سيداو تاج على رأس المرأة مرصع بكل مبادئ الحرية والكرامة


يامنة كريمي
الحوار المتمدن - العدد: 2938 - 2010 / 3 / 8 - 00:57
المحور: ملف مفتوح -8 مارس 2010 - المساواة الدستورية و القانونية الكاملة للمرأة مع الرجل     

سيداو تاج على رأس المرأة
مرصع بكل مبادئ الحرية و الكرامة
لا يسعني من شدة فرحي بذكرى 8 مارس, إلا أن اجثوا على ركبتاي تعظيما وإجلالا لكل من ساهم في وضع معاهدة سيداو التي رأت النور سنة 1979. لقد أتت هذه المعاهدة بمجموعة قوانين للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. مما سيعيد لها الاعتبار ويحقق مساواتها بالرجل في إطار العدل و الديمقراطية. والأكثر من ذلك أن المؤسسات الأممية تبدل أكثر من جهدها وتوظف كل إمكانياتها الفكرية و المالية و البشرية وحتى السياسية, من أجل تنفيذ تلك القوانين التي واجهت معارضة شديدة من طرف دول شمال إفريقيا و الشرق الأوسط, بذريعة عدم توافقها مع مبادئ الإسلام,لدلك هناك تم التحفظ على مجموعة من المواد أو البنود. وأهل هذا الموقف ينطلقون من كون السلطة الشرعية تعطي الأسبقية للرجل على حساب المرأة, التي من واجبها الخضوع والغنوع لضمان استقرار الأسرة واستمراريتها,لأن مساواة النوع تبعا لرأيهم, تؤدي إلى التفرقة وتشتيت الأسر وخرابها. وهدا المبدأ ثابت لدى المتشبعين بالإسلام السياسي القائم على العنف(السيف والغزو إخضاع الغير).ومن هدا المنطلق يمكن أن نقول بأن الكلام عن المساواة القانونية بين المرأة و الرجل في البلدان الإسلامية مسألة بعيدة المنال انطلاقا من كون دساتير هذه البلدان في شطر منها تقوم على القرآن.هذا المصدر التشريعي الذي تحيط به ترسانة من الجيوش المدججة بالأسلحة لمنعه من الانفتاح على معطيات العصر والاستجابة لحاجيات الواقع المعيش.إنهم يريدونه أن يبقى مشدودا إلى الخلف بعيدا كل البعد عن الواقع. الواقع الذي لم يتجاهله حتى السلف. حيث نجد عمر, وعلى بعد بضع سنوات من حياة الرسول قد جدد في الدين واجتهد وخرج عن حرفية النص ليحقق مصلحة الرعية التي من أجلها جاء القرآن.لقد عطل عمر آية قطع يد السارق لانتشار الفقر و المجاعة. كما عطل آية المألفة قلوبهم لزوال السبب - ضعف المسلمين وحاجتهم لمهادنة معارضيهم-. وهذا عين العقل وروح المنطق الذي يرى أن تغير الظروف المادية لدى مجتمع معين يؤدي بالحتم و اللزوم إلى تغير أنساقه الاجتماعية و الفكرية والعقائدية, و على أحسن الفروض تفسير تلك العقائد تفسيرا مخالفا وجديدا.
وأعيذها مرة أخرى, إن تحقيق المساواة القانونية بين المرأة و الرجل في البلدان الإسلامية خاصة, هدف بعيد المنال حتى وإن سجلت بعض المحاولات المحتشمة التي كان الغرض منها إرضاء الرأي العام الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان لا أكثر. وأصحاب هذه السياسة التوفيقية الترقيعية قد سقطوا في ازدواجية الخطاب. فمن جهة يسعون لمسايرة الركب الحضاري وضمان منافع العالم المتقدم, ومن جهة أخرى يتشبثون بالفكر الذكوري, الذي يجعل من الدين حصنا حصينا يحتمي به. وهم عن سابق إصرار وترصد, يصرون على عدم الاعتراف, بأن جوهر الدين ومقاصد الشريعة هي تحقيق العدالة والمساواة و نشر الحق ومحاربة الظلم. تلك القيم التي لا يمكن أن تتحقق في زماننا هذا إلا بمساواة الرجل والمرأة. فكل منهما يساهم في استمرار الإنسانية وتحقيق التنمية والتقدم وأحيانا نجد أن المرأة تساهم بنصيب أكبر. ولإثتات ذلك يمكن أن نقوم بتجربة سهلة وبسيطة وهي أن نتتبع البرنامج اليومي لعمل المرأة و أنشطتها و البرنامج اليومي لعمل الرجل و أنشطته ,ومن تمة سيتضح لنا أن المرأة تعمل أكثر و تناضل من أجل الحياة بكل جهد واستماتة. وعوض أن يعترف لها بدذك دستوريا وقانونيا واجتماعيا,نجدها تنعت بأحقر النعوت ولا يخصص لها من الميراث سوى نصف ما يخصص للرجل. وهي ضحية التعصيب الذي ليس إلا شكلا من أشكال إهانتها وتحقيرها واعتبارها نصف إنسان أو أقل, وكذلك الأمر في الشهادة. إن وضعية المرأة هذه هي أكبر مظاهر الإهانة والتحقير. وليست امرأة القرن العشرين أو الواحد العشرين هي الأولى التي لم ترض بهده الوضعية واحتجت عليها, بل أن الاحتجاج بدأ مع نساء عهد النبوة وعلى سبيل المثال, أستحضر ما قالته أم سلمة:"يا رسول الله تغزو الرجال ولا نغزو وإنما لنا نصف الميراث". وعن ابن عباس قال:"أتت امرأة إلى النبي-ص-فقالت يا رسول الله للذكر مثل حظ الأنثيين وشهادة امرأتين برجل أفنحن في العمل هكذا إن فعلت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة؟" وللإضافة لمادا لا يكتب للنساء نصف العقاب والنصف الآخر يكون على أولياء أمرهن؟
بكل صراحة ما يزعمه الإسلاميون ليست له أي صلة بالعقل والمنطق.فكيف من جهة, يعتبر القرآن المرأة مسؤولة مسؤولية تامة أمام الله على كل أعمالها, ومن جهة أخرى يحسبها ناقصة وغير مؤهلة, ولذلك يجعلها تحت وصية ولي أمرها الذي يمكن أن يكون هو دلك الولد الذي ولدته وربته وعلمته وجعلت منه رجلا كاملا لكن تبقى هي ناقصة بالمعيار الاجتماعي والثقافي لدلك الرجل؟
ومن شدة إلحاح المتأسلمين على استمرارية وضعية المرأة الدونية فقد تجاوزت دعوتهم وتأطيرهم, حدود البلدان الإسلامية وشرعوا مند سنوات في غزو البلدان الغربية ونشر مبادئ التمييز والعنف في أوساط المرأة الغربية والأمريكية. ويتضح دلك من خلال إسلام مجموعة منهن وارتدائهن للزي الإسلاموي.و من المحتمل أن يتزايد انتشار هده الظاهرة وينجح المتطرفون في تحقيق مشروعهم الكوني, لأن الغرب يعتبر اللباس مسألة شخصية ويلزم الحياد اتجاهها, مما يفسح المجال أمام دعاة الإسلام السياسي الدين على عكس دلك يعتبرون اللباس شأن ديني شرعي, وهم القائمون والأوصياء عليه.
وفي الأخير أود الإشارة إلى مسألتين ضروريتين:
أولا, تكثيف سياسة التحسيس والتوعية على مستوى النساء وحتى الرجال وتوضيح كون ما تدعوا له الحركات الإسلامية بأطيافها المختلفة من سلفية وسلفية جديدة وحركات جهادية...وحركات اجتهادية معتدلة...هدفها واحد وهو الوصول للسلطة وإحياء سياسة العنف والتخريب القائم على أساس دار الإسلام ودار الكفر أو دارالحرب.
ثانيا, دعوة نساء الكون قاطبة إلى التفكير في إعلان يوم عصيان. يوم تضرب فيه المرأة عن جميع المهام التي تقوم بها و أسطر على جميع المهام حتى نتحقق أن كانت مخلوقا ناقصا وقاصرا وشريرا... أم العكس.مع إمكانية التصعيد إذا استمر تعنت وعناد الذكوريين.