حروب الانترنت..بين الثقافة والسخافة

أديب حسن محمد

2007 / 3 / 30

أتاحت الثورة التقنية المعلوماتية حرية كبيرة في نقل المعلومات،
وأفرزت طبقة من أشباه الكتاب الذين تطفلوا على عالم الكتابة
دون أن يتعرفوا على أبجدياتها،
وساعدت بعض المواقع الالكترونية(وما أكثرها) في خلق مناخ سخيف
انتشرت من خلاله الأوبئة الثقافية،وفتكت بالحالة الثقافية،
فحولتها إلى غابة متداخلة،وإلى حمام مقطوع المياه(كما يقول المثل العامي)
لم يعد من شرط للكتابة في فضاء الانترنت...لا ثقافة الشخص،ولا موهبته،ولا رصيده اللغوي..
المهم أن تكتب،وفقط أن تكتب
لكي تملأ صفحات المواقع الالكترونية الشرهة التي تبحث عمن يملأ فراغاتها،ولو بنفايات الكتابة،أو بسقط الكلام.
وانقلبت الحرية في مفهومها المنضبط العالي
من وعي عميق بأدوات التفكير،
إلى مجرد حالة هستيرية من الشتم والسباب والكلمات النابية التي تعج بها مواقع الانترنت،
ولأن البعض ليس لديهم أي مشروع إبداعي يكرسون حياتهم له،
ولأنهم من جهة ثانية لا يمتلكون البتة أية موهبة ولو ضحلة في عالم الأدب والفن،
فإنهم يعوضون النقص الهائل لديهم بالتسلق على أسماء المبدعين،
وعلى إبداعاته التي أفنوا شطراً من أعمارهم في كتابتها،
هؤلاء المتسلقون من أشباه الكتبة لا يتورعون عن بث سمومهم وأحقادهم وسخافاتهم لغرض وحيد:
الإساءة للآخرين ومحاولة خلق جعجعة وضجة ترفع من رصيد أسمائهم المترهلة الهزيلة كأجسادهم،وانتماءاتهم
وتساعد بعض المواقع الالكترونية على نشر هذا الغثاء..
.إما لكونها مواقع مغمورة وتبحث عن مكان لها وسط هذا العدد الهائل من المواقع التي تتنافس في فضاء الانترنت المفتوح للجميع،
وإما لغاية في نفس بعض المشرفين على تلك المواقع والذين لا يفقهون شيئاً في أخلاقيات الكتابة.
والمفجع والمضحك في آن أن يصدق البعض من أشباه الكتبة الكذبة فيتمادون في سخافاتهم الالكترونية تلك،
دون أية مراعاة لأبسط شروط الكتابة.
وخلال اشتراكي في بداية الطفرة المعلوماتية ببعض المجموعات البريدية،
اصطدمت مع بعض هذه العقليات المتطفلة على عالم الكتابة،
والتي حاولت جاهدة إيجاد مكان لها في أي فرع من فروع الأدب دون جدوى،
فبقيت ترتزق من سب الآخرين وشتمهم وحياكة المؤامرات ضدهم،ومحاولة التهكم والإساءة لتاريخهم الإبداعي لا لشيء اللهم سوى خلق فرقعة إعلامية قد تضيء أسماءهم المغمورة التي بقيت مغمورة وذهبت إلى حالها في غياهب النسيان الذي يلتهم أمثالهم.
المبدع الحقيقي يحاول قدر استطاعته عدم إضاعة وقته في تلك المهاترات،
ولا يعير بالاً لتلك السيوف الخشبية التي يحارب بها أشباه أشباه الكتبة طواحين الهواء،
لأنه وقته أثمن من أن يضيع في سخافات لاطائل منها،
ولا رابح منها سوى تلك الفئة التي تحترف الشتائم والتخوين وتحريف الكلم عن مواضعه.
الفضاء الالكتروني نعمة حضارية كبيرة,
لكنه شأن أي اختراع حضاري كبير
قابل للاستعمال في بناء عالم من التواصل الإبداعي بين المبدعين
وفي الوقت ذاته قابل للتعكير والفذلكات
من خفافيش الزمن الذين يبحثون عن أية ساحة يفرّغون فيها شذوذهم وتفاهاتهم،
العزاء الوحيد هو قانون البقاء..
البقاء للأصلح(بالحاء،وليس بالعين).



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن