طارق حجي يشارك في حملة الاسلام السياسي لقمع مخالفيه!


توما حميد
الحوار المتمدن - العدد: 3045 - 2010 / 6 / 26 - 11:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

يهاجم الاسلاميون ضمن حملتهم الدعائية كل من ينتقد الاسلام بحجة ان مثل هذا الانتقاد يجرح مشاعر اكثر من مليار انسان. ليس هذا بامر غريب لان هناك عدد كبير من تيارات وقوى سياسية في الحكم والمعارضة في دول عديدة تتخذ من الاسلام ايدولوجية لها. انه لامر مفهوم ان تلجا هذه التيارات الى مثل هذه الجدالات للدفاع عن ايدولوجيتها وبالتالي عن نضالها من اجل حصتها في السلطة السياسية. يحاول الاسلاميون تصوير اختيارهم السياسي اي الايدولوجبة الاسلامية بانه معتقدات واختيار الجماهير لاضفاء الشرعية عليه. انهم يسعون الى وضع الايدولوجية التي هي مصدر قدر كبير من المأسي والالام والاهانة للبشر فوق النقد وجعلها مصونة ضد نضال الجماهير، ضحايا هذه الايدولوجية، والشرائح التقدمية في المجتمع وبهذا يسعون الى قمع المعارضين وكم افواههم. في نفس الوقت انهم يحاولون انقاذ الاسلام من سخط الجماهير. كما يحاول بعض الاسلاميين التخلي عن مسؤوليتهم تجاه الجرائم الفضيعة التي يرتكبها الاسلام السياسي ضد البشرية بحجة ان تلك الجرائم هي اعمال قلة من الاسلامين لهم قراءة غير صحيحية للاسلام، في حين ان الاسلام الحقيقي هو شيئ اخر اكثر اعتدالا وهو يتطابق مع حاجات ومماراسات الانسان المعاصر. ان سعي الاسلاميين مفهوم. ولكن الغريب هو ان يشارك عدد كبير ممن يعتبرون انفسهم ليبراليين ويساريين في حملة الاسلام السياسي القمعية و الدعائية هذه ضد مخالفيه. لقد خرج علينا مؤخرا طارق حجي بمقال تحت عنوان ادبيات تحقير الاسلام: الى اين؟ تصب في هذا المسعى. لقد صرف طارق حجي جزء كبير من وقته في نقد الاسلام " الاصولي" والدفاع عن الاسلام " المعتدل" وتشجيع فهم اخر للاسلام وغيره من الهراء وهذا امر يخصه ولكن ان يشارك في حملة الاسلام السياسي في قمع المعارضين وكم افواههم تحت اي مبرر فلابد ان يتصدى له ويفضح مسعاه. هناك الكثير من الكتاب الذين لايستطيعون نقد الاسلام بشكل جلي ويلجأون الى تغير لغتهم لان سيف الاسلام مسلط على رقابهم وهذا يختلف عن المشاركة بوعي في حملة الاسلام السياسي.
ان جزء اساسي من النضال من اجل حرية البشر ومساواتهم هو نضال ضد الخرافة والدين. كما ان الذي لجم المسيحية وقلم اظافرها في الغرب واقعدها في مكانها المناسب كان النضال الحاسم والجرئ في الميادين العلمية و الايدولوجية والسياسية والفكرية والفنية وغيرها من قبل اناس دفع قسم منهم ضريبة غالية وليس نتيجة مجاملة المسيحية وتقسيمها الى مسيحية متطرفة ومسيحية معتدلة واحترام مشاعر " المسيحين" وغيره من الهرطقات التي يزخر بها الفكر الليبرالي. حتى في يومنا هذا فرغم ان اللييبراليين يملؤون وسائل الاعلام والجامعات والمؤسسات الرسمية بضجيجهم الا ان التغير في اي ميدان ياتي من خلال اناس لهم الجرأة على قول الحيقية والولوج في نضال حاسم.
ان محاولة منع النقد الحاد والتحرري للاسلام الذي لايهاب ولايجامل والعمل على ابتكار اسلام " معتدل" و "عصري" لا يستهدف في الحقيقة احترام معتقدات الناس، بل من اجل اهداف سياسية محلية واقليمية وعالمية.
ان الادعاء بان انتقاد الاسلام هو اهانة لمقدسات مليار ونصف مليار مسلم هو ادعاء سخيف. لقد اصبحت المسيحية هذه الايام وخاصة بعد انكشاف الاعتداءات الجنسية ضد الاطفال من قبل القساوسة مادة دسمة للبرامج الفكاهية و النكات. لايتجرأ احد في الغرب ان يدعي بان انتقاد المسيحية هو اهانة لمقدسات الناس في الغرب او في اي مكان اخر. ولانجد شخصا يدعي بان مشاعره اهينت بسبب هذا النقد الذي يكون احيانا تحقيريا الى اقصى الحدود. لماذا يعتبر نقد الاسلام وفظائعه اهانة " للمسلمين" هل لان مشاعر " المسلمين" رهيفة اكثر من مشاعر "المسيحيين"؟؟
ان سبب هذا الادعاء هو وجود تيار سياسي يستند على الاسلام وهو من القوة بحيث يمكنه قمع مخالفيه. حتما سيكون هناك من يدعي بان سكان الدول التي تسمى بالدول الاسلامية هي اكثر ايمانا من سكان الدول الغربية او ان عدد المؤمنين في تلك الدول هو اكبر من عدد المؤمنين في الغرب. حتى لو قبلنا بصحة مثل هذه الادعاءات يبقى ان نقول بانها لاتقدم تحليلا مقبولا عن سبب كون نقد الاسلام اهانة لمشاعر الانسان المصنف بالمسلم ولكن لايعتبر نقد المسيحية اهانة للانسان الغربي او الانسان المسيحي حسب تعريف طارق حجي للانسان. ان صحة او خطا هذا الامر ليس في عدد المؤمنين او درجة ايمانهم. اذا كان هناك شخص يشعر بالاهانة اذا نقدت عقيدته مهما كانت مقدسة ، فالمشكلة تكمن عنده وليس عند الناقد. على صاحب العقيدة تغير نفسه وليس على الناقد ان يكف عن او يخفف من نقده. الانسان العادي في الدول المبتلية بالاسلام لايشعر بالاهانة عندما ينتقد الاسلام. ان الذي يشعر بالاهانة هم الاسلاميون والحركات الاسلامية السياسية. عندما تخرج الالاف ضد نشر صور تنتقد نبي الاسلام فان هذه هي حملة سياسية لحركات سياسية وليس حركات عفوية لعامة الجماهير. الانسان العادي له هموم اخرى هي الفقر وفرصة العمل والخدمات وغيرها. يخلق الاسلام وحركاته السياسية مصاعب وماسي للبشر تضاهي ما خلقته النازية للبشرية ويقوم باهانة الانسان وامتهان كرامته في كل لحظة، لذا لايعقل ان نطلب من ضحايا الاسلام والحركات الاسلامية التخلي عن نقدهم ونضالهم لتحرير انفسهم من هذا الطاعون. ان الاسلام ليس قاضيا على المجتمع بل هو طرف ولاعب اساسي في صراعاته لذا لايحق له مطالبة بقية اللاعبين باعتباره فوق النقد في وقت انه يحقر الجميع ويستعمل اقذر الوسائل في كسر اعتبارهم.
انهم يتجرأون على مطالبة الناس بعدم انتقاد الاسلام استنادا على ادعاء بان الاسلام برئ من جرائم تيارات وقوى الاسلام السياسي لانه كما قلنا ان تلك الجرائم حسب هذا الادعاء هي نتيجة تفسير وقرائة غير صحيحية للاسلام من قبل تلك التيارات. في الحيقية ان هذه المبررات والادعاءات بصدد الاسلام الحيقيقي والاسلام الممارس في تلك الدول سخيفة، لان القسم الاعظم من الجرائم المذكورة هي نتاج الاسس العقائدية والقرانية المقبولة والمتفق عليها من قبل الجميع وليس نتيجة خلاف على المسائل القليلة غير المتفق عليها .
ان قدسية الملكية الشخصية وتقسيم المجتمع الى طبقات واحتقار الانسان والحياة والمكانة الدونية للمرأة و شرعية الاعتداء على الاطفال جنسيا و النظرة الى حرية الفكر والاختلاف و الجنس والموسيقى والفرح هي سبب جرائم الاسلام والمشقات والتعاسة والاذلال و هي امور متفق عليها من قبل معظم الاسلاميين وليس شرعية او عدم شرعية العمليات الانتحارية رغم ان نتائج هذه العمليات مثيرة للغاية. ان معاداة هذه الاسس للانسان وسعادته وكرامته وتقدمه من الوضوح بحيث يجعل الحديث عن اسلام انساني و معتدل امر تافه، فالاسلام يكون معتدلا بقدر قدرة الجماهير على صده و فرض الاعتدال عليه. كما ان تاريخ الاسلام لايبقي اي مجال للحديث عن تطبيقات مختلفة للاسلام!
من حق كل شخص ان يختار معتقداته وان يعتبرها مقدسة ولكن ليس من حقه فرضها على غيره و حرمان الاخرين من حق نقدها وخاصة اذا كانت هذه العقيدة ايدولوجية لسلطة سياسية وحركات سياسية. من حقنا اقراركون معتقدات معينية جديرة بالاحترام ام لا استنادا على مدى خدمتها للبشرية. فالمسالة الاساسية عند الحكم على عقيدة معينة هو ليس كونها عقيدة تؤمن بها الناس ام لا بل في كونها جديرة بالاحترام. الاسلام بالذات كمعتقد ليس جديرا بالاحترام لانه ضد الانسان حتى لو امنت به المليارات.
ان عدد الاشخاص الذين يؤمنون بعقيدة معينة لايعطي اي شرعية لها ولايجعلها فوق النقد حتى لو كانوا بالمليارات. ان الناس في اوضاع تاريخية معينية قد تتبع اكثرالعقائد والانظمة وحتى العادات تخلفا ومعاداة للانسان. ان عدد مؤيدي النازية في المانيا لم يكن قليلا. كما ان عدد المدمنين على التدخين هو بالملايين ولكن هذا لايعني بان التدخين عادة صحيحية وجديرة بالاحترام. كما ان الدعم الجماهيري وحتى الدولي للحركات التي تستند على الاسلام لايعطيها اي حقانية كما لم يعطي الدعم الجماهيري او الدولي اي حقانية لهتلر ونظام جنوب افريقيا وامريكا جورج بوش ودولة اسرائيل اليوم. ان الدعوة الى احترام معتقدات الناس في الدول المبتلية بلاسلام هو بمثابة احترام الاسلام لانه لانسمع اي شيئ عن احترام اي معتقد اخر مثل الماركسية والوجدوية و الديانات الاخرى مع العلم ان بين الناس معتقدات متنوعة.
من جهة اخرى ان تسمية المجتمعات المبتلية بالاسلام بمجتمعات اسلامية وسكانها بالمسلمين هي جزء من الحملة الدعائية للاسلام السياسي من اجل اهداف سياسية معينة واهمها اعطاء الشرعية للحركات والحكومات الاسلامية. وبالنسبة للنخبة الحاكمة في الغرب هذه التسمية هي جزء من حملة دعائية من اجل اعطاء شرعية لدعم انطمة اسلامية قمعية والتعامل معها او على الاقل التغاضي عن جرائمها ضد الجماهير وقمع الحركات التحررية ، ومن اجل معاداة المهاجرين. ان التصنيف الديني والقومي والاثني للبشر هو اساس التعددية الثقافية والثقافة النسبية التي تبرر تخلي الطبقة البرجوزازية الحاكمة عن حقوق الانسان العالمية وتبرر التدخلات في الدول الاخرى وخلق الحروب والصراعات الاثنية والعرقية والطائفية وتنصيب انظمة قمعية وضرب الحركات التحررية.
طارق حجي الذي يعتبر نفسه مفكرا بارزا وجديرا بلقاء وزيرة خارجية امريكا يصف كل سكان الدول المبتلية بالاسلام بالمسلمين، فاذا كان نسمتها مليار ونصف المليار انسان اذا هناك مليار ونصف مليار مسلم. ففي نظره يعتبر ملايين الملحدين والشيوعيين و " الكفرة" واتباع المعتقدات والديانات الاخرى والاطفال الخدج والمثليين وبائعي الجسد وغيرهم مسلمين لانهم يعيشون في بلدان يعتبر الاسلام الدين الرسمي للدولة ! لابد من اضافني انا ايضا الى هذا العدد لكي يصل الى مليار ونصف المليار مسلم! ان اكبر مشكلة تواجه الجمهورية الاسلامية في ايران بعد ثلاثة عقود من القمع الاسلامي هو ابتعاد الشباب عن الاسلام، ولكن في نظر طارق حجي انهم مسلمون ارادوا ذلك ام ابوا. ان قسم لاباس به من الشباب في المجتمع الكردستاني مثلا هم من الملحدين الذين يكرهون الاسلام ولكن يحسبهم طارق حجي ضمن الميار ونصف المليار مسلم الذين يبكون دما كلما انتقد الاسلام! لا ادري هل يحسب طارق حجي نفسه من ضمن هذا المليار ونصف المليار ام لا؟
في اي مجتمع يصنف بالاسلامي مثل سوريا ، الاردن ، ايران ، تركيا و الجزائر لابد ان يؤثر الاسلام على تفكير وممارسات بعض الناس، ولابد ان الثقافة والميراث الديني الذي يمتد لقرون ان يؤثر على سلوك البشر، و مواقفهم وعلى تعصباتهم ونظرتهم الى المرأة و الطفل والعمل والعلم و الفرح والحزن والموت. ولكن الاسلام وتاثيره فرض ولازال من خلال القمع والدعاية. رغم كل القسر و الدعاية في المجتمعات المصنفة بالاسلامية التي تشمل الالاف من القنوات التلفزيونية والاذاعات والجرائد والجوامع والملالي وغيرها من وسائل الدعاية فان هذه المجتمعات وخاصة الشباب هم اكثر تاثرا بالحضارة والمدنية والثقافة المعاصرة وخاصة الغربية. الشباب في تلك المجتمعات بقصات شعورهم وملابسهم والتكنلوجيا الشخصية التي يقتنونها والموسيقى التي يسمعونها والسينما والتلفزيون التي يتابعونها والمشاهير الذين يحبونها هم اكثر قربا من الانسان المعاصر و الغربي منه من الانسان الاسلامي. ان نمط حياته ليس بنمط اسلامي. ورغم ان الاسلام يستخدم كراية سياسية من قبل العديد من القوى الا انه ليس للاسلام دورا كبيرا في البنية الفوقية والاقتصاد السياسي للمجتمع. النظام البرلماني حتى وان كان شكليا، الجيش، الشرطة، المرور، الضريبة، النظام التدريسي، الرياضة، الفن، الادب والثقافة في هذه المجتمعات هي اقرب الى المجتمعات الغربية من مجتمع اسلامي. ان حب الابداع والعلم والفرح والموسيقى وغيرها نابعة من طبيعة الانسان وهي مشتركة بين البشر في كل مكان ولكن الاسلام و الاحكام والمقررات الاسلامية، والجزء الاعظم من الافكار والممارسات الاسلامية السائدة في المجتمع تتعارض مع طبيعته ومفروضة عليه من خلال ضغط سياسي رهيب. ان الانسان بطبيعته متعطش للحرية والمساواة وانهاء التمييز وهذا يتعارض مع القوانين والعلاقات الاسلامية. ولكن تترك كل الصفات الاصيلة في الانسان جانبا ويتم تعريفه على اساس الدين والقومية والعرق والعشيرة. ان هذه التسميات هي حملات سياسية. تسمية مجتمع ما باسلامي هو جزء من الحملة من اجل اسلمته وهي من اجل تصوير العلاقات والقوانين الاسلامية السائدة بانها نابعة عن رؤية ومعتقدات الجماهير وليس عن القسر والدعاية. يجب عدم القبول بتسمية هذه المجتمعات بمجتمعات اسلامية . ان تسمية الانسان في هذه الدول بالمسلم هي اهانة له كما هي تسمية الانسان الغربي بالمسيحي. ان لا اعتقد ان طارق حجي وغيره يعرف البشر في الغرب بالمسحيين بل الغربيين، فلماذا يعتبر سكان دول البمتلية بالاسلام مسلميين؟
الاسلام ليس مسالة شخصية و عقيدة ايمانية فحسب بل ايدولوجية بيد كتل من برجوازية بلدان معينة من اجل نيل حصة في السلطة . والقرأن ليس كتاب ديني تراثي بل اساس الايدولوجية الاسلامية و مصدر الرجعية التي تكتسح المنطقة. انها راية لصراع سياسي راهن على السلطة وراية لحرب ضد كل شيئ تقدمي. والحركة الاسلامية وجدت في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن المنصرم في ظل صراع القطب الغربي وقطب راسمالية الدولة ، بشكل اساسي لمحاربة الاشتراكية ، واليسار ، والطبقة العاملة في المنطقة. لقد ادخل الى الساحة من اجل محاربة الحرية ، التمدن، الثقافة المتحررة والسعادة الانسانية. انها تشارك الفاشية في الكثير من السمات. ان مطالبة الناس بعدم انتقاد عقيدة وهي ايدولوجية سلطة سياسية هو بمثابة قمع سياسي وعلى هذا الاساس يشارك طارق حجي في حملة الاسلام السياسي في قمع معارضيه.
لايمكن للمخالفين والضحايا والحركات التحررية محاربة حركات الاسلام السياسي المعنية في اي بلد دون محاربة افكارها وايدولوجيتها من كل النواحي. ولايمكن حتى محاربة الاسلام " المتطرف" دون محاربة الاسس العقائدية للاسلام. ان من يدعو الى محاربة الاسلام " الاصولي والمتطرف" دون محاربة الاسلام هو اسلامي. عندما تجد الحركات والحكومات الاسلامية تضطهد الطبقة العاملة والمرأة والشباب والاقليات وتمارس الارهاب باشكاله و تغتال وتسجن الشيوعيين و الفعالين العماليين والسياسيين وتهدد الاحرار و تفجر الابرياء في المناطق العامة، وتفرض الحجاب بالقوة على النساء، تغتصب الاطفال وتفرض تعدد الزوجات وو... لايمكن حرمان المجتمع و الشيوعيين و اليسار وقادة الطبقة العاملة والحركة النسوية من حق الخوض في نضال فكري وفلسفي وايدولوجي ضد الاسلام السياسي والتعرض للمصدر الذي يبرر كل هذا الارهاب والقمع والرجعية اي القرأن. هناك سخط هائل على الاسلام، لذا فللناس الحق في الخوض في نضال فكري يحطم اسس هذا الدين ويفضحه في مجمل سماته من ضمنها النزعة الشرقية، النزعة الذكورية، تملك الوالدين للابناء، وروحية التوشح بالسواد ونشدان الموت ومعاداة الفرح وغيرها.
لايمكن اصلاح الاسلام او الاصح انه ليس بحاجة الى اصلاح. ويستحيل اقناع الحركات والانظمة الاسلامية بتأيد فصل الدين عن الدولة والتعليم اي تحويلها الى حركات وانظمة علمانية بشكل تدريجي.
ان دعم اسلام " معتدل" ضد اسلام " متطرف" ودعم اسلامي ذو ربطة عنق ضد اسلامي معمم هي سياسة فاشلة ولن تحقق نجاحا ابدا. ان معادلات وصراع القطبين اثناء الحرب الباردة دفع الستالينية والقوى الموالية لها للتعاون مع بعض القوى الاسلامية ضد الانظمة الموالية للقطب الغربي وبالمقابل تحالف الغرب ودعم قوى اسلامية اخرى في مواجهة الاتحاد السوفيتي واليسار. ان هذا الصراع بين القطبين الشرقي والغربي جعل من بعض القوى الاسلامية قوى " انتي-امبريالية" و من بعضها الاخر قوى " ديمقراطية". المسيحية في الغرب في عصر التنوير لم تحظ بمثل هكذا "امتيازات" بل كان النضال ضدها ضاري الى ان تم فصل الدين عن الدولة والتعليم وحدد نفوذه. الاسلام لم يتعرض الى حملة مثل تلك التي تعرضت لها المسيحية و لم يلجم لذا ففي المنعطفات التاريخية يصبح مصدر ماسي ومصائب واذلال للبشر. ان التواطؤالسياسي مع الاسلاميين والمساومة معهم تقف عقبة امام شفافية النضال. ان تقسيم الاسلام الى اسلام اصولي او متطرف واسلام معتدل ليس له اي اساس علمي. ان اعتدال اردوغان في تركيا مثلا هو نتيجة قوة التيار العلماني في تركيا. ا نه في صراع دائم من اجل تشديد القوانين والممارسات الاسلامية. يصفون الاسلام المعادي للغرب بالاصولي والاسلام الموالي للغرب بالمعتدل. حسب هذا المقياس المملكة السعودية هي معتدلة، الحزب الاسلامي والمالكي والمجلس الاسلامي الاعلى وامراء الحروب في افغانسان تمثل اسلام معتدل! ان هذا التقسيم هو من اجل حماية الاسلام السياسي عموما لانه وسيلة لايمكن الاستغناء عنها للسلطة االيمينية المعادية للاشتراكية والشيوعية في المنطقة. ولذلك يجب ان يكون مسلطا و مفروضا بالقوةعلى تلك المجتمعات.
طارق حجي الذي يتهم نقاد الاسلام بالسطحية يقول " ان فهم الكثير من المسلمين لدينهم (وبفعل عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية معروفة) هو فهم بحاجة ماسة لمراجعة شبه كلية ، وان دور الاسلام السياسي فى الوصول لتلك الحالة الثقافية المتردية هو احد اهم اسباب وجود الحالة". فعند طارق حجي سبب الماسي والالم والكوارث هو فهم خاطئ للدين الاسلامي. هل من سطحية اكثر من هذا التفسير؟ نعم ، ماهو اكثر سطحية هو قيام ليبرالي بانارة المسلمين حول كيفية فهمهم لدينهم! هنا المشكلة تكمن في الفهم والفكر، لذا فان النضال هو من اجل تغير هذا الفهم! اذا استطعنا خلق فهم "معتدل وعصري" للاسلام فان الاحزاب والتيارات السياسية سوف تاخذ بهذا الفهم وتتغير احوال هذه المجتمعات! في هذا الطرح ليس هناك مكان يذكر للطبقات والفئات والتيارات والاحزاب والصراع الطبقي والسياسي. ليس هناك مكان يذكر لصراع الاقطاب والبرجوازيات العالمية.
في الحقيقية ان هذا فهم انسان مثقف ليس له اي ربط بتفسير المجتمع ولايعرف شيئا ان الية التغير في المجتمع. ان ما نواجهه اليوم هو ليس اسلام فقهي وانما اسلام سياسي. الاسلام السياسي وسلطته ليستا حول المحتوى الفقهي للاسلام وقضيته ليست حول نشر محتوى وفهم فقهي معين للاسلام. بل ان الاسلام السياسي حتى ليس بحاجة الى تبني محتوى وفهم فقهي محدد للاسلام. وقوة الاسلام السياسي لاتعود الى احياء الاسلام كمؤسسة ايمانية بل نتيجة لمعادلات سياسية دولية ، ونتيجة رجعية الاقطاب العالمية الاخرى ودعم قطب عالمي مقتدر للعنف والارهاب. نتيجة لمعادلات وصراعات عالمية تمكن الاسلام السياسي من البروز كمدافع عن قضايا الجماهير ولكن في الواقع لايوجد اي ربط بين الاسلام ومعاناة وقضايا الجماهير. انه يستغل قضايا الجماهير وخاصة السياسية ولكن في الاوضاع الطبيعية وفي المنعطفات الاجتماعية الجدية ترى الاسلام والاسلام السياسي الى جانب الطبقات الحاكمة يبرر القمع والاخضاع الاجتماعي.
من جهة اخرى فان سطحية طارق حجي تقوده الى المساواة بين عقيدة معينة والانسان المؤمن بها وبالتالي بين عدم احترام عقيدة معينة وعدم احترام المؤمنيين بها! فعنده عدم احترام الاسلام مساوي لعدم احترام المسلمين. ولكن ثمة فرق جوهري مابين احترام الافراد وحق الافراد بحرية العقيدة ومابين احترام عقيدتهم.
ان نقد الاسلام يصدر، في الواقع ، من سكان الدول المبتلية بالاسلام وليس من اتباع المسيحية والبوذية لانهم هم من يكتون بنار الاسلام اكثر من غيرهم.
يقول طارق حجي "ان يهودية اليوم (فى القرن الحادى والعشرين) تختلف عن يهودية القرن العاشر الميلادي ... ومسيحية اليوم ، جد مختلفة عن المسيحية التى قتلت علماء مثل غاليلليو وكوبرينيكوس وغيرهما ... " انا لست متاكدا اذا كانت اليهودية مختلفة ولكن حتما ان المسيحية مختلفة ولكن طارق حجي لايقول لنا لماذا هي مختلفة. اننا نحتاج الى نوع النضال الذي جعل المسيحية مختلفة. ان النضال ضد المسيحية كان شاملا وغير مساوم، او مهادن او مجامل. لم يكن الجدال في اوربا حول تعديل الدين او ظهور تفسيرات مختلفة للمسيحية او ايجاد منقذين من داخل الكنيسة. بنفس الطريقة علينا الخوض في نضال فكري ومعنوي ضد الاسلام كدين، والتعرض الى جذوره واسسه الفكرية الرجعية ومجمل القراءات للاسلام وضد الحركات والحكومات المستندة عليه. يجب ان يفضح الاسلام باعتباره صناعة من مليارات الدولارات وكمصدر ثروة مادية وقدرة سياسية لقسم من البرجوازية وعلى اساس كونه يخدم سلطة سياسية وطبقية وعلى اساس كونه مؤسسة لاشاعة الاكاذيب والخرافات وترهيب الناس واخضاع الجماهير لسلطة الطبقة البرجوازية.

ان الضربة التي تعرضت لها الشيوعية بفشل ثورة اكثوبر ومن ثم انهيار قطب رسمالية الدولة الذي حكم لسبع عقود تحت اسم الشيوعية ومعها النزعة التحررية وضعف خطر الاشتراكية وبروز سياسة الهويات البدائية الدينية والقومية والاثنية واشتداد الصراع بين قطبي الارهاب، امريكا والاسلام السياسي قد ساهمت في ضعف الفكر النقدي والراديكالي وشجع النظرة المساوماتية والمرحلية تجاه الدين. ألا ان هذا الوضع هو بصدد التغير، فرغم ان الرأسمالية تبدو راسخة الا انها تواجه مشاكل كبيرة في ادارة المجتمع البشري، كما ان الصراع الاسلامي والغربي يتجه نحو الانزواء ويواجه الاسلام السياسي في مراكزه الاصلية مثل ايران ازمات عميقة. كل هذه العوامل يفتح المجال امام الفكر النقدي والراديكالي لكي يحقق توازن جديد في المنطقة ضد الدين والاسلام بشكل اساسي.