من ماركس الى فريدريك بولته


كارل ماركس
الحوار المتمدن - العدد: 6330 - 2019 / 8 / 24 - 17:04
المحور: الارشيف الماركسي     

مراسلات ماركس - أنجلس
من ماركس الى فريدريك بولته
في نيويورك
لندن،23 تشرين الثاني(نوفمبر)1871

...لقد اسست الأممية بغية الأستعاضة عن الشيع الأشتراكية ونصف الأشتراكية بمنظمة حقيقية للطبقة العاملة من اجل النضال . وان النظام الداخلي الأولي والبيان التاسيسي يشيران فوراً الى هذا . ومن جهة اخرى ، ما كان في وسع الأممية ان تترسخ ، لو لم يكن مجرى التاريخ قد حطم التشيع . ان تطور التشيع الأشتراكي وتطور الحركة العمالية الحقيقية هما مناقضان دائما ًاحدهما للآخر . وليس للشيع مبرر (تاريخي ) ألا طالما لم تنضج الطبقة العاملة لأجل التحرك التاريخي المستقل . وما ان تبلغ حد النضج هذا حتى تمسي جميع الشيع رجعية من حيث جوهر الأمر . وفضلا عن ذلك ، تكرر في تاريخ الأممية نفس ما يتكشف دائماً في التاريخ .فأن ما شاخ يحاول ان يتجدد ويترسخ في اطار الأشكال المنبثقة حديثاً .
ان تاريج الأممية كان ايضاً عبارة عن نضال مستمر خاضه المجلس العام ضد الشيع وضد محاولات الهواية المبتذلة التي سعت الى التوطد داخل الأممية ذاتها خلافاً للحركة الحقيقية للطبقة العاملة . وقد جرى هذا النضال في المؤتمرات ، كما جرى بمقدار اكبر عن طريق المفاوضات غير العلنية بين المجلس العام ومختلف الفروع .
و بما ان البرودونيين (الموتويليين ) كانوا في باريس في عداد مؤسسي الجمعية ، فمن الطبيعي ان يكونوا قد وقفوا هناك في السنوات الأولى على رأس الحركة .وفيما بعد ، تشكلت مقابلهم ، هناك ايضا ، بالطبع ، فرق جماعية ووضعية وغيرها من الفرق .
في المانيا – زمرة اللاساليين . وانا نفسي تراسلت في غضون سنتين مع شفيستر الذائع الصيت ، وبرهنت له بما لا يقبل الجدل ان المنظمة اللاسالية منظمة متشيعة محضة ، وانها ، بصفتها هذه ، معادية لتنظيم الحركة العمالية الحقيقية الذي تسعى الأممية وراءه . ولكن كان له (مبرره) لكي لايفهم هذا .

في اواخر 1868 ،انتسب الروسي باكونين الى الأممية لكي ينشىء في قلبها ، تحت قيادته بالذات ،اممية ثانية اسمها (حلف الديموقراطية الاشتراكية ) . وقد ادعى ، وهو الذي لا يملك أي معارف نظرية ، بان يكون في هذه المنظمة الخاصه ممثل الدعاية العلمية للاممية ويجعل من هذه الدعاية أختصاصاً تختص به هذه الاممية الثانية داخل الاممية .
كان برنامجه عباره عن خليط من الافكار المأخوذة بصورة سطحية من هنا وهناك- المساواة بين الطبقات (!) ، الغاء حق الوراثة بوصفه انطلاق الحركة الاجتماعية (نفايات سان سيمونية )، الالحاد المفروض على اعضاء الاممية بوصفه عقيدة ، الخ .؛اما العقيدة الرئيسية (على النمط البرودو ني ) فهي الامتناع عن الاشتراك في الحركة السياسية .
أ ن حكايات الاطفا ل هذه قد لقيت قبولاً ودياً (ولا تزال تلقاه الآن بدرجة معينة ) في ايطاليا واسبانيا حيث المقدمات الفعلية للحركة العمالية قلما تطورت حتى الان ، وكذلك بين بعض العقائديين الفارغين ، المدعين ، المغرورين ، في سويسرا الرومانية وفي بلجيكا .
ان السيد باكونين كان ولا يزال يرى في مذهبه (وهو هراء يتألف من مقاطع منتزعة من مؤلفات برودون وسان سيمون وغيرهما ) قضية من المرتبة الثانية ،مجرد وسيلة لأجل تعظيمه بالذات . ولكن اذا كان في الحقل النظري صفراً، فهو في التآمر من اربابة . فقد اضطرالمجلس العام طوال سنوات الى النضال ضد هذا التآمر ( الذي حظي ، لدرجة معينة ، بتأييد البرودونيين الفرنسيين ولا سيما في فرنسا الجنوبية ). واخيراً سدد بقرارات الاجتماع الموسع – القرارات الاول والثاني -ضربة هيأها من زمان (61).
,وغني عن البيان ان المجلس العام لن يدعم في امريكا ما يناضل ضده في اوروبا . فأن القرارات الاول والثاني والثالث تعطي الآن لجنة نيويورك سلاحا شرعياً لأجل وضع حد لكل تشيع ولكل فرق الهواية المبتذلة ، ولأجل طردها عند الاقتضاء ...
... وبديهي ان للحركة السياسية للطبقة العاملة هدفها النهائي ، وهو الظفر بالسلطة السياسية في صالحها ؛ ولهذا الغرض ، لا بد من تنظيم تحضيري للطبقة العاملة يبلغ درجة معينة من التطور ، وينبثق ويتنامى من النضال الاقتصادي نفسه .
اما من الجهة الأخرى ، فان كل حركة تضاد فيها الطبقة العاملة ، بوصفها طبقة ، الطبقات السائدة ، وتجهد للتغلب عليها بالضغط من الخارج ، انما هي حركة سياسية . فأن السعي ، مثلاً ، بواسطة الاضرابات وخلافها ، الى اكراه بعض الرأسماليين في مصنع من المصانع أو حتى في فرع من الفروع الصناعية الى تقصير وقت العمل ، أنما هو حركة اقتصادية بحته ؛ أما الحركة التي تستهدف الاجبار على اصدار قانون بيوم العمل من ثماني ساعات ، الخ ، فهي بالعكس حركة سياسية . وهكذا تنشأ في كل مكان ، من حركات العمال الاقتصادية المتفرقة ، حركة سياسية أي حركة طبقة تسعى وراء تحقيق مصالحها في شكل عام مشترك ، أي في شكل يتسم بقوة القانون بالنسبة للمجتمع كله . واذا كانت هذه الحركات تفترض بعض التنظيم التحضيري ، فأنها من جهتها ، وبالقدر نفسه ، وسيلة لتطوير هذا التنظيم .
و حيث لم تحرز الطبقة العاملة بعد ما يكفي من النجاح في تنظيمها لأجل القيام بزحف حاسم على السلطة الجماعية ، أي على السلطة السياسية للطبقات السائدة ، ينبغي في كل حال أعدادها لهذا الغرض عن طريق التحريض الدائب ضد هذه السلطة وأتخاذ موقف عدائي حيال سياسة الطبقات السائدة . وألا بقيت الطبقة العاملة العوبة في أيدي الطبقات السائدة كماأثبتت ذلك ثورة ايلول (سبتمبر) في فرنسا ، وكما تثبته، الى درجة معينة ،اللعبة التي يفلح حتى الان السيد غلادستون وشركاه في لعبها في انجلترا .

**************************
صدرة للمرة الاولى في شتوتغارت،في عام 1906
صدرت بنصها الكامل باللغة الروسية في المؤلفات الكاملة لكارل ماركس وفريدريك أنجلس،الطبعة الاولى 1936،المجلد 26
الكتاب المعتمد،مختارات ماركس أنجلس،الجزء الرابع 1987 ص138 الى ص124
النسخ الالكتروني : أبتهال حسين
*****************************