بصمات نغروبونتي


يونس الخشاب
الحوار المتمدن - العدد: 1076 - 2005 / 1 / 12 - 09:38
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق     

تناقلت بعض وكالات الانباء قبل ايام عن ارسال ضابط عسكري امريكي الى العراق في مسعى لتاسيس ما يسمى ب" فرق الموت " وهي عصابات سرية مهمتها الاغتيال والتخريب على نمط فرق الموت المعروفة في الهندوراس ، حيث كان يعمل السفير " نغروبونتي ".
لقد لمع اسم "نغروبونتي " حينما عين مساعداً لرئيس الوفد الامريكي الذي رأسه "هنري كيسنجر "لمفاوضة الفيتناميين وعلق على اداء " كيسنجر " يومها بانه( يمنح الفيتناميين الكثير من التنازلات).

وخلال خدمته كسفير لبلاده في الهندوراس بين عامي 1981ـ1985 كانت الهندوراس ديكتاتورية عسكرية تعمل من وراء قناع حكومة مدنية . استخدمت اراضيها كقاعدة لشن حملات حرب الكونترا ضد نيكاراغوا وحربا اوسع ضد الحركات اليسارية في امريكا الوسطى .
ومن المعلوم ان " نيغروبونتي " لا يتكلم العربية وليس له خلفيات تنم انه ملم بالشرق الاوسط . ولكن له خبرة طويلة ، وسجل اسود في قمع الحركات الشعبية والحركات المناوئة للسياسات الامريكية اثناء خدمته في حكومة " ريغان " وسياساتها في امريكا الوسطى .تلك الخبرة التي تقوم بالدرجة الاولى على دعم الديكتاتوريات اليمينية وانتهاك حقوق الانسان والعمل على خداع الكونغرس والشعب الامريكي عما يجري على ارض الواقع .
كانت مهمته الاساسية في الهندوراس ، حيوية وذات اهمية ستراتيجية ، وهي تطبيق الاجراءات اللاشرعية التي كانت ادارة "ريغان" تتبعها من تسليح و تدريب قوات الكونترا ومن ثم تسريبها عبر الحدود الى الجارة نيكاراغوا للاطاحة بالحكومة الساندينستية هناك .وكما كانت سجلات المخابرات المركزية قد اعترفت فان قوات الكونترا كانت تستخدم عمليات الاختطاف والابتزاز من اجل تمويل تلك العمليات . وكان يطلق على " نغروبونتي " هناك اسم ( البروقنصل ) كما يذكر " نعوم تشومسكي " ،( وهو حاكم واسع الصلاحية لمستعمرة او ارض محتلة ) حيث كانت الولايات المتحدة تخشى من قيام كوبا ثانية في امريكا الوسطى . مهمته كانت الاشراف على قواعد جيش من المرتزقة الارهابيين ( الكونترا ) ومن ثم ارسالهم الى نيكاراغوا للاطاحة بنظام الحكم هناك .
ولقد اضطرت حكومة نيكاراغوا في حينها الى حمل قضيتها الى محكمة العدل الدولية في هاك. وقد امرت المحكمة الولايات المتحدة بانهاء استخدامها اللاقانوني للعنف مستخدمة تعبير "الارهاب الدولي " ضد نيكاراغوا ومطالبة الولايات المتحدة بدفع التعويضات عن الاضرار التي سببتها .غير ان الولايات المتحدة اهملت قرار المحكمة ثم استخدمت حق النقض " الفيتو " ضد قرارين في مجلس الامن يلزم كافة الدول باحترام القانون الدولي .
لقد اشرف "نيغروبونتي " على انشاء قاعدة (الاكواكيت) الجوية كمركز لتدريب قوات الكونترا
وكمركز للتعذيب وسجن مركزي خلال الثمانينات . وقد اظهرت الحفريات التي أجريت عام 2001 في نفس المنطقة عن اكتشاف 185 جثة . ويقول النقاد ان نغروبونتي كان على علم تام بهذه الانتهاكات لحقوق الانسان ولكنه فضل الاستمرار بالتعامل مع هذه العصابات مستمراً بالكذب على الكونغرس .
في مايو من عام 1982 ذهبت الراهبة "لايتيتا بوردس" التي كانت قد خدمت عشر سنوات في السلفادور في مهمة لتقصي الحقائق عن مصير ثلاثين راهبة كن قد هربن الى الهندوراس عام 1981 ، وقد ادعى " نيغروبونتي " ان السفارة الامريكية لا تعلم اي شئ عن الموضوع ، غير ان "جاك بنز " الذي خلف " نيغروبونتي " في منصبه وفي مقابلة صحفية اجرتها معه صحيفة ( بالتيمور سن) عام 1996 قال ان الجماعة السلفادورية والتي من ضمنهم الراهبات التي كانت تبحث عنهن كان قد القي القبض عليهم في 20 نيسان 1981 وتم تعذيبهم بوحشية من قبل البوليس الهندوراسي السري وبعد ذلك ألقي بهم من الطائرة وهم احياء .
وقد ساهم في انشاء " فرقة الموت " او " الكتيبة 316 " ، وهي وحدة عسكرية استخباراتية تلقت تدريباتها على ايدي اجهزة المخابرات المركزية وكانت تستخدم ضمن اسالييها التحقيقية
الصدمات الكهربائية ومعدات خاصة لخنق السجين ، وعادة ما كان يحتفظ بالسجناء عراة ، وحين يستنفذون من المعلومات فانهم يقتلون ويدفنون في قبور مجهولة . اما اعضاء هذه الكتيبة فانهم قد تلقوا تدريباتهم في مكان سري في الولايات المتحدة وقواعد المخابرات المركزية في الهندوراس.
لقد حاول " نيغروبونتي ان ينأى بعيداً عن هذه الانتهاكات ، حتى بعد اطلاق ذلك الكم الهائل من الوثائق السرية والتي تفضح تورط الولايات المتحدة في اعمال الكتيبة 316 .
وحينما طرح اسمه على التصويت في مجلس الشيوخ بعد ان اصدر " بوش" قرار تعيينه كتب عضو المجلس " سين هاركن " ، والذي كان معارضاً لهذا التعيين يقول :
" ما نحتاجه هو شخص له تاريخ ناصع ، وسيرة لا يمكن النيل منها فيما يتعلق بحقوق الانسان الاساسية واحترام القانون ، شخص لا لطخة في تاريخ خدمته وغير متورط في نفس ذلك النوع من الانتهاكات الذي اتكشف مؤخراً في العراق من خلال محاكمنا العسكرية . انني اعتقد ان تعيين السفير " نغروبونتي " لهذا المنصب الحساس سوف يؤدي عموما الى ارسال الاشارة الخطأ.


انظر
http://en.wikipedia.org/wiki/John_Negroponte
http://www.chomsky.info/articles/20040806.htm