تعذيب السّجناء في العراق، الوجه العاري لإرهاب دولة الولايات المتّحدة الأمريكيّة


حميد تقوائي
الحوار المتمدن - العدد: 994 - 2004 / 10 / 22 - 08:22
المحور: حقوق الانسان     

بشيوع اخبار تعذيب السّجناء السّياسيّين في العراق، فان أزمة الولايات المتّحدة الأمريكيّة وحلفاءها قد بلغت أبعاداُ خطيرة. لقد أصبح واضحًا بانه وعود الديمقراطيّة وحقوق الإنسان لجماهير العراق ليست ادعاءات جوفاء فحسب، بل ان اولئك الذين يدّعون بجلب الدّيمقراطيّة، ليسوا بأقلّ وحشية من نظام صدام عندما يتعلّق الأمر بتعذيب السجناء. هذا هو الوجه الحقيقيّ للنّظام العالميّ الجديد الذي تعمل الولايات المتّحدة الأمريكيّة وحلفاءها على تحقيقه في العراق والشّرق الأوسط – مجتمع متأزم وتعمه الفوضى، بوجود "المنقذين" المجرمين والجلادين، وبالإرهاب الإسلاميّ المنفلت والذي يتغذّي من هذا المستنقع الآسن لتبرير جرائمه سياسيًّا. هذا هو تذكار قادة النظام العالمي الجديد لجماهير العراق.
ان ما أجبر إدارة بوش على أن تحقّق في هذه الجريمة ليس التعذيب الذي جرى للسجناء بل بسبب افتضاح الامر. لقد عرف مسئولو الولايات المتّحدة الأمريكيّة بوجود التّعذيب منذ فترة ولم ينبسوا بكلمةً. وبالرّغم من انهم قد انكشفوا الان، فانهم مازالوا يحاولون تصوير التّعذيب كاستثناءات وحالات قليلّة لتغطية المسألة .
في الواقع، فان هذا النّوع من السلوك الإجراميّ ليس حدثًا استثنائيًّا أو جديدًا على الولايات المتّحدة الأمريكيّة والقوّات المسلّحة للمملكة المتّحدة؛ لقد بنوا جيوشهم على هذه الطّريقة. ليس لدى هذه الجيوش أيّ سجلّ تاريخيّ آخر غير ذلك السجل الاجرامي ضدّ جماهير كوريا وفيتنام والصّومال والهند وجزر الفوكلاند وعشرات الدول الإفريقيّة وأمريكا اللاتينية والبلدان الآسيويّة التي هُوجِمَتْ في العقود السّابقة. ان هذا النوع من الاجرام ليس استثناء ولكنّه، في الحقيقة، القاعدة .
ان الجديد في العراق، هو الوجود النّشط للاسلام السّياسيّ والإرهاب الفوميّ - الدّينيّ في المعسكر المعارض للولايات المتحدة. مرة اخرى يكرّر تعذيب السجناء حقيقة مفادها أنّ مؤيّدي النزعة المحافظة الجديدة الذين يحكمون الولايات المتّحدة الأمريكيّة هم على نفس شاكلة البعثيين والإسلاميين المعارضين. ان لديهم نفس منهج وقيم التفكير بخصوص العدوّ، الأجنبيّ، الأسير و السّجين؛ ان ما هو غائب تمامًا عن فلسفتهم السّياسيّة هو الإنسان والقيم الإنسانيّة.
إذا ما قيض للسّيّد بول بريمر بان يكون محافظاً لنيويورك ولم يُوَاجَه بمقاومة من القوى التّقدّميّة مثل المجموعات اليسارية، الاتّحادات العمالية والمنظّمات المناصرة للمرأة، فسيحوّل أيضًا نيويورك إلى بغداد أخرى. سيرسل النّساء إلى البيوت، يحل النقابات العمّالية، يعيد الدين الى المدارس ومركز الاحداث، يملأ السّجون باليساريين، التّقدّميّين، الناشطين السود، والمناصرين للمرأة والمثليين الجنسين وسيعمل مع هؤلاء السّجناء ما هو مشغول جدًّا بعمله اليوم في بغداد. ان الجناح اليمينيّ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة شئ متطابق تماماً مع الارهاب الاسلامي في الجبهه المقابلة سواء في الرّأي او الفلسفة السّياسيّة.
ان نزاعهم يدور حول ترويض الاسلام السياسي والتحكّم به، وليس أستأصاله. لقد أظهرت الولايات المتّحدة الأمريكيّة بوضوح في أفغانستان وإيران واليوم في العراق، بأن ما تعترض عليه هو تناقض الاسلام سياسيّ مع مصالح الولايات المتّحدة الأمريكيّة وليس تضادّه مع مصالح الجماهير في المجتمعات المبتلاة بالاسلام. ان رجعية رأسماليّة السّوق الحرّة التي قد أخذت مركز الصدارة بعد انهيار الاتّحاد السّوفيتيّ لكي تمارس سياسة السّلب والنهب ليست ممثّلة للحرّيّة والحضارة. على العكس، انها ممثّلة السياسات الأكثر رجعيّة وعتقاً وفساداً وتخلّفاُ، انها الأفكار والآراء التي كانت حتّى عقود عدّة ماضية تيارات معزولة ومهمشة تمامًا في المجتمعات الغربيّة .
لو لم يكن لليمين المتطرف ان يتقدم نحو مواقع الصدارة في الغرب لما تمكن الاسلام السياسي من ايجاد موطئ قدم له لإعلان وجوده. هذان الإرهابان في العالم المعاصر يشتركان في جبهة واحدة متحدة امام البشريّة والتمدن. عندما يتعلّق الأمر بالبشر، بالمساواة والتحرر، فان إرهاب اليوم وارهاب العصور الوسطى يتكلمان لغة واحدة. ان تعذيب السجناء في إيران الجمهوريّة الإسلاميّة التي تعارض الولايات المتّحدة الأمريكيّة وفي العراق تحت سيطرة الولايات المتّحدة الأمريكيّة يظهر أنهما يتصرّفان بنفس الطّريقة ايضا عندما يتعلّق الأمر بجرائمهما ضد البشريّة .
ترجمة عصام شكــري عن النص الانكليزي المترجم من الفارسي من قبل مريم نمازي لنشرة WPI عدد 137 بتاريخ 10 ايار 2004 .