- نحن مع توحيد العالم العربي، لكن مع احترام الحقوق المشروعة للاقليات.-


كميل داغر
الحوار المتمدن - العدد: 2201 - 2008 / 2 / 24 - 09:48
المحور: مقابلات و حوارات     

كريس دين هوند
كميل داغر محام، مناضل بالتجمع الشيوعي الثوري، فرع الأممية الرابعة بلبنان. التجمع تنظيم صغير طبعا لكنه يحظى باحترام اليسار اللبناني


أي علاقة ممكنة بين اليسار وحزب الله؟ دعم لا مشروط، أو دعم نقدي او متحفظ، أم رفض كلي لحركة اسلاموية؟

يجب، ولا شك، ألا يكون ثمة دعم لامشروط لحزب الله. يجب ألا ينظر إلى دوره الوطني وحسب، بل أيضا إلى برنامجه الاجتماعي الذي نعتبره محافظا إلى حد مهم بالنسبة للنساء، والرأسمالية، والمجتمع الطبقي. ندرك جيدا أن حزب الله ليس ضد المجتمع الطبقي. وحتى الإسلام يعتبر المجتمع قائما على وجود الطبقات. لا شك ان حزب الله ليس ضد الرأسمالية. يمكن القول إن حزب الله لم يسع إلى التميز في دوره بالحكومة اللبنانية بشأن الخصخصة والنيوليبرالية الرأسمالية. لا بل يمكن اعتبار أن حزب الله قبل في لحظة ما الخصخصة، وقبل وزير الكهرباء، العضو بحزب الله، القيام بخطوات نحو خصخصة قطاع الكهرباء. وبضغط من قاعدته الاجتماعية أوقف حزب الله الخصخصة، لكنه ليس ضدها مبدئيا. نحن نؤيد برنامجا مناهضا لليبرالية وللرأسمالية، وليست تلك حالة برنامج حزب الله. لذا فإن ما يربطنا بحزب الله هو برنامجه الوطني، وموقفه ضد الامبريالية العالمية، لا سيما ضد الامبريالية الأمريكية وموقفه ضد إسرائيل. هنا نرى ان ثمة أمورا عديدة يمكن القيام بها مع حزب الله.

كان دور حزب الله خلال سنوات 90 حتى تحرير المنطقة الحدودية اللبنانية في شهر مايو 2000 دورا بالغ الأهمية وجوهريا. غير ذلك الحياة السياسية اللبنانية كثيرا، وحتى المنطقة العربية برمتها. كان الناس بالعالم العربي معتادين على ان تحتل إسرائيل أراض ولا تنسحب منها إلا بشروط رهيبة. لكن هنا بلبنان جرى إجبار الإسرائيليين على الانسحاب بلا شروط في العام 2000. كما أن حرب 33 يوما في 2006 غيرت أمورا عديدة. فلأول مرة نرى إسرائيل تفشل في احتلال أراض عربية، وتخسر حتى عددا كبيرا من جنودها وضباطها. لا بل إنها أول مرة نرى الحرب غير مقتصرة على أراض عربية بل انتقلت أيضا إلى عمق دولة إسرائيل. هذا أساسي جدا، ليس للكيفية التي ترى بها الجماهير العربية الأمور بل حتى الجماهير الإسرائيلية.

يجب ألا ننسى ان المقاومة اللبنانية بدأت من طرف شيوعيين وقوميين عرب. معظم الأراضي اللبنانية التي حُررت خلال سنوات 80 حتى المنطقة الحدودية، تحقق لها ذلك بجهود وعمل الشيوعيين. وفي لحظة ما ، بضغط سوري وحتى من النظام الإيراني، أُجبر حزب الله على شن الحرب على الشيوعيين بقصد الظفر باحتكار المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. من الأهمية البالغة تذكر ذلك مع الاعتراف بالدور الايجابي لحزب الله اليوم. حاليا نعتبر أن على الشيوعيين اللبنانيين إعادة التسلح والقيام بدور أساسي في المقاومة. ليس مقاومة من اجل استرجاع مزارع شبعا وحسب، إننا نعتبرها مقاومة ضد وجود دولة إسرائيل بما هي دولة عنصرية دينية بمنطقتنا، وضد الهيمنة الأمريكية بالمنطقة العربية برمتها، وضد القواعد الأمريكية بالشرق الأوسط وبغيره من العالم. نرى وجوب عمل للشيوعيين وباقي القوى المناوئة للامبريالية ولإسرائيل وللصهيونية، دور على المدى البعيد، حرب مديدة ضد ذلك الوجود، وهذا غير ممكن دون دور أساسي للشيوعيين وللقوى التقدمية. لهذه الأسباب مجتمعة اعتقد انه يجب ان نساند نحن وكل الشيوعيين حزب الله، لكن يجب أن تكون هذه المساندة نقدية ومتحفظة بلا شك. الضرب معا والسير على حدة.

ما موقفكم بشان فلسطين؟ دولتان ام دولة واحدة؟

كنت هذا الصباح أترجم نصا صغيرا كتبناه وصادقنا عليه كمقرر لمجموعتنا اللبنانية التروتسكية مع مجموعات شيوعية ثورية عربية أخرى منذ 1973. نُشر هذا المقرر في كتيب: الثورة العربية، وضعها الراهن وآفاقها".

يوجد بهذا النص، المقتبس من المقرر، جواب بصدد المسالة الفلسطينية. جاء فيه أن المهام الأساسية للثورة العربية متمثلة في توحيد العالم العربي، لكن مع احترام الحقوق المشروعة للأقليات بالعالم العربي، حتى حق تقرير مصير القوميات مثل الأكراد والبربر. أما مشكل وجود إسرائيل وما نعتبره الآن وجودا للأمة الإسرائيلية، فلدينا موقف متباين:" الوضع الإسرائيلي مغاير تماما. إن الأغلبية اليهودية الممارسة للاضطهاد في دولة إسرائيل الحالية قد مارست اضطهادها أساسا بطرد السكان العرب الحقيقيين. بهذا المعني يكون الموقف الثوري الوحيد هو الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني الكامل واللامشروط في تقرير مصيره، أي حقه في العودة إلى مجموع أراضيه التي طرد منه والعيش حرا من كل اضطهاد قومي. تستتبع ممارسة هذا الحق تدمير الدولة الصهيونية القائمة على أسس عنصرية، والمضادة لهكذا منظور. سيقترن تدمير دولة إسرائيل بزوال دول عربية أخرى بقصد خلق دولة عربية واحدة. هكذا فان الطابع القومي للثورة بالشرق الأوسط لا يتحدد بقضية الشعب الفلسطيني وحدها بل أيضا بالمشكل العام للوحدة العربية. في هذا السياق بالذات تطرح مسألة السكان اليهود الحاليين بإسرائيل الذين سيتحولون إلى أقلية بعد زوال الدولة الصهيونية. ان البرنامج العمالي إزاءهم، كما إزاء كل مجموعة قومية، مضاد للشوفينية، وقد سبق أن حدده لينين بوضوح. لا لأي هيمنة لأي أمة أو أي لغة، ولا لأي اضطهاد، وأي ظلم ضد أقلية قومية. يعني هذا ضمان كل الحقوق المدنية والثقافية للسكان اليهود والمساواة التامة بين اليهود والعرب. لا يمكن ان تقبل الثورة العربية إنشاء دولة ذات تطلعات توسعية او دولة تسلحها الامبريالية. هذا هو النص المكتوب في 1973.

هل لا يزال هذا النص صحيحا؟ فالقيادة الفلسطينية قبلت دولة إسرائيل في لحظة ما. ألا يزال موقفكم يعتبر وجود دولة إسرائيل متعارضا مع حقوق الشعوب بالمنطقة؟

الأمر معقد. اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل ووجودها على 80 بالمائة من التراب الفلسطيني التاريخي يعقد الأمر كثيرا. لكن هذا لا يغير موقفنا الجوهري، موقف حل ثوري للقضية الفلسطينية ولوجود دولة إسرائيل. لما اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل، كنا ضد ذلك. انتقدنا بحدة ذلك الاعتراف و كنا ضد اتفاقات أوسلو. كان لمنظمة التحرير ذاتها في البداية برنامج دولة ديمقراطية فلسطينية تضم اليهود والفلسطينيين بمساواة في دولة ديمقراطية. لكن الأمور تغيرت لاحقا، غيرت منظمة التحرير الفلسطينية برنامجها وقبلت قيام دولة فلسطينية على أراضي 1967 فقط. والآن تقبل الأنظمة العربية، وحتى منظمة التحرير الفلسطينية، دولة فلسطينية بتلك الأراضي دون حق عودة الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة في 1948. نعتبر هذا ظلما. حق عودة الفلسطينيين حق مشروع ومعترف به من الأمم المتحدة في عشرات المقررات.

نحن نرى انه يجب حل للمسالة اليهودية كلها. نعتبر انه يجب تغيير بالعالم العربي يساعد اليهود العرب، الموجودين حاليا بإسرائيل، على العودة إلى بلدانهم الأصلية: اليمن، سوريا، لبنان، مصر والعراق والمغرب العربي حيث سيعاملون بمساواة وبشكل ديمقراطي.

حاوره كريس دين هوند و ميراي كورت و نيقولا كالاندر

المصدر: موقع http://www.lcr-lagauche.be

تعريب :جريدة المناضل-ة