روح شاكيد : رؤية مغايرة

محمود الزهيري

2007 / 3 / 30

الأزمة التي تفجرت من خلال عرض الفيلم الوثائقي روح شاكيد والتي إستشعرتها الشعوب فقط وليس سلطات الحكم في الدول العربية , تلك الأزمة التي كشفت وعرت الأنظمة العربية الحاكمة , ولأنه لم يعد هناك مفهوم لما يمكن أن يسمي بمفهوم الأمة العربية أو الإسلامية في العالم المعاصر , ومن ثم فإنه يتم إختزال الأزمة في النظام المصري الحاكم لشعب لمصر بالمؤبد وحتي الموت , تلك الأزمة التي حللها وعرض لها العديد من المحللين والمثقفين من وجهة نظر الإستكانة والضعف والهوان التي أصبحت لصيقة بسلطة الحكم في مصر , خاصة وأنه توجد إتفاقية سلام مع إسرائيل التي كانت في الماضي تمثل العدو رقم واحد للسلطة الحاكمة في مصر وللشعب المصري علي حد سواء دون تفرقة , حينما كانت إرادة الشعب من إرادة الحاكم تجاه القضايا الوطنية والقومية في العديد منها.
أما الأن وبعد توقيع إتفاقية كامب ديفيد المسماة بإتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية , والتي تم تفعيلها بإتفاقية الكويز التي بموجبها لن تستطيع مصر أن تصدر السلع المنتجة في مصر إلا بعد إستيراد نسبة من المواد الخام الداخلة في صناعة السلع المصرية , علي شرط التصدير الإسرائيلي لمصر وبالسعر الذي تحدده تل أبيب للقاهرة !!
فماذا يمكن أن يقال في حق الإسرائليين القتلة للأسري المصريين والتي تم كشف فضيحة القتل هذه بواسطة الإسرائليين أنفسهم وفي هذا التوقيت بالذات ؟
وماذا يمكن أن يقال في حق المسؤلين المصريين , بمعني السلطة الحاكمة المحمولة علي جناح صناعة القرار السياسي والديبلوماسي والعسكري ؟
فهل من ردود أفعال من سلطة الحكم في مصر تجاه جرائم لاتسقط بالتقادم , والإسرائيليين أدري وأعلم بذلك وعلي وجه اليقين بهذه المعرفة , تجاه جريمة قتل الأسري المصريين العزل من السلاح والذخيرة والمجردين حتي من ملابسهم بعد خيانات سياسية إنجرفت إليها السلطة الحاكمة في حينها دون وعي أو بصيرة بحجم الأزمة أو المأساة , والتي كان من نتيجتها هزيمة منكرة بكل المقاييس , والتي سماها القادة السياسيين بأنها نكسة أو إنتكاسة للتلطيف من مفهوم ومعني الهزيمة العسكرية والنفسية بكل المقاييس ؟
أعتقد أن التعويل علي السلطة الحاكمة في مصر علي أن يكون لها دور الفاعل في فضيحة روح شاكيد , تلك الروح التي حصدت أرواح 250 جندي مصري , وإنما سيكون حال سلطة الحكم في مصر لها الدور السلبي المفعول به في صناعة القرارات التي تصدر من الغير ويتوجب عليها تنفيذها في التو واللحظة , والذي ينتظر فعل أو ردة فعل من السلطة الحاكمة في مصر لهو واهم أو متوهم أو مريض بمرض عضال مزمن لايرجي له علاج أو دواء , وينتظر المعجزة في الشفاء من إرادة السماء فقط !!
ولكن الذي يتوجب النظر إليه هو الآتي :
أن الذي بث الفيلم الوثائقي عن مجزرة القتلي المصريين هو القناة الأولي للتليفزيون الإسرائيلي الحكومي !!
أن المقصود في هذا الفيلم الوثائقي هو أحد المسؤلين في الحكومة الإسرائيلية الحالية وهو بنيامين بن إليعازر وزير البني التحتية الإسرائيلة !!
أن هذا الفيلم الوثائقي تم الإعلان عنه وعرضه علي المجتمع الإسرائيلي في ظل وجود أحد المسؤلين الحكوميين الذي يحمل حقيبة وزارية من أخطر الوزارات في الحكومة الإسرايلية وهو مازال في الحكم والسلطة !!
أن هذا الفيلم تم عرضه في ظلال من الغيامات السوداء التي تظلل السماء المصرية في أجواء معبقة بروائح كريهة من التعديلات الدستورية المعيبة في مصر والتي تكرث لدسترة القوانيين وتأبيد آل مبارك في حكم مصر سعياً لتوريث مبارك الإبن للحكم والسلطة في مصر خلفاً لميارك الأب علي خلفية قانون الإرهاب !!

فماذا نستخلص من إستنتاجات لهذا الفيلم الوثائقي ؟
أولاً : مدي الشفافية ومناخ الديمقراطية والحرية التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي لدرجة أنه يتم التفضيح والتجريس لوزير مسؤل في الحكومة الإسرائيلية , وهذا لايمكن حدوثه في مصر أو في أي دولة عربية علي الإطلاق إلا لضرورة تقتضيها مصلحة السلطة والنظام الحاكم , مما يضفي ظلالاً من الشرعية القانونية والدولية علي دولة إسرائيل ويظهرها بمظهر حضاري أمام الشعوب الأوروبية والأمريكية وباقي دول العالم التي تؤمن بالديمقراطية والحرية وتبادل الحكم والسلطة في مناخ من المصاراحة والشفافية , وعلي الضفة الأخري من النهر تضفي بمفهوم المخالفة ظلالاً من الشك والريبة علي النظام المصري من أنه نظام تغيب عنه مناخات الحرية والديمقراطية وتبادل الحكم والسلطة ويغيب عنه روح النقد الذاتي ويفتقد للمصارحة والشفافية في المقابلة مع النظام الإسرائيلي صاحب الديمقراطية الرائدة في منطقة الشرق الأوسط داخل إطار محيط به مجموعة من الدول العربية والإستبدادية والتي تغيب عنها مناخات الحرية , مما يعلي من شأن إسرائيل دولياً .
ثانياً : أن الآلة الإعلامية في إسرائيل ليست مملوكة للحزب الحاكم في إسرائيل , وإنما مملوكة للدولة الإسرائيلية , وهذا يعزز الفارق بين سلطة الدولة وسلطة الحزب , ويبين مدي التغاير بينهما إذ الدولة يستظل بها الشعب الإسرائيلي كله , بينما الحزب يستظل بمظلة المنتمين للحزب فقط , وهذا يفضح النظام المصري الذي جمع بين سلطة الدولة وسلطة الحزب في وعاء واحد ويريد الحزب الحاكم في مصر أن يستظل الشعب المصري كله تحت مظلة الحزب الحاكم بالرغم من أن غالبية الشعب المصري غير منتمي للحزب الوطني , ومن هنا تم إختزال الوطن المصري في الحزب الحاكم والذي يرأسه مبارك الأب بجانب رئاسته للدولة المصرية , في إذدواجية عجيبة وغريبة إمتلكت مقدرات ومقومات ومصائر الشعب المصري في إرادة رئيس الحزب الحاكم الذي هو في ذات الوقت رئيس الجمهورية , دون إعمال للتفرقة بين سلطة الدولة المصرية التي يحتمي بها وينتمي إليها كل المصريين , وبين سلطة الحزب الحاكم في مصر , وهذا هو الفارق بين حكومة إسرائيل وحكومة الحزب الوطني في مصر , في مفارقة فيصلية تظهر مدي ولاء حكومة إسرائيل للدولة الإسرائيلية , ومدي إنعدام الولاء للدولة المصرية من جانب حكومة مصر المتمثلة في حكومة الحزب الوطني !!
ثالثاً : أن هذا الإعلان عن الفيلم الوثائقي وعرضه في هذا التوقيت يشتم منه رائحة مخابراتية في الموضوع والتوقيت , وكأن الغرض منه الإنصراف عن فضيحة التعديلات الدستورية التي بموجبها سيتم سجن الشعب المصري في إطار السجن الذي سيصبح بمساحة مصر كلها والذي سيتم الإنتهاء من بناؤه بمجرد وصول مبارك الإبن لكرسي الحكم والسلطة في مصر , ولتذهب أرواح الشهداء المصريين إلي حيث تريد أن تذهب بلاهوية وبلا إرادة , وبلارؤية , وبلا كرامة وطنية , ولتبقي دائماً روح كاشيد روح رائدة في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط الجديد , مادامت روح مبارك الأب والإبن مازالت حية في مصر وتسري روحهما في أجساد الشعب المصري حتي بإرادة مبارك الأب والإبن قهراً وقسراً !!
فهل من مؤامرة تم الإعداد لها بين النظام المصري والنظام الإسرائيلي برعاية صناع المؤامرات من الأمريكان لوصول مبارك الإبن لكرسي الحكم والسلطة في مصر بموجب التعديلات الدستورية التي تم إلهاء الشعب المصري عنها بروح شاكيد , والإلتفاف حول قضية الشهداء المصريين التي كنست أجساهم رياح شاكيد ؟!!
وهل ستتحقق هزيمة اليمين الإسرائيلي علي خلفية روح شاكيد ؟!!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن