ذاكرة الجمر

حكيمة الشاوي
الحوار المتمدن - العدد: 964 - 2004 / 9 / 22 - 13:12
المحور: الادب والفن     

تذكر يا رفيق
أنك الآن في منتصف الطريق
وأنهم يقطعون أوصال الوطن
وشرايين الزهور من الجذور
ويسدون منافذ العبور
كي لا تسري للأجيال
رائحة القبور المجهولة
تذكر
أنهم الآن يجرحون السؤال
ويضعون على فمه
سيفا ومنجلا
ويغتالون الشهداء
بعشق أكبر
ويبنون من الوطن معسكر
ويحلمون بكراسي أخرى
في حجم جراحات هدا الشعب
تتبختر أكثر

تذكر يا رفيق
حين اشتعلت حرائق الوطن
وصرخت
فكمموا فمك
بالدم والسكر المحروق
وحرقة السؤال
تذكر
أنك أقسمت بدم الشهداء
وبكامل الطريق
على أن تظل عاشقا
متشبثا بأهداب الذكرى
حتى تتذكر
تذكر
إن سألوك يوما
ولا تحمر من الخجل
إن فقدت بوصلة اللسان
ولم تعد تتذكر
تذكر
كي لا تخون الكلام
حين يريد الصمت فيك
أن يتكلم
تذكر
أن الحقيقة كالمسك والعنبر
لا تقبل الصمت ولا الموت
ولا حتى الهمس
لأنها من النسيان أكبر
تذكر
أن رفات الشهداء
مازالت تنتظر الكفن
وأنها لن ترحم
وأن قبورا مازالت تنتظر
أن تظهر
تذكر
عيون الأطفال
حين تكبر وتحمر
وتهزمك بالسؤال المر
عن الوطن الحر
والعيون التي لا تنام
ظلت تراقب تسلل الفجر
من موت الظلام
تذكر
وإذا خانتك الذاكرة
ونسيت المطرقة والمنجل
ارجع إلى الدم الأحمر
واسأل شهدائك
لماذا؟ وكيف تفجر؟
تذكر
أنهم الآن يغتالونك
وأنت واقف تتأمل
وكيف كنت بالأمس
لا تقهر
تذكر
أنك لو تكممت اليوم
سوف تصبح غدا
لغما أكبر
وأن التاريخ حين يسأل
أمام محاكم البشر
سيتكلم / دون أن يتلعثم

تذكر يا رفيق
حتى لا تنسى
أنك صمت مكبل
لابد غدا / أن يتفجر.