ستالين وتقاسم اوروبا

طريف سردست

2012 / 10 / 18

مؤتمرات تقاسم اوروبا
في نوفمبر من عام 1943 التقى ستالين بكل من تشرشل وروزفلت في طهران، من أجل مناقشة إستراتيجية الحرب ومستقبل اوروبا بعد الحرب. كما طالب ستالين بفتح الجبهة الغربية. كانت امريكا وبريطانيا تتحجج ان انزال الجنود على سواحل اوروبا سيؤدي الى خسائر هائلة.
غير ان ستالين، الذي كان على الدوام ينطلق من الشك بتشرشل وروزفلت، كان يعتقد ان لديهم اسباب سياسية لتأخير فتح جبهة ثانية، وكان يتصور ان لديهم نيات لتوقيع معاهدة سلام مع هتلر. كان ستالين يعتقد ان الهدف الرئيسي للغرب، هو القضاء على نتائج ثورة اكتوبر، ولو لصالح بقاء النازية.

في طهران ضغط ستالين في إتجاه فتح جبهة غربية، واستحصل على وعد منهم بفتح الجبهة في عام 1944. اليوم الموعود كان في يونيو من عام 1944. كان الجيش الاحمر يتقدم بسرعة مما أقلق تشرشل من وقوع البلدان المحررة تحت النفوذ السوفيتي. في اكتوبر قام تشرشيل بزيارة موسكو. في هذه الزيارة عبر تشرشل عن عدم ممانعته من وقوع رومانيا وبلغاريا تحت نفوذ موسكو ولكن أدعى ان النفوذ على يوغوسلافيا وهنغاريا يجب تقاسمه.

اكثر المسائل نقاشا كان النفوذ على بولونيا. كان لبولونيا حكومة منفى مقرها في لندن، ولها سمعة بأنها متطرفة في عدائها للسوفيت. ستالين الذي لم يعارض التفاوض مع رئيس وزراء بولونيا , Stanislaw Mikolajczyk, ( حكومة المنفى) كان يشير الى انه من المستحيل ان يقبل بحكومة في وارسو تنشط بعدائية ضد الاتحاد السوفيتي.

في فبراير من عام 1945 التقى الرؤساء الثلاثة مجددا ، هذه المرة في يالطا، على البحر الاسود. وجود القوات السوفيتية في اقسام واسعة من اوروبا الشرقية جعلت الاتحاد السوفيتي في موضع تفاوض قوي. حاول تشرشل وروزفلت تخفيف فترة وتأثير وجود القوات السوفيتية على تلك البلدان، غير ان التنازل الوحيد الذي حصلوا عليه هو وعد بأنه ستكون هناك إنتخابات حرة حقيقية في هذه البلدان، وهو وعد لم يتحقق.

وبالنسبة لبولونيا أعتمد ستالين على الحجة التاريخية ليبرر قراراته بشأن مستقبل شعبها. لقد آشار الى أنه على مر التاريخ كانت بولونيا إما تهاجم روسيا أو تستخدم ممر لعبور جيوش دول اخرى لمهاجمة روسيا. وفقط من خلال حكومة ، ذات صبغة شيوعية قوية، يمكن ضمان أمن الاتحاد السوفيتي.

ستالين وعد الغرب بدخول الحرب ضد اليابان، بعد ثلاثة اشهر من انتهاء الحرب مع المانيا، في مقابل حصوله على المناطق والاراضي التي خسرتها روسيا بنهاية الحرب الروسية اليابانية عام 1904-1905. في يالطا، جرى صياغة القرار الذي كان قد اتخذ في اجتماع طهران والقاضي بإنشاء منظمة الامم المتحدة على جثة عصبة الامم. وفي هذه النقطة وحدها كان الزعماء الثلاثة متفقين.

عند عقد مؤتمر يالطا كانت المانيا النازية تلفظ انفاسها الاخيرة. القوات الامريكية والبريطانية تتقدم من الغرب والجيش الاحمر من الشرق. وفي مؤتمر يالطا اتفق الحلفاء على تقسيم المانيا الى شرقية وغربية. غير انهم كانوا يعلمون ان الدولة التي تسبق في اجتياح اكبر مساحة ممكنة هي التي ستملك السيطرة الفعلية في المستقبل.

كان الهدف من لقاء يالطا تنظيم سقوط برلين. روزفلت لم يوافق على قرار قائد عمليات الجيش الامريكي الجنرال ايزنهاور، بالسيطرة على جنوب شرق دريسدن مما أدى الى ان القوات السوفيتية هي اول من وصل الى برلين.
قادة البلدان المنتصرة تلتقي مرة ثانية في بوتسدام في يوليو من عام 1945. روزفلت الذي مات في ابريل جاء عوضا عنه ترومان. اثناء انعقاد الكونفرنس ظهرت نتائج الانتخابات في بريطانيا. لقد انتصر حزب العمال ليصبح آتلييه هو المفاوض عوضا عن تشرشل.

في يالطا كانوا قد اتفقوا على ان الاتحاد السوفيتي سيشارك معهم في الحرب ضد اليابان، غير ان قادة الغرب كانوا قلقين من ان يؤدي ذلك الى زيادة نفوذ الاتحاد السوفيتي في الشرق. مؤتمر بوتسدام انعقد ليؤكد مشاركة الاتحاد السوفيتي، غير ان الامريكان كانوا قد نجحوا في تجربة القنبلة النووية. كان مستشاري ترومان يحثوه على استخدامها لتوفير الوقت وارواح الجنود الامريكان.

عندما ذكر ترومان لستالين ان الولايات المتحدة تملك سلاحاً جديدا هائل الفعالية، تظاهر ستالين بالفرح وسأل بضعة اسئلة اخرى عن السلاح. غير ان ترومان تفادى الاجابة. مع استخدام القنبلة النووية فوق ناغازاكي وهيروشيما في اغسطس من عام 1945 استسلمت اليابان بسرعة، بدون الحاجة لمساعدة من الاتحاد السوفيتي بما يحملها ذلك من خطورة فرضه انظمة موالية له في اماكن وجود قواته. . مع استسلام اليابان انتهت الحرب العالمية، لتشتعل الحرب الباردة، بما فيه حروب صغيرة بالوكالة، لإعادة رسم الخريطة السياسية للتحالفات، بنتيجتها نشأت دولة إسرائيل.

الحلقة القادمة: ستالين واليهود



https://www.ahewar.org/lc
مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار