الاحتجاجات الشعبية والاحتقان الاجتماعي في المغرب


عبد السلام أديب
الحوار المتمدن - العدد: 3987 - 2013 / 1 / 29 - 08:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أجرت الصحفية السيدة بشرى عطوشي مع عبد السلام أديب حوارا حول موضوع الاحتجاجات الشعبية والاحتقان الاجتماعي في المغرب، وقد جاء الحوار كما يلي:

*كيف يمكن للقدرة الشرائية للمواطن أن تقاوم بين جمود الأجور وارتفاع الأسعار؟
** ما تطرحينه يشكل أحد أوجه اشكالية نمط الانتاج الرأسمالي، فالرأسمالي يبحث باستمرار عن كيفية الحفاظ على الأجور جد متدنية مقابل بدل العامل لمجهودات أكبر لتحقيق أعلى مستوى من الانتاج. فالرأسمالي محكوم بقانون التنافسية مع الرأسماليين الآخرين، لذلك يصبح مضطرا لتجميد الاجور وتقليصها لأن العمل الحي هو العنصر الوحيد الذي يمكن للرأسمالي التحكم فيه، علما ان فائض القيمة لا تحققه الآلات وما يسمى بالرأسمال الميت، بل يتحقق على كاهل العمال.

إذن فكلما استطاع العمال بفضل نضالاتهم تحقيق الزيادة في الاجور، الا وتحركت ترسانة آليات الزيادة في الاسعار من أجل تدارك الرأسماليين للزيادات في الاجور التي قدموها للعمال تحت ضغط نضالاتهم. فهناك من جهة الباطرونا أو المساهمون في الشركات ومدرائهم (مجلس الادارة، المدراء، رؤساء المصالح) الذين يدافعون عن مصالح الأرباح؛ ومن جهة أخرى هناك جماهير العمال، الذين يقفون ضد الاستغلال ويسعون إلى معاملتهم كإنسان.

فالقدرة الشرائية للمواطن توجد إذن رهينة لحاجة الرأسمالي لتحقيق ارباح رأسمالية متزايدة وربح ما يسمونه برهان المنافسة، لذلك تصطدم القدرة الشرائية للمواطنين بافتعال البرجوازية المهيمنة لتجميد الأجور ورفع الأسعار.

ونظرا لأن موازين القوة مختلة بين الطبقة البرجوازية الرأسمالية، المتحكمة في جهاز الدولة والمتداخلة معها، في كافة قطاعاتها التشريعية والتنفيدية وداخل الاحزاب السياسية والمركزيات النقابية، وبين الطبقة العاملة وعموم الكادحين الذين ينظمون أنفسهم عند تطور وعيهم الطبقي تارة أو يتشتتون بين القوى المسيطرة عندما يتدنى هذا الوعي منخدعون بخطابات هذه القوى الرنانة، فإن البرجوازية المهيمنة بدون شريك تتمكن، من خلال تحكمها، فرض إرادتها والمحافظة على الدوام، كلما حدثت زيادات في الاجور وفي القدرة الشرائية، على نفس العلاقة والبعد في الفوارق بين الأجور والأسعار أو العمل على تعميقها أكثر.

تاريخ المغرب منذ الستينات حافل بالامثلة للنضالات العمالية القوية التي تتوخى الزيادة في الاجور لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، لكن حالما تتحقق بعض الزيادات الطفيفة حتى ترتفع معدلات الاسعار، ويتم تجميد الأجور لفترات طويلة جدا، وغالبا ما تحدث مبالغة في رفع الاسعار وتجميد الاجور الشيء الذي يدفع بشكل طبيعي الى انتفاظات قوية وكان ذلك هو شأن انتفاظات 1981 و1984 و1990. كما أن الحراك الاجتماعي الذي شهده المغرب منذ سنة 2005 على شكل تنسيقيات مناهضة ارتفاع الاسعار وتدهور الخدمات العمومية كانت تستهدف على الخصوص ايقاف هذا الغلو المتواصل في رفع اسعار المنتجات والخدمات التي تدمر القدرة الشرائية للمواطنين.

إذن فمقاومة تدهور القدرة الشرائية ومواجهة تجميد الأجور وارتفاع الاسعار ضرورية لكنها لا تتحقق سوى بنضالات ميدانية جماهيرية منظمة ذاتيا وواعية بالخبث والتضليل البرجوازي الذي يجعل الكادحين يتحملون ارتفاع الاسعار وتدني قدرتهم الشرائية صاغرين. ان المأجورين يدخلون في حروب صغيرة متواصلة في المقاولة من أجل الحفاظ وتحسين الشروط الاجر والعمل وضد نزاعات رؤسائهم. هذه المعارضة المستمرة للعمال لمختلف اساليب الاستغلال تكره الرأسماليين على تقديم تنازلات. فالباطرونا عندما لا تتوقع أن تجد لدى العمال مقاومة مركزة وعارضة جماهيرية، فإنه يجتهد من أجل التقليص التدريجي للأجور. فالتنافسية تفرض ذلك وهي عدوة العمال وبذلك تنهار الاجور والقدرة الشرائية.

إن العمال يدافعون عن أنفسهم ضد هذا التدهور، وهو ما يخلق الاحتقان، ووسيلة الصراع لدى العمال هي الاضراب. وبذلك تتحول التناقضات بين الطبقتين العمال والبرجوازية تدريجيا من وضعها السلمي الى وضع صدامي خاصة عندما تلجأ البرجوازية عبر الاجهزة القمعية والوسائل القانونية والقضائية لقمع العمال المضربين واعتقالهم ومحاكمتهم. التناقض الطبقي يتحول اذن الى الصراع الطبقي. جميع هذه النضالات الاقتصادية كمناوشات متوالية لا يمكنها أن تؤدي الى الغاء نظام العمل المأجور، لكنها تشكل مدرسة مهمة في الصراع الطبقي. وفي أي مجتمع طبقي، فإن رهان الصراع الطبقي ضد الطبقة البرجوازية هو انتزاع السلطة منهم.

إذن فالاصل في الاحتقان الاجتماعي هو انقسام المجتمع الى طبقتين كبيرتين متناقضتين، فمن جهة هناك الرأسماليون الذين يملكون كافة وسائل الانتاج ومن جهة أخرى العمال الذين لا يملكون شيئا سوى قوتهم البذنية والذهنية للعمل. ان ناتج العمل يجب أن يقسم بين الطبقتين، ولأجل هذا التقسيم نجد أن الصراع الطبقي والاحتقان ما يفتأ يتصاعد. كل طبقة تحاول أن تحصل على أكبر حصة ممكنة.

ان الغريب في هذا الصراع هو اتهام الطبقة العاملة في الكثير من المحطات بنهبها للرأسماليين، بينما هي في الواقع لا تصارع إلا من أجل حصة من الانتاج الذي تحققه هي نفسها.

لكن الصراع بين طبقتين كبيرتين داخل المجتمع تتحول بشكل حتمي الى صراع سياسي. وفي كل صراع بين طبقة ضد طبقة أخرى، فإن الهدف المباشر الذي نصارع من أجله هو السلطة السياسية.

لقد شهد المغرب منذ سنة 2005 سياسة منهجية سنوية تدفع نحو رفع الأسعار، وغالبا ما تبدأ بالزيادة في الضرائب على بعض السلع والخدمات كالماء الشروب والكهرباء والنقل والبترول ... الخ، الشيء الذي يبرر تكالب الرأسماليين والباطرونا مباشرة عقب ذلك، على رفع أسعار السلع والخدمات، مما يؤدي الى نشر موجة من التوترات التضخمية، تنهك القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين وتلبية حاجياتهم الاساسية.

وقد تتبعنا تصريحات والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري الذي كان يوجه تنبيهاته للحكومة سنويا بضرورة رفض تلبية المطالب النقابية العمالية في الزيادة في الاجور. وإذا كانت قد تحققت الزيادة الطفيفة في الاجر سنة 2011 تنفيذا لما يسمى باتفاق 26 أبريل والتي لم تتجاوز 20 درهم في اليوم للموظفين وزيادة 15 في المائة في أجور العمال لم تتحقق بشكل كامل، فإنها جاءت تحت تأثير ما يسمى بالربيع الديموقراطي والحراك الشعبي تحت راية حركة 20 فبراير.

لكن تأثير هذه الزيادات الطفيفة كان أفيد للرأسماليين لأنهم عمدو تدريجيا الى الزيادة في أسعار مختلف السلع والخدمات وهي الزيادات التي بلغت أوجها في ظل الحكومة نصف ملتحية، كان أشهرها زيادات يونيو 2012 في المحروقات بايام قبل حلول شهر رمضان وهو الذي اعطى الضوء الأخضر لارتفاعات في أسعار جميع السلع والخدمات. بل إن الحكومة أعلنت بشكل صريح عن نيتها التحضير لموجات جديدة من الغلاء وتجميد الاجور بل وتقليصه أيضا في بعض الحالات كرواتب التقاعد مثلا، نذكر من بينها استهداف صندوق المقاصة لاعدامه وهو ما سيؤدي الى ارتفاع كارتي في الأسعار، الزيادة في اسعار الماء والكهرباء والتي ادت الى العديد من الاحتجاجات ولعل ابرزها الاحداث العنيفة التي عرفها حي سيدي يوسف بن علي بمراكش والتي انفجرت في 28 دجنبر 2012 . هناك أيضا مشروع اصلاح أنظمة التقاعد حيث ورد على لسان عبد الإله بنكيران أنه لا يعقل أن يتقاضى المتقاعدون عند احالتهم على التقاعد آخر أجرة كانو يتقاضونها أثناء مزاولتهم للعمل، كما يستهدف هذا الاصلاح رفع سن التقاعد الى 65 سنة ورفع نسبة الاقتطاع من أجور العاملين برسم التقاعد. كما أكد الوزير الملتحي أن لا حديث اليوم عن أية زيادة في أجور الموظفين قبل سنة 2016، أي عند انتهاء ولاية الحكومة.

إذن فاشكالية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين توجد في مأزق نتيجة تراجع المقاومة الشرسة للعمال، خاصة بعد انطفاء جدوة حركة 20 فبراير، والتي استغلتها الاحزاب لقضاء أجندتها الخاصة المرتبطة بمساومة ومغازلة النظام بعيدا عن هموم الشعب الحقيقية، وعودة واسعة لأعمال القمع والاختطاف والتعذيب والأحكام القاسية الملفقة بالسجن، طويل المدة، ضد العمال المضربين او المعتصمين أو المناضلين الميدانيين والنقابيين وعموم المواطنين المحتجين، مع ضرب تماسك المركزيات النقابية عبر استعمال البيروقراطية الفاسدة داخل هذه المركزيات لاستئصال خيرة المناضلين النقابيين الديمقراطيين كما حدث داخل الاتحاد المغربي للشغل منذ 5 مارس 2012.

فالأزمة الرأسمالية العالمية والتي ما فتئت تتعمق في بلادنا، منذ انفجارها سنة 2008، والتي تؤكد جميع مؤشراتها أنها آخذة في التعمق الى غاية 2019 على الأقل، تجعل الاحتكارات الرأسمالية تحت رعاية الدولة تستهدف معالجة الأزمة على حساب الطبقة العاملة وعموم الكادحين، سواء بشكل مباشر عبر الزيادة في الضرائب وفي الأسعار وتجميد الأجور وفتح المجال للتسريحات الجماعية وعدم الالتزام بالحد الادنى للاجور والغاء صندوق المقاصة ورفع سن التقاعد والتقليص من راتب التقاعد، أو بشكل غير مباشر عبر تفكيك المرافق العمومية خاصة منها مرفقي التعليم والصحة من أجل دفع المواطنين نحو التعليم والصحة الخصوصيين، وحرمان المواطنات والمواطنين من التعليم والصحة العمومية الجيدة.

لكن، مقاومة الطبقة العاملة وعموم الكادحين لهذا الهجوم البرجوازي الجديد لا زال ضعيفا جدا، نظرا للوهم الديني الذي خلقته الحكومة نصف الملتحية وأيضا تواطؤ باقي الاحزاب والمركزيات النقابية لتشتيت النضالات العمالية وافشالها. فالخلاصة الممكنة هنا هي أنه على الرغم من الاحتقان الاجتماعي القائم إلا أن الحكم استطاع ضبط الاوضاع على اساس عاملين اثنين أحدهما القمع المباشر لنضالات الطبقة العاملة والثاني التغليط والتخدير الايديولوجي للعمال وحيث يلعب الدين دورا اساسيا.

*كيف تقيم الشق الاجتماعي في القانون المالي 2013؟

** تعتبر الميزانية العامة أداة سياسية بيد الحكومة تعمل من خلالها على تطبيق سياساتها التقشفية وتوسيع الوعاء الجبائي لكي يشمل شرائح واسعة من ذوي الدخل المحدود سواء بالنسبة للضريبة على الدخل أو الضريبة على الانفاق. وفي مقابل توجه الحكومة في منح امتيازات مهمة للقطاع الخاص الرأسمالي البارز في هذه الميزانية ومنها اعفاء الشركات التي تدخل في عمليات التفكيك والاندماج، مثل فروع شركة أونا، من الضريبة الى سنة 2016، فإن الاجراءات الاجتماعية ضعيفة جدا مثل آلية الرميد واعانة الاسر المعوزة والتي اتبثت لحد الآن محدوديتها، فهذه الاجراءات الاجتماعية المتغنى بها هي فقط من أجل درء الرماد على العيون من أجل تمرير السياسات التقشفية وترسانة الضرائب والاقتطاعات والقوانين اللاشعبية. ويبدوا أن نتائج هذه السياسات التي تغلف بتلك التدابير الاجتماعية ستؤدي في المستقبل القريب في رأيي إلى أوضاع أكثر كارثية مما هو حاصل اليوم.

*إلى أي حد يمكن لتعطل عجلة الحوار الاجتماعي أن يساهم في تفاقم الاحتقان الاجتماعي الحالي؟

** يبدوا من خلال الممارسة أن هناك تواطؤ واضح بين الحكومة وعدد من الاحزاب وعدد من المركزيات النقابية ونقابة الباطرونا، فأي حوار اجتماعي جدي شهدته بلادنا خلال السنين الأخيرة؟. فحتى بالنسبة لاتفاق 26 أبريل بين الحكومة والباطرونا والمركزيات النقابية التي هي في نفس الوقت تابعة لأحزاب منخرطة في اللعبة، لم يطبق بالكامل على علته. كيف يمكن لثلاث مركزيات هي الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد الوطني للشغل والاتحاد العام للشغالين أن يبرما محضر اتفاق تعاون مع نقابة الباطرونا؟، فما هي الأغراض الكامنة وراء هذا الاتفاق التعاون في ظل المشهد السياسي والاقتصادي المتسم بالأزمة والهجوم البرجوازي العنيف على الشروط المادية للطبقة العاملة وما يصاحب ذلك من احتقان اجتماعي، إن لم يكن هو حفظ سلم اجتماعي مصطنع والتعاون أو التواطؤ الطبقي بين المركزيات النقابية والباطرونا تحت رعاية الحكومة؟.

ان إطفاء الاحتقان الاجتماعي الحالي لا يتأتى عبر التواطؤ والتعاون الطبقي بين المركزيات النقابية والاحزاب السياسية والباطرونا، أو حتى عبر الوعود المعسولة التي لا تطبق أبدا خصوصا منها تلك التي تقدم خلال الحملات الانتخابية. فالشعب المغربي هو شعب ذكي جدا ولا يمكن للمناورات المكشوفة ان تخدره، لأن الاحتجاجات ستتواصل حتى من دون تأطير سياسي أونقابي، بل حتى الاختيارات الامنية والقمع والسجون لن تتمكن في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين والفقر والتهميش والحرمان اللذان يخلفهما ، من ردع الاحتقان الاجتماعي.

إن مسرحية الحوار الاجتماعي في ظل التواطؤ المكشوف بين أطراف الحوار من أجل تطبيق سياسات لا شعبية لا ديموقراطية تخدم فقط الاحتكارات الرأسمالية المهيمنة على جهاز الدولة لكي تتجاوز أزمتها، تبقى مسرحية مكشوفة، وستظهر ردود فعل الطبقة العاملة وعموم الكادحين خلال الانتخابات الجماعية المقبلة والتي قد تعرف مقاطعة عارمة لتلك الانتخابات.

*يظل الرفع من الأجور مطلبا أساسيا في الوقت الراهن، كيف يمكن تحقيقه دون الزيادة في اختلالات الاقتصاد الوطني؟

** ان الاقتصاد الوطني مبني أصلا على الاختلالات بين البرجوازية المهيمنة على هذا الاقتصاد في تداخل مع جهاز الدولة والتي تحقق من ورائه أرباحا خيالية، وطبقة عاملة وعموم الكادحين الذين يتحملون عواقب هذه الاختلالات. ونظرا لأن الاقتصاد المغربي موجه في أغلبيته الساحقة للتصدير نحو الخارج، فإن هذه الاختلالات القائمة تعتبر مفيدة للبرجوازية المهيمنة، لان تدني الاجور وبالتالي تدني القدرة الشرائية لا يهم سوى السوق الداخلي وهو غير مهم بالنسبة للمصدرين، لكنه يشكل عاملا أساسيا في مجال التنافسية مع الشركات الاجنبية. فالتناقض بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج المولد لهذا الاختلال، يتم تعميقه أكثر من أجل ضمان التنافسية الخارجية، لكنه تناقض بمثابة قنبلة موقوتة، ستنفجر نيرانها لا محالة نتيجة السياسات الحكومية الحالية. لذلك فإن الرفع من الأجور هو ما يمكن أن يخفف في الواقع من هذه الاختلالات ومن هذا التناقض.


*بلغت البطالة في المجتمع المغربي حدا لم يعد يطاق، كيف يمكن في نظرك حل هذه المعضلة؟

** البطالة لم تفتأ تتزايد سواء في المغرب أو في العالم منذ أواسط الستينات، أي منذ ظهور أزمة الانتاج الزائد، والذي تفرض تقليص الإنتاج وإحداث تسريحات عمالية واسعة وأيضا تقليص الأجور وتجميدها. ان تواصل هذه الأزمة بدون انقطاع وفي فترات مد وجزر حيث تظهر كل مرحلة مد للازمة أقوى بكثير من سابقاتها، وحيث نشاهد أعداد العاطلين يتزايد بشكل متوالي، جعلت الحكومات البرجوازية ومن بينها حكومتنا نصف ملتحية تلجأ باستمرار الى سياسات التقشف والمديونية وتفكيك المرافق العمومية والتغطية على التسريحات الجماعية وعلى اقفال العديد من الشركات والمعامل. وبطبيعة الحال فإن مختلف هذه السياسات تؤدي الى تفاقم معدلات البطالة. ولا ترى البرجوازية المهيمنة بدون شريك في البطالة عنصرا سلبيا للاقتصاد الوطني، بل ان اتساع البطالة تعتبره ايجابيا لأنه يوسع الجيش الاحتياطي للعمل، مما يسهل مساومة الراغبين في العمل حول اجور زهيدة، كما تهدد العاملين اما بالقبول بانخفاض اجورهم أو باستبدالهم بجموع العاطلين المستعدين للعمل بأقل الاجور.

تغيير أوضاع البطالة اليوم في ظل الأزمة الاقتصادية الرأسمالية والسياسات البرجوازية المعتمدة لمعالجتها، أصبح اشكالية غير قابلة للمعالجة، فالنضال العمالي ونضال المعطلين من أجل تغيير موازين القوى التي تهيمن عليها اليوم البرجوازية بدون شريك هو ما يمكن الطبقة العاملة من فرض نفوذها وبرنامجها الطبقي الاشتراكي.