اليسار ودوره في العراق والعمل المشترك


مؤيد احمد
الحوار المتمدن - العدد: 3741 - 2012 / 5 / 28 - 18:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

اليسار ودوره في العراق
والعمل المشترك
مؤيد احمد

نص ما قدمه مؤيد احمد سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي في ندوة على البالتوك لغرفة "ينابيع العراق "، مساء 25 ايار 2012، مع تعديلات واضافات ضرورية لغرض التحرير.
اعزائي الحضور
تحياتي القلبية. ارحب بكم واشكركم على الحضور في هذه الندوة.
اشكرالرفيق العزيز سمير طبلة وجميع الرفاق الاعزاء في غرفة "ينابيع العراق" على جهودهم واستضافتي للغرفة. كما واشكر رفيقي العزيز رزكار عقراوي على ما قدمه من الجهود لتحقيق هذه المبادرة.
حديثي يكون على ثلاث محاور كما هو وارد في العنوان:
- في البداية ساتطرق بعض الشئ الى مفهوم اليسار بشكل عام.
- في الجزء الثاني سيكون حديثي حول دور اليسار في العراق
- وفي الاخير اتطرق الى العمل المشترك بين قوى اليسار في العراق .

مفهوم اليسار:
اولى المسائل التي علينا توضيحها في هذه الندوة هي تعريف اليسار ومفهوم اليسار. ماذا نعني باليسار؟ هل هناك شئ اسمه اليسار ام انه مجرد تعبير شائع في المجتمع خاصة داخل اوساط المثقفين والنخبة السياسية التقدمية؟. هل ان هذا المفهوم له صلة بالحركة الشيوعية والاشتراكية وباحداث التغير الاجتماعي الاشتراكي للمجتمع؟.
مهما يكن موقف كل واحد منا من مفهوم اليسار او تعريفنا له، فان هذا المفهوم مفهوم رائج ومتداول في المجتمعات بما فيها العراق. وبالتالي، من الضروري ان اتحدث عن مفهوم اليسار، ولكن، علي تحديد وجهة نظري من هذا المفهوم منذ البداية كي لا نقع في خطاء خلط المفاهيم.
الصراع والنضال المستمر بين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية، بوصفهما طبقتين اجتماعييتن متخاصمتين الاساسيتين في المجتمعات الراسمالية المعاصرة، وضرورة الرد على هذا او ذاك من قضايا ومعضلات ومصالح الطبقتين، تشكل منشاء ظهور واستمرار جملة من التيارات الاجتماعية والسياسية في هذه المجتعات. ففي مسار هذا الصراع، تنبثق، من معسكر البرجوازية، على سبيل المثال، التيار المحافظ، التيار القومي، التيار السياسي الديني ( الاسلامي، المسيحي، اليهودي، الخ)، التيار الليبرالي والتيارات الشيوعية والاشتراكية البرجوازية، على سبيل المثال، تيار الاشتراكية الديمقراطية المعاصرة ..الخ. ومن معسكر الطبقة العاملة تنبثق التيار الثوري الاشتراكي والشيوعي، وكذلك التيار الاصلاحي ..الخ.
نحن كحزب، الحزب الشيوعي العمالي العراقي، لا نسمي انفسنا مجرد حزب يساري، انما نسمي انفسنا حزب الحركة الشيوعية العمالية، حزب مرتبط بالصراع الطبقي العمالي والحركة الاجتماعية والسياسية والفكرية للشيوعية العمالية داخل الطبقة العاملة والتي تتصارع على صعيد المجتمع. نطلق على انفسنا اسم حزب عمالي ذو برنامج شيوعي، حزب وضع في صدر اولوياته بناء مجتمع خال من الطبقات وتحقيقه عن طريق الثورة الاجتماعية للطبقة العاملة، وبناء الحكومة العمالية، وليست عن طريق الاصلاح الاجتماعي، بالرغم من ان كسب الاصلاحات الاجتماعية والسياسية جزء اساسي من عملنا ونقوم بها باستمرار.
وهكذا، من الممكن تطبيق نفس المنطق الذي استخدمته فيما يخص الحزب الشيوعي العمالي العراقي لتعريف وتحديد الموقع والمنشاء الاجتماعي لجميع الاحزاب والمنظمات، يسارية او يمينية. اي، نحدد موقع اي حزب سياسي او منظمة سياسية التي تدعي نفسها بانها يسارية على خارطة مواقع هذه الحركات الاجتماعية والسياسية الموجودة في المجتمع.
على اي حال، اليسار، اليساري وسياسة جناح اليسار مفاهيم متداولة في المجتمعات. ومثلما اكدت عليه، يحدد موقع اي حزب او منظمة يسارية على خارطة هذه الحركات الاجتماعية الواقعية والمتمخضة عن الصراع الطبقي والنضال بين الطبقات في المجتمع. وهذا الموقع الطبقي هو ما يحدد محتوا كل واححدة منها في كونها يسارية ام في معسكر اليمين.
وعليه، اذا اردنا ان نعطي تعريفا دقيقا وواقعيا لليسار يطابق واقع العصر الحالي، علينا ان نحدد محتوى هذا التعريف في عهدنا الحاضر، عصر الراسمالية والامبريالية، عهد الثورة الاشتراكية العالمية وليس العهد الذي نشاء عنه تاريخيا هذا المصطلح في سياق الصراع السياسي في المجتمعات. وبالتالي علينا تحديد مفهوم اليسار بالارتباط مع وقائع الصراع الطبقي والنضال الثوري الجاري في المجتمعات المعاصرة. فاذا اخذنا هذه الوقائع بنظر الاعتبار فان اليسار بوصفه مفهوم، سيكون له معنى بالارتباط مع الحركات والاحزاب والتيارات والمنظمات السياسية التي تتبنى احداث التغيير الاجتماعي والاقتصادي الثوري، اي الاشتراكية والشيوعية، وهذا هو مفهوم اليسار اذا اردنا ان نعرفه تعريفا يناسب واقع العصر.
غير انه من الضروري هنا ايضا ان نميز بين هذا التعريف لليسار وبين التعريفات الشكلية العديدة والمشوهة، في الوقت نفسه، التي باتت نصيب هذا المفهوم في عالمنا الحالي والتي يستخدمها قسم من القوى السياسية لتعريف نفسها، او الاحزاب والمنظمات الاخرى، بها كيسار.
اولا، هناك تيارات واحزاب سياسية كانت سابقا تسمي نفسها يسار او اشتراكي او شيوعي ولكنها تخلت فيما بعد عن الاهداف الاشتراكية والثورية او حتى الادعاءات اليسارية وامثلة على ذلك كثيرة في العالم وخاصة منذ بداية الثمانينيات الى اليوم. فهذا النمط من الاحزاب والمنظمات اخذت تبحث عن المشاركة مع السلطة البرجوازية لتحقيق اهدافها ولم تعد تتحدث عن التغيير الاشتراكي للمجتمع ولا تعتقد بالثورة الاجتماعية للعمال.. وغيرها. فهذا النوع من الاحزاب والمنظمات لم تعد احزابا يسارية بالمعنى الدقيق للكلمة دع جنبا تسميتها بالاحزاب الاشتراكية.
ثانيا، كثيرا ما يشوه مفهوم اليسار اذ يستخدم لتعريف تيارات وحركات واحزاب سياسية ليست لها صلة، اصلا، بالتغيير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الثوري للمجتمع، ليس هذا فقط، بل، مرات عديدة ،يستخدم لتعريف تيارات رجعية ويمينة بالاساس. ففي حالات كثيرة وخاصة في الشرق الاوسط والعالم العربي، يستخدم مفهوم اليسار لتعريف التيار القومي-العلماني وكانه تيار يساري بالمقارنة مع التيار الاسلام السياسي. كما، ويعتبر التيارات الاشتراكية الديمقرطية الحاكمة في اوروبا، مثال حزب العمال في بريطانيا، وكأنها احزاب يسارية. هذا، ويصنف احزاب، قومية ونصف يسارية، مثل تيارات الماوية والستالينة، بشكل خاطئ، في العالم او بلدان العالم الثالث، بانها تيارات اشتراكية ويسارية.
حقيقة الامر هو ان هذه الاحزاب والامثلة التي اشرت اليها اعلاه في الفقرة اولا وثانيا تشكل احزاب وتيارات ومنظمات الجناح اليساري للطبقة البرجوازية الحاكمة ولا تربطها شئ بالطبقة العاملة والاشتراكية و قطب اليسار العمالي والاشتراكي والشيوعي.
هذا، وهناك واقع اخر على عكس ذلك، علينا اخذه بنظر الاعتبار وهو ان نضال العمال من اجل احداث الاصلاحات الاقتصادية والسياسية حتى وان بدون تبني اجندة اشتراكية وكذلك حركات الشباب والنساء التحررية تشكل القاعدة الاجتماعية الواسعة لقطب الاشتراكية واليسار الاشتراكي في المجتمع.
مثلما اكدت عليه اعلاه ان مفهوم اليسار مرتبط بالصراع الطبقي في المجتمع الراسمالي المعاصر، بمسالة احداث التغيير الاجتماعي والاشتراكي فيه وبالحركة الشيوعية. ولكن وبالرغم من هذا وخارج ارادتنا ورغبتنا فان مفهوم اليسار بات مفهوما غير محدد الشكل، واسع الاستخدام، ومرن، وله استخدامات كثيرة. لذا من الضروري ان نعرف مسبقا في هذه الندوة تحديدا باننا نتحدث من جهة عن شئ ملموس وتعريف محدد لليسار ومن جهة اخرى عن قوى متنوعة تعتبر نفسها يسار على الاقل في العراق.
تغييرات كثيرة طرأت على القوى التي تؤلف اليسار في العراق وهذه تشكل جزء من وقائع الصراع السياسي والطبقي في المجتمع، وهي كذلك اشياء عادية وطبيعية. لاشك، ان رسم الحدود الفاصلة بين من هو يساري ومن هو غير يساري ووفق المفهوم الذي استخدمته امر مهم لخدمة الحركة الاشتراكية والشيوعية والتحررية للطبقة العاملة. كما وفي الوقت نفسه، واضح انه من حق اي شخص او تيار او حزب ان يصر بانه، وبالرغم من تخليه عن الافكار الاشتراكية والشيوعية، وعن الثورة الاجتماعية للطبقة العاملة، بانه من معسكر اليسار. فبهذا الخصوص، للبرجوازية مصلحة سياسية مكشوفة في خلق التشوش على صعد هذه المفاهيم والحركات والتيارات. وهذه كلها امور معروفة، ولكن عادة يتحول هذا النوع من الخلط بين الامور الى مشكلة عندما نرى تصاعد في الالحاح لدى النشطاء العماليين المحبين للاشتراكية او بعض القوى المحبة لليسار والاشتراكية على دمج الكل تحت اسم واحد وتحت قبة مفهوم اليسار طالبا من الكل العمل المشترك لانها تعتبر الكل بانها يسار بدون الخوض في الحدود التي تفصل الواحد عن الاخر.
دور اليسار في العراق
ملامح الاحزاب والقوى السياسية التي تعتبر نفسها يسار او يعتبرها المجتمع جزء من اليسارمعروف للجميع وجزء من وقائع الحياة السياسية في العراق اذ ان اليسار ليس ظاهرة جديدة في العراق. كما ان الخلافات والانشقاقات التي حدثت في مسار تاريخه امورا مشخصة ومعروفة للجميع .
لتلك الخلافات السياسية والفكرية داخل التيارات التي تسمى نفسها يسار دوافع وتاريخ، ولها ملامحها السياسية، ليس هذا فقط، بل تقف مصالح سياسية واضحة ومحددة وراء ادامتها وادامة منهج وعمل السياسي لكل طرف من اطراف اليسار. وهذا يعني ان الانشقاقات والاختلافات في اليسار ليس بسبب الوقوع في الاخطاء او بسبب العقيلة اوالسلوكيات انما نابع من الاسباب والدوافع السياسية المحددة.
اليسار واحزابه لا ينفصل عن الصراع السياسي بين الطبقات في المجتمع العراقي وليس معزولا عما يجري فيه من الصراعات السياسية والفكرية بين التيارات الاجتماعية والسياسية المختلفة. ان عدم امكانية قوى اليسار على ان تكون مؤثرة على تطوير مسار الصراع السياسي بين الطبقات الاجتماعية في العراق لا تغير من واقع الارتباط السياسي الموجود بين اليسار والصراع الطبقي في المجتمع. احدى الاخطاء الشائعة وخاصة داخل اوساط المثقفين هي النظرة الموجودة تجاه الانشقاقات والخلافات السياسية داخل اليسار واحزابه وكانها شر غيرلائق باليسار والاحزاب اليسارية، في الوقت الذي، ان الانشقاق وتشكيل الاحزاب اشياء طبيعية وروتينية بوصفها جزء من الصراع السياسي على صعيد المجتمع. وليس هناك مجتمع لم يحدث فيه هذه الانشقاقات على صعيد اليسار.
للاشتراكية واليسار والشيوعية دور وتاريخ مهم في العراق وكوردستان وتتمتع باحترام العمال والكادحين واكثرية الجماهير المحرومة. صحيح انها لم تستطع ان تتحول الى قوة اساسية تؤثر بشكل فعلي على تغير مسار الاوضاع السياسية والاجتماعية في العراق غير ان ذلك لا ينفي دورها وتاثيرها السياسي و الفكري على صعيد المجتمع.
نحن، وعلى سبيل المثال، كحزب لم نتخلى عن مبادئنا البرنامجية وبنينا تكتيكاتنا السياسية الاساسية وفق هذا البرنامج الشيوعي. لنا تاريخ سياسي وعملي ملئ بالمواقف والنضالات الثورية والشيوعية. فهذا كله تاريخ سياسي وجزء من وقائع الحياة السياسية في العراق. وهكذا بالنسبة للمنظمات والقوى الاخرى لليسار في العراق وكل حسب افقه السياسي والبرنامجي الخاص به.
ان تاريخ اليسار في العراق لا ينفصل عن تاريخ نضاله على صعيد اجتماعي، على صعيد الحركة العمالية والنسوية والشبابية، كسب الحريات والحقوق المدنية والفردية والسياسية والنضال ضد الفقر والبطالة وضد الفساد المالي والاداري ..الخ. ان هذا الصراع الاجتماعي مستمر وله تاريخ وبالتالي يقيم دور الاحزاب والمنظمات التي تدعي بانها اليسار، بدرجة ما، على هذا الاساس، ووفق دور وبرنامج وافق وتاثير كل واحد منها على دفع وتطوير مختلف ابعاد هذه النضالات وتقدمها الى الامام.
اخذين كل ذلك بنظر الاعتبار، هناك جوانب اخرى من واقع "اليسار" في العراق.
اولا، ليس من المنطقي ولا هو مقبول ان نجزء الحركة الشيوعية العمالية والاشتراكية واليسار الى عدة اجزاء ومن ثم اطلاق اسم الشيوعية او الاشتراكية على كل جزء منها. ليس من المقبول ان نقول بان الشيوعية متواجدة في قلب الحركة العمالية وتناضل من اجل رص صفوف العمال وتنظيم نضالها الاقتصادي والسياسي والارتقاء بالنضال الطبقي العمالي الى نضال اشتراكي ولكنها ليست لها موقف ضد الظلم على المراة، لا تتصدى لواقع فرض ايديولوجيا وقيم الحركات القومية والاسلامية على المجتمع وليست لها علاقة بمصير الانسان وحرية الشباب وتطلعاتها في التحرر. او ان ينغمس في كل هذه الميادين و لكنها ليست قوة اساسية في نضالات العمال وليست مؤثرة في تنظيم وتطوير النضال الاشتراكي للطبقة العاملة. هناك ممارسات متناقضة ضمن قوى اليسار في العراق على صعيد ذلك الربط العضوي بين مختلف ابعاد النضال الشيوعي والاشتراكي.
ثالثا: قسم مما يسمى باليسار في العراق وفي جانب كبير من نشاطاته غير منفصل عن الافق البرجوازي الاقتصادي والسياسي، او انه واقع تحت تاثير آفاق الحركات والتيارات البرجوازية الاسلامية والقومية و"الوطنية". فهذا القسم، يدعي بانه يسار واشتراكي وشيوعي غير انه تخلى عن الثورة الاقتصادية الاشتراكية، لا يتبنى مفهوم الثورة الاجتماعية للطبقة العاملة، لا يتصدى للظلم على المراة بشكل ثوري ولايتصدى للاسلام السياسي والقوميين العرب والكرد وغيرهما كشيوعي يدافع عن الهوية الانسانية والعالمية للافراد..الخ.
واخيرا، يسود في اوساط اليسار في العراق شانه شان اليسار في بلدان الشرق الاوسط والبلدان العربية الاخرى افق التيارات الاجتماعية والسياسية السائدة في هذه المجتمعات ونتيجة للاوضاع السياسية العامة التي مرت وتمر بها تلك المجتمعات وخاصة الافق القومي و"الوطني" وهذا يشكل عائقا امام تطور الفكر الانتقادي الشيوعي واليساري حقا في هذه البلدان بما فيها العراق.
العمل المشترك
فيما يخصنا نحن كحزب لا نستبعد العمل المشترك مع اي حزب او منظمة يعتبر نفسه يساري ويرى انه شريك في تحقيق قسم من برنامج حد الادنى لحزبنا او اية سياسة من سياساتنا تجاه الوضع الموجود. كما اننا لا نستبعد العمل المشترك مع اي طرف في اليسار يرى بانه من الممكن ان نعمل سوية لرفع اي بعد من ابعاد مظالم النظام الراسمالي ومظالم سلطات الاسلامية والقومية والنظام السياسي القائم في العراق. بالرغم من ذلك اود ان اقول بان الملاحظتين ادناه ضرورية لرفع سوء الفهم حول اسس واليات العمل المشترك.
اولا : من الضروري ان نميز بدقة بين العمل المشترك بين الاحزاب والمنظمات داخل العراق والتي تعتبر نفسها يسار ويحمل كل واحد منها برنامج واجندة خاصة به، وبين فكرة دمج اليسار. اتصور لا يطرح احد هنا في هذه الندوة فكرة دمج اليسار لان الاختلافات والصراعات السياسية بين مختلف تيارات واحزاب ومنظمات اليسار امر واقع.
ثانيا : فكرة توحيد اليسار في "ائتلاف سياسي" او تشكيل نوع من "التحالف السياسي" على قضايا معينة ومحددة ليست واردة الان ايضا وخاصة نحن نعرف بان تلك الاحزاب والمنظمات تتعارض فيما بينها على جملة من المسائل السياسية والاجتماعية الاساسية. واضح ان الائتلاف والتحالف هو عمل سياسي ونوع من العمل السياسي المنظم وهذا غير وارد في اوضاع اليسار في العراق على الاقل بالنسبة لنا مع بقية التيارات والمنظمات والاحزاب الموجودة. ان السبب ليس في عدم اهتمامنا بوحدة اليسار وليس من باب نظرة التعالي او الانعزال او اي شئ من هذا القبيل. بالعكس نحن نعتقد بان الشيوعية هي حركة اجتماعية وبحاجة الى ان تكون قوية وواسعة وتؤثر على اوسع قطاعات الجماهير الكادحة في المجتمع. المسالة الاساسية هي ان تاريخ الصراعات داخل اليسار ليس وليد اليوم، انه امر واقع منذ سنوات عديدة ولا يمكن التغلب عليها بمجرد ابداء الاخلاص لتوحيد الجهود. هناك اختلافات سياسية واحزاب ومنظمات تشكلت على اساسها. وهذا واقع له مبرراته وعلينا الاعتراف به والتعامل معه وفق هذه المعطيات فالدخول في ائتلافات سياسية سوف لن تكن غير الدخول في اعمال صورية سياسية.
ثالثا: اخذين كل ذلك بنظر الاعتبار، هناك عامل اخر يضع مسالة الائتلاف الصوري بين قوى اليسار امر لا يخدم الحركة الشيوعية والتحررية وهذا العامل هو ان الحركة العمالية والاحتجاجات الاجتماعية والراديكالية السياسية في التصاعد في العراق وخاصة في خضم الاوضاع السياسية والاجتماعية الحالية. ان هذه الحركة العمالية الصاعدة وهذه الراديكالية الاجتماعية، من جهة، تحتاج الى ان تكون لها اوسع مجال للتعرف على برامج وسياسات واطروحات مختلف قوى اليسار عموما، ومن جهة اخرى، تتطلب ان ترتبط الائتلافات اوحتى وحدة اقسام من اليسار فيما بينها بكيفية التعامل مع والرد على متطلبات هذه الاحتجاجات الاجتماعية و السياسية للطبقة العاملة و الجماهير الكادحة.
لاوضح كلامي اكثر، ان غلق الابواب امام الصراع السياسي فيما بين الاحزاب والقوى السياسية في اليسار والدخول في ائتلافات وتحالفات سياسية صورية وغير ناضجة وبشكل معزول عن مسار تطورات هذه الحركة تعني اجهاض التطور الحر والواسع لهذه الحركة الاجتماعية وحريتها في اختيار التيارات والاحزاب والمنظمات التي بوسعها ان تمثلها. فهذا من جانب، ومن جانب اخر، ان الائتلافات المبكرة والمعزولة عن واقع الحركة الاجتماعية للشيوعية والاشتراكية نوع من العمل الصوري ولن يكون نتيجتها ثابتة وراسخة. ان الوحدة والاقتراب على اسس مصالح الحركة وتطوراتها الثورية الفعلية باتجاه تقوية الحركة العمالية والشيوعية هي التي تعطي الثمار.
ان منطق الصراع السياسي حول ترسيم افق الحركة العمالية والشيوعية في العراق وتطوراتها اللاحقة يستلزم علينا ان نتمسك بدفع ذلك المنطق والصراع الى الامام بدون التردد وهذا بطبيعة الحال يخلق الارضية لتوحيد قوى الاشتراكية والشيوعية، في اشكال معينة، في قلب اجواء كهذه. ان الدعوات ذات النية الطيبة لوحدة اليسار لا تصلنا الى مكان اذ انها ليست ذات صلة حية ومباشرة بمتطلبات حركة العمالية والتحررية والشيوعية الملحة في العراق. ان طريق وحدة اليسار هو منطق الصراع الطبقي والسياسي في المجتمع والذي لا يمكننا القفز فوقه. من الممكن ان يتوحد نضال اقساما كبيرة من اليسار في العراق في حزب اجتماعي شيوعي واحد ذو برنامج وتاكتيك شيوعي عمالي واممي وثوري او في اشكال اخرى ولكن يجب ان يتحقق ذلك عن طريق واقعي عن طريق الارتباط بمصالح تطور الحركة الشيوعية والعمالية على صعيد المجتمع وما تتطلبه من خوض نضال سياسي وفكري ماركسي شامل داخل اليسار و على صعيد المجتمع .
بالرغم من كل هذا، هناك ميادين عمل مشتركة مفتوحة الان امام اليسار في العراق كي يقوم بنضال مشترك ويخلق الارضية لمزيد من التقارب النضالي العملي فيما بعد.
اولا: العمل المشترك بوجه حملة البرجوازية في العراق وممثليها السياسيين وحكومتها لفرض قانون عمل بالضد من مصالح الطبقة العاملة.
الطبقة العاملة ستكون معرضة لاثار هذه الحملة ولعشرات السنوات القادمة اذا استطاعت البرجوازية ان تفرض قوانيها وسياساتها على هذه الطبقة. العمل المشترك الملح والعاجل على هذا الصعيد يكتسب اهمية كبيرة. عموما وفي ميدان العمل داخل الحركة العمالية من الممكن ان يتوحد نضال القادة العماليين والنقابيين والناشطين العماليين المنتمين لمختلف التيارات والاحزاب السياسية لليسار حول جملة من المسائل العملية المطروحة في الساحة النضالية للطبقة العاملة. كما انه من الضروري ان تكون هناك مبادرة لهذا الصف من القادة والناشطين العماليين باتجاه الضغط على احزابها كي يتمسك بمسالة وحدة النضال في هذا الميدان. ففيما يخص نضال العمال والحركة العمالية من الممكن العمل المشترك في هذه الميادين:
1. حقوق وحريات الطبقة العاملة ومطالبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
2. حرية الاضراب، التنظيم والتظاهر
3. فرض قانون عمل عمالي يفرضه العمال على الحكومة الحالية.
4. عدم افساح المجال للحكومة والمنظمات النقابية الموالية لها من ان تقوم باجراء انتخابات لغرض فرض نقابة موالية للحكومة على العمال.
5. رفع الاجور بما يتناسب تكاليف المعيشة
6. ....الخ
ثانيا: العمل المشترك في ميدان النضال ضد البطالة والفقر والفساد المالي والاداري، ومن
اجل توفير الخدمات.
1. النضال المشترك لفرض مطلب الضمان الاجتماعي لكل عاطل عن العمل بما يتناسب وتكاليف المعيشة
2. توفير الخدمات الصحية المعاصرة المجانية للجميع
3. توفير الماء و الكهرباء
4. توفير السكن المناسب للجميع
5. النضال ضد الفساد المالي و الاداري
6. ....الخ
ثالثا: النضال المشترك من اجل تحقيق حريات ومساواة المراة
1. النضال من اجل تحقيق مساواة المراة الكاملة مع الرجل
2. النضال في ميدان تحقيق حريات المراة وحقوقها في كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية
3. العمل المشترك لدعم الحملات المختلفة بوجه مختلف ابعاد الظلم الواقع على المرأة.
4. ....الخ
رابعا: في ميدان الدفاع عن الحريات السياسية والفردية والمدينة
1. العمل المشترك لتحقيق فصل الدين والقومية عن الدولة والتربية والتعليم
2. الدفاع عن حرية السياسية غيرالمقيدة وغير المشروطة
3. الدفاع عن الحقوق والحريات الفردية والمدنية
4. الدفاع المشترك عن حرية النقد، حرية الصحافة، حرية التعبير، حرية التجمع وتشكيل الاحزاب والمنظمات والجمعيات وحرية التظاهر والاضراب.
5. .....الخ
خامسا: مواجهة التقسيم والتعصب الطائفي والقومي
1. العمل المشترك في ميدان الوقوف بوجه التقسيم والتعصب الطائفي والقومي
2. التصدي لاي نزاع واحتكاك قومي وطائفي
سادسا:...الخ

وشكرا للجميع .
انتهى
25-05-2012