تونس: هل هي غزة القادمة؟


حميد زناز
الحوار المتمدن - العدد: 3527 - 2011 / 10 / 26 - 17:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

حينما يبور قطاع السياحة في تونس و يضرب الغربيون عن المجيء للتمتع بأشعة الشمس كما كانوا يفعلون على طول أيام السنة و حينما يهرب رأس المال خوفا من غد لا يعرف أحد كيف سيكون و حينما تستفحل البطالة و يعم اليأس و تسد أبواب الأمل لن يجد من أعطوا أصواتهم لحزب النهضة الأصولي سوى التعلق أكثر فأكثر بالغيبيات و اللجوء إلى تجسيدها شكليا على أرض الواقع بإطالة لحى و التكفن في نقاب والصلاة إلى أن تتقيح الجباه وإلى فرض تعميم الوهم بالقوة و الضغط.. هكذا هو الحال عندما يتم وضع العربة قبل الحصان. وكان ذلك منتظرا مثلما كان الحال في الجزائر منذ عشرين سنة مضت والآتي من مصر أعظم. و لكن الأمل يعمي الأبصار أحيانا. هل تعني نتائج الانتخابات شيئا بعد عشريات من القمع و الجهل والفقر و الأسلمة و الأظلمة ؟ أليس الأمر مجرد ديمقراطوية فجة و تنفيس عن روح مغبونة؟
لا أحد ينكر وجود مجتمع مدني حقيقي في تونس يمثله ربما بالتساوي كل من العلمانيين و الإسلاميين إن لم يكن الأكثر تطورا على طول الوطن العربي. ولكن الأغلبية العظمى من الشعب التونسي لا علاقة لها بصراع الأفكار قط و ليس لها من الثقافة السياسية الديمقراطية أي زاد. و هو حال كل المجتمعات العربية دون استثناء. و من البديهي في هذه الحال أن التصويت لديها لا يعني اختيار برامج و إنما اختيار هوية. يكفي للمترشح أن يرفع راية الإسلام وسيكون النجاح له مضمونا. "أصواتكم أمانة معلقة في رقابكم تُسألون عنها يوم القيامة." هكذا أرهبت جبهة الإنقاذ المؤمنين في الجزائر علانية على لوائح الحملة الانتخابية و هكذا في السر فعلت النهضة و هكذا تفعل أحزاب الجنة و النار مهما كان الزمان و الديار.
ما لم يحسم في هذه المسألة بإبعاد الإسلام نهائيا من المعارك السياسية، لن يصل العرب إلى مرحلة سلم اجتماعي و لا إلى تداول حقيقي على السلطة أبدا. و سنبقى لعبة بين ديكتاتور أمرّد ذاهب و ديكتاتور ملتحِ آت وهكذا دواليك إلى أن نندثر غير مأسوف علينا دون الوصول إلى إقامة الدولة الإسلامية الوهمية و لا الدولة العلمانية الحقيقية بل نغرق في بحر دويلات و طوائف و حروب أهلية...