و يجبر الشعب على اختيار الانتحار !


حميد زناز
الحوار المتمدن - العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 17:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

وهكذا كما كان متوقعا تحول الربيع العربي الأخضر إلى خريف إسلاموي أسود. لقد كتبت مرات و مرات أن الانتخابات في هذه الظروف لا يمكن أن تكون سوى كرنفالا يقدم من خلاله مصير شعوب بكاملها إلى المغامرين الإسلاميين.
يجب أن يكون المرء ساذجا جدا لكي يتفاجأ بما تتقيؤه ما سمي بــ صناديق انتخاب . غياب الدولة بالمفهوم الحقيقي وانتشار الفقر و ما يتبعه من أوبئة ثقافية و نفسية جعل الناس في غالبيتهم يبايعون في السر دولة موازية وهمية يروج لها في المساجد و كل وسائل الإعلام أطلقوا عليها دولة إسلامية و كان منتظرا أن يزكوا عرابيها علانية في أول فرصة تتاح لهم. ليس الاقتراع تصويتا لبرنامج سياسي من بين برامج أخرى كما يريد أن يوهمنا البعض و إنما هو خروج الجماهير لاستبدال الدولة التي خذلتهم بدولة العدل و الإيمان الإسلامية.
و لئن كان الناس على حق في كنسهم للأنظمة الفاشلة فعليهم ألا يسلموا أمرهم لدعاة الدولة الدينية و إلا فعلت بهم ما فعلته بإخوانهم في السودان و أفغانستان و إيران...
سنرى ما يجنيه التونسيون من حزب النهضة، والمغاربة من حزب العدالة و التنمية و سنرى ما يفعله الإخوان بمصر وسنرى قريبا النور الذي سيعم مصر مع حزب النور؟
إثر النقاش الذي كان دائرا حول كارثة انتصار الأصوليين في الجزائر سنة 1992 في الانتخابات التشريعية أو المهزلة الديمقراطوية هناك ، قدّم عالم الاجتماع الجزائري الهواري عدي نظرية جريئة وطريفة تحت عنوان ’’الارتداد الخصب’’، رأى فيها أنّ أحسن طريقة يتفطّن بها الجزائريون إلى هشاشة الخطاب الدينيّ ولاواقعيته هو تجريب حكم الإسلاميين بشكل مباشر. وهو ما يلخّصه لنا الفيلسوف الإيرانيّ داريوش شايغان: "لقد حققنا، نحن الإيرانيون، كلّ فانتازماتنا العتيقة، وقد أهّلنا هذا التطهير أو التنفيس الجماعيّ غير المسبوق أن نفهم اليوم عدم جدوى الأحلام غير القابلة للتحقيق وأن نعي كذلك أن كل دعوة للرجوع إلى الخلف هي ضد مستقبلنا بل هي فخ منصوب للمغفلين. بشكل من الأشكال، نحن في مرحلة متقدمة عن بقية البلدان الإسلامية إذ مازال أهل تلك البلدان يحلمون بالانزلاق. لنقل أننا بدأنا نلمح شعاع الشمس الذي يخرجنا من النفق المظلم بينما هم يحاولون الدخول".

فليدخل العرب سراديب النفق المظلم اليوم عساهم يخرجون منه غدا و ربما لن يخرجوا منه أبد الدهر !