في مواجهة الإرهاب الفكري والفضائي


هيفاء حيدر
الحوار المتمدن - العدد: 3220 - 2010 / 12 / 19 - 13:22
المحور: ملف مفتوح – أهمية و إمكانيات إطلاق فضائية يسارية علمانية     

في مواجهة الإرهاب الإلكتروني والفضائي
الدعوة التي أطلقها موقع الحوار المتمدن حول هل نحن بحاجة إلى فضائية يسارية علمانية تستحق التوقف عندها لأكثر من سبب قد يتعدى دراسة الغايات والأهداف والجانب المادي في إطلاق هذه الفضائية إلى أبعد من ذلك ,في رؤيتنا لما يدور حولنا من حروب فكرية وتهميش للعقل ونصب للعداء ضد كل فكرة وكلمة تبتغي النور في مسيرتها ,والعداوة باتت تتعدى كل الخطوط التي كنا ما زلنا ننظر لها بالريبة وعدم الاقتراب في مجتمعاتنا المغلقة لأنهم وضعوا سواتر من حديد أمام كل طرح أو توجه برأيهم لا يبتغي وجه الله أولئك اللذين نصبوا أنفسهم حامين لحمى الرحمن.
حتى أصبحنا نعيش إرهاب الكتروني ممنهج ومبرمج تكاد لا تخلو منه محطة فضائية واحدة من بين المئات من الفضائيات التي تنبري في لغة عربية ركيكة في الدفاع عن الظلام وغياهب السراديب في وجه النهار والنور ,فبتنا حبيسين ومحاصرين ما بين التفاهة والسخافة من جانب وما بين تدني الأخلاق ووضاعة الثقافة من جهة أخرى .البحر من أمامنا والعدو من خلفنا .هذا واقع إعلامنا الفضائي المتشدد في الدين والموغل في التخلف والسفاهة ,عدا عن ذاك التشويه المدروس لكل القيم وأنظمة العدل والمساواة في ظل انحسار لقوى اليسار والتقدم واندفاع محموم لقوى الرجعية والتخلف والسطحية والتعري وهذا لا ينجو ولا يبرئ منه العديد ممن يدعون التغريب والانفتاح وضياع الحدود والقيم تحت مسميات عديدة لكن يظل المخفي اكبر في إعلامنا وفضائياتنا .
هذا واقع أقل ما يقال فيه إنه مر, بمرارة العلقم ,يستدعي ذلك أن نفكر بطريقة مختلفة في التعاطي مع هذا الواقع ,ولعل ما هو مطروح الآن برأيي أنه علينا الانتقال من دور المتلقي المدافع بخجل, وتوجل, إلى دور الفاعل ,المرسل بجرأة علمية صادقة ,أن نصبح مؤثرين عبر ما يحمل هذا الموقع من آراء تنويرية ,علمانية ,واقعية ,مدعمة ببينات وقرائن, ننتقد أداء المتشدديين والمحافظين برأي سديد ,نحترم قائل الرأي لكنه لا يلزمنا برأيه,وهذا ليس من السهولة بمكان ,هذا نهج يحتاج الى منهج وشفافية وتمعن ودراية حتى يكتب لهذه الفضائية ان ترى النور عليها أن تستوعب آراء الجميع ,من يقف في جهة اليسار عليه أن يرى ويناقش ويحاور من يقف في جهة اليمين وما بينهما .هذا مشروع سيولد حتى يعيش ويستمر بفضل عمر وحياة التكنولوجيا التي لا تنتهي مدة صلاحيتها .عبر كتاب وبرامج عليها ان تكون مختلفة وتأتي بالجديد المفيد في تفنيد الوقائع والدفاع عن مصالح الغلابة كما يقال ,
أن تظهر بما لا يدع مجال للشك بأن القيم السامية والعدل والمساواة والديمقراطية والنهج العلمي هو الطريق الصحيح للرد على كل الغيبيات والبدع والفتاوى ,نحن سنكون أمام مشروع فضائي تنويري ستحتل به قضايانا المصيرية الأولوية ,قضية المرأة والشأن النسوي والفضاء الذي لا حدود له كي نتحرك وننتج فكراً نحن النساء يحتاج لحيز هام من برامج الفضائية كي يتسنى لنا أن نطرح دون مواربة أو مداراة حقوق النساء ومساواتهن الكاملة ودون أي تحفظ أو انتقاص لأي منا مهما تعددت أصولنا ومشاربنا ,علينا أن نجعل من هذه الفضائية مساحة حرة ,نيرة حدودها غير متناهية وسقفها يمتد إلى ما لا نهاية كي نستطيع ان نقول إننا ها قد بدأنا خطوة الألف ميل في سبيل انتزاع ما هدر من كرامة الإنسان على امتداد معمورتنا المأهولة .
حتى نستطيع أن نرسم إطارا ومنهج ومسيرة عمل لفضائية غير محسوبة على ذو مال ولا سلطة وهذا أمر أصعب من كل ما سبق ليس بالأمنيات تحقق التطلعات والآمال .الوضع المالي سيكون هو العامل الحاسم تقريبا في إعداد الإمكانيات والاحتياجات الضرورية من عدة وعتداد وكوادر ومكان وفوق كل ذلك من مركز جغرافي وسياسي يستطيع أن يوفر المناخ الديمقراطي المناسب لعمل الفضائية وكوادرها وضيوفها يكون مركزاً جامعاً لا طارداً ,مركز يتبادل الدور والأدوار مع من يسكنون الهوامش وبات عليهم ان يتحركوا باتجاه المركز ,ربما كل هذا يصعب الموضوع لكنه لا يلغيه بل يجعل القائمين على موقع الحوار المتمدن يستنيرون بكل ما طرح من قبل آخرون كذلك. نطمح ونطمع في رؤية قناة فضائية مغايرة للسائد ومعاكسة للاتجاه ومستظلة بأفكار وآراء تنطلق بأننا خلقنا بشر متساوين نعمل من أجل حقوق وواجبات متساوية طالما ما زال على هذه الأرض ما يستحق الحياة.