فنزويلا الاصلاح الدستوري: أوجه التقدم فيه وحدوده


المناضل-ة
2007 / 9 / 29 - 09:01     

يوم الأربعاء 15 أغسطس، قدم هوغو تشافيز أمام الجمعية الوطنية مشروعه لإصلاح دستور فنيزويلا البوليفاري أمام النواب الفنزويليين، و أيضا أمام 10 ألاف شخص متجمعين حول الشاشات العملاقة المنصوبة محادية للجمعية الوطنية، قدم هوغو تشافيز خلال خطاب دام ست ساعات اقتراحه لإصلاح الدستور البوليفاري الذي جرى التصويت عليه في العام 1999 على اثر انتخابه الأول إلىرئاسة الجمهورية.

يأتي اقتراح تشافيز، في الجوهر، بخطوات لا جدال فيها نحو مجتمع أكثر عدلا. فعلى سبيل المثال ستتيح المادة 70 اعترافا بالمشاركة الشعبية، عبر مجالس سلطة شعبية( مثل مجالس الطلاب، والفلاحين، الخ) وجمعيات العمال، وتعاونيات، ومقاولات جماعية ، الخ.

وتقترح المادة 87 تعزيزا لقانون العمل، متضمنة إنشاء صندوق لاستقرار العمال الاجتماعي، متيح لهؤلاء الإفادة، بمساعدة من الدولة، من حقوق واسعة في مجال التقاعد، والمعاشات، والعطل المؤدى عنها،الخ. وتخفض المادة 90 يوم العمل من 8 إلى6 ساعات في اليوم، ومن 40 إلى36 في الأسبوع. وتوضح المادة ذاتها وجوب إحداث بنيات تحتية لتسهيل إفادة العمال من الأنشطة الرياضية والثقافة والتعليم.

وفي المضمار الثقافي، تعود المادة 100 إلى الثقافات المميزة لفنزويلا. يقترح تشافيز الاعتراف بخصوصية جماعات السكان الأصليين والمجموعات المتحدرة من التهجير الافارقة القسري ، وذلك بضمان تمتعها باهتمام قانوني خاص. وستستفيد تلك الجماعات من معاملة خاصة، لا سيما ذات الأصل الإفريقي التي لم يعترف بها الدستور الحالي.

كما أن المادة 112 هامة أيضا. إذ تحدد تصرف الدولة في إطار الإنماء الاقتصادي للبلد. وتقترح إنشاء نموذج اقتصادي منتج دولاني، مرتكز على قيم الإنسانية، والتعاون، وتغليب المصلحة المشتركة على المصلحة الخاصة. وهكذا ستنظم الدولة تشجيع أشكال مختلفة من المقاولات ووحدات اقتصادية قائمة على الملكية الاجتماعية، مشتركة أو تابعة للدولة، إنتاجية وتوزيعية، وبأنظمة مختلطة ( الدولة، القطاع الخاص). وبالمحتوى ذاته تمنع المادة 113 الاحتكارات، محتفظة للدولة دون سواها بالمقاولات ذات المصلحة الوطنية، لاسيما في مجال الطاقة والشأن الاجتماعي. وتميز المادة 115 بين أنماط عديدة من الملكية، وتسمح للدولة، عندما تعتبر عملا في عداد المصلحة الوطنية، أن تصادر بشكل شرعي، مقابل تعويض. لكن يبقى ثمة مع ذلك مشكل كبير، حيث أن هذا الإصلاح لا يمس بنية ملكية المقاولات الكبرى، وملكية الأرض الكبيرة والرأسمال. وتلي جملة مواد تروم ضمان السلطة الشعبية وتوطيدها.

بونابارتية

لا يمكن، بالنظر إلى هذه المقترحات، سوى التصفيق ومساندة هكذا إصلاح. لكنه ينطوي على خطر متمثل في إصلاح السلطة التنفيذية. فالمادة 225،على سبيل المثال، تقترح إمكان تعيين الرئيس،علاوة على نائب الرئيس، لما يشاء من نواب الرئيس. لكن صلب المشكل لا يكمن هنا. انه في المادة 230 التي تتطرق للفترة الرئاسية وتقترح مدة سبع سنوات مع إعادة انتخاب فوري ولا محدود- وفق النموذج الفرنسي، حيث بوسع الرئيس أن يتقدم للترشيح عدد ما يشاء من المرات( لمدة 5 سنوات). هذا تعزيز للسلطة التنفيذية يمنح التشافيزية صبغة بونابارتية متزايدة.

ومما يعزز هذا الشعور اقتراح رئاسة رئيس الجمهورية لمجلس الدولة بدل نائب الرئيس كما الأمر حاليا، هذا مع العلم أن هذه المؤسسة تتشكل من الرئيس وعدد غير محدد من الأعضاء. يبدو أن اقتراح تشافيز هذا، الذي ينوي البقاء بالحكم بالأقل إلى غاية 2021، والتقدم إلى انتخابات الرئاسة مرات غير محددة،لا يحظى بموافقة أغلبية الفنزويليين. ففي بلد حيث جرت العادة على تغيير الشعب للنظام كل أربعين سنة، تأجج رغبة تشافيز البقاء في السلطة الجدال. هذا ما أدركه اليمين، المتأكد من رفض الفنزويليين التوقيع على بياض،مطالبا بالتصويت على مقترح الإصلاح نقطة نقطة. إن في الأمر رهانا حقيقيا لحركة اجتماعية مجزأة جدا، ومنهكة بنقاشات داخلية طويلة حول مسألة الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا. ولكن بيدها مع ذلك ورقة ستلعبها إذا أبدت القدرة على فرض نقاش جوهري، ما زال منعدما، حول الإصلاح الدستوري.

لكن لا مجال للخطأ، فليس في اقتراح تشافيز انحرافات نحو ديكتاتورية عسكرية، كما يوحي به مجموع وسائل الإعلام الكلاسيكية الفرنسية، بمقدمتها ليبراسيون ولوموند. لكن تركيز مزيد من السلطات بيدي الرئيس يعني استبعاد الحركات الجماهيرية منها.

مشكل منهجية

لا شك أن الخطر الحقيقي نابع من المنهجية التي اعتمدها الرئيس الفنزويلي أكثر مما ينبع من مقترحاته. إذا وعد تشافيز بنقاش مدة 3 أشهر قبل عرض الدستور على المصادقة، فيبدو مهما العودة إلى الكيفية التي جاء بها الدستور. ولا بد من ملاحظة أن تشافيز اقترف بلا شك خطأ منهجيا كبيرا.

تمثل الخطأ في العمل على إصلاح دستوري مقتصر على مجموعة أصدقاء منتقين و مجمعين حول شخصه. فابعد من مقترحات الإصلاح، يخاطر تشافيز بإزالة الصيغة الأصيلة لهذه الثورة بمرسوم: صيغة سيرورة شعبية، ثورية، ديمقراطية وذات طابع تأسيسي. أقصى ما أمكن الحصول عليه مساحة نقاش مفتوح حول المجلس التأسيسي للعام 1999. ويمثل هذا الاقتراح، في لحظة حيث يمنح السياق إمكانية تقدم أبعد، والقيام بإصلاح عبر هيكلة مساحات التبادل والسلطة في البلد كله، خطرا حقيقيا يهدد السيرورة الجارية. ففي الواقع لا يترك تشافيز مهربا لمجمل الحركة البوليفارية والثورية بان فرض عليها أن تكون معه أو ضده.

حركة اجتماعية منقسمة ومن هذا تنبع أهمية مشاركة الحركة الاجتماعية في النقاشات. ويتعذر، من زاوية النظر هذه، قول إن اقتراح تشافيز قد جاء في اللحظة المناسبة. فقد عمقت مسألة المشاركة في الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا الانقسامات داخل الحركة الاجتماعية. فنفس التحليل قائم لدى كل من مشروع امريكانا Proyecto nuestra América ، و حركة 13 ابريل ، مرورا بالجمعية الوطنية لوسائل الإعلام الحرة والبديلة ANMCLA، و الجبهة الوطنية القروية إزكيال زامورا FNCEZ ، ورفاقنا في التيار الطبقي الوحدوي الثوري والمستقل C-Cura بالاتحاد الوطني للعمال ( اول اتحاد نقابي بالبلد): ثمة ميل بونابارتي متنام في التوجه الحالي للتشافيزية. لكن الجميع منقسم حول الموقف الواجب إزاء الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا. يرى البعض أهمية الدخول اليه للتأثير على توجهاته مستقبلا، وذلك بتشكيل قطب جذري. ومن هؤلاء ثمة بوجه خاص رفيقنا في التيار الطبقي الوحدوي الثوري والمستقل C-Cura ستالان بيريز. ويرى آخرون أن الانضمام إلى الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا مضيعة للجهد سيقطع تدريجيا أعضاءه عن القاعدة. ومن هؤلاء ثمة رفيق آخر من قادة التيار الطبقي الوحدوي الثوري والمستقل اونالدو شيريكو.

يخترق هذا الانقسام كامل الحركة الاجتماعية، محركا الخطوط وموازين القوى لكنه يضعفها بشكل كبير. ويمثل الإصلاح الدستوري في هذا الإطار امتحانا للحركة الاجتماعية الفنزويلية، فيما يخص قدرتها على فرض لاحق لنقاش سبق أن رفضه تشافيز.

يجب الدفاع عن نقاط الارتكاز القائمة في الدستور الجديد من اجل الظفر بحقوق اجتماعية وسياسية جديدة. لكن يجب أيضا إبراز ما يهدد السيرورة الحالية من أخطار. كما تجب الثقة في الحركة الاجتماعية الفنزويلية التي لها قدرة النضال ضد تراكم السلطات الموجودة بيد برجوازية بوليفارية جديدة قريبة شخصيا من الرئيس.

من كاراكاس: يانيك لاكوست

==============

الاممية الرابعة في كاراكاس

التقى 24 رفيقا من مناضلي الأممية الرابعة ، قادمين من بلدان أمريكا اللاتينية ( البرازيل، بورتوريكو ، إكوادور، بوليفيا، كولومبيا، المكسيك، بيرو ، الشيلي، الأرجنتين) وأوربا (انجلترا، كاطالونيا، فرنسا ، بلجيكا) في كاراكاس بقصد التفكير في تحسين العمل المتشابك في أمريكا اللاتينية. انعقد اللقاء بالمركز الدولي ميراندا ، الذي أتاحه رئيسه لويس بونيلا. كان اليوم الأول فرصة للتفكير حول موضوعين: " اشتراكية القرن العشرين بأمريكا اللاتينية" و" فنزويلا اليوم". وتمكنوا بهذه المناسبة من لقاء مختلف قوى اليسار الجذري بفنزويلا ، لا سيما ستالان بيريز ( الاتحاد الوطني للعمال- التيار الطبقي الوحدوي الثوري والمستقل )، ورولان دونيس( حركة 13 ابريل)، وكارلوس لالنز ( مشروع امريكا نا)، وحايمان الترودي ( المركز الدولي ميراندا)، وغونزالو غوميز( ابوريا= مركز التواصل الشعبي من أجل بناء اشتراكية القرن الواحد والعشرين )، وريكاردو نافارو(الجمعية الوطنية لوسائل الاعلام الحرة والبديلة)، وسيمون اوزاتيغي (الجبهة الوطنية القروية ازغييل زامورا). وتمكنوا على هذا النحو من التواجه مع مواقف اليسار الفنزويلي. وعلاوة على مسألة الانضمام إلى الحزب الاشتراكي الموحد الفنزويلي التي تخترق كامل يسار البلد، كان توصيف السيرورة البوليفارية في صلب النقاش.

وفي اليوم الموالي جرى نقاش داخلي بقصد التفكير في أرضية فكرية حول أمريكا اللاتينية، و كذا حول توزيع معداتنا الدعاوية في القارة، وبوجه خاص في فنزويلا. وخصص اليومان الآخران للقاءات مع مختلف المجموعات المناضلة مثل حركة النساء مانويليتا ساينز او متحد Calle y Media بقصد تعزيز أشكال التعاون.