https://www.ahewar.org/ - الحوار المتمدن


جرأة المتعاونين مع الإحتلال -(بمناسبة دعوى الناشر فخري كريم ضد رئيس تحرير مجلة -الآداب-الكاتب سماح ادريس

محمد سيد رصاص

2008 / 2 / 7

تعلق سيمون دي بوفوار(في"قوة الأشياء"،دار الآداب،1964،ج1،ص37)على محاكمة الكاتب الفرنسي روبير برازياك،الذي كان رئيس تحرير صحيفة"جوسوي بارتو"،التي كانت صوتاً لحكومة فيشي الفرنسية المتعاونة مع الإحتلال الألماني،والتي تتوجت بالحكم عليه بالإعدام وتنفيذه في الفترة اللاحقة لتحرير فرنسة من الإحتلال:"لقد كانت سيمون وايل تطالب بأن يمثل أمام المحكمة أولئك الذين يستعملون الكتابة ليكذبوا على الناس،وإني أفهم موقفها.فهناك كلمات أشد قتلاً من غرفة غاز،وكلمات هي التي سلحت قاتل جوريس،وكلمات هي التي دفعت سالنغرو إلى الإنتحار.ولم تكن القضية في أمر برازياك قضية"جريمة رأي"،فهو بوشاياته وبنداءاته للقتل والإبادة قد تعاون تعاوناً مباشراً مع الغستابو".
للأسف،لانجد عندنا حالة مشابهة لتلك الفرنسية تجاه عهد فيشي،بل يبدو من تجربة السنوات الخمس السابقة من عمر الإحتلال الأميركي للعراق بأن هناك تطبيعاً ذهنياً مع ظواهر مثل أحمد الجلبي،ولايرف جفن أحد- في الفضائيات والصحف العربية- عندما تلفظ عبارات مثل"رئيس الوزراء المالكي"أو"الرئيس الطالباني"،وكأن هذه المسميات أوالألقاب تعبير عن سلطة فعلية،وليست هذه الأخيرة عند الجنرال بترايوس والسفير كروكر.
لايشمل هذا الكثير من العراقيين فقط ،وإنما يمتد إلى أغلب المثقفين العرب،على الأقل بين الفرات والنيل،وكذلك الكثير من الساسة المعارضين،وإن كان أغلب هؤلاء من مايسمى ب"التيار الليبرالي الجديد"،وإن كان معظمهم لوسألته بعض الأسئلة البسيطة عن تاريخ نشأة الليبرالية،ومبادئها،فإنك ستفاجىء بأنه لايعرف شيئاً عنها،ولم يسمع عن جون لوك وجون ستيوات ميل،وعلى الأكثر يعرف عناوين بعض كتبهم فقط ،فالأمر ليس أكثر من ركوب موجة عالمية،تماماً- وأحياناً عند نفس الأشخاص- كماكان الأمر مع الماركسية السوفياتية بين عامي 1945و1975.
في ظل وضع كهذا،يجد الناشر والسياسي العراقي فخري كريم نفسه في حالة وضع هجومي تجاه انسان عروبي معادٍ للإحتلال الأميركي مثل الكاتب سماح ادريس،فيماكان المتعاون الفرنسي مع الإحتلال الألماني في وضعية المنكسر النفسي أمام المقاوم الفرنسي للإحتلال،حتى في ذروة قوة وانتصارات الألمان في الحرب العالمية الثانية.
لايأتي هذا الوضع عند السيد فخري كريم من قوة الجنرال بترايوس في بلاد الرافدين فقط ،بل أيضاً من أولئك الكتَاب العرب،الذين احتشدوا عنده يومها في ذلك المهرجان بأربيل،والذين يمثلون أسماء لامعة في الصحافة والثقافة عند العرب،هذا إذا لم نتحدث عن الكثيرين من الذين لم يذهبوا(أولم يتح لهم ذلك)إلى هناك ويتملكهم (الإتجاه الأميركاني)،وهم يحتلون الآن واجهات السياسة والثقافة والأدب في أكثر من عاصمة عربية.
المفارقة في هذه القضية تتجاوز حدود الشخصين،لتصل إلى حدود الفرق(والفروق)بين بغداد تحت الإحتلال الأميركي(ومعها العرب)وأوضاع الفرنسيين تحت الإحتلال الألماني،وكل شعب وقع تحت الإحتلال في العصر الحديث:لقد حان الوقت لكي ينظر العرب إلى أنفسهم من خلال المرآة؟................


ملاحظة شخصية:المسألة عامة وتتعلق بالآراء.ولكي لاأُفهم خطئاً،فإني أسجل هنا بأن تعامل الناشر فخري كريم معي،من خلال مجلة"النهج"،كان أفضل من تعامل الناشر سماح ادريس عبر مجلة"الآداب".
-------------------------------------------------------


https://www.ahewar.org/ - الحوار المتمدن

للاطلاع على الموضوع :

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&aid=124186