ليس في اسطنبول تورد الابل ، بل في ساحات دمشق ! عن الضعف والتشتت في الحركة اليسارية العربية ، رحلة وفد اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين التاريخية الى اسطنبول مثالا


ميشيل الشركسي
2004 / 9 / 15 - 10:10     

بتاريخ 26/6/2004 اجتمع بضع عشرات من الشيوعيين السوريين وبعض أصدقائهم من محافظات عدة في مدينة حلب... صعدوا الحافلة وهم مستعدون لأكثر من أربع وعشرين ساعة من السفر المجهد حتى يصلوا الى اسطنبول.. احتالوا على أنفسهم ليؤمنوا مصاريف الرحلة .. واحتالوا على شرطة الحدود ليهربوا الأعلام الوطنية السورية والأعلام الحمراء وغيرها من عدة التظاهر..فاذا قيل ماالهدف؟ قيل التضامن مع الشيوعيين الأتراك في اغلاق أبواب اسطنبول بوجه حلف الناتو... انتهى الاقتباس
هذه فقرة من مقالة نشرت في موقعنا هذا وهي تختصر حالة التشتت والضعف في صفوف الحركة اليسارية العربية والسورية خاصة. ففي حين اننا نحتاج الى حركة شيوعية ، يسارية جديدة تقطع مع الماضي كي تتحرك نحو المستقبل بآفاق رحيبة غير مكبلة بالتراث المتراكم من التخبط والجهل. مع الخلل البنيوي في أشخاص القادة كما في كيانات الأحزاب الفاشلة ، ومنها فصيل ( قدري جميل) موضوع مقالنا هذا ، فهذا الفصيل الذي سمّى نفسه اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ، واضعاْ أمام عينيه هذه المهمة الجسيمة والخطيرة . هو تاريخياْ تجمع لبعض من كوادر منظمة دمشق لفصيل ( خالد بكداش وزوجته وابنه من بعده) الذين انفصلوا عنه مشكلين تنظميهم الخاص ، ويقال أن أغلبهم يعملون في شركات (قدري جميل) العابرة للقارات
وفي حين لم يتقدم هذا الفصيل ولا بكلمة تضامن واحدة مع المعتقلين السياسيين اليساريين وغيرهم من دعاة المجتمع المدني وحقوق الانسان ، ولم يوجه أعضائه ليشاركوا في الاعتصام الاحتجاجي على الذكرى المشؤومة ال 41 لاعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية في سوريا ، ولم يشارك في الاعتصام الذي حاول بعض النشطاء اقامته في يوم المعتقل السياسي السوري ، ولا في التجمعات التضامنية التي كانت تقام أمام المحكمة العسكرية بحلب عند محاكمة الشرفاء الأربعة عشر ، و لا في محاكمات محكمة أمن الدولة ، فأنه يرسل أعضائه الى اسطنبول ليسدوا أبوابها أمام حلف الناتو ويتضامنوا مع الشيوعيين الأتراك ومع ما يسمى بالمقاومة العراقية التي لاتعدو كونها تشكيلات من السرسرية والبلطجية وقطاع الطرق ، في لغة خشبية تلجأ الى معاودة النقاش في البديهيات لاثباتها محولة نشاطهم عن المهمة الأولى لهم في النضال
مع أطراف القوى المعارضة الأخرى للنظام الديكتاتوري الدموي المتحكم برقاب البشر في سوريا منذ أكثر من أربعين عاماْ ، في سبيل اقرار الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان الأساسية في سوريا
ان الماركسية فلسفة كونية ولم يكن انطلاقها من الطبقة العاملة ليعني أنها فلسفة طبقة او فئة ، انما كان ذلك على اساس الاستقطاب الذي كان قائماْ بين العمال والراسماليين ظهر فيه العمال كطليعة فعلية لنضال (أوروبا) ضد الراسمالية وشرورها ، وفي حال حركتنا اليسارية والعلمانية في العالم العربي فاننا في حاجة ماسة الى تحليل دقيق للماضي لاستلهام المهمات المباشرة في الحاضر والمستقبل ، وهذا لن يصير الا اذا تحولت قوانا وأحزابنا ومنظماتنا اليسارية والعلمانية الى منظمات ديمقراطية فعلاْ بدءاْ من تنظيمها الداخلي وقياداتها انطلاقاْ الى تحديد الأوليات واستبعاد اللغة الخشبية والتخلص الى الأبد من العقلية التي تطبّل للاسم الايديولوجي دون المضمون ، وهي العقلية التي أنجبت الخراب في معسكرنا و جعلت فصائل يسارية ذات خبرة نضالية عريقة تؤيد مايسمى بالمقاومة العراقية لمجرد أنها تصرخ بانها معادية لأمريكا