شيطان مصطفى بن جعفر وشبح زين العابدين بن على


فريد العليبي
الحوار المتمدن - العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 21:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


في كلمات مختصرة مكتنزة بالمعاني المدفونة بين كثبان اللاوعي خاطب مصطفى بن جعفر أحد نواب التأسيسي الذي تذمر من رئيس مجلسه الذي لا يراه كلما أراد إذن الكلام بينما يرى حوارييه من الموالاة قائلا : لست شمسا حتى أرى الجميع ، في تكرار سريالي لآخر كلمات زين العابدين بن على وهو يخاطب الشعب مذكرا بوطنيته وظلم ذوى قرباه .

ترى أي شيطان سكن بن جعفر فجعله ينطق بما لا يريده ؟ مما أثار في الحين ضحكات ساخرة بقى صاحبنا مشدوها أمامها لبعض الوقت دون انتباه لمغزى التكرار الذي قام به قبل استفاقته مما فعله به الشيطان الماكر وانضمامه إلى جمهور الساخرين .

لقد فعلها الشيطان إذن ولا عجب فقد أوقع من قبله حمادي الحبالى في فخاخه وجعله يتحدث عن الخلافة السادسة و الديكتاتورية الناشئة ويبدو أن هذا الكائن الغريب يتلبس اليوم بعض الساسة التونسيين منتهكا حرمتهم محولا إياهم إلى خدم لمخططاته الآثمة .

للشيطان علاقة قربى بالأشباح هذا ما يعرفه الضالعون في علوم الغيب واستحضار الأرواح و إذا كان الشبح لا يشرفنا بحضوره إلا بعد موت مأساوي لصاحبه من بني البشر فإن الحالة التونسية تجود هذه الأيام باستثناء لا سابق له فشبح بن على يتجول في قصور السلطة من قرطاج إلى باردو و القصبة التي بينهما حيث السلاطين الثلاثة رغم أن صاحبه لا يزال يتنفس الهواء في تلك المملكة .

و الأغرب من هذا أن ذلك الشبح أضحى يمارس إغراءه على هؤلاء الساسة جاعلا إياهم ينطقون في غفلة منهم بما نطق به صاحبه في مناسبات سابقة . حتى أن عددا لا يستهان به من التونسيين يروج بينه هذه الأيام إحساس فظيع يفيد أن بن على و السلاطين الثلاثة وجهان لعملة واحدة .
يريد مصطفى بن جعفر أن يكون الآن سيد باردو وغدا سيد قرطاج حيث أمكنه ربما تنفيذ رغبته في آن يكون تلك الشمس البازغة التي ترى ما لا طاقة للآخرين برؤيته ، انه يحلم و لا تفعل الكلمات المرسلة على لسانه غير التعبير عما يخفيه من رغبة جامحة .غير أن ماساته تجعله اقرب إلى تلك الشموس الميتة التي تهيم على وجهها في الظلام سائرة في الكوسموس المترامي الأطراف إلى حيث لا مستقر لها في دوران عبثي حول نفسها بعد أن فقدت نورها ونارها .

فى تونس اليوم هناك ثلاثة عدائين و رابعهم سباح حلموا بقرطاج أحدهم يسكن الآن هناك و الثاني هو الممسك بمطرقة المجلس التأسيسي و الثالث انشأ للغرض حزبا بإخراج أمريكي فاختار له نعتا جمهوريا بعد ان جرب أوصافا أخرى مثل الديمقراطي والاشتراكي أما الرابع فمشدود بخيط الأوهام إلى السماء و هو يسبح الآن في بحر الأدران للوصول إلى مبتغاه .

يشبه مصطفى بن جعفر راعية المواشي في رواية حنا مينا الياطر المسكونة بشهوة عارمة غير أنها لم تجد سبيلا لكي تفصح عن نفسها شهوة مطمورة بين طبقات النسيان وعندما جاءها من أوقد نارها فتحت في الأرض ثقوبا و أرسلت في السماء صواعق و شهوة بن جعفر مختصرة في قصر قرطاج الذي جعل منه الطغاة رمزا لحكم الجبابرة .

وفى سبيل ذلك تهون التنازلات مهما كبر حجمها وثقلت موازينها ولكن بن جعفر نسى أن الشعب فتح عينه والجبابرة القدامى مضى زمنهم حتى أن من يسكن الآن هناك يكاد لا يجد صلاحيات بين يديه يمارسها وقد يؤول به وضع الرقص السياسي مع الذئاب إلى أن يحفر ظله للنوم فيه مرة و الى الأبد .