مؤامرة الحكومة البرجوازية ضد الطبقة العاملة عشية فاتح ماي 2013


عبد السلام أديب
الحوار المتمدن - العدد: 4073 - 2013 / 4 / 25 - 15:57
المحور: الادارة و الاقتصاد     

يظهر أن الآلة السياسية للحكومة البرجوازية نصف ملتحية تواصل هجومها بدون كلل عشية فاتح مايو على الشغيلة المغربية المقهورة والمحدودة الدخل من خلال مختلف اجراءاتها والنوايا التي تخبئها لها، وفي هذا الاطار نتوقف عند بعض الاجراءات الحكومية الأخيرة :

أ - الزيادة في اسعار المحروقات شهر يونيو 2012 مما دفع مختلف اسعار المنتجات والخدمات الى الارتفاع وكان مبرر بنكيران في ذلك انه من الأفضل الزيادة في المحروقات بدلا من اللجوء الى الاستدانة الخارجية

ب - لكن مباشرة بعد الزيادة في اسعار المحروقات لجأ بنكيران الى صندوق النقد الدولي للحصول على خط ائتماني بقيمة 6 مليار دولار على اساس نوايا تقشفية غير معلنة، لعل ابرز ما ظهر منها هو التأكيد على ضرورة الغاء صندوق المقاصة ومراجعة رواتب التقاعد نحو الانخفاض مع زيادة الاقتطاع في رواتب العاملين والزيادة في سن الاحالة على التقاعد، وكلها اجراءات تتوخى استرجاع فوائض قيمة هائلة من أصحابها الشرعيين لضخها من جديد في خزائن البرجوازية المهيمنة .

ج - منذ ذلك الحين توسع اللجوء الى الاستدانة الخارجية والداخلية وبلورة ميزانية عامة تقشفية ورفع الضرائب ومحاباة القوى البرجوازية المهيمنة من خلال منحها اعتمادات خيالية المرصودة دون السماح لأحد بمناقشتها (ميزانيات السيادة والامن والدفاع ...) أما القطاعات الاجتماعية والاقتصادية الحيوية فلم تحضى سوى بالفتات والتقشف سواء بالنسبة لميزانية الاستثمار أو التسيير.

د - استمرار مفعول فتوى بنكيران بخصوص عفا الله عما سلف والذي شمل كافة ناهبي المال العام حيث تصل المبالغ المنهوبة الى ملايير خيالية من المفروض استرجاعها(أنظر الحكم على محماد الفراع بخمس سنوات والذي لم يعرف طريقه للتنفيذ، والمبالغ المنهوبة من المؤسسات العمومية مثل صندوق الضمان الاجتماعي بمبلغ 115 مليار درهم منذ 2002 ...) فاسترجاع هذه المبالغ الخيالية كفيلة بسد ما يسمى بالعجز الحاصل .

ه - استمرار بناء مشروع تيجيفي بمبلغ 25 مليون درهم في افق الوصول الى 150 مليار درهم عند الانتهاء من انجازه، ومعلوم أن هذا المشروع غير المنتج والذي لن يحقق جدوى مالية أو اقتصادية هو اهدار وتبدير مكتف للمال العام لكونه سيمول من طرف الشغيلة المقهورة دافعة الضرائب بينما ستستفيذ منه في المقابل الشركات الرأسمالية الأجنبية، الفرنسية منها على الخصوص، والتي تعاني من الازمة والعطالة، ولعل مجيئ فرانسوا هولاند الأخير الى المغرب لتثبيت خضوع المغرب للاستغلال الفرنسي الاستعماري .

و - استمرار تعهد مهرجانات الغناء والأنس بواسطة تبدير مبالغ خيالية في مختلف المواقع، كنوع من الاستيلاب الإيديولوجي والتخذير للطبقة العاملة المقهورة، كما هو الشأن بالنسبة لمهرجان موازين والذي قيل عن برنامجه هذه السنة أنه قد تم الاتفاق مع المغني الكوري "بسي" صاحب اغنية "كانكام ستايل" للحضور الى المغرب مقابل سداد اجر خيالي يصل الى مليار و500 مليون سنتيم .

ز - أمام هول الأزمة التي تعصف بالاقتصاد الرأسمالي المغربي وانعكاساتها على الميزانية العامة التي بلغ عجزها المالي خلال السنة الماضية 7 في المائة، وحيث لا زال هذا العجز يتعمق متواصلا ومتفاقما، بدأت الحكومة الرأسمالية النصف ملتحية بزعامة بنكيران تحضر أشكال مواجهة هذا العجز فتداولت في مجلسها الحكومي الاخير ليوم الخميس 4 أبريل 2013 امكانية اقتطاع نسبة 5 في المائة من أجور موظفي القطاع العمومي والجماعات العمومية والمؤسسات العمومية (أنظر بهذا الصدد تصريح الكاتب العام للاتحاد الاشتراكي ادريس لشكر ليوم الجمعة الأخير)، وقد ينتظر هذا الاجراء مرور فاتح مايو المقبل لاعتماده وللتذكير فإن الحكومة نصف الملتحية تقتطع من رواتب الموظفين كلما قاموا بالاضراب للاحتجاج على اوضاعهم الكارتية، وبهذا الاجراء الجديد، والذي ستواكبه بالزيادة في اسعار الكهرباء وأسعار المحروقات، ستعمم الحكومة عقابها ليشمل كافة فئات الشغيلة المغربية وابنائها .

ح - كما تم الاعلان رسميا عن تجميد 15 مليار درهم كانت مرصودة كاعتمادات استثمار تهم مختلف القطاعات، في ذات المجلس الحكومي ليوم الخميس 4 أبريل، ومعنى ذلك توقف الدولة عن دورها كقاطرة لسحب قطاعات اجتماعية واقتصادية واسعة بواسطة هذا مثل هذا المبلغ والذي ستتأثر بسبب الغائه على الخصوص الشغيلة المقهورة من ذوي الدخل المحدود والتي يعاني ابنائها العاطلين من حاملي الشهادات وحاملي السواعد، والتي تقتسم اجورها الزهيدة المجمدة للاستمرار في الحياة .


الخلاصة وهي أن الحكومة البرجوازية نصف ملتحية قررت الاستمرار في معالجة أزمة رأس المال على حساب الطبقة العاملة والعاطلين والفقراء بل وعلى حساب الآلاف من المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تشغل الملايين من الأيدي العاملة وهو ما يمكن أن يعقبه تدهور أكبر للقدرة الشرائية وتسريحات جماعية للعمال في كل مكان وفي تقشف منقطع النظير(سياسة تقويم هيكلي غير معلنة)، ومن جهة أخرى تحويل جزء كبير من الفوائض المالية والاقتصادية التي سيتم توفيرها من خلال الاجراءات التقشفية والاقتطاعات الضريبية وغير الضريبية نحو المشاريع الرأسمالية غير المنتجة الأجنبية منها على الخصوص .

في اعتقادي أن الحكومة بهذه الاجراءات اللاشعبية اللاديموقراطية اللاوطنية تدفع نحو تأجيج الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، من اجل عيون البرجوازية المهيمنة، والتي يجب أن لا تمر بدون تسجيل رد فعل عمالي قوي عليها بمختلف أشكال الاحتجاج انطلاقا من تظاهرات فاتح مايو المقبلة .

الحلول التي وجدتها أحزاب الأغلبية الحكومية هي اعتماد سياسة النعامة وقيام منظماتها الحزبية بحملة سياسية وطنية واسعة في مختلف المناطق للتخفيف من وقع سياساتها الحكومية اللاشعبية ومن أجل بلورة ايديولوجيات نشيطة للتخدير من أجل تقبل هذه السياسات. وقد شاهدنا مؤخرا على شاشات التلفزة قافلة حزب العدالة والتنمية تجوب المغرب وتتوقف في مدينة أكنول حيث شهد مهرجانها الخطابي الحدث المؤسف لاحراق رجل اعمال ذاته أمام الملأ نظرا لامتناع المجلس البلدي المحلي عن سداد مستحقاته نظير خدماته، كما شاهدنا الحملة التي يقودها عبد الحميد شباط زعيم حزب الاستقلال لنشر وتغذية الأوهام في كل مكان، كما شاهدنا من جهة أخرى اجتماعات وقوافل الحركة الشعبية وزعيمها محند العنصر يتجول عبر ربوع المغرب لتغذية الأوهام متناسيا أو متجاهلا ما تقوم به وزارته من تنكيل وقمع واختطافات في صفوف طلبة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب على الخصوص، والذين يوجدون على مشارف الاحتضار في السجون جراء اضرابات طعامية غير محدودة. أما حزب التقدم والاشتراكية فقد امتهن حرفة بيروقراطية جديدة وهي القيام بواسطة عناصره البيروقراطية امتعفنة المتنفذة في الاتحاد المغربي للشغل بعمليات استئصالية وضيعة للنقابيين الشرفاء الديموقراطيين المكافحين حتى تفقد الطبقة العاملة لواجهة نضالية قوية ضد الهجوم البرجوازي الحكومي الأخير .