سوسيولوجيا التنظيم النقابي

سلامه ابو زعيتر
salamapgftu2005@yahoo.com

2014 / 10 / 8

سوسيولوجيا التنظيم النقابي
تتمثل خصوصية سوسيولوجيا العمل النقابي في التركيز على أبنية الأدوار الاجتماعية، وسلوك الأفراد عن تلك الأدوار التي يشغلونها ، والعلاقات الاجتماعية النقابية بين العمال مع بعضهم البعض، وعلاقات العمال مع أصحاب العمل، فالعامل في ظل العمل النقابي يواجه العديد من المشكلات المرتبطة بالعمل، والتي تنعكس عليه: كالدافعية، والتعب، وحوافز الإنتاج، والرضا عن العمل، والتكيف الاجتماعي، والأمن الوظيفي، والاستقرار، ويتمثل الاهتمام السوسيولوجي للعمل النقابي في فهم الآثار الايجابية والسلبية للعمل النقابي تجاه قضايا العمال، ومدى تأثير ذلك على التنمية البشرية، فإن التنظيم النقابي كأي جماعة مهنية طوعية يقوم بوظائف ثلاث أساسية الأولى: بأنها تحمي المجتمع من الفردية المطلقة التي لعبت دوراً أساسياً في بعثرة الأفراد في قضايا المجتمع، دون أن تجمعهم أهداف مشتركة، وهي الحالة التي أطلق عليها "دور كايم" حالة الانومي Anomie، عن طريق خلق سياق مباشر يعمل من خلاله الأفراد بدعم من الجماعة في تطوير المجتمع، والثانية : أن تقوم الجماعة المهنية بحماية الفرد من بطش الدولة عن طريق تأسيس حاجته، ويتمثل في بنيتها فهي تشكل "عزوة" قد تحمي الأعضاء أحياناً، وقد توقع عليه العقاب المؤكد لعقاب الدولة إذا خرج على قوانين المجتمع أحياناً أخرى، بينما تتصل الوظيفة الثالثة: بالعمل على إحياء الجماعات القديمة ذات السلطة الأخلاقية التي كانت سائدة قبل ظهور المجتمع الحديث، وهي السلطة التي تجسد قوة الضمير الجمعي، هذا بالإضافة إلى أنها تمنع قيام الصراع الاجتماعي، الذي يهدد بنشر الفوضى في السياق الاجتماعي، وهو الدور الذي يمكن أن تلعبه، سواء بالنسبة للبشر أو الدول أو المجتمع الطبيعي ، والنقابات العمالية وهي من أكثر منظمات المجتمع المدني تأثيراً بحكم حجمها وقوتها، وهي الوحيدة القادرة على الدفاع عن مصالح العمال وتحسين ظروف وشروط عملهم، فمن خلال التنظيم النقابي يتم تعزيز العلاقة الاجتماعية الإيجابية بين العمال أنفسهم من ناحية، ومع أصحاب العمل من ناحية أخرى ضمن مفهوم الحوار الاجتماعي، وذلك لتجسيد أمن وظيفي واستقرار في العمل لما لذلك من انعكاس على واقع العمال وأدائهم الوظيفي والاجتماعي، وهو ما تتطلع إليه النقابات في أهدافها الاستراتيجية من خلال السعي الجاد والفاعل في ترسيخ قيم أخلاقية ومهنية، للحفاظ على المهنة والعمل والتضامن العمالي، والتكاتف مع أصحاب العمل في الارتقاء بالأداء المهني للعمال وتحسين إنتاجيتهم كماً ونوعاً، وهذا يتطلب علاقة متوازنة تحكمها الثقة والاحترام المتبادل القائم على أساس تلبية الحقوق العمالية، وتحقيق مصالحهم من جهة، وتحسين أداء العمال لدورهم من جهة أخرى، باعتبارها معادلة مهمة في العملية التنموية، وخاصة التنمية البشرية لاستهدافها العمال أنفسهم، وتعمل النقابات لتحسين الأجور ومراعاة الحقوق الاجتماعية، والحماية من الإجراءات التعسفية، وتدرك النقابات أنه لتحقيق الارتقاء بواقع العمل وتفعيل الإنتاجية، وضمان الحقوق العمالية يتطلب ذلك التعاون والتلاقي والتكاتف من قبل طرفي الإنتاج (العمال وأصحاب العمل)، فهي تحث العمال إلى مضاعفة جهودهم في أدائهم العملي، وتبذل جهدا عبر أنشطتها وبرامجها لتحقيق ذلك، وتدعو أصحاب العمل للاستماع إلى صوت العمال من خلال تنظيمهم النقابي، وتعزيز علاقات العمل الايجابية بين طرفي الإنتاج، التي ترفع الروح المعنوية لطرفها أو لأطرافها؛ بعكس العلاقة السلبية التي تزيد الصراع، وتدفع إلى الكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية منها: الانطواء، والتأزم، والاكتئاب النفسي ...الخ، وما دامت العلاقات العمالية الايجابية ترفع من الروح المعنوية، فإنها بالتالي تؤدي إلى زيادة الإنتاجية، مما يساهم في عملية التنمية البشرية، فالنقابة كبيئة اجتماعية تتجسد فيها التفاعلات والعلاقات وتحكمها قيم، ومبادئ، وأسس نقابية، واجتماعية تساهم في تحقيق أهدافها، كما أن لها شبكة من العلاقات الاجتماعية مع مؤسسات المجتمع المدني، حيث تعقد النقابات العمالية التحالفات مع القوى المجتمعية ضمن حملاتها النقابية، وتشارك المؤسسات الاجتماعية في نضالها الاجتماعي، وخدمة المجتمع خاصة فيما يتعلق بالقضايا الوطنية والبنائية، مما يمنحها قوة نابعة من طبيعة العلاقات والتفاعلات مع تلك المؤسسات الاجتماعية مما يساعدها في لعب دور هام في خدمة أعضائها، وتحسين واقعهم للأفضل خاصة أثناء قيامها ببرامجها النضالية النقابية ولها انعكاس ايجابي على فعالياتها وأنشطتها وخدماتها المقدمة للعمال وللمجتمع.



https://www.ahewar.org/wc
مركزابحاث ودراسات الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي