نهاية الريغانية والتاتشرية، مرحلة صعود وانبعاث الشيوعية


فاتح شيخ
الحوار المتمدن - العدد: 2623 - 2009 / 4 / 21 - 09:52
المحور: مقابلات و حوارات     

مقابلة قناة تلفزيون برتو مع فاتح شيخ

ترجمة: يوسف محمد



برتو: مرت خمسة أسابيع على الانفجار الأول للأزمة الاقتصادية العالمية في وول ستريت، وليست هناك أية علامات على انتهائها وعودة الاستقرار الى السوق، أين وصلت الأمور، كيف هي الأبعاد العالمية للأزمة وكيف هي آفاق السيطرة عليها؟



فاتح شيخ: ما تبخر من ثروات المجتمع وطار في الهواء في ظرف الأسابيع الخمسة هذه، بالإضافة الى ما دفعته الدول الى حسابات البنوك المفلسة مما سلبته تلك الدول من جيوب الطبقة العاملة وجماهير (دافعي الضرائب)، يتجاوز عشرات التريليونات من الدولارات. هذه التبديد الكبير لثروات المجتمع كافٍ لكي تصدر البشرية حكم القضاء الفوري على النظام الرأسمالي. إثبات ضرورة التنظيم المجدد للمجتمع على أساس الاشتراكية، وعلى أساس المشاركة التعاونية للبشر الأحرار والمتساويين، لم يعد اليوم بحاجة للكثير من الكلام. والممارسة الطبقية الثورية على جدول أعمال اليوم. اليوم ومع كل هذه الدلائل والشواهد الراسخة، والى جانب التوعية والتحريض الحي ضد أسس الرأسمالية الضروريان على الدوام، فإن الممارسة المتحدة وجر الطبقة العاملة الى الميدان من أجل القضاء على الرأسمالية تتخذ طابعاً بارزاً استثنائياً. الممارسة بمعناها المحدد تنظيم الهجوم الطبقي على سلطة الرأسمال كأفضل دفاع مقابل الهجمة البرجوازية القائمة، وبمعنى تجريد الرأسمال من أسلحته السياسية والاقتصادية بأية درجة وفي أي مكان تجعله قوى الطبقة الموحدة أمراً ممكناً.

ربما تربك أرقام عشرات التريليونات من الدولارات ذهن المواطن العادي في المجتمع، وذهن العامل الذي مازال محظوظاً في أنه لم يفقد عمله بعد ومضطر لأن يذهب الى ذلك العمل كل يوم. وهناك مثال يمكنه أن يوضح الأمر: الأمين العام لمنظمة الغذاء العالمية (FAO) قال في 16 من تشرين الأول أنه طالب بـ22 مليار دولار كميزانية لمواجهة الفقر والمجاعة في العالم، ولكن لحد هذه اللحظة لم يتم توفير سوى عُشر هذا المبلغ. أنه لأمر باعث على الصدمة: إنكار حقوق جياع العالم (حوالي مليار إنسان وفق إحصائيات منظمة الغذاء العالمية FAO) بهذا الشكل الوقح. 22 مليار دولار يبخلون بها ويتأسفون عليها، في حين تقدم الدول الرأسمالية عشرات الآلاف من مليارات الدولارات من أموال الجماهير سواء كانت الأموال الفعلية أو الضمنية الى أكبر المسيطرين على ثروات العالم!

الانتشار العالمي للأزمة خصوصاً في الأيام الأخيرة كان سريعاً جداً. فقد خصصت الحكومة السويدية ما يقارب 205 مليار دولار باسم "الضربة الاستباقية" من أجل إنقاذ البنوك وستبدأ بالدفع في الأسبوع القادم. فيما خصصت هولندا 13 مليار دولار وكوريا الجنوبية 100 مليار دولار. ووصلت الأزمة الى الهند والصين وروسيا وإيران أيضاً. النمو الاقتصادي الصيني بعد خمسة سنوات حقق في الشهر العاشر من هذا العام ارتفاعاً بنسبة 9% (مقارنة ب12% في العام الماضي). وقد ازدادت البطالة وتصاعدت الاحتجاجات العمالية في الصين. أما في إيران أدى تراجع أسعار النفط الى خسارة 54 مليار دولار من الواردات. وقد عبرت حماقة بهجة قادة النظام الإسلامي بالأزمة الرأسمالية عن نفسها بسرعة كبيرة. إنهم ينكرون بوقاحة رأسمالية نظامهم الإسلامي، في حين أن اقتصادهم أكثر الاقتصادات العالمية تخلفاً وتأزماً وبالتالي أكثرها هشاشة وليس بعيداً، بالأخذ بنظر الاعتبار آفاق انخفاض أسعار النفط ، أن يتحطموا وينهاروا في مسار نفس هذه الأزمة. لقد سقط نظام الشاه حين كان في موقف مشابه وقضت عليه ثورة عام 1979. المكانة الاقتصادية لإيران في العالم هي نفس مكانتها في عهد الشاه.

وفيما يتعلق بآفاق استمرار الأزمة، فإن نفس المخططين للسيطرة عليها يقولون أنها ستستمر، على الأقل، الى نهاية هذا العام. وبالأخذ بنظر الاعتبار تجربة نفس هذه المدة، يمكن القول أن إعادة كل الرأسمالية العالمية للربح والتراكم من جديد، وفي نفس الوقت ترويض حصان المنافسة الجامح بين الاحتكارات الكبرى، من قبل الدول التي أزاحها الجناح اليميني الريغاني والتاتشري لمدة ثلاثين عاماً من ميدان التدخل في خصوصيات السوق المقدسة، هو عمل ليس سهلاً أو هيناً. فالأزمة الحالية أكثر عمقاً من هذا الكلام. هذه الأزمة بدأت منذ 14 شهراً، وانفجر بركانها قبل خمسة أسابيع. وبسبب الانقسامات العميقة بين الكتل الرأسمالية الموجودة من الممكن أن تستمر لسنوات قبل أن يبدأ التراكم من جديد. بالطبع أن المساومة بين الكتل حول القيام بهجمة شاملة ضد الطبقة العاملة العالمية أمر ممكن رغم المنافسة الشديدة فيما بينها.

الجانب المهم في الإجابة على السؤال "أين وصلت الأمور؟" هو التحولات التي تبلورت وتتبلور على المستويات الأيديولوجية والاستراتيجية. إعادة تعريف كافة العلاقات الأساسية الرأسمالية المعاصرة تقريباً على صعيد عالمي تماماً وإعادة بناء الهيكل الاقتصادي للعالم الرأسمالي من جديد هي في جدول أعمال البرجوازية. وهذا هو مضمون كافة الاجتماعات الثائية وقمم الدول الامبريالية الكبرى. في البداية اجتمعت أمريكا وبريطانيا، وبعد ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ثم بريطانيا ومجموعة دول منطقة اليورو الخمسة عشر، بعد ذلك وزراء مالية دول مجموعة السبع (G7) الكبرى، ثم بريطانيا و الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين، بعد ذلك اجتمع ممثلي القوى الكبرى وهذه المرة G8 (أي G7+روسيا)، والآن من المقرر أن يجتمع قادة مجموعة الثمانية بالإضافة الى الصين والهند والبرازيل في كامب ديفيد كي يتباحثوا حول التغييرات الاستراتيجية في النظام المالي العالمي، ومن ضمن ذلك مصير الدولار ووضع الشروط حول المنافسة والاتفاقات فيما بينهم. ونبع جورج بوش يوم أمس، الأحد، أن أي نوع من الإصلاح في الهيكل الاقتصادي العالمي يجب أن يكون على أساس الحفاظ على النظام الرأسمالي والسوق الحر. ويجب رؤية أي سبيل سيسلكه البقية فيما يتعلق بنفس هذا الهدف المشترك. وفي هذه الأثناء انخفضت أسعار النفط الى أقل من النصف (أقل من 70 دولار للبرميل الواحد) مقارنة بالأسعار في شهر حزيران ومن المقرر أن يناقش اجتماع الأوبك في 24 تشرين الأول هذه المسألة التي دفعت بفايروس الأزمة الى قلب وذهن البلدان النفطية. هل ستشكل هذه المجموعة بمساعيها لرفع أسعار النفط من جديد كتلة عالمية منافسة للغرب؟ إيران الآن وفنزويلا تسعيان لذلك، ويقال أن روسيا تقوي من خارج الأوبك هذا التحرك. وهذا الموضوع هو موضع شك جدي في الظروف الراهنة. ولكن في كل الأحوال فإن الباب مشرعة أمام تكتلات ومنافسات جديدة وجميع تلك الاجتماعات هي حول إعادة تعريف أسس الرأسمالية المعاصرة.



برتو: في أية ميادين من المقرر أن تتبلور إعادة التعريف تلك؟



فاتح شيخ: من الواضح أنه سيتم أعادة تعريف العلاقة بين العمل والرأسمال قبل أي شيء آخر، هذه العلاقة الأكثر أساسية في النظام الرأسمالي. والأكثر وضوحاً هو أن حصيلة إعادة التعريف ستكون تشديد استغلال الطبقة العاملة العالمية، تدني المعايير القياسية للأجور الى جانب فرض تضخم وغلاء أكثر. وبالأخذ بنظر الاعتبار الهزيمة الأيديولوجية والاستراتيجية للريغانية والتاتشرية في زعامة الجناح اليميني البرجوازية، بالطبع ستكون أصوات الخوف الضعيفة من انتفاض الطبقة العاملة أساس الدفاع عن إصلاحات جزئية وهزيلة. ولكن الإصلاح البرجوازي سيكون في هذه المرحلة أكثر انعداماً للأسس وأكثر تصنعاً وهزالاً من أي وقت آخر. أضرار الهجوم على الطبقة العاملة مازالت حتى الآن أكثر اتساعاً. إلا أن هجمة مقابلة من الطبقة العاملة وارتقاء الصراع الطبقي من المستوى الدفاعي الاقتصادي الى المستوى السياسي والصراع على السلطة سيمكن من فرض التراجع على البرجوازية ويدفع بها الى مستويات متدنية من الضعف.

ثانياً، إعادة تعريف علاقة أقسام الرأسمال ببعضها البعض الآخر: علاقة الرأسمال النقدي بالصناعي والتجاري، علاقة رأسمال الدولة بالرأسمال الخاص، تجديد التوازن ين تدخل الدولة وحركة الرأسمال الحرة التي تشكل هذه الأيام مضمون وجوهر الصراع الأيديولوجي بين أجنحة البرجوازية المختلفة. هزيمة الليبرالية الجديدة، هزيمة ثلاثين عام من حملة الريغانية والتاتشرية، بالطبع ستمنح الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية المنعطفة نحو اليمين إمكانية ضئيلة في الانعطاف نحو اليسار بهدف ذر الرماد في عيون الطبقة العاملة والمضي قدماً في مساومات طبقية. فأوباما الآن امتطى هذه الرياح، وهذه الرياح بصدد فرض التراجع على ماكين. والأمثلة كثيرة. والى جانب الحديث عن عودة ماركس، يتحدث الاشتراكيون الديمقراطيون عن عودة كينز. وباعتقادي ليس من الممكن عودة رأسمالية الدولة أو نظام دولة الرفاه. تلك الأنظمة قدمت خدماتها وغادرت في ظروف أخرى. ولكنها ستقدم ميادين أكثر لتدخل الدولة من أجل لجم الرأسمال الخاص وتحديد قواعد المنافسة بين الرساميل.

ثالثاً، إعادة تعريف العلاقة بين القوى الإمبريالية الكبرى في عملية تقسيم العالم من جديد. ملف إعادة تقسيم العالم، التي جرى الحديث عن بشكل موضح في أدبيات الحزب الحكمتي في السنة الأخيرة، والذي تم فتحه قبل هذه الأزمة بسبب فشل استراتيجية العسكرتارية الأمريكية، جعلته الأزمة أكثر راهنية. وكان من المفترض أن يكون بهذا الشكل، فتراجع المكانة السياسية والعسكرية لأمريكا هو حصيلة التراجع التدريجي لاقتصادها. والآن إذا ينفذ الاقتصاد حكمه مباشرة، فإن مسألة تقسيم العالم من جديد ستبرز بصورة منافسة أكثر أساسية. على سبيل المثال حرب روسيا وجورجيا كانت جزءاً من عملية تقسيم العالم من جديد قبل ظهور هذه الأزمة. ومحاولات روسيا لجر ايسلندا الى مجموعتها الاقتصادية من خلال منحها قرضاً من أربع مليارات يورو، هو جزء من هذه العملية في شكلها الاقتصادي الذي صار ممكنا مع هذه الأزمة. هذا هو نموذج صغير جداً، وستؤدي إعادة تعريف العلاقة بين القوى الإمبريالية والكتل الاقتصادي والمالية، وتقرير مصير مكانة الدولار وكافة العملات العالمية القوية (اليورو والجنية الاسترليني والين الياباني) الى صياغة أخرى للرأسمال العالمي. في هذه العملية ليس من الحتمي أن يتم حسم كل شيء بسلام ووئام، إذ أن هناك إمكانية واقعية للحرب ولنمو الفاشية.

وأخيراً فإن ميدان آخر هو إعادة تعريف علاقة القوى الكبرى الإمبريالية بالبلدان الرأسمالية المتخلفة أو الأقل نمواً، البلدان التي تشكل حقلاً لاستثمار الرأسمال ومصدراً للربح (بسب العمل الرخيص والمواد الأولية الرخيصة). وعلى الرغم من أنها جزء من عملية تقسيم العالم من جديد، ولكن بسبب الفوضى في التوازن بين القوى العالمية الكبرى في هذه المرحلة، ينفتح ميدان المناورة أمام القوى المتوسطة والصغيرة في فجوة صراعات القوى الإمبريالية. بمعنى أن تغيير مكانة الدول في الاقتصاد العالمي بعد ستين عام من الاستقرار النسبي، صار أمراً ممكناً. ففي السنوات العشرين الماضية كان لدى الغرب والصين نماذج واستراتيجيات مختلفة ("اتفاقية واشنطن" و"اتفاقية بكين") في التعامل مع الدول غير النامية. وفي هذه المرحلة يتم أعادة النظر بكافة استراتيجيات اقتصادات العالم الكبرى، العالم الأول، عالم تصدير الرأسمال، فيما يتعلق بمسألة نموذج التنمية الرأسمالية في أقسام العالم الأقل نمواً، العالم الثاني، العالم الذي يشكل الجهة التي يتم تصدير الرأسمال إليها.



برتو: كيف كانت النتائج السياسية لهذه الأزمة حتى الآن؟



فاتح شيخ: مازال هناك الكثير من الوقت من أجل أن تعلن النتائج السياسية لهذه الأزمة عن نفسها بشكل تام. على الشيوعيين متابعة هذه التحولات بدقة وتحليلها بشكل مشخص. والحقيقة المعترف بها هي أن مرحلة ثلاثين عام من هجمة الجناح اليميني البرجوازي، الريغانية والتاتشرية، ضد الطبقة العاملة العالمية وصلت الى نهايتها التامة. وفي مفترق الطرق هذا شهد العالم على سقوط كتلة رأسمالية الدولة ونظام اشتراكية "دولة الرفاه" الديمقراطية الأوروبية التي كانت بالطبع حصيلة وثمرة مهمة للجناح اليميني والحركة والإيديولوجيا المعروفة باسم الليبرالية الجديدة، ولكن سقوط تلك الكتلة وذلك الجناح أدى لأن تمسك التناقضات الطبقية الذاتية الرأسمالية مباشرة بخناق الغرب "المنتصر" والجناح اليميني البرجوازي. وقد بين وأعلن خطنا الفكري السياسي بلسان منصور حكمت هذه الحقيقة في نفس تلك الفترة بوضوح. أنها نفس تلك الكتلة "المنتصرة" حينذاك انهزمت الآن. ويجري هذه الأيام الحديث بكثرة عن عودة ماركس. هذا الحديث انعكاس لحقيقة أن الزمن والظروف والأوضاع مساعدة جداً من أجل صعود وانبعاث شيوعية ماركس.ولكن المقصود ،على الأغلب، في هذه الأحاديث عودة ماركس الذي تم تحريفه حيث كانت رأسمالية الدولة الشرقية والاشتراكية الديمقراطية الغربية تذر الرماد باسمه لعشرات السنين في عيون الطبقة العاملة. لم يقم خطنا الفكري السياسي الحزبي في مرحلة معينة بالدفاع المشرق فقط عن الماركسية والشيوعية وترسيخها مقابل مختلف أنواع الشيوعية والاشتراكية البرجوازية، بل وإنه دافع بحزم وإصرار مستميت عن ماركس والشيوعية ها في أوج الحملة ضدهما. نحن من لنا الحق ومن واجبنا أن نرفع راية عودة ماركس الحقيقي وغير المحرَّف، راية ماركسية وشيوعية الطبقة العاملة والأهم من ذلك أن ننظم قوى الطبقة وندخلها الى الميدان من أجل تحقيقها. صعود وإحياء الشيوعية في هذه المرحلة التي تشهد تحولات سريعة في العالم الرأسمالي، في تاريخ ما بعد هزيمة ثورة أكتوبر، أكثر إمكانية من أية مرحلة أخرى.

لقد برزت نتائج سياسية معينة في شكل تغير التوازنات بضرر كل الجبهة التي تضم أمريكا والغرب في العالم حيث بوسع الشيوعية وكذلك الرجعية الرأسمالية الروسية والصينية وحتى الإسلامية الاستفادة منها والسعي لتثبيت بديلها. ثمة تحولات مهمة مقبلة في الشرق الأوسط. وستشهد الملامح السياسية لهذه المنطقة تغييرات جدية. ومازال العراق ساحة للصراع. أما الجمهورية الإسلامية فإنها في مكانة متناقضة، إذ يمكن أن تكسب مكانة أفضل مقابل أمريكا وحلفائها ويمكن أيضاً أن يتم قبرها تحت ضغط الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تزداد وخامة في ظل تراجع أسعار النفط وفي نفس الوقت تحت ضغط هجمة الطبقة العاملة والشيوعية الحية والحاضرة النشطة في السياسة الإيرانية. وبخصوص إسرائيل فإنها بصدد التحرك نحو سلام شامل مع جيرانها العرب كي تتمكن من الدفاع عن وجودها مقابل النظام الإسلامي وحماس وحزب الله. وقد وضحنا هذا المسار سابقاً (صحيفة كمونيست، العدد 156-حوار مع فاتح شيخ حول التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل) وقد عبر عن ذلك أيهود باراك بصراحة خلال هذه الأيام. إن الحركة الشيوعية للطبقة العاملة في إيران والعراق ومن ضمنها الحزب الحكمتي وكلا الحزبين الشيوعيين العماليين العراقي والكردستاني قادرة بالخط الفكري والسياسي الواضح الذي تمتلكه تجاه تحولات السنوات الأخيرة أن تقدم إجابة واضحة ومختلفة عن الآخرين وكسب القوى بسرعة والتحول الى أحزاب كبيرة في المعادلات السياسية وأحزاب متدخلة في صراع السلطة في هذه البلدان وفي المنطقة وبعث وإحياء الشيوعية على الصعيد العالمي والإقليمي من خلال هذا السبيل.



برتو: تحدث خلال هذه الأيام خامنئي وأحمدي نجاد عن فشل الليبرالية بعد فشل الماركسية (الكتلة الشرقية). ما هي أسس تنمرهما على الماركسية وما الهدف من ذلك؟



فاتح شيخ: هذان الأحمقان يهذيان. والأكثر حماقة منهما من يصدقهما حيث يندر وجوده. وحتى تقولات خاتمي ورفسنجاني جاءت من هؤلاء الحمقى. غير أن الأهم هو أن تدهور اقتصاد النظام الإسلامي والكشف عنه من قبل الرؤساء القدماء والجدد للبنك المركزي فضحت في أقل من أسبوع هذا النوع من الهذيان والهراء. فشل الليبرالية الجديدة الريغانية والتاتشرية هي أساس هذه الهذيان ولكن الهدف منه هو الهجوم على ماركسية وشيوعية الطبقة العاملة. وسواء تكلموا أو لم يتكلموا فإنهم ينظرون الى الماركسية والشيوعية بمثابة تهديد جدي يهدد سلطتهم وحكمهم. فالحضور الدائم للصراع الطبقي للطبقة العاملة، حتى في أشكاله المشتتة والدفاعية الاقتصادية الراهنة، هو الركيزة المادية للحركة التحررية والداعية للمساواة في المجتمع. إن الأرضية ممهدة لنمو الماركسية والشيوعية في هذه الظروف في إيران (وفي الواقع على الصعيد العالمي). حين يجري الحديث في كل مكان عن عودة ماركس، فإن هؤلاء الوحوش الأكثر تخلفاً المدافعين عن الرأسمالية يسمعون ذلك الحديث، والأهم من ذلك أنهم رأوا عودة ماكس في إيران وأصيبوا بالذعر منه. هذا الهذيان هو صلوات رعب قادة النظام الإسلامي. هزيمة الليبرالية الجديدة بوصفها راية أكثر أجنحة البرجوازية يمينية في هذه المرحلة، هي في الواقع هزيمة أيديولوجيا واستراتيجية النظام الإسلامي والإسلام السياسي أيضاً. نفس النظام الإسلامي حقق إمكانية الزحف الى السلطة في أوضاع هجمة اليمين العالمي واليوم من المفهوم أن بهزيمة اليمين العالمي سيقع النظام الإسلامي والحركة الإسلامية في منزلق الهزيمة والسقوط. فاقتصادهم اليوم أكثر دماراً وانهياراً. وإضراب تجار السوق هو في الواقع احتجاج الرأسمال الخاص على أسلوب إدارة الاقتصاد من قبل الدولة في مرحلة إعادة تعريف علاقة الدولة والسوق. التراجع الفوري لأحمدي نجاد مقابل إضرابات السوق بيَّن أن هذيانهم هذا لا يشتريه أي أحد حتى بين صفوف الطبقة الرأسمالية. ولكن أياً كانت الطريقة التي تتقدم فيها إعادة تعريف علاقة الدولة والسوق في إيران في قلب هذه الأزمة، فإن هذا الصراع الطبقي العمالي في الميادين الاقتصادية، السياسية والأيديولوجية هو القادر على تحرير المجتمع في هذه المرحلة من مخالب النظام الإسلامي والرأسمال الخاص والسوق. اليوم ليس يوم الخامنئيين والنجاديين. بل يومنا نحن الشيوعيين البروليتاريين الذين سننهي عمر نظام الرأسمال الإسلامي وكل النظام الرأسمالي في إيران بهجمة شاملة فكرية سياسية اقتصادية ضد البرجوازية ومن خلال توحيد صفوف الطبقة العاملة وجماهير المجتمع المحرومة. إن المرحلة هي مرحلة صعود شيوعية ماركس ولينين وحكمت. وهذا هو مصدر رعب المجرمين الحكام الإسلاميين.