المعارضة إما أن تكون للحكم أو لا تكون


عبد الله الحريف
الحوار المتمدن - العدد: 760 - 2004 / 3 / 1 - 09:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي     

يعتبر عبد الله الحريف الكاتب الوطني لحركة النهج الديمقراطي أن معارضة الحكومة لا معنى لها لأن الحكم هو الذي يتخذ القرارات الرئيسية, ويؤكد أن المهم في نضال حركته هو المضمون الذي يجب أن يتخذه النظام كنظام ديمقراطي اختاره الشعب, وبإمكانه محاسبته ومساءلته.

 

-  ما هو المضمون الذي تعطونه أنتم للمعارضة التي تمارسونها؟

·        معارضتنا تقوم على نضال ديموقراطي حقيقي, وما يهمنا من هذا النضال هو مضمون النظام القائم, فأن يكون هذا النظام ديموقراطيا يعني أن يكون الشعب هو الذي اختاره, وأن يكون هذا النظام قابلا للمحاسبة ما دام يتحمل مسؤولية معينة, إذن هذه هي المضامين الأساسية التي نعتبر أنها يجب أن تتوفر في النظام المغربي, ونضالنا يتوخى إعطاء هذا النظام هذا المدلول.

-  ولكن عادة ما تنعت المواقف والطروحات التي يعبر عنها النهج الديمقراطي بأنها موجهة ضد الملك.

·        هذه قراءات تعني أصحابها, أما موقفنا نحن هو عندما لما نتكلم عن الملكية نقصد فقط المضمون الديمقراطي للنظام الذي نناضل من أجله, فنحن لا نقول أننا جمهوريون كما لا نقول أننا ملكيون, بل ما نقوله هو أننا نريد نظاما بمواصفات ديموقراطية كما هو الأمر غي الدول الديموقراطية, حيث الاختيار الحر الذي يمارسه المواطنون, وحيث الدستور القائم على فصل السلط, وعلى كون الشرعية تنبع من الشعب, وحيث تمارس الانتخابات بشكل حر ونزيه, فهذه في اعتقادنا هي مواصفات النظام الديمقراطي, أما النظام القائم عندنا فهو نظام غير ديموقراطي, والديموقراطية التي يتغنى بها هي ديموقراطية شكلية, مادام أن السلطات الأساسية مركزة في يد الملك, وما دام أن هناك استبداد مقنن بدستور.

-  مادام أن السلطات مركزة في يد الملك كما أشرتم, ألا يعد انتقاد تلك القرارات انتقادا للملك؟

·        نحن ننتقد أي قرار من أي مصدر كان لا يكون ديموقراطي, والذي نعتبر أنه ليس في مصلحة الشعب المغربي, ونعتبر أن الديموقراطية تعني ذلك, تعني حق الانتقاد والتعبير عن الرأي بكل حرية, وهو حق مضمون وممارس في كل الأنظمة الديموقراطية ملكية كانت أم جمهورية.

-         قلت إن الشكل لا يهم وأن المهم هو المضمون, ولكن لماذا لا يتم مثلا طرح موضوع دمقرطة الملكية عوض طرح شكل آخر للنظام؟

·        أنا لا أرى أن الملكية في المغرب تريد أن تغير من جوهرها ولحد الآن, فإن كل ما استطاعت القوى الديموقراطية في البلاد أن تنجزه هو أن تفرض بعض مساحات الحرية وبعض المكتسبات في ميدان حقوق الإنسان بالرغم من أنها غير متكاملة, بل وقابلة للتراجع عنها كما شاهدنا ذلك في المرحلة الأخيرة مع قانون مكافحة الإرهاب وغيره. إذن, نحن نعتبر أن جوهر السلطة في المغرب لم يتغير, وبالتالي فنحن نعتبر أن الموقف الصحيح والسليم هو ضرورة طرح نظام ديموقراطي.

-         بالنظر للتحول الذي حصل في الحقل السياسي المغربي في السنوات الأخيرة, سواء على مستوى الأحزاب أو على مستوى الدولة, هل يمكن الحديث عن تغييرات خضع لها مضمون المعارضة التي تمارسونها؟

·        التغييرات التي حصلت يمكن تحديدها في أن الشعب المغربي استطاع على الأقل أن يتوفر على الحد الأدنى من الحرية, لكن مع استمرار وجود النقاط الحمراء, بحيث لا يمكن التعبير عن الآراء الممكنة, بالنظر إلى أن هناك مواضيع تعتبر مقدسة, عادة ما نجد أن من يعبر عن اختلافه حولها يمكنه أن يدفع ثمن ذلك. إذن التعبير عن الرأي نفسه في بلادنا غير مسموح به لكن هذا لا يعني أننا لازلنا في سنوات السبعينات أو الثمانينات, بل هناك تقدم على مستوى حرية الرأي والتعبير والحريات الفردية, هناك إمكانيات أكبر لفضح مجموعة من الخروقات ومن الانتهاكات التي كانت تمارسها السلطة ولا تزال, وأظن أن الخوف قد تراجع بعض الشيء, وهناك صحافة تخوض في العديد من القضايا, ماعدا القضايا التي تعتبر مقدسة, والتي تظهر فيها نوعا من المعارضة لتوجهات الدولة. وهذه كلها مكتسبات مهمة. ولكن على مستوى الدستور وعلى مستوى البرلمان وعلى مستوى صلاحيات الحكومة, فعلى مستوى هذه القضايا, فإنه ليس هناك تغيير جوهري, بحيث لازال البرلمان أشبه بغرفة تسجيل والحكومة عبارة عن مجموعة من الموظفين, وحكومة الظل هي التي تحكم.

-         إذا ما حاولنا إقامة نوع من التصنيف للقوى المعارضة نجد أن هناك معارضة للحكومة وأخرى للحكم, أين تجدون أنفسكم أنت في هذا التصنيف؟

·        نحن نعتبر أن لا معنى لمعارضة الحكومة, لأنه كما أشرت من قبل فإن الحكومة هي مجرد موظفين ومنفذين ولهذا, فإن المعارضة الحقيقية إما أن تكون معارضة للحكم أو لا تكون, لأن القرارات الأساسية يتخذها الحكم, أي السلطة العليا في البلاد, بحيث لا يمكن أن تكون هناك معارضة هذه التوجهات بالاكتفاء بالصراع حول شكل تنفيذها من طرف الحكومة.

                 

عبد الله الحريف للصحيفة العدد 148

                                                                                              6/12 فبراير 2004