جميلة بوحيرد: أيقونة الثورة الجزائرية

8 مارس الثورية
8marsrevo@gmail.com

2019 / 8 / 26

"أعرف أنكم سوف ستحكمون علي بالإعدام، لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة"
جميلة بوحيرد

في فاتح نونبر سنة 1954 اندلعت الثورة الجزائرية المجيدة ضد الوجود الاستعماري الفرنسي الغاصب للأرض والهوية منذ1830. لم تتوقف المقاومة الجزائرية الشعبية خلال هذه الفترة الطويلة من مواجهة الاستعمار الفرنسي المتغطرس الذي كان يعتبر الجزائر اقليما فرنسيا يتبع للسيادة الفرنسية، وسقط مئات الآلاف من الشهداء وسالت دماء غزيرة على أرض الجزائر التواقة للحرية والاستقلال، لكن لم تكن عوامل الانتصار قد تجمعت بعد. كانت الحركة الوطنية الجزائرية يقودها مصالي الحاج، وكان حزب هذا الأخير يدعو إلى النضال السلمي من أجل نيل الاستقلال ويناور من أجل ابعاد أي طريق مسلح للثورة، إلا أن هامش المناورة بدأ يضيق أمام صعود جيل جديد من المناضلين بدأ يتشرب بأفكار جديدة ويستمع إلى نبض الثورات التي تهز العالم.
بعد الحرب الامبريالية العالمية الثانية، بدأت سماء الجزائر تتلبد بالسحب القادمة من الشرق (شرق الثورة العالمية) منذرة بقرب وصول العاصفة. لقد كان للانتصار المدوي الذي حققه الجيش الأحمر السوفياتي على القوات النازية ودخوله برلين عاصمة الدولة النازية، بعد معارك بطولية، انتهت برفع العلم الأحمر فوق الريشتاغ الألماني واستسلام القوات النازية، أُثره الكبير على الأجيال الجديدة من الجزائريين، الذين كان جزء منهم قد ساهم في الحرب العالمية الثانية وعاد إلى البلاد بعد انتهائها. ولم تمض إلا سنوات قليلة، حتى دخل الجيش الأحمر مدينة بكين (الجيش الشعبي للتحرير) فأعلن ماوتسي تونغ في اكتوبر 1949 عن قيام الجمهورية الشعبية للصين. ثم بعد ذلك، وفي سنة 1954، سمع العالم بالهزيمة المدوية التي تعرضت لها القوات الاستعمارية الفرنسية في الفيتنام (معركة ديان بيان فو الشهيرة) على يد قوات الفييت مينه بقيادة هوشي مينه ونغوين فان جياب.
أمام هذه الأحداث التي هزت شعوب العالم عامة، وشعوب المستعمرات خاصة، بدا للجيل الجديد من مناضلي الشعب الجزائري أن لا طريق للتحرر والاستقلال إلا طريق الثورة المسلحة، طريق حرب الشعب التي تضمنها الجماهير. هكذا نهض القادة الثوريون الجدد من أجل اطلاق الثورة الجزائرية وتأسيس أداتها الوطنية والثورية: جبهة التحرير الوطني الجزائرية. وقد ساهم في هذا التأسيس العربي بلمهيدي ومحمد بوضياف ومصطفى بن بولعيد وديدوش وكريم بلقاسم وأحمد بن بلة وبن طوبال وآخرون... وقرر القادة الثوريون أن يكون فاتح نونبر 1954، هو يوم انطلاق الشرارة الأولى للثورة، فانطلقت الحرب التحريرية الجزائرية واستمرت إلى أن قرر الشعب الجزائري ونال استقلاله.
وخلال المرحلة الأولى من الثورة (1954-1957)، عرفت ولاية الجزائر التي كان يقودها الشهيد العربي بلمهيدي، تصاعدا هائلا للعمليات المسلحة مما جعل السلطات الاستعمارية تستعين بخيرة قوات الجيش الفرنسي منهم من تمرس في الفيتنام، وقررت هذه القوات استئصال وجود جبهة التحرير الوطني في قلب العاصمة الجزائرية، ومن قلب حي القصبة الشعبي مركز تواجدها، لتدور إحدى أكبر معارك المدن في تاريخ الثورات، إنها معركة الجزائر (انظر فيلم معركة الجزائر الشهير).
قاد الشهيد العربي بلمهيدي معركة الجزائر إلى حدود اعتقاله ثم استشهاده، وعوضه بعد ذلك شعبان رمضان الذي اضطر الى مغادرة الجزائر، ليصبح ياسف السعدي القائد الميداني الفعلي لتنظيم جبهة التحرير الوطني بمدينة الجزائر، وقد فطن هذا الأخير إلى الدور الذي تستطيع أن تقوم به المرأة الجزائرية، فأنشأ مجموعات مناضلة من النساء قادرة على اختراق صفوف العدو وضربه في قواعده الخلفية، هكذا دخلت النساء الجزائريات معترك الثورة، ولم يكن ذلك بغريب، فورائهن تاريخ طويل من النضال. وتشكلت اللائحة من أسماء شهيرة سيخلدها التاريخ الثوري للشعب الجزائري من بينهم جميلة بوحيرد، زهرة ظريف، سامية لخداري، حسيبة بنت بوعلي، عليلي ربيعة وأخريات كثيرات.
من بين هذه الأسماء، انتشر اسم أصبح على كل لسان وتداولته وكالات الأنباء العالمية، وأصبح رمزا لنضال النساء والشعوب، ودونت من أجله الأشعار والقصائد، وكتبت الكتب، وأخرجت الأفلام....
نتحدث هنا عن جميلة بوحيرد، فمن هي هذه المناضلة التي هزت العالم؟
إنها المناضلة الثورية الجزائرية، أيقونة الثورة الجزائرية والبطلة الجزائرية في حرب التحرير الوطنية 1954 – 1962، رمز من رموز الكفاح من أجل الحرية و الاستقلال، تغنت باسمها الملايين من شعوب العالم. قضت جميلة خمس سنوات في سجن الاحتلال الفرنسي، ثم غادرته سنة 1962 بعد انتصار الثورة الجزائرية.
ولدت جميلة بوحيرد سنة 1935 في حي القصبة بالجزائر العاصمة، من أب جزائري، مثقف ليبيرالي، و أم من أصل تونسي، أي من عائلة من الطبقة المتوسطة، تعلمت في الجزائر العاصمة في مدرسة فرنسية رسخت في طلابها قناعة أنهم فرنسيون مثلهم مثل كل الجزائريين الشباب، اللذين كانوا محظوظين في الأربعينات من القرن الماضي لولوج المدرسة، نشأت بوعي ثقافي فرنسي، و لم تتعلم القراءة أو الكتابة باللغة العربية، التي تعيش بها وسط أسرتها و تتكلم بها في المنزل، فقد كانت الفرنسية هي لغة التدريس في مدرستها، المدرسة الفرنسية، حيث كان التلاميذ مجبرين على غناء نشيد "فرنسا أمنا"، بينما كانت جميلة تردد "الجزائر أمنا"، الذي كان ينتهي بمعاقبتها، لقد كانت الفتاة متمردة منذ صغرها، فلا غرابة في أنها التحقت ب "جبهة التحرير الوطني" الجزائرية في سن 20 سنة، عندما اندلعت الثورة سنة 1954، و كانت الأولى التي تطوعت لزرع القنابل في الطرقات والأماكن، التي يستعملها الاحتلال العسكري الفرنسي .
أثارت بداية حرب التحرير الوطني في نونبر 1954 جوابا حماسيا من أخ جميلة، الذي قام بتجنيدها بدورها من أجل القضية الوطنية. لقد أصبح الوطنيون الجزائريون الشباب مثل جميلة ثوريين بسبب المعاملة الوحشية، التي تعرض لها سجناء "جبهة التحرير الوطني" على أيدي الفرنسيين، في إطار الجهود الفرنسية المتصاعدة لسحق التمرد وإغراقه في الدم. كان اثنان من سجناء "جبهة التحرير الوطني"، تعرض أحدهما للتشوه من جراء جروحه الخطيرة أثناء قتاله للفرنسيين، وقد تم إعدامهما، و كان رد "جبهة التحرير الوطني" أن أعلنت، أنه مقابل كل عضو مقاتل يتم اعدامه، سيتم قتل 100 فرنسي بدون تمييز، و كانت جميلة بوحيرد قد أصبحت عضوا في شبكة الجزائر العاصمة التي كان يقودها ياسف السعدي ابن أحد خبازي القصبة، و كانت المهام التي تكلف بها تخصص لضرب وتفجير كل الأماكن التي يرتادها المعمرون الأروبيون وخاصة الفرنسيون التي تتراوح أعمارهم بين 18 و54 سنة.
بحلول نهاية سنة 1956، كان ياسف السعدي قد أنشأ تنظيمات مسلحة في الجزائر العاصمة، تضم أكثر من 1400 مسلح، معظمهم من الشباب المستعدين للتضحية بحياتهم من أجل قضية جبهة التحرير الوطني.
كان أحد العناصر الرئيسية لاستراتيجية ياسف القتالية، هو استخدام نساء جزائريات جذابات و عصريات لزرع القنابل، و ذلك لنشر الرعب بين السكان الأوروبيين في الجزائر العاصمة.
لقد لعبت النساء الجزائريات دورا كبيرا في النضال ضد النظام الاستعماري الفرنسي، سواء في انخراطهن في دعم المقاتلين، أو مقاتلات في العمليات العسكرية، وقد لعبت جميلة بوحيرد، التي كرست نفسها للعمل مع ياسف السعدي دورا رئيسيا في تجنيد العديد من النشطاء الأكثر نكرانا للذات، فبالإضافة إلى بوحيرد، ظهرت كل من زهرة ظريف و سامية لخضري وحسيبة بنت بوعلي وعليلي ربيعة وجميلة بوعزة وجميلة بوباشا ومريم عبد العزيز و غيرهن.
في 30 شتنبر 1956، حضرت كل من جميلة و زهرة و سامية اجتماعا مع ياسف السعدي في أحد أماكن اختبائه في القصبة في الجزائر العاصمة، و تم الاتفاق، أنه بعد ظهر ذلك اليوم سيضعن قنبلة في مكان محدد في الحي الأوروبي بالجزائر العاصمة، و عندما بدا أن رد الفعل الأول للشابات الثلاث تميز بالصدمة، ذكرهم ياسف بالتشوهات المروعة التي عانى منها الجزائريون نتيجة التفجيرات الفرنسية، ولم يتأخر رد فعلهن الإيجابي، و ذلك عندما خلعت جميلة و نساء أخريات حجابهن و صبغن شعرهن و ارتدين الثياب الصيفية اللامعة، التي ترتديها الفتيات الأوروبيات الشابات، اللائي يقضين يوما هادئا على الشاطئ. كما تم وصف ذلك في فيلم "معركة الجزائر" سنة 1966، تلقت كل امرأة قنبلة تزن ما يزيد قليلا عن 1 كلغ، و قد كانت القنابل، التي كان من المقرر تفجيرها بفارق دقيقة بين قنبلة و قنبلة، مخبأة في أكياس الشاطئ تحت البيكينيات و مناشف الشاطئ و زيت البرونزاج، وانفجرت قنبلتان من بين ثلاثة قنابل، إحداهما في ميلك بار و الأخرى في كافيتيريا تحظى بإقبال كبير بين الأزواج الشباب. لم تنفجر قنبلة جميلة بوحيرد، التي وضعتها في بهو محطة الخطوط الجوية الفرنسية بسبب آلية توقيت خاطئة. و قد أسفرت الانفجارات عن عدد من القتلى و تشوهات خطيرة، و كما هو متوقع، كان رد الفعل الفرنسي يتمثل في تكثيف أعمال العنف ضد السكان الجزائريين، و اندلعت بشكل تلقائي نيران الكراهية بين السكان الفرنسيين و الجزائريين بعد كل قصف. و اقتناعا منها بأن أنشطتها ستعجل بيوم استقلال الجزائر، فقد واصلت بوحيرد تجنيد الشابات، بعضهن لا يتجاوزن 16 سنة لقضية "جبهة التحرير الوطني"، و واصلت أيضا زرع القنابل بنفسها.
مع اندلاع الثورة الجزائرية في نونبر 1954، و بعد أقل من عام، انضمت جميلة إلى الثورة عن طريق أخيها، و قد اتصفت جميلة بالشجاعة والجرأة الشديدة، مما جعلها تتولى المهمات الصعبة جدا، فانضمت إلى خلية زرع القنابل موجهة لأهداف محددة تضرب الاحتلال الفرنسي في الصميم، و كانت بذلك تصنف ك"إرهابية" من طرف قوات الاحتلال الفرنسي، وبعد اعتقالها، حكم عليها بالإعدام هي و رفيقتها جميلة بوعزة في محاكمة عسكرية. وقد رفضت هذه المرأة ذات الأنفة الكبيرة اقتراح محاميها، بأن توقع عريضة تستعطف فيها رئيس جمهورية فرنسا بعد الحكم عليها بالإعدام.
شاركت جميلة بوحيرد في "معركة الجزائر" سنة 1957، لكن في عملية دهم لقوات الجيش الفرنسي ألقي القبض عليها سنة 1957، بعدما أصيبت بطلق ناري بكتفها، و بدأت رحلة التعذيب الوحشي، لكنها صمدت أمام الجلاد، و لم تمكنه من هدفه، فقد تعرضت للاغتصاب و التعذيب الشديد، عندما استخدم الاحتلال العسكري الفرنسي صدمات كهربائية على ساقها المصابة و صدرها و أعضائها التناسلية، مما سبب لها حدوث نزيف أدى إلى انقطاع الطمث، و قد قام الجلادون الفرنسيون بتعذيبها بوحشية على أمل أن تكشف عن معلومات عن ياسف السعدي، لكنها لم تفعل ذلك، فكان أن حكم عليها بأقسى العقوبات، أي الحكم عليها بالإعدام، و بتهم أخرى ثقيلة.
خلال محاكمتها الصورية في يوليوز 1957، قالت جميلة أمام المحكمة العسكرية للنظام الاستعماري الفرنسي: "أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام، لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، و لكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة". و حكمت عليها المحكمة الفرنسية بالإعدام، و استقبلت الحكم بضحكة مجلجلة ملأت سماء المحكمة، و هي تردد: "تحيا الجزائر حرة مستقلة"، و ردد من معها ممن حكم عليهم أيضا بالإعدام أو السجن هتافاتها. لم تتحد بوحيرد القضاة فقط بالسخرية من أحكامهم، بل مارست استفزازها لهم، عندما انفجرت بالضحك، ناعتة القاضي الذي نطق بالحكم ب "الفرنسي الصغير"، و بعد أن وصفها بالأنديجان القذرة، صاح فيها "الوقت خطير يا آنسة" ، فأجابت : "لا، الوقت ليس خطيرا، أنت لا تحكم في أي شيء على الإطلاق أيها الفرنسي الصغير، أنت لا تدين أي شيء، يمكنك قتلي إذا كان ذلك يفرحك، لكنك لن تقتل مقاومة الشعب الجزائري، أو باقي الشعوب التي تضطهدها، نهايتك قريبة أيها الفرنسي الصغير، و تحرير الجزائر و إفريقيا و جميع البلدان التي استعمرتها أمر لا مفر منه" .
تحدد يوم 7 مارس 1958 لتنفيذ الحكم، لكن العالم كله ثار، و اجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بعد أن تلقت الملايين من برقيات الاستنكار من كل أنحاء العالم مطالبة بإطلاق سراحها، بعد حملة قام بها محاموها جاك فرجيس، المناضل مع جبهة التحرير و المؤيد لحركات التحرر العالمية، و كان من محامي مناضلي جبهة التحرير الوطني من بينهم المناضلة جميلة بوحيرد، و قد نجح في تشكيل رأي عام دولي ضاغط لإطلاق سراحها، فأذعنت السلطات الفرنسية للضغط الدولي و غيرت حكم الإعدام بحكم السجن مدى الحياة، و بعد عامين و نصف، سترحلها السلطات الفرنسية من سجن سركاجي بالجزائر العاصمة إلى سجن فرنسي. و قد جذب سجن جميلة، كما كان الحال بالحكم بإعدامها، الكثير من الاهتمام من وسائل الإعلام الإقليمية و الدولية، و قد تظاهر الكثير من الناس في الشوارع مطالبين بالإفراج عنها، بل حتى رؤساء الدول التقدميين آنذاك، مثل جمال عبد الناصر طالبوا بالإفراج عنها.
كانت القضية التي زادت شهرة فرجيس وقتها دفاعه عن المقاومة جميلة و التي تزوجها لاحقا، و أنجب منها ولدين. و قد أصدر فرجيس كتابا بعنوان "من أجل جميلة" سرد فيه نص محاكمتها كاملا، و عرض تقارير طبية تبين تعذيبها بوحشية من طرف جنود الاستعمار الفرنسي خلال فترة اعتقالها في الجزائر أو بعد نقلها للمحاكمة في فرنسا.
عندما يذكر العرب وشعوب "العالم الثالث" اسما لمناضلة، كانت جميلة هي الأشهر على الإطلاق، و كانت ملهمة للشعراء بما يقرب من 70 قصيدة كتبها عنها شعراء من مختلف مناطق العالم العربي، منهم نزار قباني، صلاح عبد الصبور، بدر شاكر السياب، الجواهري، كمال الشناوي، كما ألهمت بطولتها و ثوريتها مخرجين سينمائيين مثل يوسف شاهين.
في الواقع، فإن قصة جميلة بوحيرد، تبدأ في عام 1830، عندما غزت فرنسا الجزائر. لقد قاتل الجزائريون بشجاعة، لكنهم كانوا غير مسلحين، و عددهم قليل، و خلال العقود الخمسة التالية لهذا التاريخ، تمت مصادرة معظم أراضي الجزائر الخصبة و منحت للمستوطنين الفرنسيين، اللذين بلغ عددهم ربع مليون، بينما كان عدد الجزائريين يتقلص تدريجيا.
بعد استقلال الجزائر، أصبحت جميلة رئيسة "جمعية النساء الجزائريات"، لكن كان عليها أن تقاتل من أجل كل مطلب مع رئيس الجزائر آنذاك أحمد بن بلة، و قد غادرت بعد سنوات من الاستقلال الساحة السياسية، و انتقلت إلى العيش في باريس.
خلاصة
تعتبر جميلة بوحيرد من ضمن المقاتلين الأقوياء من أجل الحرية والاستقلال في القرن العشرين، لكن لكون جميلة امرأة فإنه لا يعرف إلا القليل عن هذه المرأة الثورية، و إن حجابا من الصمت قد ألقي على هذه المرأة لإخفاء اسمها و إدخاله تحت طائلة النسيان، فالمعلومات المتعلقة بمساهمتها، و التي كانت مهمة للغاية في ثورة التحرير الجزائرية، تتكون أساسا من تلميحات مبعثرة هنا و هناك، هذا في الوقت الذي لا توجد فيه مدينة عربية لا تحمل شوارعها أو مدارسها اسم هذه الثورية الجزائرية العظيمة، و كتب عنها الشعراء، و ألفت عن بطولاتها الروايات، بل كانت موضوع معالجة سينمائية عديدة، بالنظر إلى الدور الحيوي الذي لعبته، حتى بعد اعتقالها، و خلال محاكمتها، و لاحقا طوال فترة سجنها، في نجاح الثورة الجزائرية، و في الترويج لفكرة الكفاح المسلح ضد الاستعمار، بينما مني بكامل الاعتبار من كان أقل شأنا منها في خدمة الثورة الجزائرية من رفاقها، إنها بالتأكيد الباترياركا، التي تطمس كل إنجازات النساء، غير أن المستقبل الثوري للشعوب وللنساء سيرفع عاليا أسماء هؤلاء النساء الثوريات، وسيقهر الباترياركا ويبني الاشتراكية، ويبقي عاليا راية جميلة ورفيقاتها من أجل غد مشرق لكل نساء العالم.

جميلة صابر
8 – 8 – 2019

يوجد هذا النص بصيغة ب.د.ف. على موقع 8 مارس الثورية

موقع 8 مارس الثورية
http://8mars-revo.hautetfort.com



https://www.ahewar.org/lc
مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار