوم والصادق والشجاع والواقعي والمتفائل، وهو يخاطب ويجادل بعض الأقزام البشرية، ويدعو إلى الحل السياسي في سوريا، عن طريق الحوار، ويندد بفتاوى القتل، ويحذر من المخطط الأمريكي لتمزيق الدولة السورية وجيشها وشعبها عن طريق زرع الفتنة والقضاء عليها وعلى دورها الإقليمي.