احتجاجات العمال في القطاع النفطي في البصرة خطوة مهمة وجريئة


مؤيد احمد
الحوار المتمدن - العدد: 4028 - 2013 / 3 / 11 - 20:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


مقابلة جريدة الى الامام مع مؤيد احمد
الى الامام: منذ يوم 13 شباط اندلعت احتجاجات عمالية واسعة في القطاع النفطي في البصرة، وتستمر هذه الاحتجاجات بحيث ان رئيس مجلس محافظة البصرة طلب هذا اليوم 19 -2-2013 لقاء لجنة الدفاع عن حقوق العاملين في القطاع النفطي التي تقف وراء تلك الاحتجاجات، كيف ترون ذلك؟
مؤيد احمد: احتجاجات العمال في القطاع النفطي في البصرة خطوة مهمة وجريئة اقدم عليها العمال في هذا القطاع بوجه ادارة الشركة والسلطات لتحقيق مطالبها وحقوقها. انها وبطبيعة الحال جزء من الاحتجاجات العمالية في العراق وبامكانها ان تدفع الحركة الاحتجاجية والمطلبية العمالية في العراق بخطوة مؤثرة الى الامام. تتوضح اهمية هذه الاحتجاجات بشكل اكثر اذا اخذنا بنظر الاعتبار، الثقل الهائل لاجواء الترهيب والتخويف، التي تنشرها السلطات بين العمال بكون الاحتجاجات العمالية تخدم الارهاب! ومخاطر تعامل السلطات مع الاحتجاجات وفق قوانين مكافحة الارهاب.
تمنع السلطات العمل النقابي في المصانع والمؤسسات الحكومية ولا تتعامل مع نقابات العمال الموجودة في القطاع النفطي، انها تسلب حق وحرية الاضراب من العمال، وتقمع، تحت مختلف الحجج الواهية، اضراب وتظاهرات العمال والمنتسبين في المعامل والمصانع والمؤسسات التابعة للدولة على صعيد البلاد. ففي اجواء كهذه، ان مجرد مبادرة العمال الى التصدي للسلطات وتنظيم تظاهرات كهذه هو عمل مقدام وموضع ترحيب اي انسان تحرري. هذا، وان مطالب العمال تضمنت، بالاضافة الى استقالة ادارة الشركة واسترجاع مستحاقتهم من ارباح الشركات وتوزيع الاراضي السكنية على العمال والتي تشكل مطالب حياتية يومية لهم، المطالبات ذات طابع عام على صعيد البلاد والمتعلقة بحرية التنظيم العمالي وحماية العمال من التلوث باليورانيوم وحقوق اخرى للعمال.
آخذين كل ذلك بنظرالاعتبار، يبقى الموضوع الاهم هو ان هذه التظاهرات هي تظاهرات العمال الصناعيين الاكثر تنظيما على صعيد البلاد، وجرت في القطاع النفطي الذي يشكل شريان الحياة الاقتصادية للبلاد وفي اطار خارج العمل النقابي المآلوف والروتينيات الملازمة لها. انها جرت بمبادرة " لجنة الدفاع عن حقوق العاملين في القطاع النفطي" وبمشاركة جماهير العمال انفسهم، كما يؤكد عليها بيان هذه اللجنة.
اما فيما يخص سؤالك حول " لقاء رئيس مجلس محافظة البصرة يوم 19 -2-2013 بلجنة الدفاع عن حقوق العاملين في القطاع النفطي التي تقف وراء تلك الاحتجاجات"، فان ذلك اللقاء يبين مكانة واهمية التظاهرات وحساسيتها بالنسبة للسلطات المحلية بالاساس من جهة، ومن جهة اخرى انعكاس لسعي تلك السلطات المحلية لاحتواء الحركة وكسب مكاسب سياسية في الانتخابات المحلية وغيرها من خلال توسطها بين العمال وادارة الشركة. وهنا من المهم الاشارة الى ضرورة ابداء الحيطة والحذر، في تظاهرات كهذه، من وجود اوهام حول فاعلية وساطة السلطات المحلية لتحقيق مطالب العمال. ان المطالب هي مطالب عمالية وان آليات تحقيقها مرتبطة بشكل اساس ببالصراع الدائر بين العمال وادارة الشركة والسلطات، لذا من الضروري ابداء المزيد من الضغوط من قبل العمال وتقوية صف النضال بغية تحقيق تلك المطالب .
الى الامام: كيف تقارن بين الاحتجاجات العمالية في القطاع النفطي وبين الاحتجاجات القائمة في المنطقة الغربية؟.
مؤيد احمد: ليس هناك اوجه التشابه بين الاحتجاجات العمالية في القطاع النفطي وبين الاحتجاجات القائمة في المنطقة الغربية، كما ولا تحذف الواحدة الاخرى. ان الخلفيات السياسية والاجتماعية والقوى المحركة الطبقية لكل واحدة منها مختلفة عن الاخرى.
على اي حال، ان الاحتجاجات والتظاهرات العمالية في القطاع النفطي هي احتجاجات طبقة اجتماعية. اننا نؤيد تلك الاحتجاجات، ليس هذا فحسب، بل نحن جزء منها ونناضل من اجل انتصارها مهما كانت سقف مطالبها. انها مطالب خاصة بطبقة اجتماعية تحررية وبامكان تلك الاحتجاجات من ان تنمي القدرة النضالية للعمال، توحد صفوفها، تحقق مطالب العمال وتقلل من بأس راس المال والسلطات على حياة العمال ومصيرها دع جانبا امكانية تطورها الى حركة احتجاجية عمالية على صعيد العراق.
اذا ننظرالى هذه الموجة الاحتجاجية العمالية، والاقدام والجرأة التي ابداها العمال في الدفاع عن حقوقها ومطالبها، نرى بانها لم تات صدفة بل جرت وانبثقت وفق اليات النضال العمالي وفي اجواء السنن النضالية العمالية المتواجدة في القطاع النفطي في البصرة. ان العمال المشاركين لهم توجهات سياسية مختلفة وحتى انتماءات حزبية او هم اعضاء في النقابات العمالية المختلفة في القطاع النفطي ولكن مصالحها الطبقية العمالية جمعتهم في خوض نضال مشترك من اجل تحقيق مطالبها وحقوقها وحرياتها. ففي كل الاحوال، كل حركة احتجاجية وكل عمل عمالي موحد يدفع بقضية نضال العمال الطبقي خطوة الى الامام. كل تقدم وانتصار او حتى التراجع في هذه الحرب الطبقية للعمال تضيف درسا اخر الى دروس تعلم تعبئة القوى لهذه الحركة وتعتبر خطوة الى الامام لرص صفوف العمال. ان عمال النفط وبخوض احتجاجاتهم الحالية ليست فقط دافعوا عن حقوقهم ومطالبهم انما سجلوا لانفسهم وللحركة الاحتجاجية العمالية مكسبا وذلك بالتغلب على روحية الانتظار داخل العمال في هذا القطاع والانتصار في توحيد الصف النضال العمالي بشكل منظم وسريع بالرغم من كل التهديدات التي احاطت بهذه المبادرة الاحتجاجية العمالية.
في المقابل، ان احتجاجات الجارية في بعض المدن والمحافظات في العراق، الانبار، الفلوجة، الموصل وسامراء هي تظاهرات سياسية بوجه بعض ابعاد المظالم السياسية الواقعة على سكان هذه المدن والمحافظات. بالرغم من انها ترفع كثير من المطالب العادلة والتي تعكس مطالب سكان هذه المدن، فان القوى التي تقودها والآفاق والاهداف السياسية المهيمنة عليها هي بالاساس قوى وآفاق واهداف برجوازية طائفية وقومية ودينية رجعية لا يربطها شئ بمصالح جماهير العمال والكادحيين والتحررين ليس على صعيد العراق فقط بل على صعيد سكان تلك المدن كذلك. اننا كحزب ندعو الى شن النضال بشكل مستقل عن تلك القوى والافاق والاهداف السياسية الطائفية والقومية، وندعو الى خوض النضال ضد المظالم السياسية الواقعة على سكان هذه المناطق ولكن عن طريق نضالات مستقلة عن تلك القوى وتجمعاتها السياسية الطائفية والقومية. نحن لا نؤيد المشاركة تحت مظلة القوى الغارقة في الرجعية ونناضل ضد نشر الوهم بتلك الاحزاب والقوى البرجوازية الاسلامية والقومية المهيمنة على الساحة السياسية في تلك المناطق. اننا نناضل من اجل ان يفصل العمال والكادحيين والنساء والشباب والشابات في تلك المحافظات صفوفها عن صفوف تلك القوى وسياسية تقدمية تخص الجماهير على صعيد العراق ككل.
الى الامام: ما هي رسالتكم الى عمال العراق، وكيف ترون دور ونضال الطبقة العاملة التحرري في تحديد مسار الاوضاع السياسية في العراق؟. ما هي خطتكم كحزب شيوعي عمالي عراقي لدعم الاحتجاجات المذكورة وايصالها الى تحقيق جميع مطالبها؟
مؤيد احمد: اننا كحزب وخلال عشرين سنة من النضال المستمر لم نخفف يوما من اهدافنا التحررية وان رسالتنا للعمال في العراق هي نفس رسالتنا التي تقول بان عالم افضل ممكن تحقيقه عن طريق تطور النضال الطبقي التحرري للعمال، نضال طبقي عمالي ثوري يضع امامه مهمة اسقاط راس المال والراسمالية وبناء مجتمع تسوده الحرية والمساواة. ان فلسفة وجود الحزب الشيوعي العمالي في العراق يكمن في لعب دوره هنا، في قلب هذا النضال الاجتماعي والسياسي التحرري للطبقة العاملة وتحقيق هذا النضال الثوري والاشتراكي وانتصاره.
الطبقة العاملة في العراق طبقة اجتماعية كبيرة ولكن صفوفها مشتتة مثلها مثل الطبقة العاملة في اكثرية بلدان المنطقة بسبب نفوذ الافاق السياسية والفكرية للبرجوازية، بمختلف تياراتها القومية والدينية والطائفية واجنحتها اليميينة واليسارية، داخل اوساطها. فكل عمل نضالي يشنه العمال لتحقيق مطالبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكل درجة من التنظيم الناجم عن هذه النضالات يوحد بدرجة معنية صفوف العمال ويؤهلهم لخوض معارك طبقية اعظم. العمال انفسهم يعرفون جيدا اهمية التلاحم النضالي وتوحيد صفوف النضال بوجه السلطات والشركات والراسماليين. بالرغم من الماسي الكبيرة التي تواجهها الطبقة العاملة والجماهير في العراق على ايدي اليتارات البرجوازية المختلفة في الحكم او خارج الحكم، فان طريق الخروج من المازق الذي يمربه المجتمع مرتبط بشكل اساس بتطور الحركة العمالية والشيوعية الى حركة مقتدرة ومؤثرة. ان حزبا يتبنى ستراتيجية كهذه يعرف جيدا اهمية تحقيق ادنى درجة من التطور في نضال العمال الاقتصادي والسياسي ويعرف جيدا اهمية ابسط تقدم في فصل صفوف نضال العمال عن تاثيرات آفاق وافكار البرجوازية.
هناك مهام كثيرة وتاريخية امام الطبقة العاملة في العراق في هذه الفترة لا يمكن التغاضي عنها او اهمالها، اهمها هي فصل الصفوف عن القوى البرجوازية القومية والاسلامية والتحرر من تاثيرات صراعات هذه القوى على اوساطها. وهذا الامر حيوي لان الطبقة البرجوازية في العراق وعن طريق احزابها وتياراتها السياسية القومية والاسلامية تحاول بشتى الاشكال بسط سيطرتها السياسية الكاملة على المجتمع، وحولت ولحد الان، ومن خلال صراعاتها السياسية فيما بينها، المجتمع الى ساحة لصراعاتها السياسية الرجعية القومية والطائفية. ان نقطة الانطلاق في تحقيق تلك المهمة التحررية هو تقوية نضال العمال، توحيد صف النضال العمال الطبقي، تقوية الاعتراض الاجتماعي والسياسي للشباب والشابات والنساء والعاطلين عن العمل في المجتمع، ورفع رايات تحررية ومساواتية في مجمل ميادين الاعتراض تلك. الطبقة العاملة مدعوة بان تدخل الساحة السياسية والاجتماعية في العراق بمثابة قوة سياسية مؤثرة ونحن في الحزب الشيوعي العمالي العراقي منخرطين في النضال لاجل تحقيق هذه المهمة.
اما فيما يخص سؤالك حول خطة الحزب لدعم الاحتجاجات العمالية، اننا كحزب ومنذ البدية قمنا بدعم الاحتجاجات العمالية الجارية في القطاع النفطي في البصرة. اصدرنا ومنذ الايام الاولى بيان تضامني عبرنا عن تضامننا مع الاحتجاجات ومطالبها كما وفي الوقت نفسه قمنا بشن حملة عالمية لدعم مطالب العمال والحركة الاحتجاجية وبهدف الضغط على السلطات لعدم التفكير بالتطاول على حريات العمال في الاحتجاج. كما وان اعلام الحزب وخاصة جريدة الى الامام لعبت دورا بارزا في التواصل مع الناشطين والقادة العمالين المشاركين في هذه الاحتاجاجات ونقلت بشكل متواصل اخبار وتطورات الصراع بين العمال وادراة الشركة والسلطات.
مثلما اكدت عليه فيما سبق، ان هذه الاحجاجات العمالية في قطاع النفط هي موضع دعم حزبنا الكامل ونعمل على انتصارها وتحقيق مطالبها. سياسة حزبنا هي تطوير نضالات العمال وهذه الاحتجاجات العمالية ودعمها قدر المستطاع كي تنتصر وتطور وفق الاليات والسنن النضالية العمالية. اننا ندافع عن مصالح جميع العمال في القطاع النفطي في البصرة، طالما حديثنا هنا يدور حول هذه الاحتجاجات، ونعمل من اجل الارتقاء بالوحدة النضالية فيما بين العمال وجميع النقابات والاتحادات العمالية المدافعة عن مصالح العمال في هذا القطاع. ان كل خطوة تخطوها الاحتجاجات العمالية نحو الامام في توحيد صف نضال العمال تخلق وتهيئ الارضية لمزيد من التلاحم النضالي وتقوية صفوف العمال. نحن في الحزب نناضل بكل قوة من اجل تطور هذه الحركة الاحتجاجية وانتصارها ونناضل من اجل ان تكون منطلقا لحركة عمالية صاعدة في العراق.