رحلة جوانية الى العالم السفلي : زيارة للسيد نقطة

وفاء الحمري

2007 / 4 / 21

عندما غنى احمد عدوية اغنيته الشعبية الشهيرة (حبة فوق وحبة تحت ) لم يعلم ان الحبة التي فوق اكلت الحبة التي تحت ولم تعد لتحت لا حبة ولا نصف حبة ولا حتى ربعها …

يعنى ومن غير فلسفة بهلوانية استعراضية اقول بالواضح ان العالم السفلي ( ليس عالم الجن طبببعا) له مقامات وعلامات واشياء اخرى

السيد نقطة …. يلمع حذاءه بالبصاق لانه لا يعرف اين يجد منتوج ملمع الاحذية او بعبارة اخرى كيف يجده اصلا …فقد دعاه المقدم الى زيارة العمالة لاجراء استجواب روتيني …ولا يدري ان هذا الروتيني اصبح فعلا روتينيا ومقرفا وسمجا يذهب كل مرة ليسالوه من ذاك الذي يزور ابنه البكر…. او من صلى معك الفجر هذا الاسبوع ….او اين تذهب ابنتك يوم كل جمعة …. او ما الذي افرحك يوم كذا والذي احزنك يوم كذا

اول ايام الاستجوابات كان يمني نفسه بعريس (فاعل تارك ) لابنته اوعمل (قارغير ضار) لابنه واشياء تعيد له الفرحة واشياء اخرى تنزع منه الغمة وتبدد الظلمة …لكن مع متواليات الذهاب والاياب لم يعد يمني النفس ولا يفكر اصلا ….يجيب بطريقة تسجيلية مكررة تلكم الاجوبة التي دائما ما تتشابه وكيف لا تتشابه وايامه كلها مثل بعضها …

…يتناول فطوره بيده اليسرى لانه يعتقد ان اللقمة التي ياكلها ليست نعمة من الله بل فتات من حقه الانساني الفطري و التي اكلها الاكلة …هكذا دائما طريقة احتجاجه …

هويتيمم دائما لانه لا يجد الماء… ولانه اختصاص تيمم فلم تعد تعذبه الغسلات الضرورية الاخرى …

يصهل في ابنائه العشرة ويناديهم يا ولاد ( بلا وضو) واحيانا يقول يا ولاد (بلا بسم الله) ولم يدر الصغار ما يعنيه ولا ادري ان كنت افهم ما يعنيه او قل اكاد افهم انا لكن لا ادري هل سيفهم العابرون من هنا ما يعنيه السيد نقطة …

لا يصوم الا لماما ليس من تفريط في الدين طبببعا لكن لانه ياخذ بالرخص الشرعية التي تبيح للمسافر الغير المقيم الصوم …وحين يسالونه اين السفر وهو الذي يرى دائما فاردا جسده النحيل قبالة كوخه القصديري منذ عرفوه ،فيجيبهم بكل ثقة انه لم يستقر يوما كي يسمى مقيما …

وكم يحلو له ان يعاير زوجته التي تتطلع الى الناس التي فوق فتعذبه بطلباتها فيقول لها ( يا مرا بلا كواغط ) ولا ادري ان كانت زوجته تعرف كنه هذه السبة ولا ادري انا ان كان العابر من هنا سيدري معناها الا ان السيد نقطة يردد دائما انه لن يجدد فراش الزوجية بوثائق لن تدخله الحياة الطبيعية مهما كان الاغراء …والاغراء كان زردة عند دار الطالب يحضر بها العدول الشرعيون لاستكتاب عقود الزواج القديمة التي لم تسجل بعد …

لا تحسبوه اميا سيد نقطة… انما هو من حفظة الكتاب الكريم ومن اللاسنين الفطاحل …كان مرافقا للسياح في مدينته السياحية فتعلم سبع السن …

انه ليس اميا لكن دائما يقول لمن يساله انه امّي …ولا يعرف فك الخط ولا يعرف الالف من الزرواطة …لكن يستدرك ويقول في الحقيقة والكذب حرام اعرف ازرواطة والعصا جيدا ايام المظاهرات العمالية يوم فاتح ماي الاسعد …لكن الالف ينكرها لانها خدعته كما خدعته باقي حروف العربية التي لم تعد عليه الا بالفهم الذي يكسر الظهر ويستنزف الفكر ويمعن في الاحساس بالدونية والعدمية …

السيد نقطة وهو ينظر الى صورته المهترئة التي طالها العفن و(الغمال) حيث شبعت من قطر البراكة ايام الشتاء …يلعن في نفسه من لحن اغنية فيروز (حبيتك في الصيف …حبيتك في الشتا) لان هذان الفصلان بالضبط هما سبب عذاباته (نار في القيظ وقطر في الشتاء)… البراكة من كثرة الترميم رمت عليه (مائة يمين) ان يتركها وحالها فقد اهراها طرقا ولصقا وترقيعا…

السيد نقطة لم يشهد الافراح منذ طردوه من المعمل الذي كان يشتغل فيه تقنيا ماهرا لعمله في النقابة العمالية وقيادته لاحتجاجات العمال …

ولما انتقل الى معامل اخرى لخبرته التقنية العالية فانهم ارسلوا من يكسر اصابعه ليسجل الحادث (حادث شغل خارج الشغل) اذ اعتبروا يوم الحادث يوما غياب بالنسبة له فضاعت اصابعه مع حق العودة والعمل ثانية …

عندما يدخل الجامع يستلذ بالراحة الوحيدة التي يعرفها بعيدا عن جهنم براكته فيغفو ليستيقظ على وقع خيزارنة الفقيه على ظهره معلمة اياه بالمغادرة فالمسجد للصلاة لا للنوم …فيذهب وهو يفكر كيف له ان يصلي قبل ان ينام …فبحسبة علمية سريعة يقول ان الدماغ لابد له ان يرتاح ليقوى على اداء الشعائر … ويرفع يديه الى السما قائلا ( الله ياخذ فيهم الحق ) اكلوا حقنا وحق ربنا …

السيد نقطة عندما يصلي ينظر الى السماء وعندما بين له ابنه الاكبر ان العين تتبع مكان السجود يقول له : دعني مني له الحبيب سيدي ربي … تعبت من خفظ الراس ( للقماقم )…

ابن سيد النقطة لم يعد للبراكة منذ يومين …. وهو( سيد نقطة) ينتظر الذهاب الى هناك حيث الاسئلة تتشابه والاجوبة تتشابه …

لكن هذه المرة يحس ان الاسئلة لن تتشابه والاجوبة ؟؟؟؟؟؟؟ ربما كذلك …



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن