مسكينة أنتِ يا ابنة القرية


حميد بعلوان
الحوار المتمدن - العدد: 3951 - 2012 / 12 / 24 - 05:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات     

مسكينة أنتِ يا ابنة القرية ..
تقضين يومكِ في الحقل, والبقرة مرتاحة في المنزل تنتظر أن تحظري لها الطعام.
تقضين يومكِ تحت أشعة الشمس الحارقة, تجمعين اللّوز والخروب و الخضر... ثم يأخذ الرجل كل شيء ويتصرف في ثمنه كيف يشاء !
عبدة أنتِ يا ابنة القرية ..
في المدينة تطالب النساء بالمساواة مع الرجل في الأجور وأنت تخدمين الرجل مقابل الطعام.
غريب أمركِ, سيدتي القرويّة; عوض أن تناهضي العنف ضد بنات جنسكِ كما تفعل النساء في المدن, تفتخرين بعدوانية زوجك الظالم!!
يضربكِ, يسبكِ, يلْعنكِ ويُطَلّقُكِ شفويا قبل أن تُسامحيه وتَتَشاركا الفراش !!
كم أنتِ قوية .. كم أنتِ قوية يا ابنة القرية.. !
لم يَمنعك سِبابُه المتكرر ولا أشعّة الشمس الحارقة من إيتاء حق الزوج وتجنب لعنة الملائكة .
كم أنت قوية .. كم أنت قوية.. !
لا تحتاجين لِقِسم الولادة بمستشفى عمومي أو بمصحة خاصة.. بل يأتيك المخاض في الحقل فتُنجبين البنين والبنات... !
كم أنتِ شجاعة يا ابنة القرية !
تبحثين عن طعام الماشية في الخلاء حيث تواجهين العقارب والثعابين وشتى أنواع الوحوش دون أن يُخيفك سُمّها أو تُسمع صَرَخاتك كما يحدث في المُدن كلما رأت امرأة صرصور.
صبورة أنتِ .. متسامحة أنتِ .....
في الوقت الذي تطالب فيه نساء المدن بمنع تعدد الزوجات حتى لا يتزوجن بنصف رجل أو رُبعه, تقضين سنة كاملة في القرية وزوجك في المدينة يَعمل ويَستمتع بالعاهرات.
قنوعة أنت يا ابنة القرية..
لا ياستهويكِ الاحتفال باليوم الوطني للمرأة المدنية ولا يوم المرأة العالمي بل تخرجين للحقل في كل يوم.
ليس لك عطلة أسبوعية ولا شهرية فالبقرة تنتظر الطعام في كل يوم, ليس لك يوم وطني ولا عالمي, بل فقط ليلة واحدة في العمر قد تحتفلي فيها وقد لا تحتفلي.
حتى نظرة الإسلام إلى المرأة تختلف من المدينة إلى القرية, ففي المدينة "النساء قوارير" تستحقن الرفق والرحمة, وفي القرية "النساء كالحديد" يطلب منهن الفقيه أن يَحْطِبْن له, ثم يُحَذِّر الرجال من "كيدهن العظيم".
هذا فقيه القريتي يحتسي الشاي مع الرجال في سطح المسجد يُذَكرهم بشرور النساء وأخطائهن التاريخية وصوت المنشار و"الشّاقُورْ" يملأ أرجاء القرية, لا يتوقف الفقيه عن اغتياب النساء إلا بعد أن تطرق إحداهن باب المسجد لتقول له: "سيدي .. هذا هو الحطب الذي طلبت, بعد قليل سأرسل لك الطعام مع ابنتي الصغيرة".